عبده علي الفهد

Share to Social Media

نقاش مع مشعوذ
بقلم: عبده علي الفهد
Abdualialfahad@gmail.com

اخذت إجازة من العمل، التاسعة صباح، وصلت منزلي السابعة، مساء، دخلت، حاملا بعض الخضر والفاكهة وقطع الحلوى.
استقبلني افراد العائلة بحفاوة وترحاب.
تناولت معهم طعام العشاء، وتبادلنا الحديث والسمر.
الساعة العاشرة، دخلت غرفتي مع زوجتي.
نمنا حسب العادة، على السرير، في هناء وسرور.
بعد صلاة الفجر؛ عدت للنوم، صحيت الثامنة والنصف، بعد ان سمعت طنة ضربة دماغي، لم اعير ذلك اهتمام، لانها لم تكن مؤلمة.
نهضت من السرير، خرجت الى حوش البيت، وجدت بعض افراد الإسرة، جلست الى جوارهم.
قلت: الجو اليوم ليس صافي، انها غمرة شديدة!!.
نظروا اليا بإستغراب: الجو صافي نقي لايوجد غمرة.
قمت بفرك عيوني مرتين، ثم اغمضت عين و فتحت عين.
للأسف لاشيئ تغير؛ الغمرة باقية والضباب.
وكأني افتح عيناي تحت سطح الماء اثنا الغوص.
عدت الى الداخل، لم احس باي مشكلة بالنظر في الداخل.
خرجت مرة اخرى؛ وجدت الغمرة والضباب بمجرد خروجي من الباب!!.
كررت فرك عيناي، طرقت على راسي بيدي.
الاسرة ينظرون الياء بتعجب،
وكان عجبي اشد!.
كررت الدخول والخروج؛ وجدت ان المشكلة، النظر في الخارج والجو مشمس، بينما في الداخل يستقر النظر.
قررت العودة للسرير والنوم، لعل وعسى ان تذهب المشكلة.
نمت حتى الوحدة ظهرا؛ خرجت للشارع، لم يطرا اي تغير، الضباب باق.
وفي المساء شاهدت حول مصابيح النور؛ هالة وضباب،
وصعوبة في مشاهدة التلفاز!.
وعدم قدرتي على تمييز الاشخاص؛ على بعد خمس خطوات.
اليوم التالي؛ ذهبت المستشفى، احالوني على اخصائي عيون، باشر بإجرى الفحوصات؛ إنها بداية مياة بيضاء.
كيف حدث ذلك وعمرك لازال في الثلاثينات!.
اعتدنا ان هذا المياة تصيب من بلغ الستينات. اعطوني ادوية وقطر.
كنت اضنها مشكلة عابرة، مرة عدة شهور؛ وانا بين ذهاب وعودة لدى الدكاترة، واستعمال ادوية، لافائدة فقد ظل الحال كما هو عليه.
يئست من الادوية؛ فتركت استعمالها، ارتدت حمامات بخارية، ثم حمامات بركانية.
احسست بصحة في كل اعضاء جسمي؛ عدى عيوني ظلت معتمة.
تلقيت النصائح من الرايح والغادي، حول تفسير ما جرى لي: البعض قال: عين حاسد، والبعض قال: ريح، سحر، ام الصبيان،
ومنهم من دلني على البخور بالحلتيت، وشعر الضان.
والبعض قال: عليك الاكتحال بذيل فأر، وذنب ثعبان، وفلفل حار.
ففعلت ماذكرت سابقا دون تأخير، فلم يحدث تغيير.
من قرية مجاورة زارني قريب؛ دلني على معالج جديد، ان لدية قدرة على؛ اخراج الطوارق. والطلاسم والاسحار، وفك الربوط،اعطاني عنوان المعالج.
عقدت العزم على الذهاب اليه.
احد ايام رمضان؛ وصلت المنطقة، سالت على المعالج، فدلوني.
اشتريت كمية قات وبعض الخضار، ولوازم الإفطار.
كان البيت غير بعيد عن الخط، في نجد بارز عن القرية منفرد، ثلاث غرف و حوش صغير مبني بالبردين البلك، و كوم حطب جوار البيت.
وصلت قبل المغيب، كان المكان شبه مقفر، لا اطفال ولا بشر.
طرقت الباب طرق خايف، بقيت برههة واقف، طرقت من جديد، فتح الباب؛ فالقيت التحية، فبادر بالترحيب والسلام.
هذا بيت المعالج؟.
نعم! تفضل بالدخول!
دخلت خلفه؛ يرتدي شبشب وثوب ابيض، اسمر البشرة يكسو جسدة الشعر، ليس له لحية ولا عمامة مكشوف الرأس، في الستينات من عمره, اسنانة متفرقة متكلسة.
وضعت ما احمل من اغراض، فأخذها وادخلها الغرفة ثم عاد الياء.
فسالته اين المعالج؟.
رد: ماذا تريد؟.
اريد ان يعالجني!.
-انا المعالج؛ استريح، بعد طعام الإفطار يكون العلاج.
ادخلني غرفة صغيرة، اجلسني على فرش وقال: ارتاح هنا حتى يحين موعد اذان المغرب.
قدم لنا الفطار فطرنا بمفردنا بعد ان صلينا.
واثنا تناول الشأي، سالني عما اعاني! فشرحت له ما حصل.
نهض وقال: اتبعني، ادخلني غرفة شبه مظلمة، وقال: امتد على هذا الفرش. وبعد ان امتديت طلب مني ان استرخي واتوقف عن تحريك اي عضوء من اعضاء جسمي.
وان ابقي عيناي مفتوحتان، وان انظر الى موضع واحد في سقف الغرفة،
وحذرني تحذير شديد وقال: عليك ان تبقي عيناك مفتوحتان وان تنظر الى موضع واحد في السقف دون ان تلتفت او تغمض.
نفذت ما طلب، فتركني وخرج.
بعد حوالي خمس دقائق عاد وجلس الى جواري، وفي يده منديل ابيض،
فكان يتمتم ويهفهف المنديل على وجهي، ويقول: اكشفين عليه عالجينه، اكشفوا عليه عالجوه،
اكشفين على كامل جسمه عالجين عيونه، ثم خرج.
وبعد خمس دقائق عاد، كرر نفس العبارات.
بعدها قال: انتهة جلسة العلاج، انهض.
عدنا الى الغرفة التى تناولنا فيها طعام الافطار، فقال اجلس انتظر حتى ياتين بالعلاج؟.
قلت: من هن؟.
قال: دكاترة الجن؟.
-من اين سيأتين بالعلاج؟.
رد: من قمم الجبال يجمعين الاعشاب.
اعطاني نصف القات، واخذ بعض القات اخرجه اعطاء زوجته، وعادِ
جلسنا نمضغ القات ونتبادل الحديث.
-لماذا انت بمفردك بالبيت مع زوجتك آلا يوجد لديكم اطفال؟.
-لم نرزق بأولاد.
-لماذا لم تتزوج بإخرى؟.
-سبب عدم الانجاب ناجم عني اناء. هي ليس لها ذنب.
-ماهو السبب؟.
-سأشرحلك ماحدث؛ قبل مدة حدث شجار بيني وبين اخي على قطعة ارض، كان اخي يمسك بيده بندقية آلية، موجهها نحوي، يريد قتلي، فأمسكت بالبندقية من الجههة الاخرى. تهاترنا ممسكين بالبندقية، فجأة، انطلقة منها رصاصتان اخترقة صدر اخي فمات في الحال.
حكم عليا اعدام، مكثت في السجن سبعة اعوام، فتوسط شيخ هذه القرية، لدى اولاد اخي، فعفوا عني بشرط؛ ان اترك قريتي واتنازل عن نصيبي في الميراث في الارض.
وافقت على ذلك، اخرجني شيخ هذه القرية، واتى بي الى هناء واعطاني كمية من البردين وتعاون معي في بناء هذا المنزل كفعل خير.
ثم ذهب معي الى عند اهل زوجتي التي بقيت طوال هذه المدة تنتظر خروجي فاتينا بها الى هذا البيت واقمنا فيه كما ترى.
وقد عملت لدى الشيخ حارس مزارع القات.
-كيف تعلمت المعالجة؟.
مال على الجنب اليمين، ادكى و مضغ بعض اغصان القات ثم قال: كنت في وقت من الاقات حارس مزارع القات الشيخ،
فوقفت لأداء احد الصلوات، فشاهدة فتاتان امامي واقفتان، و إليً ناظرات، بينما اتت ثالثة، استقامة جوارهن، و قالت: هيا خذينه، عالجينه، بلمح البصر حمليني إلى شاهق جبل، انفتح باب فادخليني فإذا انا بمستشفى كبير
فوضعيني امام جهاز؛ كانه رقبة جمل،
ادخليني فيه، فخرجت من الجهة الاخرى، وقد صح جسمي من جميع العلل.
حيث كانة صحتي في السجن قد تدهورة،
فكنت اعاني من حصوات في الكلى، والتهاب و رمتمز في سائر الاعضاء،
والان ها انا صحيص البدن كما ترى.
-اكمل هل اعطوك علاج بعد خروجك من الجهاز؟.
اعطيني كيسين من الاعشاب، ثم أعاديني و وضعيني ملقي على الباب.
-لم تخبرني كيف تعلمت انت المعالجة؟.
رد: ثالث يوم ذهبت الى نفس المكان في الوادي، استقمت وقت الزوال، ظهرة امامي نفس الفتاتان، القين اليا بهذه الخنجر، و قالين: كلما اردت حضورناء، ما عليك إلا ان تلعق هذه الخنجر ناتيك في الحال.
نظرة اليه بتعجب وقلت: هل للجن مستفيات و اجهزة؟.
رد: نعم لديهم مستشفيات و اجهزة متطورة تفوق ما مع البشر من ضمنها جهاز يشبه رقبة الجمل؛ يدخل المريض من جهه فيخرج من الجهة الاخرى وقد تعالج من جميع العلل.
-وكيف تقوم انت بالمعالجة؟.
-العق هذه الخنجر فتاتي دكتورة ومعاها ممرضتان، يأتمران بأمري، فيقمن بالكشف على المريض، ومعالجته، في لمح البصر.
في هذه الاثناء، أًلقيً إلى ارضية الغرفة بكيسين صغيرين، فقال: هاقد اتين بعلاجك من الاعشاب، شكرا لكن شكرا، انصرفن بسلام.
حدث لي ارباك، فلم اشعر من اين وقع الكيسين، من الباب ام من الشباك.
قام فاعطاني الكيسين، وقال: اخلط الإثنين داخل مكحلة واكتحل قبل النوم.
في هذه الحظة وصلة سيارة. خرج ففتح، دخل شخص رد السلام وقال معي ثلاث نسوان في السيارة اتين للعلاج.
قال المعالج ادخلهن عند زوجتي سوف اقوم بعلاجهن على انفراد.
بداء المعالج بجلسات العلاج، كنت انا على وشك الانصراف، كان الوقت منتصف الليل تقريبا.
سألت السائق عن الطريق التى سيسلكها؟.
فوجدتها نفس طريقي.
فقلت: ممكن انتظر لكم واركب معاك بسيارتك؟.
وافق السايق، فانتظرت حتى تم العلاج.
لم يستغرق علاجهن اكثر من نصف ساعة.
عاد المعالج، فإذ بستة اكياس اعشاب وقعة على ارضية الغرفة، مباشرة التقطها المعالج وقال شكرا لكن شكرا لكن على احضار العلاج انصرفن بسلام.
اعطاء السائق الاكياس، لكل إمرأة كيسين.
دفع اليه السائق مبلغ من المال مقابل كل إمرأة.
بينما هممت ان اعطيه قاطعني وقال لاعليك شيئ؛
فقد احضرت فواكه و قات.
خرجنا، فركبت الى جانب السائق،
بينما ركبن الثلاث، في المقعد الخلفي.
واثنا الطريق، دار بينهن نقاش مسموع، كل واحدة منهن تشرح ماحدث لها اثنا المعالجة، وبماذا احسة وشعرة، وماذا قال لها المعالج؟.
كانة إجاباتهن متشابهة؛
طلبه عدم تحريك اعضاء الجسد اثناء لاستلقاء على الفراش.
شعورهن بتخدير الجسم مع تنمل في الاطرف اثناء فترة الاستلقاء على الفراش عند المعالجة
الهفهفة بالمنديل وتوجيه نفس العبارات؛ اكشفين عليها عالجينها
اكشفوا عليها عالجوها.
وهي نفس العبارات التي وجهة لي ونفس الشعور الذي شعرت به من تخدير وتنمل.
في مفترق الطرق؛ نزلت بينما واصلوا السفر في الخط العام نحو محافظتهم.
بت في المدينة، وصلت اليوم التالي البيت في القرية.
استخدمت علاج الاعشاب الذي اعطاني، لم احس بأي تحسن،
بعد عدة شهور؛ بينما كنت في السوق لغرض شراء ملابس العيد، وقفت امام بسطة ثياب اطفال، لم اكن اشاهد بوضوح، فدنوت، ثم جلست اتفحص الاشياء المعروضة.
قال البائع: لماذا جلست وتقرب الملابس الى امام وجهك. و كأنك لاترى؟ِ.
رديت عليه: نعم! وشرحت له قصتي.
فتأسف وقال: لازلت في عمر الشباب!.
وبعد ان اخذت الملابس ودفعة له الثمن، هممت بالانصرف.
فقال انتظر!. سأشرح لك قصة شخص من قريتي; تعرض لحادث مرور، فاصيب بضربة في رآسه، اثرة على نظرة، وكانة حالته تشبه حالتك.
تنقل بين المعالجين والمشتفيات مثلما فعلت انت، بلافائدة، بعد ذلك سافر الخارج، اجرى عملية زرع عدسات، عاد اليه النظر، والآن يقود سيارة إجرة.
تفألت واستبشرت، اعطاني اسم الشخص وعنوان قريته.
بعد العيد بسبعة ايام، سافرت اليه، قابلته، وتاكدت من حالته وصحة نظرة،
اخبرني بإسم الدولة وعنوان وإسم الطبيب الذي اجرى له العملية ومبلغ التكلفة.
قمت بتدبير المبلغ، وبادرت بقطع جواز.
سافرت متوكلا على الله.
قابلت الدكتور، اجرى الفحوصات،
اخبرني ان ما جرى لي؛ كان بداية جلطة، ناجمة عن التعرض لصدمة برد.
في اليوم الثالث بعد صلاة المغرب؛ اجرى لي عملية زرع عدسة في العين اليسرى.
الساعة التاسعة صباحا؛ اتى الدكتور وفك الشاش عن عيني، مباشرة ابصرت بوضوح؛ غمرتنى الفرحة والسعادة بعودة نظري، حمدت الله، و شكرت الدكتور والحاضرين، فاعطاني اذن خروج من المستشفى.
بعد عشرة ايام؛ أجرى لي العملية في العين اليمين، والحمدلله كانة ناجحة كالاؤلى.
بعد شهر ونصف عدت الى بلدي، وقد عاد إليً نظري، وها انا اكتب قصتي بيدي، بعد مضي خمسة وعشرون عام على إجراء العملية، لم ارتدي نظارة، فالحمد لله على نعمة النظر.
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Story Chapters

نقاش مع مشعوذ
Write and publish your own books and novels NOW, From Here.