hindawiorg

شارك على مواقع التواصل

في الساعة التاسعة وخمس وعشرين دقيقة، ارتقى فانس درجات السلَّم المؤدية إلى مسكن
تيثامي. وجد المفكر التأملي مرتديًا حُلةً رسميةً كاملة، وكان يرتدي حينئذٍ نعلين طويلين
ضيقين. أدهشذلك نيكولاس؛ فلم يسبق أن رأىصديقه متورطًا في هذه الحماقة من قبل.
الألم العصبي ليسشيئًا سيئًا، أليسكذلك يا نيكولاس؟ إنهشيء » : قال تيثامي بمرح
يشبه الكاري الحار، حين يرتقي إليه ذوقك. ومع ذلك، فمؤسف حقٍّا أن تقلل من حدة
ابتهاجك، بالمورفين. الأمر يشبه رش نشارة من الخشب على محار مكشوف ناعم. ومع
ذلك، سنصل بك قريبًا إلى مستوًى من الثقافة، يتجاوز مثل هذه الممارسات الفجة. أريدك
«. أن تخرج معي
«. لكنني لا أرتدي ملابس مناسبة » : قال نيكولاس
لن يشكل » : ذهب تيثامي إلى المرآة، وتفحَّص برضًى ملابسه الرثَّة إلى حدٍّ ما. وقال
ذلك فارقًا، فلن يلحظ الأمرَ أحد. والآن، تفضَّل بالنزول أولًا، وإذا كان أسفل السلم خاليًا،
وسآتي على الفور. أما إذا لحظت أسفل السلَّم أنثى تنِّين، « آني لوري » فصفِّر لي مناديًا
قيصر أنثى، امرأة بشعة، سليطة غاضبة، متَّشِحة بثوب من الصوف والحرير الأسود،
وسأنزل متشبثًا بأنبوب المزراب، وأنضم ،« شاءول » من معزوفة « اللحن الجنائزي » فصفِّر
«. إليك عند الزاوية
تيثامي إلى الباب « آني لوري » تصادف أن كان أسفل السلم خاليًا، وجلب النداء
المفتوح على الشارع، في إثر نيكولاس. قاد تيثامي فانس من شارع إلى شارع، وانعطف به
عند زاوية بعد الأخرى، متحدِّثًا في تلك الأثناء عن مواضيع خفيفة، بلباقة رجل اجتماعي.
لم يسبق لنيكولاس قطُّ أن رأى تيثامي يُظهر مثل هذه الروح الطليقة. بدا أنه نفضعنه
عفونة المنطق العلمي، وأخذ يمشي ويتكلم وكأنه شابٌّ طائش من شباب القرن التاسع
عشر، يمضيفي طريقه إلى ارتكاب رذائل طُبِع عليها.
قال نيكولاس، محاولًا — على استحياءٍ — فتح موضوع يرغب بشدة في الحصول على
لقد كنتَ تقول هذا الصباح إن الألم الجسدي — لكونه مجرد مصطلح » : توجيه بشأنه
نسبي، وعلى اعتبار أن الأحاسيس نفسها، عند درجة معدلة، غالبًا ما تسبب لنا ما نسميه
المتعة الجسدية — قد يمكن تهذيبه ليصبح مصدرًا لاستمتاع رائع. والآن يظهر لي أن هذه
«… النظرية
قال تيثامي بتحاذق—وقد تعمَّد على ما يبدو أن يدق ببراجمه مصباحًا كانا يتجاوزانه
أوه، دعك من النظرية! ما فائدة الكلام عن النظرية إذا كنت سترى التطبيق » : في تلك اللحظة
«؟ العملي للفكرة عما قريب
ولكن أخبرني رجاءً بما تعنيه من أن الألم نسبيٌّ » : أصرَّنيكولاس على موقفه قائلًا
«. فقط
لماذا! من يستطيع أن يضع الحد الفاصل، لنقُل، بين الشعور المريح الذي » : قال تيثامي
ينتابك بعد عشاء لذيذ، والشعور غير المريح الذي ينتابك بعد الإفراط في تناول الطعام؟
في إحدى الحالتين، يترجم مخك الإحساس إلى متعة. وفي الحالة الأخرى، فإن الإحساس
نفسه، بقدرٍ أوضح قليلًا، يُسمَّى ألمًا. هل أنت أعمى مثل أرنب حديث الولادة، إلى حد أنك
لا ترى — رغم تتلمذك طويلًا على يد البروفيسور سوردتي — أن الفرق بين الألم والمتعة
ليس سوى مغالطة كلامية؟ ألم تُثبت لك ذلك خبرتك بالمورفين اليوم؟ تخلَّصمن المورفين
«. وارتقِ بذكائك إلى المستوى الملائم، وسوف تحصل على النتيجة نفسها وهنا توقَّف تيثامي قليلًا كما لو أنه ملَّ الجدال، وبدأ يرقص على الرصيف رقصةً مفعمةً بالحيوية.
«؟ لماذا ترقصونعلاك ضيقان » : تجرأ نيكولاس على سؤاله
«. ببساطة، لأنهما ضيقان، وقدمَاي ضعيفتان للغاية » : رد تيثامي
واصل نيكولاس السير في صمت. كان سلوك تيثامي يزداد غرابة بين لحظة وأخرى.
لكن دهشة نيكولاس بلغت أوجها، حين توقَّف صديقه أمام قصرٍ مبنيٍّ بالقرميد، كان أرستقراطيٍّا ذات يوم. ارتقى تيثامي الدرجات وقرع جرس الباب، وكأنه شخصٌ وصل إلى وجهته. ولا عجب أن أصابت نيكولاس الدهشة؛ فقد رافق بينيلوبي خالة مارجريت إلى ذلك الباب نفسه، في تلك الليلة نفسها، قبل ما لا يزيد على نصف ساعة.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.