توالت الأيام، وبدأت القرى المجاورة تتضامن مع الكردي. أُقيمت فعاليات ثقافية واحتفالات لتأكيد الهوية الفلسطينية. كانت ليلى تُعزف على العود، وياسر يقرأ الشعر. أصبح الفن وسيلة للتعبير عن الألم والأمل، وكان يجمع الناس تحت راية واحدة.
مع بداية موسم الربيع، كانت القرية تعيش أجواءً من الأمل والنشاط. أصبحت ذكرى "يوم الأمل" حديث الجميع، وأصبح الناس يتحدثون عن أهمية الوحدة والتضامن. قامت ليلى وياسر بإنشاء مجموعة صغيرة من الشباب، أطلقوا عليها "أصدقاء الأرض"، وكان هدفهم تعزيز الوعي الثقافي وتعليم الأجيال الجديدة عن تاريخ فلسطين.
بدأت المجموعة بتنظيم ورش عمل للفنون والرسم، حيث كانوا يدعون الأطفال والشباب للمشاركة. كانوا يعلمونهم كيف يعبرون عن مشاعرهم من خلال الفن، وكيف يبرزون جمال ثقافتهم. كانت ليلى تشرف على ورش العمل، بينما كان ياسر يقوم بتعليمهم الشعر والغناء.
في إحدى الورش، جاء مجموعة من الأطفال يحملون الألوان والأوراق، وبدأوا في رسم صور تعبر عن أحلامهم. كانت الانفعالات تتجلى في رسوماتهم، حيث رسموا أشجار الزيتون، والأعلام الفلسطينية، وصورًا لأحبائهم.
"كل رسم هو رسالة،" قالت ليلى للأطفال. "هذه الرسائل تحمل صوتك، وتظهر للعالم من أنتم."
ومع مرور الأيام، بدأت المجموعة تنظم فعاليات في القرى المجاورة، حيث كانوا يسعون إلى نشر رسالتهم. كانت هناك أمسيات شعرية، وحفلات موسيقية، ومعارض فنية، تجمع بين الفنانين والشعراء من مختلف المناطق.
وفي إحدى الأمسيات، استضافت القرية حدثًا خاصًا، حيث جاء العديد من الفنانين من مدن أخرى للمشاركة. كانت الأجواء مليئة بالحماس، وكان الجميع متشوقين لرؤية ما سيقدمه الفنانون.
عندما صعد ياسر إلى المسرح، بدأ يقرأ قصيدة جديدة كتبها عن الوحدة والأمل. كانت الكلمات تتدفق من قلبه، تعبر عن مشاعر التفاؤل رغم التحديات. "معًا سنبني غدًا أفضل، نرفع أصواتنا في كل مكان، فالأمل هو قوتنا."
بينما كانت الأضواء تسلط على المسرح، شعرت ليلى بفخر كبير. كانت تعرف أن ما يقومون به هو أكثر من مجرد فعاليات، بل هو تعبير عن هويتهم ورفضهم للخضوع.
لكن وسط كل ذلك الفرح، كانت هناك لحظات من القلق. بدأت الأخبار تتردد عن زيادة القوات العسكرية في المنطقة، وكان هناك قلق من أن يتعرضون لردود فعل عنيفة. ومع ذلك، كانت المجموعة مصممة على الاستمرار في نشر رسالتهم.
في إحدى ليالي التحضير، اجتمعت ليلى وياسر مع باقي الأعضاء. "علينا أن نكون حذرين،" قالت ليلى. "لكن يجب أن نواصل عملنا. الفن هو سلاحنا، وهو ما يعبر عن قوتنا."
"نحن هنا لنظهر للجميع أننا متضامنون، وأننا لن نسمح لأي شيء بتفريقنا،" أضاف ياسر. "إذا اجتمعنا، فلا شيء يمكن أن يهزمنا."
ومع مرور الأيام، جاءت اللحظة التي انتظرها الجميع. كانت هناك دعوة من إحدى المنظمات الدولية للمشاركة في مهرجان ثقافي في العاصمة. كان هذا فرصة للشباب الفلسطينيين لعرض ثقافتهم وتاريخهم.
"يجب أن نشارك!" صرخت ليلى بحماس. "هذه فرصتنا لإيصال صوتنا للعالم."
تجند الجميع للعمل بجد للاستعداد لهذا الحدث. كانت هناك ساعات طويلة من التدريب والتحضير، وكان الجميع متحمسين لعرض ثقافتهم. وعندما جاء يوم المهرجان، كانت الأجواء مشحونة بالحماس والتوقع.
وصلوا إلى العاصمة، وكانت الأضواء تتلألأ في كل مكان. اجتمع العديد من الفنانين والشباب من جميع أنحاء العالم للاحتفال بالتنوع الثقافي. كان هناك شعور بالوحدة بين الجميع، وكانوا يتشاركون قصصهم وتجاربهم.
عندما صعدت ليلى وياسر إلى المسرح لتمثيل فلسطين، كانت القاعة مليئة بالناس. وقفت ليلى أمام الميكروفون، وشعرت بقلبها ينبض بسرعة. "نحن هنا لنعبر عن هويتنا، ولنتحدث عن قضيتنا. نحن شعب صامد، ولن ننسى أبدًا من نحن."
بدأوا في عرض مجموعة من الفنون الشعبية، حيث رقصوا وغنوا ورسموا. كان كل عرض يمثل جزءًا من تاريخهم وثقافتهم، وكان الجمهور يتفاعل معهم بحماس.
بينما كانوا يؤدون، تذكرت ليلى كيف كانت أحلامها صغيرة، وكيف أصبحت الآن جزءًا من حركة أكبر. كانت تعرف أن الوحدة هي ما يمنحهم القوة، وأن كل خطوة يقومون بها تساهم في بناء مستقبل أفضل لفلسطين.
وفي نهاية العرض، كان التصفيق يملأ القاعة. شعر الجميع بالفخر والاعتزاز. كانت تلك اللحظة تمثل انتصارًا ليس فقط لهم، بل لكل من ناضل من أجل الحرية.