Ie922

شارك على مواقع التواصل

ظلّ لا يُرى
رواية مستوحاة من حياة محمد
الفصل الأول: طفل بلا حضن
في قلب صاخب بالسكون، وُلد محمد في أرضٍ يفترض أن تكون دافئة، لكنها كانت باردة كجدارٍ مهجور. لم يسمع التهاليل، ولم يذق طعم الحنان. لم يكن له مهدٌ يهتز حبًا، بل كانت البداية صادمة كأنها صفعة من أول لحظة.
كبر قليلاً، لكن الشعور بأنه غير مرغوب فيه كبر معه. أهله، أول من يفترض أن يحبوه، كانوا أول من أدار له ظهره. لم يكن يرى في عيونهم الفخر أو حتى الشفقة، بل كان يرى شيئًا أقرب للاحتقار. عيونهم تلاحقه باللوم، كأن مجيئه للدنيا كان خطيئة.
كانوا يفضلون غيره، أصدقاءه، وأبناء عمومته، بينما هو كان مجرد ظل لا يُرى. وكلما حاول أن يُظهر نفسه، تلقّى ضربة. وكلما صرخ من الداخل، كتموا صوته.
الفصل الثاني: نار على الجسد، ونار في القلب
ذات يوم، وبدون سابق إنذار، اندلعت النار في يده. الألم لم يكن فقط في الجلد الذي احترق، بل في صرخة لم يسمعها أحد. ثم تكررت الحادثة، هذه المرة في وجهه. صارت ملامحه شاهدة على ما مر به، لكن لا أحد قرأ تلك الشهادة.
مرت به أيام صمت فيها حتى الجرح، لكن الحزن كان يتكلم. لم تكن الحروق بداية المصائب، بل كانت علامة على طريق مليء بالألم.
وفي طفولته، تعرض لتحرش من شخص لا يعرف معنى الإنسانية. في عمر لا يدرك فيه حتى اسمه كاملًا، انسرقت براءته، وتحول الخوف إلى رفيق دائم.
الفصل الثالث: الذين رحلوا
كبر أبو ماسال ومعه كبرت الخسارات. فقد ابن خالته، صديقه الأقرب، الشخص الذي كان يبادله الضحكة والدمعة. موته لم يكن مجرد غياب جسد، بل سقوط جزء من روحه.
ثم رحلت حبيبته، تلك التي ظن أن بيدها النجاة. تركته في وقتٍ كان فيه بحاجة ليدٍ لا تخذله. وبعدها، بدأ أصدقاء الطفولة يختفون واحدًا تلو الآخر، وكأن الحياة قررت أن تجرّده من كل من أحب.
الفصل الرابع: الجسد المنكسر
انكسرت رجله ذات يوم، لكن الألم الأكبر لم يكن في العظم، بل في الشعور بالعجز. لم يكن أحد حوله ليواسيه. ثم جاء يوم تعرض فيه للضرب المبرح، ليس من غرباء، بل من أصدقائه، ومن أهله. صار العنف عادة، والألم يوميًا.
والتنمر صار لحن حياته، في البيت، في المدرسة، وحتى بين الناس. لم يكن يشعر أنه ينتمي، كان دائمًا المختلف، الغريب، المنبوذ.
الفصل الخامس: بكاءٌ لا يُرى
كل ليلة، ينهار. يبكي بصمت، خوفًا من أن يُحاسب حتى على دمعته. يحاسبونه على ضعفه، على ألمه، على مشاعره. وكل ما أراده هو أن يكون مقبولاً، أن يجد من يربت على قلبه.
لم يكن البكاء عيبًا، بل وسيلته الوحيدة ليفرّغ كل ما لا يُحتمل. وكان يبكي، لا لأنه ضعيف، بل لأنه نجا من كل شيء، وما زال يحمل نفسه.
الفصل السادس: بين الماء والحلم
رغم كل ذلك، وجد شيئًا يشبه الراحة: السباحة. في الماء، يشعر أنه حر. لا أحد يحكم عليه، لا أصوات تعاتبه، فقط هو والماء.
وحلمه لم يمت، بل كان يحمله كنجمة بعيدة: السفر إلى تركيا. هناك حيث لا يعرفه أحد، يبدأ من جديد. هناك حيث يكون الميكانيكي الذي يعشق إصلاح الأشياء، كما يحاول إصلاح قلبه.
الفصل السابع: النهاية ليست هنا
أبو ماسال ما زال هنا. لم ينتهِ. رغم كل ما مضى، لا زال ينهض. لا زال يحلم. لا زال يقاوم.
هو ليس منبوذًا كما يقولون، بل نادر. شخص نجا من نارين: نار الخارج، ونار الداخل.
وهذه ليست نهاية قصته… بل بدايتها.
1 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

فصول العمل

ظل لا يُرى
اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.