دعاية مجانية

(دعاية مجانية)
كتب د/ محمد كامل الباز

تختلف الدعاية والإعلانات من وظيفة لأخرى بل أحياناً تختلف داخل نفس المهنة وتتنوع طرقها وأساليبها، لكن مما لاشك فيه أن الإعلانات والتسويق أصبحوا عامل هام يحدد جودة المنتج ومدى الطلب عليه بل سعره أيضا، إذ أنه لا يخَفي على أحد أن التسويق والدعاية لأى منتج أو وظيفة أصبحت ركن هام من أركان رأس مال تلك الوظيفة، فالطبيب بدون دعاية وإعلانات يفقد الكثير من العملاء ويعاني الأمرين فى عمله وارباحه، قديما قالوا  التخطيط لإعلانات أي عمل أهم من التخطيط للعمل نفسه، لكن هل يبدو المقال فى التنمية البشرية أو آليات  البيع والربح !! بالطبع لا ولكن كل ماقصدته هو تسليط الضوء على أهمية الدعايا والإعلان؛

 اثناء حرب غزة الصعبة والغير إنسانية تمت هدنة بين الجانب الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية ترتب عليها مبادلات بين الأسرى الفلسطينيين واليهود، لهذا الحد يبدو الأمر طبيعيا، فئة من الأسر قد تلقي الحرية بعد عناء الاحتجاز والرهن، لكن الغير طبيعي والمدهش فى الأمر أننا ولأول مرة نشاهد الأسري اليهود فى غياهيب المقاومة تبدي امتنان وشكرا لهم، أسرى من المفترض محجوزين عند الأعداء يرسمون الابتسامات والضحكات وهم يودعون سجانهم، 

شاهدنا الكثير من مشاهد تبادل الأسرى أو سمعنا عنها ولكننا لم نشاهد هذا المنظر من قبل، وأقرب مثال عند الجانب الأخر، لم نجد أسري المقاومة والفلسطينيين يودعون الجنود اليهود ويرسموا لهم القلوب وبالطبع العالم كله تابع المشهدين بعناية،  كيف لسجين يودع ساجنه ويبدي له الشكر؟!
 هل كان فى ضيافة صديق أو عزومة من قريب أم كان عند عدو ظفر به من ميدان قتال؟

الحقيقة جلست أبحث فى هذا الأمر وأتساءل كيف لمقاتل شاهد قتل وتهجير أهله من مغتصب ويسوء له القدر هذا المغتصب رهينة عنده فيعامله بكل ذلك اللطف واللين،  أنا لم أجد تفسيرا إلا أنه دين وخلق هذا المقاوم، تربية وسلوك هذا المحتجز، منهج نشأ عليه وتربي وترعرع عليه وهو منهج أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم حيث لم نسمع  عنه فى أى نزال أنه  أساء إلى أسير أو اهانه، لم يقتل إمرأة أو  عجوز، لم يؤذي  طفل أو رضيع ولذلك جاء أتباع هذا الرجل العظيم بنفس المنهج وساروا على نفس الدرب فكان درس ودعاية مجانية لهذا الدين.

 لو انفق المسلمون مئات الملايين ليدعوا إلى الإسلام كفى بمشهد الأسرى وهم يودعون جنود المقاومة بكل تقدير وعرفان، مشهد ودعاية نتج عنها دخول الكثير من الغرب فى الإسلام وفق أخر الإحصائيات الرسمية، مشهد ودعاية مجانية للإسلام زرعت محبة هذا الدين فى نفوس العالم كله وفى مقدمتهم هؤلاء الأسرى الذي طالما سمعوا نغمة إرهاب الإسلام ودموية اصحابة ولكني اعتقد بعد تجربتهم العينية مع الأسر وما شاهدوا فى المقابل ما فعلته دولتهم ضد العزل الأبرياء، عرفوا  متى يكون المحارب إنسان ومتي يكون وحش مفترس يعجز عن وصفه أي بيان.



مشاركة:
فيسبوك تويتر بنترست واتساب لينكدان

0 تعليقات

اكتب تعليق

مقالات متعلقة

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.