DarMolhem

شارك على مواقع التواصل

أعددت القهوة ثم خرجت لأستنشق بعض من نسمات الهواء المحملة بعبير المطر، دخل الهواء جوفي ليحيي معه ذكريات مضى عليها ما يقرب ال ٣٥ عام، بدأت القصة عندما رأى سهيل تلك الفتاة فأعلن قلبه رضوخه لعينيها رغم وضوح صغر سنها وأنه يكبرها بأعوام ليست بالقليلة، ولكن من منا له السُلطة على قلبه؟ عجز أن يخرجها من تفكيره فكيف بقلبه؟ فعزم على معرفتها لتفاجئه الصدفة بمعرفته لأهلها بل وعلاقته الجيدة معهم، ولكن والدها كان على أُهبة الاستعداد للسفر فطلب منه رعايتهم إلى حين عودته، فأوفى بوعده وكان خير السند واستطاع بدورة التسلل إلى قلبها وفاز برضا أمها، فأخبرت زوجها بأنه نعم الرجل، وسيكون نعم زوج لابنتهما، وفأجاب بدوره على قبوله له زوجًا لها، زُفَّت الأخبار إلى سهيل لتنير قلبه الهائم بعشقها، وبعد الكثير من التحضيرات والاحتفالات التي دامت لثلاثة أيام متواصلة، جاءت الأحداث كعادتها بما لا تشتهي الأفئدة، عرفت الأم سن سهيل في كتب الكتاب وأدركت الفارق الكبير بينه وبين ابنتها -قُرابة العقدين- ف رفضت وبشدة أن تكتمل تلك الزيجة، ورغم رغبة كندة به وتمسكه بها إلا أن رأي الام ورغبتها من انتصر، عاد سهيل خائب الأمل دون حبيبة فؤاده رافضًا أن يُطلقها، وظلت الأحوال على ذلك إلى أن سافر الأب مجددًا وبائت كل محاولات سهيل لأخذ زوجته بالفشل، التقت كندة وسهيل صدفة أثناء تسوّقها وما إن علمت الأم حتى بدأت في ضرب ابنتها، سمع الجيران فعزموا على إنقاذها منها، وخبأوها في بيت أحدهم حتى استطاعوا إخراجها وإرسالها لبيت عمتها، بعد أن أخذوا منها وعدًا بعدم إعلام امها بتواجدها معاها، ظلت مع عمتها إلى أن عاد والدها من السفر وانتظروا أن يأتي لياخدها ولكنه لم يفعل، وتخلى عنها لأنها تركت منزله، قررت عماتها أن تذهب مع زوجها ف أتي ليأخذها مع بعض من الثياب التي اعطتها إياهم عمتها، رحلوا وتركوا ورائهم الكثير من الوعود بفراقهم الحتمي، واقسام امها على أن ابنتها لن تقوى على العيش معه وستعود لهم خلال فترة ليست بقليلة.
سافروا إلى مدينة مجهولة لا تعلم عنها شيء ولا تعرف فيها أحدًا تسلل الخوف من الوحدة إلى قلبها ولكن وجوده يبدد أي شيء سوى السعادة والأمان لجواره، رحب الجيران بهم وانهالت عليهم المباركات واصروا على تجهيز الشقة لهم، حقًا إن الله يدبر أمرنا من حيث لا ندري، مرت الأيام بحلوها ومرها تغيرت الكثير من الأشياء إلا الود بينهم، لحظات سعادة وضعف، تخلي من الجمع وبدء من الصفر، مرضت كثيرا وكانت على وشك دخول العمليات لاستئصال الرحم ولكن كالعادة أبت أمها أن تكون رفيقتها في تلك الليالي المعتمة، مرت الأيام على مرضها واراد الله أن ترى حصاد ذلك الحب ف وضع في رحمها طفل، ولكن القدر كان له رأي أخر وسلب منها نتاج ذلك الحب ولد طفلهما ميتًا، فكانت صدمتها الأولى في الحياة، حينها علمت معنى الألم الحقيقي، رضخت لإرادة الله ولكنها تمنت لو ربّتت يد امها عليها ولكنها وكالعادة تخلّت عنها، حملت مره اخرى وكأن الله أراد أن يذيقها حلاوة العوض، مر حملها وولادتها على وأنجبت فتاة، كانت أول ما خُطَّ في ما كتب لهم من خير، مرت الأيام على غرار أفضل مما سبقها، إلى أن رزقهم الله بطفل أخر وفي حفلة استقبال المولود جائت المفاجأة وهي اتصال من والدتها راغبة في رؤية ابنتها واحفادها، رحب سهيل جدا بها وذهب لاستقبالهم في المحطة، استقرت حياتهم العائلة مجددًا وقرروا العيش في القاهرة بجوارهم ولكن الحياة كانت أكثر تكلفةً هناك فقررت أن تعمل لتعينه على مصروفاتهم، مرت الحياة بتحدياتها وهما مازالا يعينان بعضهما صامدين أمام تيارها، حدثت الكثير من المشاكل مع عائلته من إنكار لحقه في بيت أهله، إلى أن أوشكت المنية على النيل من والده ف اعترف بذنبه وظلمه لابنه واوصى باعطائه حقوقه كاملة.
وبعد أن بدأت الحياة تستقر إلى حد ما وتظهر بعض من حلاوتها، قرر القدر أن يفاجئنا ليسلب منا ثمن كل ضحكة اعترت قلوبنا! في يوم شعرت أن سهيل لم يكن طبيعيًا تمسك بيدها وكأنه يتوسل للحياة ألا تفرقهم ولكنها سُنّتها، توفى وقلبه راضٍ عن رفقتها، توفى ولم يدنس قلبه يومًا كرهًا لأحد، ذهب وترك وراءه أثرً لن يُمحى لطِيبه.
اصبحت الآن وحيدة رغم كل من حولها، لم يتبقى لها سوى اولادها وامها تلك الطفلة التي عانت لتحافظ على حبها أصبحت الأن ناضجة تحارب لألا تنتهى ذكراه إنها أنا كنده حبيبة سهيل..."
قطع شرودي صوت ابنتي:
- أمي جدتي تأبى أن تأكل إلا من يدك
فذهبت وجلست جوارها وقولت ممزاحة إياها:
- لما الدلال عزيزتي، متى عدت طفلة هكذا
أطعمتها نظرت لي مبتسمة وطلبت عفوي ثم لحقت بزوجي وتركتني هي الأخرى، كُسر فؤادي مجددا لم اشعر بنفسي سوى وأنا اردد: سامحتها يا الله على كل ما بدر منها فقط ارحمها واجعل الجنة من نصيبها وتجاوز عن أخطائها أنت الغفور الرحيم.
الحياة غريبة تدفعك في منتصف الحرب دون تأهيل، تنهش في روحك رغم أحقيتك بالسعادة، ولكن مهما كانت ظالمة إلا أنها تُرسل لنا أشخاص جديرة بثقتنا تحارب معنا ف تُخف حمل أيامها، وتقبح ألم لياليها البارده، فقط لا تكن كالجبناء دافع عن حبك لتفوز به وإن كان كل العالم ضدك سيكون حبك عالمك ولا حاجة لنا بالآخرين... 
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.