tafrabooks

شارك على مواقع التواصل

النفسُ الإِنسانيةُ مِنْ أَهَمِّ الأَسرارِ التي شَغَلَت بَالَ وفِكْرَ الإِنسَانِ بصِفَةٍ عامةٍ , والفَلاسفةِ والمفكرينَ وعُلماءِ النفسِ بصفةٍ خاصةٍ , وذلكَ مُنذُ نشأَةِ الخَليقةِ على سَطحِ الأَرضِ , ومُنذُ اللحظةِ التي قَتلَ فيها قَابيلُ أَخيهِ هابيلَ .
حاولَ الإنسانُ سَبْرَ غَورِ النَّفْسِ البَشريةِ , وفَهْمَ أَسرارِها و مَكنوناتِها , بل والتنبؤِ بسلوكِها , ومحاولةِ ضبطِ ذلك السلوكِ , بعد الفهمِ الصحيحِ للنفسِ البشريةِ .
وربما يرجعُ اهتمامُ الإِنسانِ بدراسةِ النفسِ البشريةِ أَنها هي و الجسدُ رفيقانِ متلازمانِ كشريكَي عِنان , ورضيعي لَبَان .
وتَختلفُ النَّفْسُ الإِنسانية عن الرُّوحِ , فالنَّفْسُ شيءٌ , والرَّوحُ شيءٌ آخرَ تَمَامَاً , فالروحُ نَفْخَةٌ مِنَ اللهِ لا تموتُ ( حتَّى إِذا سَويتُهُ ونَفَخْتُ فيه مِن رُوحي فَقَعوا لهُ ساجدينَ ) . والروحُ ليست مَحلَّ دِراستِنا ؛ لأَنَّهُ وكَمَا قَالَ اللهُ تَعَالى : ( يَسأَلونكَ عَن الرُّوحِ قُلِ الروحُ مِنْ أَمرِ ربي وما أُوتيتُم من العِلمِ إِلا قَليلاً ) .
تَنْصّبُّ دِراسةُ هذا الكتابِ علي الضميرِ أَو الأَنا , والتي يُسميها علماءُ النَّفْسِ ( النفس ) , هذه النفسُ نالت حَظَّها من العِنايةِ التي تليقُ بها من الدراسةِ والتدقيقِ وقُتِلَت بَحثاً ؛ لفَهمِ كُنهِها ومعنَاها و مجنَاها .
وهي لعظَمتِها و جَلالِها , لا نبالِغُ إِذا قُلنا أَنَّ اللهَ قد خَلَقَ هذا الكونَ بما فيه , وسَخَّرَ ما فيه من أَجْلِ هذه النفسِ , فهي مَكمَنُ سِرِّ الإِنسانِ و سِرُّ سعادتِه .
و هذا الكتابُ يغوصُ في أَعماقِ النفسِ الإِنسانية , ويقَدِّمُ تفسيراً دَقيقاً علمياً ونفسياً لأَهَمِّ سلوكياتِ الإِنسانِ في الحَياةِ , وَفْقاً لما أَثبتَه عُلماءُ النفسِ , وَوَفقَاً لما أَقرَّتهُ أَحدثُ النظرياتِ في مجالِ علمِ النفسِ .
الفهمُ العميقُ والتفسيرُ الصحيحُ لسلوكياتِ الإِنسانِ في مجالِ الصَّداقةِ والحبِّ والزواجِ والفَرحِ والحُزنِ وسُلوكِ المرأَةِ وسُلوكِ الطُّلابِ وانفعالاتِهم , والذَّكاءِ والنُّضجِ الفِكرِيِّ والثِّقةِ بالنَّفْسِ , وحتى سلوكياتِ النَّومِ وتفسيراتِها .
و لا أُبالغُ إِذا قلتُ أَنَّ قراءَةَ هذا الكتابِ تمنحُ القارئَ - من ناحية - زاداً ثَرِيَّاً من التعمقِ في مجالِ علم النفسِ , يُمكنُّه من رؤيةِ وتَصَفُّحِ الشخصِ الذي أَمامَهُ , وكأَنَّه كتابٌ مفتوحٌ , ومن ناحية أُخرى تُعطيه تفسيراً عِلمياً ناضجاً سليماً , يُمَكِّنُه أَولاً من رَوعةِ وحُسنِ التعاملِ مع سلوكياتِ البشرِ وتصرفاتِهم , ويتمكنُ ثانياً مِن فَهْمِ وتفسيرِ أَسرارِ الحَياةِ عَلي أُصولِها الصحيحةِ والسليمةِ النفسيةِ و العلميةِ والاجتماعيةِ ؛ فيعصِمُهُ ذلك من الانزلاقِ في كثيرٍ من المشاكلِ .
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.