Za7makotab

شارك على مواقع التواصل

الدنيا"
"سماء آدم عليه السلام"
أسماء أبوابها "التواب – الرحيم"

تلك السماء هي التي تراها رؤية العين في الأفق ويتدلى منها الكواكب والنجوم والشهب ... الخ، وهي أقرب السماوات إلى الأرض ولذلك تجدها متأثرة بطبيعة الأرض وهذا ما سوف نعلمه بعد قليل.
باب تلك السماء هو "التواب الرحيم" سواء للدخول أو الخروج.
** إشارات تلك السماء " الفضول ــ محاربة النفس ــ الخطيئة والغضب والندم والتكرار"
السماء الدنيا هي سماء التكرار لأنها الأطول زمنًا بين كل السماوات ومنها أتت كل السماوات.
{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا ۚ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}
الحفظ في السماء الدنيا من اسم الله "التواب الرحيم"، لتصعد وتدخل من بابها لا بد وأن تمر على ذلك الاسم ولتخرج منها مثل آدم لزم عليك ذكر الاسم للهبوط ثانية إلى الأرض، فتخوض تجارب ومعارك الصراع مع الشهوات ومن ثم تُختبر لتصعد ثانية أو تفشل فتخلد إلى الأرض.
ففيها يجد الإنسان نفسه متأثرًا بشهوة معينة تسيطر على تفكيره وكيانه لا يستطيع تركها ولا يستطيع المداومة عليها وهذا فرق بين السماء والأرض فإن كنت مداومًا عليها مستأنسًا بها فإنك على الأرض تائه، وإن كنت بين بين، لا إليها ولا في طريق البعد عنها فأنت في سماء الدنيا؛ سماء آدم  ولا بأس في ذلك فسأسوق لك الحل إن شاء الله.
سيطرة الشهوة على العبد تأتي من ضعفه وفراغه، والضعف يأتي من عدم السعي، والفراغ يأتي من عدم العلم والتعلم فأبعد عنك الضعف والفراغ تزداد قوة وعلمًا، وتضعف سيطرة الشهوة عليك، ولا تيأس أبدًا من محاولة نفسك ودفع الشهوة مهما تكررت معك وسيطرت عليك فلا تستسلم أبدًا فتهوي ثانية إلى الأرض بعدما كنت قد قطعت شوطًا كبيرًا للصعود للسماء الدنيا.
فلا ترمِ بالكرة وناد وأدِّ باسم الله التواب الرحيم، فتب إليه في كل مرة تعصيه ولا تمل فإن الله لا يمل حتى تملوا واعترف بخطيئتك وطالما أنك معترف بها سقطتْ عنك نصف المعصية، وسقوطها ذلك يكون من سماء وليس على الأرض، مثلها مثل الشهب تُقذف على الشياطين، فتب وابكِ على خطيئتك لتتيقن أنك في السماء الدنيا.
معلوم أن الله  ترك لنا الاختيار بين الجنة والنار، بين طريقه المستقيم وبين الضلال المبين، ولكنه أيضًا كتب على بني آدم الخطأ والمعصية، فكل ابن آدم خطّاء، وهي من ورث آدم ، فأنت بين أمرين وهما الاختيار وبين أنك واقع في الخطأ لا محالة وهذا الذي يطيل الطريق إلى السماء الأولى.
فالكثير منا يخطئ ولا يعلم أنه أخطأ، والكثير منا يخطئ ويعلم ولكنه لا يستشعر الندم لحظة لأنه استأنس بالمعصية وفتح ضميره الباب أمام اللذات للاستمتاع بها بعدما أخذ قسطًا من الراحة، فمهمة الضمير أن يمنع صاحبه من التلذذ بالمعاصي والخطايا ولكنه إن استراح وانزاح فلن تنفعه حينئذٍ اللوم ولا الوصايا!!
وهناك النوع الثالث وهو الذي يخطئ ويعلم ويندم وهذا النوع هو الأقرب للسماء الدنيا، لأن الندم يقوده لاسم الله الغفور، واسم الله الغفور يقوده للتواب، والاثنان يقودان لاسمه الرحيم وهي الثلاثة أسماء التي نريدها للدخول للسماء الدنيا، فكل ما عليك أن لا تستمع للشيطان حين يخبرك أنك سوف تعود للمعصية أو الذنب وحين يخبرك بذلك فقل له "إن رحمة ربي أكبر" واندم على ما فعلته واعزم على عدم عودتك إليه ثانية، وإن عدت فعد وعاود الكرَّة، فباب السماء مفتوحٌ ما دام معك المفتاح، والمفتاح هو اسم الله "التواب الرحيم" أو " الغفور الرحيم ".
وسأسوق إليك بعض التفاصيل من مراوغات الشيطان للعبد في الوسوسة والإغواء ليكون إليك بعض المعرفة في كيفية التصدي وبشتى السبل ليكون النصر حليفك مع العدو قرينك.
قد علمتَ من قبل أن أهم ما خلق الله للإنسان هو النطفة الداخلية المحفوظة في القفص الصدري ألا وهي القلب.
والقلب اسم ثلاثي يمثل ميزان جسم الإنسان بين الجزء العلوي الذي يحوي الحواس في الرأس والفؤاد "المخ"، وبين الجزء السفلي الذي كان حظه أن يكون مصدرًا للشهوات والغرائز، فالقلب بينهما ميزان حق يحسب مؤشر الإنسان إن كان يميل للجزء العلوي أي التفكر والمذاكرة وحفظ النفس والتأمل والسلام والحب والسعي و…. الخ، أم أن ما يسيطر عليه هو الشهوة والفحشاء والمسارعة في المنكرات وعلى حسب ما يميل الإنسان يميل قلبه وإن مال قلبه إلى ناحية أبدع في الإخلاص إلى تلك الناحية وزاد فيها.
بمعنى أن الإنسان إذا مال للفكر والتفكر أي الجزء العلوي مال القلب إلى ذلك حتى أخلص له ومن ثم فإن القلب سيأتي لك بما لم تتخيله في الفكر والتفكر فينطلق بك إلى عالم واسع لم يحِطه أبدًا فؤادك ولكن القلب أكبر مما تظن وترى!!
ونفس الحال إذا مال الإنسان إلى الجزء السفلي أي إلى الشهوات والمنكرات فإن القلب يميل إلى ذلك ويجعل الإنسان يتفنن في طريقة فعل الفواحش والمنكرات بطريقة لم تكن لتخطر على باله أبدًا.
وذلك لأنه كما ذكرنا فإن:
القلب اسم ثلاثي مكون من "ق – ل – ب" يعني "قل + ب" أو " ق + لب" فالتأويل الثاني يعنى وقوف الأمور قبل دخلوها لب الشيء وهذا لأن القلب هو الذى يحوي الأشياء فيوقفها قبل دخلوها عليه ليميزها بين الخبيث والطيب أو ليحاول عقلها وفهمها وتأويلها.
أما بالنسبة للتأويل الأول "قل + ب" فالباء حرف إقلاب ودخول أو خروج أي يعكس ما قبله وقبله "قل" أي سيزيد ما يدخل عليه وهو ما يفعله القلب مع كل ما يدخل به.
فنجد أحيانًا الكثير من الأمور التي نراها بأعيننا عادية وبمجرد دخولها القلب تزداد وتنمو نموًّا عجيبًا يصعب على الإنسان حينها التحكم فيه فتنفرط منه الأمور أسرع من قدوم الشمس في الظهور.
فقد يتعلق الإنسان بمخلوقٍ آخر إنسانًا كان أو حيوانًا أو حتى جمادًا مثل ديكور معين أو أنتيكة ما فاخرة فتجده مع كل أمر يحدث لذلك الشيء يهتز ويخاف وينبض قلبه نبضًا عجيبًا وهذا ما يفعله القلب مع التعلق بالأشياء، فلو تعلق إنسان بإنسان تعلقًا شديدًا توقفت حياة الأول على ما يفعله ويقوله الثاني، فمفتاح الحياة الذي هو الضحك أو البكاء، الخوف والأمان، الرغبة والرفض وغيرها كلها بيد الثاني فأصبح الأول مسيرًا باختيارات الثاني وأحيانًا كثيرة إن ذهب يذهب خلفه إلى غير طريق رجعه وهو بالطبع لا يدري، ولذلك نجد أحدهم قد يختار هلاك نفسه طالما أن محبوبه غير موجود وهو من أشد البلاء على الإنسان أن يكون مسيرًا باختيارات آخر!!
وما حكيناه عن القلب علمنا منه أنه النطفة الأهم في جسمنا ومنه مداخل الخير والشر.
قال رسول الله " أَلَا وَإِنَّ في الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ"
فما نريده أن نجعل طريقنا للجزء العلوي ونكفَّ القلب عن خواطر وهواجس الشيطان ووساوسه.
وسبحان من خلق من كل شيء زوجين فمثلما يوجد الوسواس الشيطاني يوجد الطَّيف الروحاني من الروح أو من ملائكة الرحمن فيتقلب فيهما الإنسان بين الملائكة والجان.
وهذا قول رسول الله : "قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن" فالملائكة والشياطين جعلهم الله مسخرين في الأرض ولكل منهما دوره مع الخير والشر، والإنسان مخير في أن يختار مع من يريد الانتظار، فالقلب واسع يسع لخير الأرض وما تطوف به الملائكة ويسع لشر الأرض وما تجلبه الشياطين.
ذكرنا أن الفراغ هو أخطر ما يكون على الإنسان، فوسع القلب مثلما هو نافع مثلما هو ضار "ومن كل شيء خلقنا زوجين" فهو سبحانه رب الفلق خلق النفع والضُّر وهذا الضرر يتمثل في أن هذا الوسع إن لم يُملأ بما أراد الله من الفتوحات وأصبح الإنسان فارغًا كان هذا الفراغ هوى، ولو امتلأ القلب بالهوى أصبح الهوى إلهًا. وهذا قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ} فاتباع الهوى عبوديته لا عبودية الله وهذا من الفراغ!!!
فكل لحظة فراغ هي لحظة هوى ظاهر وباطن وليس للشيطان سوى تلك اللحظات ليغتنمها وينقض عليك ليأخذك إليه.
فهو ليس له عليك سلطان فلن يكون هناك شيء رغمًا عنك أبدًا وهذا معلوم ومحسوس بل هي وسوسة وإغواء واستغلال الفرص وهذا أيضًا بيدك أنت. قال الله تعالى:
{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ}
ولكن أخطر ما في الشيطان هو الملازمة الدائمة للإنسان:
وتلك الملازمة أخطر ما فيها استغلال نواقص القلوب.
{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}
"قال رسول الله "ما منكم من أحد إلا وله شيطان".
قالوا: وأنت يا رسول الله؟
قال: "وأنا، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمر إلا بخير".

وقال : "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع".
وهذا الحديث على لسان من أوتي جوامع الكلم باب علم مفصل من علم التأويل، فكما ذكرنا أن الإنسان جزئين علوي وسفلي والقلب يتوسطهما.
القلب عضلة تأخذ الدم وتضخه تعيده للجسم ولو أن الشيطان يجري مجرى الدم فهو يمر بالقلب أول الأمر ثم يذهب للحواس جميعها وأخيرًا للجزء السفلي الشهوات، فأما الجوع فإنه يقلل من مجرى الدم فتنخفض الشهوة تدريجيًّا وإذا انخفضت ازدادت حواس الإنسان العلوية.

ولو أن حواس الإنسان العلوية نشطة فلن يحتاج إلى الجوع بل إن الجزء السفلي سيكون مسيرًا هو أيضًا فيما يرضي الله سبحانه وتعالى.

سأل رجل الحسن البصري: يا أبا سعيد أينام الشيطان؟
فتبسم وقال: لو نام الشيطان لاسترحنا!!

فهو لن يتركك وأنت لن تتركه، هو عدو لك وأنت عدوٌ له.
قال الله سبحانه عن إبليس قال:
{قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ (17)}
فقد علمت الآن أن الشيطان عدو وقرين لن يفارقك فلا بد لك منه، والشر خَلق من خلق الله موجود بصفته وخواصه في الحياة الدنيا ولا بد من المرور عليه، فليس لك الآن إلا القلب وهو ما ستعمل من أجله لنتجنب عواقب قبول خواطر الشيطان ونبتعد بأنفسنا عن أبواب الشرور.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.