DarMolhem

شارك على مواقع التواصل

أُظلمت عينها ولم تر سوى ما حدث لها بالماضي مقسمة بأنه لن يتكرر أبدًا، بدأت بتسديد ضرباتها له دون توقف، وهو يتأوه ألمًا لا يفهم ماذا حل به وكيف توجد فتاةٌ لا يستطيع رجل مجابهتهاها، هذه الكلمات الفارغة بأن دائمًا الرجل أقوى من المرأة خدعته هذه المره للأسف.
هو: بالله عليكي سبيني، أنا آسف .. والله آسف
لم تكن تسمعه، وكأنها كانت مغيبة لا تدري ماذ تفعل، لم تفق إلا بعد أن كان لا يتحرك لا ينطق بكلمة.
عنود وهي مصدومة وعيناها مليئتان بالدموع: إنت مبتتحركش ليه .. اصحى .. انطق طيب بأي حاجة .. انت مموتش صح؟؟ أنا مقتلتكش .. أنا مقتلتش حد .. مقتلتش حد.
همت بالجري لا تدري إلا أين، لكنها تريد الهرب فقط تذكرت صديقتها التي تدرس بكلية الحقوق وأسرعت بالاتصال بها.
عنود: ألو.. ملك الحقيني أنا قتلت واحد يا ملك .. قتلته بس والله ما كان قصدي.
ملك في صدمه: انتي فين؟؟ طيب ما تتحركيش من جنبه، أنا جاية ومعايا محامي.
عنود بصوت مليء بالقلق والرعب: أنا بعدت عنه أوي أنا خايفة أرجع.
ملك: عنود متقلقيش أنا جنبك ومحدش هيقدر يلمسك ارجعي وأنا جيالك أهو، والله ما تقلقي لما آجي احكيلي دا حصل ليه؟؟
أخبرتها عنود بمكان الحادث
تحركت ملك للذهاب لعنود، واتصلت بالشرطة وسيارة الإسعاف تحسبًا حتى لا يؤذيها أحد في هذا المكان الموحش.
وصلت ملك قبل وصول الشرطة واحتضنت عنود بشدة محاولة تهدئتها وقالت: هل فعلتي هذا بسبب ما حدث بالماضي ؟!

قبل 20 عامًا
في حارة صغيرة مليئة بالبيوت المبهجة والشوارع المليئة بزينة رمضان وأطفال يقصون الورق، وآخرون يعلقون الأنوار، وآخرون يلعبون، يتعاون النساء في تكسير التمر والرجال في تنظيف الشوارع، إنها طقوس هذا الشهر الكريم
في إحدى منازل الحارة الصغيرة
ريم بتلعثم من الفرحة: مازن تعالى بسرعة
أتى مازن
ريم: مازن قولي بالله إن اللي أنا شيفاه دا صح ؟؟
مازن ودموع الفرح تملأ عينيه: صح والله صح، إنتي حامل بعد 5 سنين.
وقام باحتضانها ودار بها لا يدري ماذا يفعل
ريم بصراخ : ماازن البيبي .. يا مازن نزلني
مازن: آسف .. آسف .. مأخدتش بالي
وسجدا سجدة شكر لله، كم دعا كلاهما الله تعالى من أجل هذه اللحظة، كم مرة ذهبا إلى الأطباء والمستشفيات لأجل هذه اللحظه، ولكنها تستحق.
أسرع مازن إلى الخارج ليخبر أهالي الحارة بهذا الخبر مازن يصرخ: يا جماعة .. أنا حامل .. أقصد مراتي حامل.. حامل أخيرًا.
بدأ أهالي الحارة بالاحتفال، وملأت الزغاريط جميع الأنحاء.
بدأ شهر رمضان، وبدأت التجمعات العائلية والعزائم، وريم يساعدها كل سكان الحارة، لأن ليس لها عائلة، هي ابنتهم التي كبرت بينهم منذ نعومة أظافرها.
في إحدى التجمعات ينتظرون آذان المغرب، وسفرة يجتمع عليها كل سكان الحارة تمتلئ بكافة أنواع الطعام.
أذن المغرب وبدءوا بتناول الطعام، وصوت الضحكات تملأ المكان، وبعد الانتهاء ذهب الرجال لصلاة العشاء والتروايح، وريم تنظر إليهم وهم يصلون تشعر بالفخر للانتماء لهذه العائلة، حقًا .. إنها أجواء تعيدك للحياة مرة أخرى.
في بيت مازن بعد انتهاء الشهر الكريم، وأصبحت ريم في الشهر الثالث
ريم بصراخ وفزع : الحقني يا مازن، في دم كتير أوي .. أنا بسقط يا مازن.
ركبا سيارة يوسف أحد الجيران وذهبوا للطوارئ.
مازن: دكتور بسرعة مراتي بتسقط .. الحقوني
جاء الدكتور وقال: متقلقش يا بشمهندس هي بس متتحركش من السرير، وتلتزم أسبوع بالأدوية دي، والجنين هيبقى بخير إن شاء الله، لكن لو اتحركت ونزفت تاني هينزل.
مازن: تمام يا دكتور، شكرًا إنك طمنتنا، وقام بحمل ريم إلى السيارة
مازن : بصي بقي ياستي انتي مش هتتحركِ من مكانك، أنا اللي هغسل، وانشر، وأطبخ، وأروق.
ريم: لا لا مينفعش روح شغلك إنت وأنا هتصرف.
مازن: بس يا حبيبتي، أنا قررت خلاص أصلًا، ومحتاج آخد أجازة من الشغل، وحشتيني وعاوز اقعد معاكِ ونتفرج على الكرتون بتاعنا.
نسي مازن أنهما لازالا بالسيارة، وسمعهما يوسف وضحك.
مازن : إنت بتضحك على إيه يا يوسف؟ آجي أكسر دماغك دلوقتي؟
يوسف : لا والله عجبني الحوار اللي بينكم أوي، ونفسي لما أتجوز نبقي أنا وهي زيكم بجد.
مازن: ربنا يوعدك بواحدة زي ريم، هي اللي حسستني إن الحياه ليها طعم والله، وبص قدامك بقي قرفتني.
وصلوا للمنزل، حملها مازن ووضعها على السرير، وقام بتحضير العشاء، وشغل الكرتون، وجلسا يأكلان ويشاهدان الكرتون.
مر الأسبوع ومازن يقوم بكل أعمال المنزل، ولكنه سعيد بهذا جدا،ً فهو أيضًا لا يملك عائلة، فهي عائلته الوحيدة وابنته وحبيبته وصديقته، ومساعدتها تشعره بأنه لازال هنالك سببًا للعيش من أجله، وذهبا للمشفى وطمأنوهما بأن كل شئ على ما يرام.
بعد مرور ستة أشهر في بيت مازن
ريم بصراخ: مازن الحقني، أنا بولد
أسرع مازن ليطلب المساعدة من أحد سكان الحي، وذهبوا إلى المشفى.
مازن في الرواق: يارب قومهملي بالسلامة، أنا مليش غيرهم والله يارب.
وظل يدعي إلى أن وجد شخص مغطى الوجه يخرج من غرفة العمليات التي كانت توجد بها ريم ومنقول للمشرحة، فبدأ بالانهيار والصراخ: ريم، ريييييم .. لا .. لا مستحيل تسيبني، أنا عارف هي وعدتني هتبقى كويسة هي وبنتي وإنها عمرها ما هتسيبني .. لا.. لا مستحيل دا يحصل.
بعد ثواني عديدة سمع صوت صراخ طفل، فشعر بالأمل لوهلة، وحاول أن يستجمع قواه، وذهب لأحد الممرضات.
مازن: هو مين اللي كانت لسة خارجة رايحة المشرحة دي؟
الممرضة سمية: حضرتك تعرفها ؟
مازن وعيناه مملوئتين بالدموع: لا لا معرفهاش
وركض عائدًا إلى المكان الذي توجد فيه ريم محدثًا نفسه: الحمد لله .. الحمد لله .. أنا كنت عارف إن ربنا مش هيضيعني، وإن هي مش هتسبني والله، شكرا يارب.
خرجت ريم وذهبا بها إلى الغرفه التي ستمكث بها ومازن خلفهم، واحضرو لهما ابنتيهما.
عندما أمسكها مازن ونظر إليها، شعر قلبه يكاد يقف من الخوف والفرح في نفس الوقت، لا يستطيع أن يصف ذلك الشعور فهو لأول مره يشعر به، أهذا هو شعور الأبوة الذي يتحدثون عنه؟ كم هو مقلق ولكن بنفس القدر جميل للغاية، ظل ينظر إليها يريد أن يحفظ كل ملامحها، يريد أن يضعها بين ضلوعه ليحميها من هذا العالم البشع.
بدأ بالتكبير بأذنيها، وقال لها بهمس: اسمك عنود.
ذهب مازن وعنود وريم إلى منزلهم، وبدأت الزيارت من أهل الحي، كل من يرى عنود يسحر بجمالها الفائق، فهي ذات عيون زرقاء واسعة، ورموش طويلة، وحواجب سوداء كثيفة وخدود وردية، وشعر أسود كثيف.
تحققت أمنية ريم ومازن في الإنجاب، لكنهما قرررا أن يتركا الحارة ويسافرا إلى الإسكندرية، لأن مازن حصل على عمل هناك.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.