المنظر الأول
(حانٌ ريفي على جانب الطريق بالقرب من أبواب أحد القصور. ينفتح الباب على حين فجأة، ويرى كريستوفر سلاي السمكري الأفاقي وقد أُخرِج من الحان مدفوعًا من الوراء، وتتبعه صاحبة الحان مغضبة حانقة. وسلاي من السُّكْر بحيث لا يفعل شيئًا إزاء ذلك سوى الاحتجاج على ما لقيه بضجيج ولغب.)
سلاي : واللهِ لأكسرنَّ رأسكِ.
صاحبة الحان : إنَّكَ حقير وغد.
سلاي : أنتِ الحقيرة، ليست أسرة سلاي أوغادًا … راجعي سجلات التاريخ فقد جئنا هذه البلاد في صحبة رتشارد الفاتح. إذن أقصري وَدَعِي الدنيا تسير. امشي.
صاحبة الحان : ألا تريد أن تدفع ثمن الكئوس التي كسرتها؟
سلاي : لا … ولا فِلسًا … على رأي المثل: انجي بنفسك يا جيرونومي واذهبي إلى فراشك البارد تستدفئي.
صاحبة الحان : أنا أعرف الدواء اللازم، سأذهب في طلب الشرطي الثالث (تخرج).
سلاي : اذهبي وهاتي الثالث أو الرابع أو الخامس. سأجيبه بنص القانون، ولن أتزحزح خطوة عن موقفي. دعيه يأتي إذا تكرمتِ.
(يرقد على الأرض ويغلبه النوم فينام نومًا ثقيلًا. وبعد هنيهات يمر اللورد صاحب القصر وهو عائد من الصيد برجاله وكلابه.)
اللورد : يا صاحب الصيد، عليكَ برعاية الكلاب على الوجه الأتم، روِّح عن مريمانة المسكينة، فإنها تلهث من التعب وتُزْبِد. واقرن كلدور مع ذات الفم الغائر. أرأيتَ أيها الغلام كيف تدارك سلفر خطأه في زاوية السياج عندما غُمَّ عليه؟ لا، لا أفارقه على عشرين جنيهًا.
الصياد الأول : وبلمان يا سيدي اللورد، إنه لا يقل عنه كفاية، لقد نبح لأول وهلة غابت فيها الطريدة عن ناظريه، واليوم أمكنه أن يتشمَّم الصيد من أهون ريح. ثِق يا مولاي أنه خير من سلفر.
اللورد : أنتَ أبله. لو كان أيكو مثله في العَدْو لكان يعدل عشرًا من بلمان. عَشِّ الكلاب عشاءً وافيًا وارْعها تمام الرعاية. سأخرج إلى الصيد في الغد مرَّةً أخرى.
الصياد الأول : سمعًا يا مولاي.
اللورد (عندما يرى سلاي راقدًا) : ما هذا؟! … ميت أم سكران؟ انظر أهو يتنفس؟
الصياد الثاني : يتنفَّس يا مولاي. لو لم يكن مستدفئًا بما احتسى من الخمر ما استطاع أن ينام ملءَ جَفْنَيه في هذا الفراش البارد.
اللورد : يا له من بهيمٍ بشع! انظر كيف هو مستلقٍ كالخنزير! أيها الموت العابس، ما أشنع صورتَك وأبغضَها للعين! (يخطر في باله خاطر على حين فجأة) أريد أن أعبث يا سادة بهذا الرجل المخمور، ما رأيكم لو نقلناه إلى فراشٍ وثيرٍ مُغطًّى بالخَزِّ والحرير، ووضعنا في أصابعه خواتيم وأعددنا بجوار سريره مائدة عليها أطيب الألوان، وجعلنا في خدمته حين يستيقظ فئة من الخدم في أبهى حُلل، ألا ينسى هذا الصُّعْلوك حينئذٍ حقيقة حاله؟
الصياد الأول : لَعَمْرُك يا مولاي، ما إنَّ له غير ذلك.
الصياد الثاني : سيلوح الأمرُ لناظرَيْه عجبًا ساعة يفيق.
اللورد : سيجده حُلْمًا خادعًا أو وهمًا فارغًا. احملوه إذن وأحسنوا اللعب، انقلوه برفقٍ إلى أجمل غرفة في قصري وعلِّقوا على جدرانها جميع ما لديَّ من الصور المغرية، وعطِّروا رأسه القذر بماء ساخن عَطِر، واحرقوا في الغرفة أطيب الأعواد ليطيب مقامه، وأعدِّوا له حين يفيق فرقة موسيقية تُسمِعه ألطف الألحان وأسحرها. وإذا اتفق أن تكلم فسارعوا إليه وقولوا له في تَجِلَّةٍ وخضوعٍ: بماذا يأمر مولانا؟ وليقم بين يديه واحد منكم يحمل طَسْتًا من الفضة مليء بماء الورد وقد نُثِرَت عليه الأزهار، وليحمل آخر الإبريق وآخر منشفة، وقولوا له: هل يريد مولانا أن تبترد راحتاه؟ وليكن واحد منكم قد أعد له ملبسًا ثمينًا فيسائله: أيُّ حُلَّة يريد مولاي لُبسها؟ ويكلمه آخر عن كلاب صيده وعن جياده، وأن السيدة زوجه لا يفارقها الأسى لمرضه. أقْنِعوه أنه كان به مَسٌّ من الجنون، فإذا أصر على تقرير حقيقة حاله فقولوا له إن ذلك وهم؛ إذ الواقع أنه سيِّد من عظماء السادة. هكذا تفعلون أيها السادة، وعليكم أن تراعوا شاكلة الأمر متقنين، فإذا عرفتم أن تدبروا الأمر وتُحسنوه، فسيكون لنا منه لهوٌ يفوق كل وصفٍ.
الصياد الأول : مولاي، أضمن لك قيامنا بأدوارنا حتى لا نَدَع له سبيلًا إلا أن يعتقد، لما يراه من حُسن أدائنا، أنه ليس إلا لوردًا عظيمًا.
اللورد : خذوه برفقٍ إلى الفراش، وليمضِ كلٌّ منكم في عمله ساعة يُفِيق.
(يحملون سلاي وهو على تلك الحالة من فقدان الحس إلى القصر، ويُسمع عند ذلك صوت بوق.)
اذهب أنتَ يا غلام وتبيَّن صاحب البوق (يخرج الخادم المخاطَب).
قد يكون صاحبه من كرام السادة المسافرين، فهو يريد أن ينزل في ضيافتنا.
(يعود الخادم.)
ما وراءك؟ مَن صاحب البوق؟
الخادم : ليس إلا نفرًا من الممثلين يَعْرِضون على مولاي خدمتهم.
اللورد : فليدخلوا. (يدخل الممثلون) مرحبًا بكم يا جماعة.
الممثلون : نشكر مولاي.
اللورد : أفي عزمكم أن تقضوا الليلة معي؟
الممثل الأول : إذا تَفضَّل مولاي فتقبل خدمتنا.
اللورد : بعظيم الارتياح (إلى الممثل الثاني) إني أتذكر هذا الفتى منذ كان يمثل دور الولد الأكبر لفلاح في رواية، فقد كنت تمثل دور عاشق الحسناء أحسن تمثيل. لقد نسيت اسمك، ولكن في الحق كان الدور يلائمك تمامًا، وقد أديته بدون تكلف.
الممثل الثاني : أظن مولاي يقصد دور سوتو.
اللورد : بعينه. وقد أجدتَ تمثيله. نعم، لقد جئتم إليَّ في وقت الحاجة إليكم؛ لأني أعددتُ صنفًا من اللهو ينفعني فيه فنكم كثيرًا، في ضيافتي لورد سيحضر تمثيلكم الليلة ولكني غير واثق من قدرتكم على حبس عواطفكم، ذلك أني أخشى، إذ هو لم يشهد تمثيل رواية من قبل، أن يدفعكم شذوذ مسلكه إلى الضحك فيتأذى، بل إني لأخشى أيها السادة أنكم إذا ابتسمتم لشيءٍ منه ضاق صدره وذهب صبره.
الممثل الأول : لا عليكَ يا مولاي، إن في استطاعتنا ضبط عواطفنا ولو كان الرجل أعجب ضحكة في الدنيا.
اللورد (إلى أحد الخدم) : هلم يا فتى، اذهب بهم إلى غرفة الطعام وأكْرِم كلًّا منهم إكرام الأحبة، لا تحبس عنهم شيئًا يكون في بيتي.
(يخرج الممثلون داخلين القصر وراء الخادم.)
(إلى خادمٍ آخر): واذهب أنتَ إلى بارتولميو Bartholomew غلامي، ومُرْهُ يلبس كل ما تلبسه المرأة من فرعها إلى قدمها، ثم سِر به إلى غرفة صاحبنا السكران، وخاطبه بقولك يا سيِّدتي. في طاعةٍ وأدبٍ. وبلِّغه عني إذا أراد أن ينال رضاي، فعليه أن يسلك معه مسلك السيدات على نحو ما رأى من كرائم العَقِيلات في حضرة أزواجهن. وقل له أيضًا أن يكون على حد الأدب في معاملة ذلك السكران، أوصِه أن يكلمه برقة وبصوت منخفض وتواضع وأدب، ويقول له: خبرني يا مولاي، أي شيء تأمر به مما تستطيع امرأتك وزوجك الخاضعة أن تظهر بأدائه لك عظيم تعلقها بك وفرط محبتها لك؟ وقل له يتناوله بالعناق الرقيق والقبلات المغرية، ويميل برأسه على صدره ويذرف الدموع كأنما غلبتها عاطفة الفرح إذ ترى زوجها النبيل وقد رُدَّت إليه العافية بعد سبع سنين لم تكن تراه إلا كالسائل البغيض المحروم في أطماره الكريهة. وإذا لم يكن للغلام موهبة المرأة في إرسال الدموع حينما يريد، فإن بصلة يضعها في منديل ويقرِّبه من عينه كفيلة أن تدفعها إلى سكب الدموع. هلمَّ، قم بتنفيذ ذلك بأسرع ما تستطيع وسأعطيك بعد ذلك أوامر أخرى.
(ينسحب الغلام.)
إني واثق أن الغلام قادر على تمثيل رشاقة المرأة الراقية وتصنُّع صوتها وخَطْرَتها وحركتها. ما أَشَدَّ شوقي لسماعه وهو يقول للسكران: يا زوجي! ورؤية رجالي وهم حابسون أنفسهم عن الضحك ساعة يؤدون مراسم التَّجِلَّة لهذا الريفي السَّاذَج! سأذهب لإرشادهم ربما كان في وجودي بينهم ما يخفف من غُلَوائِهم فلا يغرقون في الضحك. إني إذا لم أفعل تجاوزوا الحد وخرجوا عن الطوق.
المنظر الثاني
من المقدمة
(بعد أن يصحو سلاي من سكرته يجد نفسه في سريرٍ فخمٍ يحيط به خدم وحشم، بعضهم يحملون أطايب من الطعام ليغروه بالإفطار وبعضهم يعاونونه على ارتداء الملابس. ويُرى اللورد بينهم متنكرًا.)
سلاي (وهو يتمطى في نعاسه) : بالله عليك، كوزًا من الجِعَة الخفيفة.
الخادم الأول : ألا يشتهي مولاي اللورد أن يشرب كأسًا من النبيذ الأبيض؟
الخادم الثاني : ألا يشتهي مولاي الشريف أن يتذوق شيئًا من هذه المجفَّفَات؟
الخادم الثالث : أيُّ ثياب يحب مولاي النبيل لبسها اليوم؟
سلاي (وهو على حاله من النعاس) : أنا كريستوفر سلاي، لا تدْعوني لوردًا ولا شريفًا، إني ما ذقتُ في حياتي النبيذ الأبيض، وإذا أردتم أن تعطوني شيئًا من المجفَّفات فهلمَّ إليَّ باللحم القَدِيد المجفف. وإياكم أن تسألوني أي ثوبٍ أرتديه؛ فليس عندي من الأقمصة إلا بقدر ما لي من ظهور، ولا جوارب إلا بعدد ما لي من سيقان، ولا أحذية إلا بعدد أقدامي، بل ربما زاد عدد أقدامي أحيانًا على ما لي من أحذية، وقد تكون أحذيتي من الصنف الذي تطل أصابع الرجلين من مقدَّمه.
اللورد : اللهم اصرف هذا الهذر عن مولاي الشريف! رباه! كيف تأتَّى لرجلٍ مثل هذا عظيم القدر شريف النَّسَب، واسع الضِّيَاع، عالي المقام أن تغلب عليه هذه الأوهام؟!
سلاي (جالسًا في دَهَش) : ماذا؟! … أتريدون أن تذهبوا بعقلي؟ ألستُ كريستوفر سلاي ابن العم سلاي، من ناحية برتون هيث Burton Heath، نشأتي بياع في الطرقات وصنعتي التي تعلمتها عمل الورق المقوَّى، والشغلة التي تدهورتُ إليها مُلاعب للدِّببة، والحرفة التي أزاولها الآن سمكري؟ اسألوا مريان هاكت، المرأة السمينة صاحبة حانة وينكوت Wincot، فهي تعرفني حق المعرفة، وإذا لم تقل لكم إنِّي مدين لها بأربعة عشر بنسًا عدًّا ونقدًا ثمن الجِعَة وحدها، فعُدُّوني أكذب وغد في عالم المسيحية. ويحي! أنا لستُ مخبول العقل، وهذه جلية أمري.
الخادم الثالث : هذا الكلام هو الذي جعل زوجكم الشريفة دائمة الحزن والأسى.
الخادم الثاني : هذا هو الذي يجعل خدمك مُطرِقي الرءوس من الغم.
اللورد (متدخلًا بسرعة قبل أن ينطق سلاي بشيء) : من أجل هذا امتنع أهلك عن غَشَيَان دارك، شرَّدهم عنك ذلك الخبال الذي أنت فيه. أيها اللورد النبيل، اذكر أصلك الكريم، وأعد حُسن تفكيرك من منفاه، وانفِ هذه الأوهام المزرية عن ذهنك. انظر كيف قام خدمك من حولك في خدمتك كلٌّ منهم في عمله طوع إشارتك. إن شئتَ أن تسمع الموسيقى فاسمع، ها هو ذا أبلُّو يعزف لك وها هي ذي عشرون بلبلًا تصدح لك في أقفاصها، أو شئتَ أن ترقد فإنَّا نحملك إلى سرير أَوْثَر وأطيب من سرير المتعة الذي أُعِدَّ خصيصًا ﻟ سميراميس Semiramis، قل إنَّك تريد أن تمشي ونحن ننثر الورود في الطريق، قل إنك تريد أن تركب تُحضَر إليكَ جيادك مُحلَّاة العُدَّة بالذهب واللؤلؤ. إن كنتَ تحب القنص بالبَاشِق فإن لديك من الشَّواهين ما يستطيع أن يحلق فوق قُبَّر الصباح في طيرانها، أو كنتَ تحب الصيد بالكلاب هزَّت صفحة السماء بنباحها ورجَّعت الأودية أصداءها.
الخادم الأول : قل إنَّك تريد صيد الطِّراد تجد كلابك السَّلُوقيَّة في سرعة الوَعْل الطويل النفس، نعم، بل أسرع من الظبية.
الخادم الثاني : أتحب الصور؟ … سنُحضِر لكَ على الفور أدونيس Adonis مصوَّرًا بجوار غدير جارٍ، وسيتريا Cytherea، وقد استترت في شملةٍ من عُشب السَّعْد يُخيَّل إليكَ أنها تتنفس وتتحرك مَرَحًا، وكأنَّ ما عليها من العشب يهتز ميلًا مع النسيم.
اللورد : سنريك أيو Io حينما كانت عذراء وكيف استُهْوِيت على حين غِرَّة منها، مصوَّرة بإبداعٍ حتى لكأنَّك ترى الأمر يقع.
الخادم الثالث : أو صورة الفتاة دافني Daphne وهي هائمة في غابة شائكة تجرح سيقانها حتى ليكاد يقسم الناظر أنها تَدْمَى، وعاشقها أبلُّو يبكي حزنًا لهذا المنظر، يالله! ما أبدع تصوير قطرات الدم والدمع في تلك الصورة!
اللورد : أنت يا سيدي لورد، ولا شيء إلا لورد، ولكَ امرأة أجمل من كل امرأةٍ في عصر الاضمحلال الذي نحن فيه.
الخادم الأول : وكانت إلى اليوم الذي أرسلت فيه سيل دموعها منحدرًا على مُحَيَّاها الجميل كفيضان تتبارى قطراته حزنًا عليك؛ أجمل امرأة في الدنيا، بيد أنها حتى اليوم لا تفوقها في الحُسن حسناء.
سلاي (وكاد يملكه الاقتناع بتأثير هذا السيل الجارف من الكلام) : أأنا لورد؟! … وهل لي امرأة كما يصفون، أم أنني أرى في المنام رؤيا، أم أنني كنتُ حتى الآن في الرؤيا؟! ولكني غير نائم، إني أبصر وأسمع وأتكلم، وأتنسَّم أريجًا طيبًا، وأستشعر أشياء لينة الملمس. لعمري لأنا لورد حقًّا، لا سمكري ولا كريستوفر سلاي. أجل، هلمَّ هاتوا زوجنا لنراها، وآمركم مرةً أخرى أن تحضروا كوزًا من أخف أنواع الجعة.
الخادم الثاني : أتحبون عظمتكم أن تغسلوا يديكم؟ (يُؤتَى بإبريقٍ وطَسْت ومِنْشَفة وتُقدَّم إليه باحترام) … ما أسعدنا برؤيتك وقد رُدَّ إليكَ عقلك وعدتَ تعرف مَن أنت، لقد كنتَ في هذه السنوات الخمس عشرة في أحلام، فلمَّا أفقتَ عدتَ كأنما كنتَ نائمًا.
سلاي (بشَكٍّ) : هذه السنوات الخمس عشرة! ما أطيبها نومة وربي! ولكن خبِّروني ألم أتكلم طوال هذه المدة؟
الخادم الأول : أجل يا مولاي، ولكنك لم تكن تتكلم إلا كلامًا فارغًا، فقد كنتَ تقول وأنتَ راقد في هذه الغرفة الفخمة إنهم طردوك، وتلعن صاحبة الحان، وتقول إنكَ سترفع أمرها إلى المحكمة؛ لأنها تستعمل جِرارًا من الحجر بدلًا من قنانيَّ مختومة، وكنتَ أحيانًا تنادي سيسلي هاكت.
سلاي : أجل، خادمة صاحبة الحان.
الخادم الثالث : عجبًا يا سيدي! لستَ تعرف مثل تلك الدار، ولا تلك الخادم، ولا ناسًا ممَّن كنتَ تعدد أسماءهم، مثل ستيفن سلاي Stephen Sly والعم جون نابس John Naps الإغريقي وبيتر تورف Peter Turph وهنري پمپرنيل Henry Pimpernell وعشرين اسمًا من نوع هذه الأسماء لم تقع العين على أصحابها، ولا كان لهم وجود في الدنيا.
سلاي : إذن فلنشكر الله على الصحة.
الجميع : آمين.
سلاي : وأشكركم جميعًا، لن يعدوكم جزاء ذلك.
(يدخل الغلام متنكرًا كأنه سيدة القصر تصحبها وصيفتها، فتنحني تحيةً لسلاي.)
السيدة : كيف حال مولاي النبيل؟
سلاي : أحسن حال وربي! فإني لأجدني في غبطة وسعادة، أين زوجي؟
السيدة : ها أنا ذي يا مولاي النبيل، مُرني بما تشاء.
سلاي : أنتِ زوجي ثم تقولين يا مولاي؟! للرجال أن يخاطبوني بهذا اللقب، أما أنا فزوجك.
السيدة : زوجي ومولاي، مولاي وزوجي، إني زوجك الطائعة.
سلاي : أعرف ذلك حق المعرفة. (إلى اللورد): كيف أدعوها؟
اللورد : مدام.
سلاي : أليس مدام أم جوان مدام؟
اللورد : «مدام» ليس غير. كذلك يدعو اللوردةُ زوجاتهم.
سلاي : يا مدام زوجي، إنهم يقولون إني كنتُ أرى رؤيا، وإنني نمتُ حوالى خمسة عشر عامًا أو أكثر!
السيدة : أجل، وكأنها عندي ثلاثون سنة.
(يدخل رسول.)
رسول : فرقة ممثلي القصر يا مولاي سمعوا بشفائك فأتوا يلعبون أمامك أُمْثُولة هَزْل، فقد قال أطباؤك إن هذا التمثيل نافع لك. قالوا إن ما لقيتَ من الغم قد أفسد دمك، والغم يورِث الخَبَال؛ ولذلك رأوا أن تشهد رواية تُنْزِل في فؤادك البهجة والمرح، وتُشَرِّد عنك سحائب الآلام، وتُطيل في عمرك.
سلاي : إذن اسمح لهم أن يلعبوا. أليست المهزلة نوعًا من قراقوز العيد، أو ملعوبًا يُوقع فيه إنسان؟
السيدة : لا يا مولاي، إنها متاع آخر ألطف وأحلى.
سلاي : كيف؟! متاع من متاع المنازل؟
السيدة : هي نوع من التاريخ.
سلاي : لا بأس، فلنرها. تعالي يا مدام زوجي، اجلسي إلى جانبي، ودَعِي الدنيا تسير بنا، ولنغتنم الفرصة فإن ما مضى من أعمارنا لن يعود.
(يُنفَخ في الأبواق ويَبتدئ اللعب.)