«. كلُّشيءٍ مكتوب هنا » : قال المحقق وهو يربِّت على مفكرة كبيرة
«… رغم ذلك إن لم تكن السيدة مُتعَبة جدٍّا »
لا أملك الكثير لأقوله. ولا يُساورني شك في أن سوزان الشريرة هي التي هيَّأت لهم »
طريقًا ليدخلوا المنزل. فلا بد أنهم كانوا يَعرفون كلَّ تفاصيل المنزل. لقد بقيتُ يَقِظة
للحظةٍ بعد وضع قطعة القماشالمُشبَعَة بمُخدِّر الكلوروفورم على فمي، لكني لا أدري كم
من الوقت لبثتُ فاقدةً الوعي. وحين استيقظت وجدت رجلًا بجوار الفراش ورجلًا آخر
يَنهض برزمة أوراق في يده من بين أمتعة ابني التي فُتح بعضها وتبعثَرَت على الأرض.
«. لكني انتفضتُ واقفة وأمسكتُ به قبل أن يهرب
«. كانت تلك مجازفة كبيرة » : قال لها المحقِّق
لقد تعلقتُ به لكنه تملَّص مني، وعلى الأرجح وجَّه إليَّ الرجل الآخر ضربةً بشكلٍ »
ما؛ إذ لا أستطيع تذكُّر أكثر من هذا. سمعت الخادمة ماري الجلبة وبدأت بالصراخ من
«. النافذة، وهذا ما جعل الشرطة تأتي، ولكن بعد أن فرَّ هؤلاء الأوغاد
«؟ وما الذي أخذوه »
حسنًا، لا أعتقد أنهم أخذوا أيَّ شيءٍ ذي قيمة؛ فأنا متأكدة من أن حقائب ولدي لم »
«. يكن بهاشيء ذو بال
«؟ ألم يَترُكِ الرجال أثرًا »
كان ثمة ورقة ربما انتزعتُها من يد الرجل الذي تَشبثتُ به. لقد وجدتُها مجعَّدة »
«. تمامًا وملقاة على الأرض. إنها بخط يد ابني
هذا معناه أنها ليست ذات فائدة كبيرة. فلو كانت كذلك لصارت في » : قال المحقق
«… حوزة السارق
«. بالضبط، يا له من منطق ضليع! ورغم ذلك يساورني فضول لأراها » : قال هولمز
أخرج المحقق ورقة فلوسكاب مطوية من مفكرته.
أنا لا أغفل أيَّ شيء أبدًا مهما كان تافهًا، وأنصحك » : وقال المحقق بشيء من الخُيَلاء
بهذا يا سيد هولمز؛ فقد تعلمتُ هذا من خبرتي في المجال طوال خمسة وعشرين عامًا؛ فدائمًا
«. ما يكون ثمة احتمالُ وجود بصمات أصابع أوشيء من هذا القبيل
تفحَّصهولمز الورقة.
«؟ ماذا تكون في رأيك أيُّها المحقق » : ثم قال
«. أعتقد أنها تبدو كنهاية روايةٍ غريبة »
قطعًا قد يتراءى أنها نهايةٌ لرواية غريبة. فقد لاحظتَ الرقم الموجود » : قال هولمز
أعلى الصفحة، إنه مئتان وخمس وأربعون. فأين الصفحات المئتان والأربع والأربعون
«؟ الأخرى
«! حسنًا، أعتقد أنَّ اللصوصأخذوها. ما نفعُها بالنسبة إليهم »
يبدو غريبًا أن يقتحم أحدهم منزلًا ليسرق أوراقًا كتلك. هل يوحي لك هذا بأيشيء »
«؟ أيُّها المحقق
نعم يا سيدي، هذا يوحي بأن المجرمين انتزعوا أول ما وقع في أيديهم في غمرة »
«. الاستعجال. فليَهنئوا بما حصلوا عليه
«؟ ولماذا يَعبثون بأغراضابني » : هنا تساءلت السيدة مابيرلي
حسنًا، فهم لم يجدوا شيئًا ذا قيمة بالطابق السُّفلي؛ لذا جرَّبوا حظَّهم في الأعلى. هكذا »
«؟ أرى الموقف، ما رأيك أنت يا سيد هولمز
وبينما نحن «. لا بد أن أفكر قليلًا في الأمر أيُّها المحقق. تعالَ إلى النافذة يا واطسون »
واقفان راح هولمز يقرأ المكتوب في قصاصة الورق، حيث بدأ الكلام فيها من منتصف جملة،
وجاء على النحو التالي:
… سالت الدماء غزيرة على الوجه إثر الجروح والضربات، لكن هذا لم يكن
يُقارَن بنزيف قلبه حين رأى ذلك الوجه الجميل؛ الوجه الذي كان على استعداد
لأن يُضحِّيَ بحياته من أجله، والذي يُشاهِد ما يُكابد من ألمٍ ومهانة. لقد
ابتسمَت؛ أجل، بحق السماء! لقد ابتسمت، تلك الشيطانة عديمة الرحمة، حين
ارتفع بصرُه إليها. وفي تلك اللحظة تمامًا مات الحب ووُلدت الكراهية. فلا بد
للمرء من العثور على هدف يحيا من أجله. فإنْ لم أحيَ حتى يَضمَّني ذراعاكِ
يا سيدتي، فسأعيش لأقضيَعليكِ ولآخُذَ بثأري كاملًا.
يا له من استخدام غريب لقواعد » : قال هولمز مُبتسمًا وهو يُعيد الورقة إلى المحقق
اللغة! هل لاحظت كيف تحوَّل فجأةً من ضمير الغائب إلى ضمير المتكلم؟ لقد انجرف
«. الكاتب مع أحداث قصته حتى إنه تخيَّل نفسه البطل في لحظة الذروة
بدت لي قصةً واهنة للغاية. حسنًا! هل » : قال المحقق وهو يُعيد الورقة إلى مفكرته
«؟ ستذهب يا سيد هولمز
لا أعتقد أن لديَّ ما أقدمه الآن وقد صارت القضية في يدٍ أمينة. بالمناسبة يا سيدة »
«؟ مابيرلي، ألم تَذكُري أنكِ تودِّين السفر
«. لطالما كان هذا حلمي يا سيد هولمز »
«؟ إلى أين تودِّين الذهاب؛ القاهرة، ماديرا، الريفييرا »
«. أوه، لو كان لديَّ المال لسافرت حول العالم »
«. أهكذا إذن، حول العالم. حسنًا، طاب صباحُكِ. قد تتلقَّين مني برقية في المساء »
وفي أثناء مرورنا بالنافذة لمحتُ المُحقِّق وهو يبتسم ويهز رأسه. وقد قرأت في ابتسامته ما
«. دائمًا ما يتسم هؤلاء الأشخاصالأذكياء بلمحة جنون » : يقول
أصبحنا الآن في المرحلة » : قال هولمز حين عُدنا إلىصخب وسط مدينة لندن مرةً أخرى
الأخيرة من رحلتنا القصيرة يا واطسون. أعتقد أنه من الأفضل أن نَستوضِح المسألة في
الحال، وسيكون من المستحسَن أن تأتي معي، حيث إن اصطحاب شاهد عند التعامل مع
«. سيدة مثل إزادورا كلاين لهو الحل الآمن
استقلَلْنا سيارة أجرة مسرعين إلى عنوانٍ في ميدان جروفنير، وكان هولمز مستغرقًا في
التفكير، لكنه انتبه على حين غِرَّة.
«؟ بالمناسبة يا واطسون، أعتقد أنك مُدرِكٌ لكل ما يحدث، أليس كذلك »
لا، لا أستطيع القول إني كذلك. فكلُّ ما أعلمه أننا ذاهبان لرؤية السيدة المسئولة عن »
«. كل هذا الإيذاء
بالضبط! لكن ألا يُوحي لك اسم إزادورا كلاين بأي شيءٍ؟ كانت بالطبع جميلة »
الجميلات، فلم تكن أيُّ امرأة لتُضاهيها في حسنها. إنها إسبانية أصيلة، من سلالة
المُستعمِرين الإسبان، وظلَّ قومها قادةً في ولاية بيرنامبوكو لأجيال. تزوَّجَت من ملك السكَّر
الألماني العجوز، كلاين، والآنصارت أغنى وأجمل أرملة في العالم. ثم عاشَت عدة مغامراتٍ
لفترة من الزمن إشباعًا لرغباتها. فارتبطت بعدة رجال في علاقاتٍ عاطفية، من بينهم
دوجلاس مابيرلي، أحد أبرز الرجال في لندن. وحسب أقوال الجميع، لم تكن علاقتُها به
مجرَّد مغامرة. لم يكن من رجال المُجتمع العابِثين، وإنما كان رجلًا قويٍّا معتدٍّا بنفسه،
يُخلِص في العطاء ويتوقَّع المثل. أما هي فامرأة فاتنة عديمة الرحمة، كالتي تُذكر في
الروايات، حين تُشبع نزواتها ينتهي الأمر. وإن لم يَقبل الطرف الآخر بمُرادها فهي تعلم
«. كيف تُقنِعه به
«… كانت تلك إذن قصته »
آه! ها أنت تُلملمُ شتات القصة الآن؛ فقد سمعتُ أنها على وشك الزواج من دوق »
لوموند الشاب، الذي يكاد يكون في عمر ابنها. فربما تَتغاضىوالدة سعادته عن فرق السن،
«. لكن الأمر سيَختلف حين توجد فضيحة كبرى؛ لذا من الحتمي … آه! ها قد وصلنا
كان أحد أفخم المنازل التي تقع في زاوية بين شارعَين في منطقة ويست إند. وهناك
أخذ بطاقتينا خادمٌ يَتصرَّف كالآلة ثم عاد ليُبلغنا أنَّ السيدة ليست في المنزل. فقال له
«. إذن سننتظرها حتى تعود » : هولمز بمرح
هنا تعطَّل الخادم الآلي.
«. ليست في المنزل يَعني أنها ليسَت في المنزل لمُقابلتك أنت » : ثم قال
جيد، هذا يعني أننا لن نضطرَّ إلى الانتظار. أرجوك أعطِ هذه » : أجابه هولمز قائلًا
«. الرسالة لسيدتك
ثم كتَبسريعًا ثلاث أو أربع كلماتٍ على ورقة من مفكَّرته، ثم طواها، وأعطاها للرجل.
«؟ ماذا قلتَ فيها يا هولمز » : سألته
«. أعتقد أن هذا كفيلٌ بأن يَجعلنا ندخل «؟ هل أترك الأمر للشرطة إذن » : قلت ببساطة »
وقد حدث، بسرعة مذهلة؛ فبعد دقيقة كنا في حجرة استقبال على غرار قصصألف
ليلة وليلة؛ فسيحة ومُذهلة، شبه معتمة يُضيؤها مصباح كهربائي وردي صغير. وشعرتُ
أن السيدة قد بلَغَت العمر الذي تُرحِّب فيه حتى أكثرُ النساء اعتزازًا بجمالهنَّ بالإضاءة
الهادئة. ما إن دخلنا حتى نهضَت من إحدى الأرائك، فوجدتها ذات قوامٍ فارعٍ مثالٍ يَليق
بملكة، ووجهها جميل يخلو من أي تعبير، عيناها إسبانيتان بديعتان، سدَّدت إلينا نظراتٍ
قاتلة.
«؟ ما هذا التطفُّل، وأيُّ رسالة مُهينة هذه » : سألتنا، ممسكةً بالورقة
لستُ بحاجة إلى الشرح يا سيدتي. فما أكنُّه من احترامٍ لذكائكِ يُغنيني عن فعل هذا؛ »
«. رغم اعترافي بأن هذا الذكاء أخطأ لدرجةٍ تدعو للدهشة مؤخرًا
«؟ كيف هذا يا سيدي »
بافتراض أن الفتوَّات الذين استأجرتِهم قد يُرهبُونني ويدفعونني إلى التخلِّي عن »
عملي. قطعًا ما كان لرجل أن يَختار مهنتي إن لم يكن يَنجذِب لما بها من خطر. وبذلك
«. كنتِ أنتِ مَن دفعني لتَحرِّي قضية مابيرلي الشاب
«!؟ لا أدري عمَّ تتحدَّث. فما علاقتي أنا بفتوَّات مأجورين »
أشاح هولمز بوجهه ضجرًا.
«. أجَل، لقد استهنتُ بذكائكِ. حسنًا، طاب مساؤكِ » : ثم قال
«؟ انتظر! إلى أين أنت ذاهب »
«. إلى سكوتلاند يارد »
ما كاد الطريق إلى الباب يَنتصِف بنا حتى أدركَتْنا وأمسكت بذراعه، وقد تحوَّلت في
لحظة من امرأة فولاذية إلى امرأة غاية في الرقة.
تفضَّلا بالجلوس يا سادة، ودعونا نُناقش هذا الأمر. يُخالجني شعور أن بإمكاني »
أن أكونصريحة معك يا سيد هولمز، فأنت تتَّصف بصفات الرجل النبيل، وما أسرع غريزة
«. المرأة في اكتشاف هذا! لذلك سأعُاملك كصديق
لا أستطيع أن أَعِدَكِ بالمثل يا سيدتي. فأنا لا أمُثِّل القانون، ولكني أمثِّل العدالة بقدر »
ما تَسمح قواي الواهنة بذلك. إنني مُستعدٌّ للإصغاء على كل حال، وبعد ذلك سأخُبركِ كيف
«. سأتصرَّف
«. مما لا شكَّ فيه أنَّ مِن الحماقة أن أهُدِّد رجلًا شجاعًا مثلك »
الحماقة بحقٍّ أنكِ وضعتِ نفسكِ في قبضة مجموعة من الأوغاد قد يَبتزُّونك أو يَشُون »
«. بكِ
كلا، كلا! فلستُ بهذه السذاجة. وبما أني وعدتُ بأن أكونصريحة، فلا بد أن أقول »
إنه ليسلدى أحد منهم أدنى فكرة عمَّن استأجَرَهم، عدا بارني ستوكديل وزوجته سوزان.
ثم ابتسمت وأطرقَت برأسها بودٍّ في «… أما بالنسبة إلى بقيتِهم، حسنًا، هذه ليست أول
فتنة ودلال.
«. فهمت، لقد اختبرتِ ولاءَهم من قبلُ »
«. إنها كلابٌ مُطيعة تُطارد فريستها في صمت »
هذه الكلاب المطيعة — آجلًا أو عاجلًا — تعضُّ اليد التي تُطعِمها. وسوف يُلقى »
«. القبضعليهم بسبب جريمة السطو هذه؛ فالشرطة تلاحقهم بالفعل
«. سيرضخون لما سيُلاقونه. فهذا ما يَتقاضَون عليه أجرًا. فلن يأتي ذكري في القضية »
«. إلا إنْ ذكرتُكِ أنا »
«. لا، لا، لن تفعل ذلك. فأنت سيدٌ نبيل، وهذاسرُّامرأة »
«. يجب أولًا أن تُعيدي هذا المخطوط »
هنا انفجرت في نوبة من الضحك وسارت حتى المدفأة، حيث كانت توجد كُتلة مُتفحمة
كم بدت غايةً في الخبث «؟ هل أعيد هذا » : أخذت تُفتِّتها بقضيب المدفأة، ثم تساءلت قائلة
والبَهاء، وهي تقف أمامنا مبتسمة ابتسامة تحدٍّ، حتى إني شعرت بأنها أكثر مَنْ سيجد
هولمز صعوبةً في مواجهتِه بين كل من واجَههم من مجرمين. إلا أنه كان محصَّنًا ضد
العاطفة.
هذا يَحسِم مصيركِ. إنكِ متسرعة جدٍّا في تصرُّفاتكِ يا سيدتي، لكنكِ » : قال هولمز ببرود
«. تجاوزتِ الحدَّ هذه المرة
لدى سماعها هذا ألقَت القضيب، فصدر عن سقوطه ضجيج.
«؟ كم أنت قاسٍ! هل يُمكنني إخبارك بالقصة كاملةً » : ثم صاحت
«. بل أعتقد أن بإمكاني أنا إخباركِ بها »
لكن يجب أن تَراها بعينيَّ يا سيد هولمز. لا بد أن تَعِيَها من وجهة نظر امرأة ترى »
كلَّ ما طمحت إليه في الحياة على وشك أن يُدمَّر في آخر لحظة. فهل يُمكن إلقاء اللوم على
«؟ هذه السيدة إن ذادت عن نفسها
«. أنتِ من أخطأتِ في البداية »
أجل، أجل! أعترف بهذا. كان دوجلاس فتًى محبَّبًا، لكن تصادف أنه لم يكن يتلاءم »
مع ما خططتُه؛ فقد أراد الزواج — الزواج يا سيد هولمز — أرادني أن أتزوَّج رجلًا مُفلسًا
من عامة الشعب. فلم يكن ليَرضىبأقل من هذا. ثم صار مُلحٍّا. لأنني كنت أمنحه نفسي
فقد ظنَّ أني يجب أن أظلَّ كذلك، وله وحده. كان هذا لا يُطاق. وأخيرًا كان يجب أن أجعله
«. يُدرك ذلك
«. باستئجار مُجرمين ليَضربوه أسفل نافذتكِ »
يبدو أنك تُحيط حقٍّا بكلشيء علمًا. حسنًا، هذا صحيح. لقد أبعده بارني والفِتيان »
عني وأعترف أنهم كانوا قساة بعض الشيء. لكن ما الذي فعله حينذاك؟ فلم أكن أصدق
أن رجلًا نبيلًا قد يُقدِم على مثل هذا التصرف. لقد ألَّف كتابًا يَسرد فيه قصته، فكنت أنا
الذئب وكان هو الحمَل بالطبع؛ فقد ذكر كلَّشيءٍ بأسماء مُختلفة بطبيعة الحال؛ لكن مَنْ
«؟ كان سيَغفُل عن إدراكها في لندن بأسرها؟ ما رأيك في هذا يا سيد هولمز
«. حسنًا، لم يكن في ذلك مُخالفة للقانون »
بدا كأن هواء إيطاليا قد تسلَّل إلى دمائه جالبًا معه الروح الإيطالية القاسية القديمة؛ »
فقد كتب لي خطابًا وأرسل نسخة من كتابه حتى أعُانيَ ويلات ترقُّب ما سيقع. وقال لي
«. إن ثمة نسختَين، واحدة من أجلي والأخرى للناشر
«؟ وكيف عرفتِ أن نسخة الناشرلم تصل إليه »
كنت أعرف الناشر الذي يتعامل معه، فلم تكن تلك روايته الوحيدة. وعرفتُ أنه لم »
يَتلقَّ شيئًا من إيطاليا. ثم جاءت وفاة دوجلاس المفاجئة. وشعرت أني لن أنعم بالأمان
ما دام هذا المخطوط الآخر موجودًا في العالم. وبالطبع لا بد أن يكون بين أغراضه التي
ستعود إلى والدته. وهكذا جعلت العصابة تباشرالعمل. فدخلت واحدةٌ منهم المنزل بصفتها
خادمة. وأردت أن أنجز الأمر بأمانة، أردتُ ذلك حقٍّا؛ فقد كنت على استعداد لشراء المنزل
بكل ما فيه، وكنتُ سأدفع أي مبلغ تطلُبه والدته. ولم ألجأ إلى الطريقة الأخرى إلا بعد
أن فشلَت كلُّ المساعي. والآن يا سيد هولمز أعترف أنني كنتُ شديدة القسوة مع دوجلاس
— ويعلمُ الربُّ كم أنا نادمة على هذا — لكن ماذا عساي أن أفعل وقد صار مستقبلي على
«!؟ المحك
هزَّ شيرلوك هولمز منكبَيه.
حسنًا، حسنًا، أعتقد أني سأضُطرُّ إلى تسوية هذه الجناية كالمُعتاد، كم » : ثم قال
«؟ يتكلَّف السفر في رحلة من الدرجة الأولى حول العالم
أخذت السيدة تُحدِّق مندهشة.
«؟ هل من الممكن أن يتكلَّف هذا خمسة آلاف جنيه » : ثم سألها مرةً أخرى
«! حسنًا، قطعًا، أعتقد ذلك »
جيدٌ جدٍّا. أعتقد أن عليكِ أن تُحرِّري لي شيكًا بهذا المبلغ، وسأَحرصعلى أن يصل »
ثم رفع سبابته مُحذِّرًا وقال: «. إلى السيدة مابيرلي. فأنتِ مدينة لها بقليل من تغيير الجو
في الوقت نفسه توخَّي الحذر يا سيدتي! توخَّي الحذر! فلا يُمكنكِ الاستمرار في اللعب »
«. بأدواتٍ حادَّة دون أن تُصاب تلك اليَدان الرَّقيقتان بأذًى