Horof

شارك على مواقع التواصل

عبرت (لمار) طرقةً صغيرة تفصل غرفتها عن باقي الشقة، متوجهةً للمطبخ وهي تقول لوالدتها التي تعد الطعام:
-الرائحةُ شهيةٌ، إني جائعة!..
ضحكت والدتها قائلةً:
- ثوانٍ وسيكون الطعام مُعدًا.
فتحت الثلاجة وهي تتطلع للرفوف وهي تخرج عدَّة بيضات تناولتها أمها قائلةً بصيغة الأمر:
-انتظري بالخارج، تفسدين الأمر وتكسرين البيض كلَّ يوم!.
قالت لمار بتذمُّرٍ مصطنع:
-ألا تريدين أن أساعدك، أنا الشيف لمار.
ضحكت أمها قائلةً:
- أعلم.. أعلم.
ثم تابعت مازحةً:
-عندما تتزوجين مارسي هوايتك في إهدار الطعام كيفما تشائين، لا سيما إحراقه أيضًا، ربما تقدمين برنامجًا للطهي على إحدى الفضائيات، أدعمك في هذا المشروع جدًا لكن بعيدًا عن مطبخي!.
"قالت كلامها بتهكُّمٍ واضح".
قالت لمار متظاهرةً بالغضب:
-أشم رائحة تهكُّمٍ في كلامك يا أمَّاه.. هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها أمًّا ترفض دخول ابنتها الوحيدة للمطبخ وتبخل عليها بإتاحتها الفرصة للنهل من معلوماتها المطبخية..


قالت والدتها ضاحكةً:
- نعم، لست كالأمهات، هيا يكفي أنك ماهرةٌ كصحفية.. لا يمكن أن تجمعي ما بين النقيضين.
حدقت بأمها لحظةُ قائلة:
-النقيضين.. يا إلهي؟!
وغادرت المطبخ باسمةً قائلة:
- نجحت الخُطَّة كالمعتاد..
************
بعد قليل، التفت الأسرة حول المائدة وهم يتناولون الفطور، التقطت لمار الجريدة وهي تقول لأبيها بمرح:
-أتدري يا أبي أنَّ رئيس التحرير لو علم أنَّ هناك من يحرص مثلك على اقتناء الجريدة بهذا الانتظام لأمر بمكافأةٍ مالية لي..
ضحك والدها وهو يتناول الطعام قائلًا:
- يا ابنتي يكفي أنك تعملين بهذه الجريدة وإلا لما كنتِ ترينها هنا تزين بيتنا.
قاطعته والدتها قائلةً:
-ألم تخبرها عن الملف الذي تحتفظ فيه بالحوارات التي تُنشر لها؟..
نظرت لوالدها بامتنانٍ قائلة:
-أمازلتَ تحتفظ بهم يا أبي؟
وقامت من مكانها وهي تحتضنه وهو جالسٌ مقبِّلةً رأسه.
قال (عمرو) معقبًّا:
- لا أخفي عليكما، أشعر بالغَيرة!

تعالت ضحكاتهم وهم يقولون له:
- لهيب الغَيرة نكاد نراه من مكاننا يا عزيزي عمرو، هل نتصل بالمطافئ؟!
ضحك عمرو وهو يقبِّل يدي أمه ورأس أبيه قائلًا:
- ألن نأكل؟! إذا طاوعنا لمار لقضينا وقتنا في التحدُّث والمشاعر الفياضة التي تغمرنا بها..
وغمز بعينيه لها ممازحًا..
عادت لمار لمكانها وهي تقول:
- سأدعك تأكل بالطبع فأنا أدرك أنَّ جهازك الهضمي منظمٌ وعلى موعدٍ محدد مع الوجبات الصحية أيها النباتي..
قال وهو يتناول عصير الخضروات الطازجة التي تعده والدته له كلَّ وجبة مع عصير الليمون:
- دعكِ مني أيتها المتوحشة آكلة اللحوم!..
قالت ممازحة: ألا تملُّ من تناول الخضروات؟!
قال وهو يلتهم طبق السلطة الذي يغلب عليه اللون الأخضر:
-لا أمل من النقاء، الأغذية الصحية لا يُملُّ منها، أتمنى أن تقاطعي النشويات والمقليات، كل هذه اللحوم مطهوة بدهونٍ مهدرجةٍ ضارة؛ جرِّبي أن تأكليها مسلوقةً أو مشوية.
قالت وهي تلتهم ما أمامها بشهية:
-وهل يعدُّ الطعام طعامًا دون أن يتم تحميره أو قَليه؟! تبدو كالمطرود من الجنة بأكلك النباتات!.
قال عمرو باسمًا:
-أنتِ مخطئةٌ، تناوُل الخضروات هو السبيل الوحيد للعيش بصحةٍ والتنعم بالجنة للأبد.
تدخلت أمهما في الحديث قائلةً:
-أبنائي لا يُطردون من الجنة، أبنائي هم جنتي على هذه الأرض.
ضحك الجميع في حين التقطت هي الجريدة من أمام والدها، وأخذت تطالعها باهتمامٍ أثناء التهامها للطعام؛ ثم ما لبثت أن هتفت بذعر: ماهذا؟!
التفت إليها الجميع متسائلين،
في حين أكملت هي بصوتٍ مرتفع:
"نجاة المطرب (هادي شمس الدين) من حادثٍ مروِّع"!
قال عمرو:
- هل الأمر حقيقي أم تراه فبركةً صحفية؟
قالت وهى لا ترفع رأسها عن الجريدة وتواصل القراءة باهتمام:
- يبدو حقيقيًا هذه المرة للأسف.
قال عمرو بأسف:
- حقًا، وهل هو بخير؟
ردَّت وهى تواصل القراءة:
-يقولون أنه نجا بأعجوبةٍ!
قال عمرو:
- حمدًا لله، فهو من الفنانين الموهوبين والمميزين حقًا، موهبةٌ صعب أن تتكرر في زمننا هذا، يتمتع بموهبةٍ حقيقية، له صوتٌ رخيم وقوي، أتمنى أن يتخطى هذه الحادثة ويتعافى ويعود لجمهوره.

ثم مال عليها هامسًا:
- أعلم أنك من أشدِّ المعجبين به.
تابعت قائلة:
- حمدًا لله أنه بخير وفقًا للمكتوب، المدهش والمثير للريبة أنهم لم ينشروا تفاصيلَ الحادث على خلاف العادة؛ دائمًا في مثل هذه الحوادث تفرد الصحف والمجلات صفحاتها أمام السيناريوهات، ويتقمَّص الجميع دور المحقق (كرومبو)، ويبدأون في تحليل الصور وربط الأحداث ومراجعة التصاريح في محاولةٍ لربط الأحداث، لماذا هذا التعتيم؟!
قال عمرو ببساطة:
- ربما كان حادثًا عاديًا.
مطت شفتيها قائلةً بغير اقتناع:
-ربما.. لا تنسَ أنَّ هادي فنانٌ له ثِقله الفني، ليس من المنطقي تجاهل حادثٍ بهذا الحجم! لست أدري، أشعر أنَّ هناك شيءٌ آخر.. هؤلاء القوم لديهم منافسون وأعداء مستترون.
تابعت قولها وهي تقطب حاجبيها بتساؤل.
حدَّق بها غير مستوعبٍ ما تقول:
- أنت تهولين من الأمر..
قالت باستسلامٍ:
- أتعتقد ذلك؟!
ثم استطردت قائلةً:
-بكلِّ الأحوال أفكِّر بصوتٍ مسموع معك لا أكثر.
التقط والدها الجريدة من يدها قائلًا:
- دعينا من فنانك هذا أكملي طعامك..
ابتسمت والدتها وهي تضع أمامها الخبز قائلةً بجديةٍ محذرة:
-هذا وقت العائلة، لا تجبروني على إعادة تطبيق قوانيني الحازمة وعلى رأسها منع تصفُّح الجريدة أثناء تناول الطعام.
تناول الجميع الإفطار وهم ينظرون إلى بعضهم البعض ضاحكين من صرامة الأم المزيَّفة!.
********
قاد عمرو السيارة وهو يتحدث مع لمار قائلًا:
- ماذا ستفعلين؟! أعلم أنَّ الحادث لن يمر مرور الكرام بالنسبة لكِ؟
ضحكت قائلة:
-يخيفني أنك تقرأني!.
قال باسمًا:
- إذن صدق حدسي!
هزَّت رأسها موافقةً ثم قالت متابعةً:
-لا أخفي عليك، لستُ مقتنعةً بالأسباب المنشورة.
قال:
- أفهم من هذا..
قاطعته قائلةً:
- أنني سأقوم بزيارةٍ خاطفةٍ له.
قالت جملتها وهي تتطلع للهاتف وتقرأ أخبار الحادث عبر أكثر من منصَّةٍ إخبارية.
في حين أدار عمرو المسجل وهما يستمعان لصوت فيروز الملائكي، قالت متنهدةً بقوة:
-أخبرك سرًّا.. لا أستطيع تخيُّل الحياة دون موسيقى وأصواتٍ رقيقة رخيمة تبث الحبَّ والدفء والسلام في القلوب قبل النفوس، هؤلاء المطربون سفراء السلام في الكون دونهم تسود الكراهية.
تابعت حديثها برومانسية:
-هل سبق وتخيلت الحياة دون موسيقى ـ رسم ـ تمثيل ـ كتابة ـ أشعار؟.
قال عمرو:
-لم أفكِّر إن شئت الحقيقة؛ لكن أعتقد حياتنا دون هذه الأشياء الهبات الربانية حتما ستكون رمادية، الفنون تنقي النفس، تهذِّب الروح مثلها مثل العبادات، مع الفارق طبعًا.
قالت متفهمةً:
- أتفق معك في كلِّ حرف، هذه الهِبات منحٌ ربانية اختصها المولى لبعض عباده المحظوظين، كم أشعر بالغِبطة تجاه هؤلاء المميزين المختارين لتبليغ هبات المولى للآخرين!.
قالت جملتها وأغمضت عينيها وهي تستمع لصوت فيروز وهي تشدو قائلةً: ياطير
"يا طير يا طاير على أطراف الدني
لو فيك تحكي للحبايب شو بني، يا طير، يا طير
روح إسألهن عاللي وليفه مش معه
ومجروح بجروح الهوى شو بينفعه
موجوع ما بيقول عاللي بيوجعه
وتعن عباله ليالي الولدني يا طير
يا طير يا طاير على أطراف الدني
لو فيك تحكي للحبايب شو بني يا طير، يا طاير"
توقفت السيارة أمام مبنى الجريدة، هبطت برشاقةٍ قائلةً بمرح: أشكرك على كلِّ شيء، استمتعت بحديثي معك!. ودَّعها وانطلق مغادرًا المكان متوجهًا لشركته، اعتاد عمرو أن يوصلها لمقرِّ الجريدة كلَّ يومٍ أثناء ذهابه لمكتبه الهندسي الذي يقع في وسط القاهرة في شارع رمسيس.
*********
في اليوم التالي رافقته للعمل هي و(نورا) صديقتها الوحيدة..
قال عمرو موجهًا حديثه لأخته:
- كيف حال العمل معكِ؟
- كل شيءٍ يسير وفق ما خططت له، اطمئن أختك موظفة ملتزمة وبلا غرور.. ماهرة..
ابتسمت نورا مؤيدةً ما تقول، في حين ضحك هو قائلًا:
- يروقني تواضعكِ بالطبع!
ثم استطرد قائلًا:
- لابد أنك ستغطين موضوع حادث المطرب
قالت بجديَّةٍ وهي تتبادل النظرات مع نورا وكأنها تطلب منها الدعم؛ فهي تعلم أنَّ أخاها سيرفض وأنَّ نورا الشخص الوحيد القادر على التأثير عليه دون بذل المزيد من المجهود:
- بالطبع، إذا أردت الحقيقة أنا أنوي القيام بزيارةٍ خاصةٍ بعيدًا عن العمل، أهتم لأمره كثيرًا.
بدا على وجهه الضيق، لكنه لم يستطع الاعتراض ليقينه أنها لن يهدأ لها بالٌ إلا إذا نفَّذت ما في ذهنها وتقصت عن الحادث، فقال:
- حسنًا كما تشائين، وإن كنت أعتقد أنك لن تتمكني من رؤيته لأنك لن تتمكني من تخطي الحراسات الخاصة التي قطعًا ستكون مشدَّدةً عقب الحادث..
قالت بحماس:
- أعلم لكني سأحاول، لا ضيرَ من المحاولة.. أليس كذلك؟
ألقت سؤالَها وهي تلقي نظرةً على نورا التي تدخَّلت قائلةً:
- إذا وفِّقتْ في هذا الأمر وكشف تفاصيله ستفتح أبواب المجد الصحفي أمامها.. ونجاحها نجاحٌ لكل أبناء جيلنا أليس كذلك؟
ضحك عمرو قائلًا:
-راقني مبررك..
ثم تبادل مع أخته نظرة هامسًا:
- لا داعي لكل هذه المقدمات والوساطات، تعلمين أنني أدعمك ومعك دائمًا.
قبلته قائلةً بسعادة:
- وأنا لا أشعر بالاطمئنان إلا بوجودك.
ودعهم عمرو وتابعهما بنظره وهما تعبران الطريق متوجهتين لمبنى الجريدة.
قائلةً بمرح:
- يومًا ما سأسدد ديوني وسأريحك من صحبتي، في حالةٍ واحدة فقط كما تعلم!.
أكمل هو ونورا كلامها بمرح:
"أن يسمح لي والدي بشراء سيارةٍ أو سكوتر.. وهذا بالطبع من خامس المستحيلات!"..
انفجرت ضاحكةً وهي تصفق بيديها بطفولةٍ قائلةً بمرح:
-ممتاز، من الجيد أنكما تعلمان حقيقة الوضع.
لوَّح لها عمرو مودعًا قائلًا:
- يومٌ سعيدٌ ياجميلات الصحافة المصرية.
في مكتبها أخذت تبحث عبر شبكة الإنترنت عن أي شيءٍ متعلقٍ بالمطرب والحادث الذي تعرض له، لم تجد إلا أخبارًا مُبهمة عن الحادث مما أثار فضولها وأيقظ حسَّ الصحفي بداخلها، فعزمت أمرها وقررت القيام بزيارته في المستشفى..
أقبلت نورا مخلِّفةً جلبةً كالمعتاد وهي تتحدث في هاتفها المحمول بصوتٍ مرتفع محدثةً أخاها بعصبيةٍ قائلة:
-حسنًا.. حسنًا، سأتصل بك بمجرد انتهاء يومي، أجل وصلت توًا للمكتب.. نعم جئتُ مع لمار..
قالت لمار:
- أين اختفيتِ؟
قالت نورا:
-قابلتني (جيهان)، احتجزتني في مكتبها ولم تعفُ عني وتطلق سراحي إلا بعد أن أخبرتني عن تفاصيل زفاف ابنها ومغامراتها العائلية..
- سأطلب مشروبًا، هل أحضر لكِ شيئًا محددًا؟
قالت لمار:
- قدحًا من الشاي..
شكرتها لمار بإيماءةٍ من رأسها وهي تراقبها وهي تحدث نفسها ساخطةً بانزعاجٍ قائلةً:
-لستُ أدري ما سرُّ كل هذا الاهتمام الذي يبديه أخي هذه الأيام؟
قالت لمار بمرح:
-تبًا لنا معشر النساء، إذا اهتم آدم بنا نتعجب وإذا تجاهل نستنكر، كان الله في عونكم معشر الرجال!..
ضحكت نورا قائلة:
- كالمعتاد تقفين معه ضدي؟؟
- أقف مع الحق يا عزيزتي
وعادت لمطالعة شاشة الحاسوب باهتمامٍ شديد:
- ما هذا، أعرف تلك النظرة جيدًا..
قالتها نورا وهي تتطلع لشاشة الحاسوب التي تواجه لمار، ابتسمت لمار قائلةً بتساؤل: ماذا؟
ردت نورا بمرح:
- قلبي يحدثني أنك تنوين القيام بشيءٍ ما.
- قالت لمار دون أن تبعد نظرها عن الشاشة:
- أنتِ محقَّة، يزعجني الحادث الذي تعَّرض له المطرب "هادي شمس الدين".
قالت نورا ممازحة:
- هادي، هذا لأنه مطربك المفضل بالطبع!
قالت لمار بهيام وانحيازٍ تام:
-هادي ليس فنانًا عاديًا؛ فأنا أسيرته، أعشق نبرة صوته وإحساسه العالي الذي يغنى به أغانيه، لا أتخيل الحياة دون ألحانه وصوته الدافئ عنوان الحب والسلام.
ثم تابعت بجديةٍ وباهتمام:
-هل تعتقدين أنه رومانسيٌ وحالم في الحقيقة؟
ضحكت نورا قائلة:
- مَن يسمعك تقولين هذا يعتقد أنك فتاةٌ في الخامسة عشرة، مراهقة تفكِّر بعاطفتها، يا عزيزتي هذه كلمات أغانٍ وتمثيل، هذا عمله لابد أن يؤديه على أكمل وجه، وهو إحقاقًا للحق فنانٌ مجتهد ومميز.
قالت لمار غير مقتنعةٍ بما قالته نورا:
- لا أتفق معك وأسجِّل اعتراضي في وصفي بالمراهقة؟!
ما بها المراهقة؟ مشاعر المراهقة أنقى مشاعر، حبُّ المراهقة أكبر تأثيرًا فينا وفي الآخرين، حب المراهقة يعيش للأبد لنقائه وصدقه.
تابعت بجديةٍ وهي تمطُّ شفتيها غير متقبلةٍ كلمات نورا قائلةً ببساطة:
- لا..لا.. ليس هادي، هادي مطربٌ نادر..
قالت نورا:
- حسنًا أعتذر، هل علمتِ ما سبب الحادث؟
قالت لمار بضيق:
- لست أدري، يقولون: حادثٌ مروع وغامض، لكنه بخير، حمدًا لله، وهذا ما يهم على الأقل في الوقت الحالي..
أخذت تفكر قليلًا وعزمت أمرها على التوجه للمستشفى، استأذنت من نور قائلة:
- سأمرُّ على المطبعة لرؤية الطبعة الأولى، وداعًا..
قالت نورا:
- لماذا لا ترينها على الجهاز في صورتها الديجتيال؟!
قالت لمار:
- رأيتها لكني أفضل المرور والإشراف بنفسي؛ أحب رائحة الورق وأعشق صوت دوران الماكينات..
قالت نورا:
- جولةٌ ممتعة.. وداعًا..
**********
أتمت جولتها في المطبعة وراجعت النسخة التجريبية من الجريدة مبديةً بعض الملاحظات، ثم غادرت الجريدة متوجهةً لمنزلها وفتحت دولابها وأخرجت بعض الأغراض كانت تستعملها في عملها عندما كانت تقوم بعمل بعض التقارير الصحفية التي تستلزم تنكرًا مجاراة ً للشخصيات التي ستكتب عنهم، توجهت للمستشفى الذي يوجد به هادي وهناك ارتدت ملابس ممرضةٍ ودخلت غرفته بسهولةٍ رغم الحراسة التي تقف أمام غرفته، وجدته يرقد نائمًا ووجهه به عدَّة جروحٍ وكدماتٌ كثيرة، وعصابةٌ كبيرة تلف رأسه، اقتربت منه وتطلَّعت لملامحه لحظةً وشردت وهي تتنهد بقوةٍ، مشفقة عليه وهي تتذكر كيف يشعل المسرح بأغانيه العاطفية الرقيقة، ألقت نظرةً على الأجهزة المتصلة بجسده ونظرت إلى المؤشر الذي يراقب نبضات القلب، اختلج قلبها لمظهره المؤلم وشعرت بدقات قلبها تتعالى قائلةً:
-يا إلهي يبدو أنَّ الحادث كان عنيفًا!
عادت تتطلع لملامح وجهه بشغفٍ، ولهفة، وهيام فتاةٍ عشرينية تعشق مطربًا وتراه للمرة الأولى، هزت رأسها بعنفٍ هامسة
"أفيقي يا هذه، كفي عن تصرفات الأطفال هذه"!
رددت:
-حمدًا لله أنك بخير
فتح عينه بضعفٍ وتمتم بكلماتٍ غير مفهومة، شعرت بالارتباك وهي تدنو منه هامسةً:
- ماذا تقول؟!!
لكنه غاب عن الوعي مرةً أخرى.
زفرت بضيقٍ وربتت على يده قائلةً: ستتعافى.
حاول فتح عينيه مرةً أخرى، تطلع إليها لحظةً ثم بدأت صورتها تتلاشى... ومطت شفتيها بحزنٍ وهي تعتزم مغادرة الغرفة، تناهى لمسامعها صوت أقدامٍ تقترب من غرفته، تلفتت حولها بارتباكٍ قائلة: ماذا أفعل؟!
وبدأت خطوات الأقدام تقترب أكثر فأكثر، ودخلت الغرفة، أسرعت تلتقط التقرير المعلَّق على السرير وهي تلتفت للشخص الذي دخل الغرفة قائلةً بثباتٍ وحزم عندما وجدته شابًا توقعت أن يكون قريبًا له أو مدير أعماله:
-سيدي، لو تكرَّمت غير مسموح بالزيارة الآن.
نظر إليها الشاب لحظةً بتمعنٍ متجاهلًا ما تقول، موجهًا حديثه لفردٍ آخر كان برفقته:
-عجبًا، أبلغتنا الإدارة أنه استعاد وعيه؟!
تدخلت في الحديث موضحةً:
- لقد استعاد وعيه بالفعل؛ لكن اضطررنا لحقنه بالمزيد من المسكِّنات حتى تستقر حالته تمامًا.
قال الشاب الأول للآخر:
- حسنًا، سنمرُّ عليه مساءً، ربما شعر بتحسُّنٍ ونأخذ رأيه في موضوع تغير الحراسات..
قال كلماته لمرافقه الذي أكَّد على ضرورة إتمام هذه الخطوة وبسرعة.
- افعل ما تجده في الصالح يا جمال، هذه مهمتك كمدير أعمال، لا نريد تكرارًا للأخطاء، لا تدع الأمر يتكرر فربما لن تكون هناك نجاةٌ في المرة المقبلة لا سمح الله..
- هل تابعت تحقيقات النيابة؟
- لا جديد؛ لكننا جميعًا نعلم مَن وراء هذا الحادث.
قال جملته وهو يغادر الغرفة برفقة مَن معه.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.