ShrElRawayat

شارك على مواقع التواصل

هذه القصة من محض خيالي ولا ترمز للواقع بشيءٍ، وإن وُجِد تشابهٌ بينها وبين أخرى، فهذا فقط من وقع الصدفة. لا أقصد بها إهانةً لدينٍ، شعبٍ أو لغةٍ من الموجودين.

بداية
- «إلهام، انهضي واقطعي أصابعكِ عزيزتي.»
أومأتْ بطاعةٍ تبتسم بهدوءٍ، نهضتْ من نومها على السرير تُنزِل قدميها العاريتين أرضًا، استقامتْ على قدميها حتى انزلق فستانها الأصفر على ساقيها لأسفل ركبتيها بقليلٍ، تسير تجاه الطاولة المجاورة لسريرها حتى كان ظهرها للباب. كانت تسير كمَن يتعلم المشي حديثًا وعظام ساقيها تُصدر طقطقةً مسموعةً وكأنها تتكوّن من جديدٍ.
«هيا عزيزتي، أمسِكي المقصّ واقطعي أصابعكِ جميعها، هيا إلهام، هيا افعليها من أجلي.»
هزّتْ رأسها مجددًا وابتسامتها تتسع تدريجيًا حتى أخذتْ منحنًى مخيفًا ما إن توقّفتْ أمام الطاولة تمسك المقص، ودون أن يرِف لها جفنٌ بدأتْ في قطع أصابع يدها اليُمنى من العُقلة الأخيرة، إصبعًا تلو الآخر تستمع لأصوات تكسُّر عظامها وعيناها تلمعان لتدفُّق الدماء من القُطوع.
«أحسنتِ عزيزتي إلهام، أحسنتِ. هيّا أكمِلي.»
قهقهتْ مستمتعةً وأصابعها تسقط على الطاولة أمامها والدماء تغطّي البقعة المحيطة بها تندفع بغزارةٍ مُنذرةً بانقطاع الكثير من الأوردة والشرايين، حتى توقّفتْ فجأةً عن قطع إبهامها ما إن استمعتْ لصوت أختها الصغرى من خلفها تتساءل بصدمةٍ:
«إلـ..إلهام! أنتِ.. أنتِ تستطيعين السير!»
اختفتْ ابتسامة (إلهام) ويدها تقبض على طرف المقصّ تضغط به على إبهامها أشدّ كاسرةً عظْمته حتى سقط نصف الإبهام متدليًا تفصله قطعة لحمٍ صغيرةٍ عن النصف الآخر.
«إلهام، هل أنتِ بخيرٍ أختي؟ ما هذا الصوت؟»
تساءلتْ الصغيرة مجددًا من خلفها بحذرٍ، فأغمضتْ (إلهام) عينيها تضغط بجفنيها بقوةٍ حينما استمعتْ لهسهساته مجددًا يأمرها:
«إلهام، تخلّصي من أختكِ، أنا لا أحبها.»
عادتْ تلك الابتسامة الغريبة تحتلُّ ثغرها، هزّت رأسها تومئ بطاعةٍ مجددًا قابضةً المقصّ بيدها اليسرى من مقبضيه جاعلةً نصله للأمام، فاقتربتْ منها أختها بعينين امتلأتا بالقلق تلمس ظهرها وأنفاسها تضطرب بملامح اقتربتْ من الخوف، ولكنّها ما لبثتْ أن صرختْ حتى تشقّقتْ حنجرتها تسقط أرضًا على ظهرها بعدما استدارتْ (إلهام) وغرزتْ المقصّ في عينها اليُمنى.
«أحسنتِ عزيزتي إلهام، أحسنتِ. والآن تخلّصي من عائلتكِ بأكملها، أنا لا أحبهم.»
قهقهتْ (إلهام) بمرحٍ تنحني قليلًا ساحبةً المقصّ من عين أختها تنظر لها بسعادةٍ، ثم استقامتْ تسير على قدميها اللتين لمْ تكن تستطع السير عليهما منذ ولادتها، وعظامها تنحني خلف لحم ساقيها تصدر أصوات تكسُّرٍ.
خرجتْ من غرفتها متجهةً لغرفة أخيها الأكبر وزوجته أمام أنظار جدتها العجوز الجالسة على أريكةٍ فارهة المادة في بداية الممرّ المؤدي للغرف الداخلية لهذا المنزل الواسع.
دخلتْ (إلهام) غرفة أخيها تنظر له نائمًا بجوار زوجته يغطّان في نومٍ عميقٍ، فابتسمتْ بسعادةٍ ويدها اليمنى تقطر دمًا يلوث كل بقعةٍ تدوس بها أثر أصابعها المقطوعة، وبخطوات بطيئةٍ اقتربتْ من السرير، ثم انحنتْ قليلًا للأمام تغرز المقصّ بصدر أخيها بمنتصف أضلُعه وكأنها تعرف طريقها الواضح لقلبه حتى فتح الآخر عينيه على وسعهما، وقبل أن تمنحه وقتًا لالتقاط نَفَسه التالي كانت تسحب المقصّ وتغرزه مجددًا في صدره عدة مراتٍ وصلتْ للخمس حتى همهمتْ زوجته بجانبه منزعجةً بنومها.
فتحتْ الزوجة عينيها ترمش بنعاسٍ إلى أنْ وقع نظرها على (إلهام) الواقفة بجانب السرير تبتسم لها، فاتسعتْ عينيّ الزوجة بصدمةٍ تتدارك ما تراه عيناها الآن تهتف:
«إلهام! هل تستطيعين السير؟ أنتِ و…»
ابتعلتْ الزوجة آخر كلماتها ما إن وقعتْ عيناها على الدماء التي تغطّي قميص زوجها بجانبها، فصرختْ بأعلى صوتها، ولكنّ صرختها توقّفتْ بالمقص الذي رسى بحلقها يخترق رقبتها من الدخل للخارج وبدأتْ تُصدر أصوات اختناقٍ والدماء تندفع من فمها إلى أن سقطتْ للخلف مغمضَة الروح.
حينها سحبتْ (إلهام) مقصّها من حلق زوجة أخيها وخرجتْ من غرفتهما وقدماها قد تقوّستا للجانبين تسير ببطءٍ ممسكةً مقصّها حتى وقفتْ أمام جدتها التي ترمقها برعبٍ، كانت عجوزًا بسنوات السبعين لا تستطيع الحركة عن الأريكة الجالسة عليها فاقدةً صوتها.
«والدكِ إلهام، تخلّصي منه، أنا لا أحبه.»
ابتسمتْ (إلهام) تومئ طاعةً، رمقتْ جدتها التي لا زالتْ تناظرها برعبٍ بنظرةٍ أخيرةٍ قبل أن تتحرّك لغرفة والدها، ومثلما فعلتْ مع أختها، أخيها وزوجته، أردَتْ والدها قتيلًا بعدةٍ طعنات في صدره أثناء نومه بمقصّها.
وخرجتْ للصالة مجددًا تنظر لجدتها التي تبكي ودموعها تغرق وجنتيها تهمهم باستنجادٍ دون صوتٍ. فوقفتْ (إلهام) أمام جدتها ترفع مقصّها ترمق جدتها بهدوءٍ والأخرى تهمهم بخوفٍ محاولةً التقاط أي شيءٍ يساعدها.
«أنهي الأمر إلهام، أنهِيه عزيزتي، فأنا أحبُكِ.»
أومأتْ هازةً رأسها للأعلى والأسفل بطاعةٍ، إلّا أنّها بكتْ هذه المرة شاهقةً بأعلى صوتها، ثم رفعتْ المقصّ بيدها اليسرى وجدَّتُها قد فتحتْ فمها شاهقةً ودموعها تتحجّر استعدادًا لملاقاة حتفها هي الأخرى، إلّا أن (إلهام) قد أسقطتْ المقص تغرزه في منتصف رقبتها بدلًا عن جدتها.
وقفتْ بمكانها وجسدها ينتفض والدماء تسيل من حلقها وعينيها وفتحتي أنفها وأذنيها تِباعًا رغم اختراق المقصّ لرقبتها فقط.
ظلّتْ أصوات الاختناق بالمقص المغروز في رقبة (إلهام) تخترق أسماع الجدة الجالسة على الأريكة ترمق (إلهام) برعبٍ وعيناها تذرفان دموعًا لا تجدُ سدًا لها، حتى سقطتْ الأخرى للخلف ورأسها يصطدم بالأرض بقوةٍ فاردةً ذراعيها والابتسامة السعيدة تحتلّ وجهها الذي فارقتْه الروح.
«أحسنتِ عزيزتي إلهام، أحسنتِ.»


0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.