Sottoo3

شارك على مواقع التواصل

حكاوي حيطــــان( المدينة الفاضلة)

حكاوي حيطان
ياسمين رحمي
مؤسسة سطوع

جميع الحقوق محفوظة ويحظر طبع أو تصوير أو تخزين أي جزء من الكتاب بأية وسيلة من وسائل تخزين المعلومات إلا بأذن كتابي صريح من الناشر


إهــداء
إلى فريقي...
الذي يؤمن بي وبقلمي وبخيالي،ويشجعني لكي أصبح أفضل نسخه من نفسي.
إلى فريق...
قناة " المحكمة" وزميلي المبدع والإنسان "محمد شعبان" والمؤدي والممثل المتألق "محمد جويلي" وباقي زملائي في القناة، أرجو الله أن يبارك أبداعاتكم ورباطكم الوثيق ليس فقط على المستوى الفني بل أيضًا الإنساني.
شكرًا لكم










تمهيد
من آلاف السنين، وأنا روح أسكن المتألمين، هؤلاء الذين أصيبوا وظن الذين من حولهم إنهم لن يعودوا،فأسكن الجسد، أكون لهم نورٌا وبصيرة ليروا ما حدث وما يحدث.فأكتب فصلها الأول و أترك له ليبوح ما بداخله،وحينما يعود من رحلة الألم أكتب الفصل الأخير من الحكاية.



1
المدينة الفاضلة
توجهت النظرات نحوه بإحتفاء،تحمس كالأطفال، رسم ابتسامة واسعة كشفت عن أسنانه حيث أهتم الجميع به؛على غير توقع أُقيم له احتفال مفاجئ غير مسبوق بعيد ميلاده السادس والخمسين. توزعت ابتساماته على الحضور، زوجته،أبناءه الإثنين وزوجتيهما.
نظر نحو امرأته ليلحظ بريقًا في عينيها، زهرة هي ما مازالت تنبض بالحيوية والشباب مهما بلغت من العمر.
لم يحقق الإنجاز الذي كان يصبو إليه بل تجاوز ما أراد... انطلقت الضحكات لتزيد الأجواء بهجة ودارت موسيقاه المفضلة. تلك اللحظات جرت الحياة في عروقه كما لم يحدث من قبل. اقتربت "صافي" منه، مالت نحوه، تقبض ذراعه وتقبله على وجنتهِ التي نبضت بحمرة كعهد شبابه وكأنه لم يحظ بقبلة قبل تلك! شبكت أصابعها بأصابعه المرتعشة من التحمس وأقترب من أبناءه يلفاه بأحضانهما. علم لحظتها انه اختار الطريق الصحيح ولم يضل،كان محقاً في جميع قراراته التي أوصلته لتلك الليلة الساحرة، كل خطواته كانت صحيحة، لا شك في هذا. كانت العائلة أكبر قليلاقبل ذلك بسنين، فردٌ قد غاب، أنثى جميلة اعتبرها سابقاً ابنته، خانته وخانت أسرته وعهد الترابط العائلي بعد عمر من العطاء والحب غير المشروط،ابنة أخته التيّ أنكرت أفضال خالها وتمردت عليه،فلم يعد يحتملها ولفظها من حياته... لم يتوقع أن يأتي اليوم الذى يخلو مثل هذا الأحتفال من وجودها لكنها اختارت ليتعود هو على فراقها،فلتذهب، أسرته لا ينقصها شيء، أسرته مثالية.
كم أفتخر باختيارات ابنيه لزوجاتهم، كم بلغا من العقل والحكمة وهما لا يزالان بربيع العمر، لقد استحقا كل ما بذله من أجلهما،قد رأى بأم عينيه حصاد عرقه وشقائه.
جذبته زوجته،لفت يدها حول عنقه مسك يدها الأخرى بيده وتحرك قدميها على وقع الموسيقى الحالمة، نظر هو داخل عينيها ليشهد شريط ذكرياته معها، يراه مجسمًا خلف المشهد القائم، منذ أول لقاء لهما وحتى تلك الرقصة. فجأة اختفى كل من وما حوله ولم يبق غيرها والأرضية التي بدت كأنها تتحرك كالبساط الطائر تحتهما. لم يفق إلا على يد أخرى تجذبه من زوجته
-الدور عليا، هاتخديه ليكى لوحدك ولا إيه؟
وإذا بها زوجة "سالم" ابنه الأكبر تضمه نحوها لتحظى برقصة معه
- تعرف لو كنت شفتك قبل ابنك مكنش هايبقى عنده فرصة.
-نفسى اقولك وانا مكنتش هقول لأ بس مراتى حطى عينيها علينا.
تلك الليلة اصطفت النجوم في السماء كاللؤلؤ،أنارت الوجود كما لم يفعل أي صباح، كانت السماء صافية وكأن الكوكب خُلق البارحة لم يفسده وجود بشر. وقف بجانب زجاج النافذة بعدما فُض الجمع يتأمل النجوم التي بدت وكأنها تحتفل معه. انسابت يدها على كتفه تتأمل شعره الذي أضفت عليه أضواء الليلة لمعة، طغت خصلاته الرمادية المصطفة بين باقي شعريات رأسه على الأسود وتفوقت عليه وعلى جاذبيته.
*****************
أحداث تلك الليلة لم تفارق ذهنه، بدا العمر الى خلود، ارتسمت ابتسامة على وجهه وهو يمسك بيديه عجلة القيادة حيث كان عائدًا من سفره إلى صديقه الذي أصر أن يحتفل به هو الآخر، إنما لم يكن اليوم مثل الليلة الفائتة، لم تكن هناك مقارنة بالأساس.. ذهب الى ذلك المكان مرارً اوتكرارًا، المشهد المثالي.في لحظة نسى الطريق من حوله لكنه أفاق على صدمة رجت جسده! تبع ذلك ظهور الشاحنة العملاقة من حيث لا يدري، ارتمت السيارة بخفة الريشة الى أقاصِ الطريق. كان قبلها الظلام دامسًالكنه فوجئ بنورٍ قوي ناصع البياض يملأ المكان حتى كاد أن يُعمى البصر، لم يستطع تمييز المكان الذي وصل وبأي من العوالم قد انتهى!!!!!


1 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.