tafrabooks

Share to Social Media

بين الحياة و الموت

تتلألأ ألوان السماء بين عيني كأنها المرة الأولى التي أراها فيها ، تظهر ألوانها الزاهية ،تذهب بعقلي إلى ظنون من خيالات ، سؤال يجوب في صدري كلما نظرت إلى الرحاب الفسيح الذى أقف عليه ،هل غادرتُ رشاقة الدنيا وجمالها ، أم تتلاعب بي كما تشاء ، بينما أقف بين عالمين الموت والحياة ، تمتزج في مخيلتي أشعة الدنيا مع ظلام النهاية ، تعتصر قبضة الحياة الخيالات القديمة في رأسي ،تجعلني أدخل إلى عالم السؤال ، الذى يغرس كل واحد فيه إلى عمق نفسى .
لكى أجب عليه ، يخرج كلا منه لكى يجعلني أحيى ،أهمس لنفسي :
ـــ أين أكون ؟
أنظر في كل الاتجاهات ، لا أعرف مكاني بالضبط ، أبحث في عيون الصحراء التي تحيط بي من كل اتجاه ، غبار الرمال يملأ عيني ، أحاول التغلب على شقوق الدنيا وما بداخلها من حيوانات مفترسة ، أستمر في الحركة ، لأواجه هذه الدنيا الصعبة ، أحاول أن أجد أنوار الطريق إلى المستعمرة التي أسكن بها ، يحيط بي هذا الاحساس الشديد بالتعب . وجدت بوادر الطريق أمامي ، الطريق الذى صنع خصيصا لكى يقاوم التأثيرات التي تحدث في التغيرات المناخية داخلها ، اللون الأخضر للإسفلت يظهر بوضوح ، يمتص أشعة الشمس الحارقة ، يستطيع امتصاص الغازات ومنها ثاني أكسيد الكربون وتحويلها إلى أكسجين ، في وسط الطريق يوجد مكان محدد يستطيع أي إنسان أن يمشى به بدون الخوذة الهوائية التي تنقى الهواء من الغازات الضارة ، الخط الأخضر الذى يخلط باللون الأحمر في منتصفه يستطيع الإنسان التحرك عليه بدون أن يتأثر بالتغيرات المناخية التي على الكوكب ، عندما تنتظر في منتصف الطريق وتحدد وجهتك يشير السهم إلى هذه الوجهة المحددة ، إحساسي بأنى غير قادر على تحديد مكاني .. يجعلني عاجزا عن التعرف على المجتمع الذى أنتمى إليه .
الأشياء من حولي تتلاشى ثم تظهر مجددا ، كأن عقلي مثل جهاز الحاسب الذى به عطل في ذاكرته ، لا أستطيع بعقلي المحدود أن أجد ما أبحث عنه ، أحاول الوصول إلى المنزل ولكن لا استطيع ، أجهد نفسى في التفكير أكثر ولكن بلا جدوى ، ذاكرتي تأتى ثم تتلاشى ، تخْفتُ ثم تظهر كأنها لمبة إضاءة فاسدة ، الذكريات كأنها مجموعة من الخطوط المتمايلة بغير انتظام على ورقة بيضاء تخفي الكثير من المعلومات التي تظهر كبؤرة سوداء بين الخطوط .
بعد لحظات قليلة تذكرت كل شيئا ، كنت في مركبتي فوق أحد الرافعات أحاول الوصول إلى محولات الطاقة العملاقة التي أعلى برج المستعمرة التي تنيرها بالكامل ، أنا أعمل مهندسا للإضاءة على سطح الكوكب ،أقوم بتحويل الإضاءة التي تأتى من تفاعل الجزيئات إلى كريات بيضاء كبيرة تشع ضوء مثل ضوء الشمس ، يحاول أن يكون له نفس ضوء الشمس الذى يحيط بالكرة الأرضية نحولها إلى فوتونات ضوئية لها نفس التردد والطول الموجي الذى تحمله نفس فوتونات ضوء الشمس ، يوجد ثلاث محولات طاقة كبرى في المدينة ، التي تستخدم الطاقة الناتجة من المحولات الثلاثة ، تدخر بعضها لكى نستخدمه في تشغيل الأدوات التي نستخدمها للعيش على المستوطنة وكذلك المركبات التي تتحرك عليها هي مركبات صغيرة وذات سرعة كبيرة نسبيا ،أشكالها مختلفة فهي لا تتحرك على عجلات ،تتحرك باستخدام محولات الجذب التي توجد في كل مكان في المستوطنة ، حيث تحدد للمركبة المكان باستخدام خط سير معين ثم تجذبها المحاولات إليها باستخدام طريقة الجذب المغناطيسي ، كما نستعمل بعضها باستخدام جهازا صغيرا جدا ، لتحويلها إلى طاقة حرارية لتستخدم في الطهي ،ولتسخين المشروبات أو حتى لتبريدها .
كل ما أتذكره أنى كنت أقف بمركبتي التي تشبه الفأر الصغير ، خرجت لكى أقيس مدى الأشعة لتقدير قدرة المحول ، لكن بعد لحظة زادت درجة حرارة الغلاف الخارجي للمركبة ، ثم زادت سخونتها باستمرار حتى انفجرت أجزائها الداخلية ، ونتيجة لوجود أجهزة أمان في المركبة قذف بي خارجها ، باستخدام بذلة صغيرة ممتلئة بالهواء لحمايتي من الاحتكاك ، بعد لحظات انفجر المحول نتيجة الحرارة الخارجة منه ، تولدت تيارات هوائية اطاحت بي خارج المدينة ـ رغم الحرارة الشديدة لكن البذلة التي ألبسها كانت تحتوى على الكثير من الحبيبات من الهليوم التي لا تشتعل ، قذفت فوق جبال الرمال كنت سأحترق لولا أنى محاطا بالبذلة .



الهمُ مثل المرض الذى يصيب النفس بالآلام يدخلها خطوة تلو خطوة حتى يتوغل بداخلها ، ينتشر في كل أجزائها ، يؤدى بها للضمور ، يفتك بها بقوة ، تتناثر إلى أجزاء لا أعرف أين تختفي كل واحدة منها .
أبحث بعيني في كل اتجاه لكى أجد علامة على الطريق ، ركضت في اتجاه الحبات الضوئية التي تشير إلى المستعمرة ،لو وضعت قدمك عليها تستطيع تحديد المكان عندما يظهر مجموعة من الطرق تختار الذى تريده ، يحدد المكان بالضبط كما يحدد المسافة إليه بالتحديد ، نشرنها على الكوكب لكى نميز الطرق الجديدة التي أعددنها عليه ، لنمهد الكوكب للحياة ، لنستطيع الوصول إلى المستوطنات داخله ، تحركتُ حتى وصلت إلى الطريق ، ذهبت إلى منتصفه حتى أحددُ طريقي ،تأكدت أنه صحيح لوجود مجموعة من الأشجار التي أعرفها جيدا من قبل ، زُرعت خارج المستوطنة على طول الطريق وعلى بعد ثلاثة كيلومترات منها ، بعد تعب وصلتُ إلى أسوار المستعمرة العليا ، جاهدت حتى أصل إلى أبواب المدينة ، سألت نفسى :
ــ لماذا هذه الأسوار هل لمنع المتسللين إليها من المدن الأخرى ، أم لكى تمنع هواء المدينة النقي من الانتقال عبر الكوكب ، أم لتمنع رذاذَ الحرية من العبور إليها .
أحسست أن أجزاء جسدي تتطاير كل واحدة منها في اتجاه لا أعرف إلى أين تذهب ، عقلي يبحث دائما عن سبب وجود الأسوار ، وسر انتشار نباتات تشبه شجرة الصنوبر العالية ذات الأغصان الكثيفة التي ليست لها فائدة إلا امتصاص الأشعة التي تنتجها من المحولات العملاقة ،أو لتعرف على ضرر الأشعة التي ننتجها ،لإنتاج الاكسجين اللازم للحياة على الكوكب ، لا أعرف لها نفعا ، نستطيع أن نزرع بدلا منها أشجار فاكهة أخرى ، ربما نباتات مختلفة ، لكن دستور المدينة ينص على زراعتها هي نفسها ،يمنع زراعت أية نبات أخرى ، صيغة قوانين تنص على منع استئصالها ، ووجوب زراعتها أمام كل منزل حتى أن كل مبنى أمامه على الأقل ثلاث أشجار ،المبنى الذى يزرع أقل من ذلك يعاقب ويأخذه قائد المستوطنة ليكون أحد مبانيها الإدارية ، بعض الناس يتندرون على هذه الشجرة وعلى أزهارها الحرشفية التي لا فائدة منها إلا أنها تأوي أحد الطيور الجوارح الذى يسمى النمرس الذى يشبه الغراب بلونه الاسود القائم بمنقاره الطويل .
تحاملت على نفسى حتى وصلت إلى باب المستوطنة الرئيسية ، وجدت رئيس أمن البواب الرئيسي ، أنه صديقي طارق الذى أتى معي على نفس الرحلة من الأرض ، جئنا إلى هنا لكى نشم رائحة الحياة ، نظر إلى بحزن ودهشة ، قال :
ـــ ماذا حدث يا دكتور مدحت ؟
هززت رأسي ، لكى يفهم أنى لا أعرف ماذا حدث ؟ لذلك استطرد :
ــ أنت الذى صنعت هذا الانفجار يا دكتور ؟
هززت رأسي إيماء بالموافق على كلماته، استمر في كلامه:
ـــ الحمد لله على سلامتك ؟ لا أعرف أنك كنت هناك .
تذكرت الانفجار ، تظهر وجوه منها الدكتور نادر وأيضا الدكتور نعيم اللذان كانا يعملان معي والدكتور ممدوح الذى كان ينظر من بعيد ، ثم تختفي ،عقلي مشوش ، لم أستطع التحمل ، وقعت على الأرض ،صاح بصوت عال :
ـــ استيقظ يا دكتور ..استيقظ يا دكتور .
انتابتني حالة من فقد الوعى ، غيبوبة تامة ، استيقظت بعد لحظات سمعت صوت سيارة إسعاف ترن في أذني، ظهر أمامي رجلان يلبسان الملابس البيضاء وواقي الرأس الأخضر، نزلا من السيارة: نظر إلى، قال أحدهما:
ـــ نجا ! نجا !
تعجبت من الأمر ، سألت نفسى : لماذا يقولا هذا ،هل الحادث مدبرا ؟ أخيرا ،جلب أحدهما الحمالة وضعاني عليها ثم حملاني إلى السيارة ، تقبلت الأمر.
تهت في غيبوبة دائما، وأنا في طريقي إلى المستشفى تذكرت ما حدث. كأن حياتي شريط فيديو يمر على ذاكرتي لقطة تلو اللقطة التي تليها، بدء شريط الذاكرة باللقطة الأخيرة التي انتهت عليها. المهندس نادر والمهندس نعيم يقفان بجواري ، والدكتور ممدوح ينظر إلى من بعيد ، وأنا أحاول أن أزيد من سرعة تفاعل المحول لكى ينتج طاقة أكبر ،أشار إلى كليهما بعدم التدخل في معادلة الأشعة لأنه سوف يتولد من التفاعل طاقة كبيرة ،قد تؤدى إلى انشطار زارة اليورانيوم المكونة للمفاعل ، قلت :
ـــ لكى لا تنشطر الذرة يجب ألا تزيد درجة الحرارة عن 15 ألف درجة.
قال نادر في هدوء :
ــ أنت تعرف لو زادت عن ذلك سوف تؤدى إلى فناء الكوكب الذى نعيش عليه مثل الأرض التي كنا فيها .
أشار إلىّ صديقي الدكتور ممدوح من بعيد مشجعا:
ــــ جرّب ما تريده نريد أن يكون الضوء الذى نأخذها منها مثل الشمس .
ثم ابتسم ابتسامة كبيرة تعنى الاستهزاء بما أفكر فيه ، زدت من إصراري على إتمام محاولتي ، كنت أريد أن يمد هذا المحول الكوكب كله بالضوء الخالي من الشوائب ، لا ينقطع أبدا ، مثل ضوء الشمس الموجود في الأرض ، كنا صنعنا غلافا غازيتا مشابها لذلك الغلاف المحيط بالأرض ، لم يأت في مخيلتي أبدا أن يقوم غلاف الكوكب بامتصاص الاشعة وعكسها إلى مكان المحول مما يؤدى إلى زيادة درجة حرارة الجزء المحيط به ، مما يؤدى إلى انفجارها مركبة الطائرة ، صنعت بذلة خاصة ،تتحمل درجة الحرارة العالية تقوم الحرارة بزيادة الضغط على البذلة ،ويقل الضغط تدريجيا إلى إن يتلاشى لذلك قذفت خارج المستوطنة .


الحياة تسير كشريط سينما يمر بذكرياتي وأنا أجلس داخل سيارة الإسعاف .
تذكرت كيف جئنا إلى الكوكب البعيدة من الأرض ،تركنا الأرض من أجل البحث عن الحياة الجديدة ،لا يوجد فيها القائد منذر الذى يأمر بقطع التيار الكهربي عن منطقة بعينها لأن أحد الأفراد يخالفه الرأي ، يطلب من كل مسئول أو أعلامي أن يقول الشائعات عن بعض الأفراد ، لم يعد يستطيع أحد أن يتكلم ، لم تعد الأخلاق هي الفاصل بين الناس بل كان الأقل في الأخلاق يزداد في أعينهم ، كنت مثل الجميع حتى خرجت من المكان الذى أعيش فيه ،عندما ذهبت في أحد المسابقات ثم تهت في أحد البلاد أحسست أنى مستقلا ، وجدت من يؤكد الاتجاه الآخر ، يؤثر في الناس لكى يؤكد ثقته . عندما علمت أن كل واحد منهم يريد أن يؤكد ما يراه هو صحيح ، لا يهمه الناس.
اجتمعت مع أصدقائي فكرنا كثيرا ولكننا لا نعرف ماذا نفعل أنا وأصدقائي ممدوح و نادر وطارق ،اقترحت عليهم الهروب إلى الكوكب الجديد الذى أعمل فيه ،والعيش داخل المستعمرة التي أنشئت هناك ،قرروا الهرب من هذا المجتمع ، في أقرب رحلة للفضاء إلى المستعمرات الجديدة التي كان يذهب إليها الفقراء المستضعفين ، ومن يريد الفرار من ظلم عليه ، تركنا المكان سريعا ، اكتشفنا بعد تركنا الأرض ،أنها في أيامها الأخيرة ، تحتضر .. بسبب أفعال الإنسان عليها ،تقدمت في السن كثيرا وستنفجر ، فكر الكل في الهروب منها ،ولكن كيف يستطيعون النجاة من الطامة الكبرى ،لا يعرفون أين يذهبون ، فكروا جميعا في الذهاب إلى المستعمرات في الكواكب الأخرى ،بعض الدول صنعت مستعمرات حيث بلغت حوالى 109 مستعمرة ، قبل الانفجار علم بعض الناس أن هذا الكوكب هو أفضل كوكباَ يمكن العيش عليه ، لآن بيئته تماثل البيئة على الأرض ،لا يحتاج الإنسان إلى التحول لكى يعيش عليه ، علم بعض الأثرياء عنه ، أشترى الكثير منهم قصورا على الكوكب ، صنع لهم شاهر مدينة كاملة باسم مدينة الأثرياء ، باعها لهم بأعلى الأسعار ، أستقل الأغنياء مراكبهم الفضائية الخاصة للوصول إليه بعد أن أشترى كل واحد منهم مركبة خاصة ،لم يأخذوا المركبة الخاصة بالمستعمرة التي يستقلها الفقراء .
بينما نحن جلبنا الكثير من العلماء لكى يساعدونا في تمهيد المستعمرة للحياة ، أيقن الجميع أن الحياة انتهت على الأرض بدؤوا بالهجرة ،تاه الكثير منهم وسط الفضاء الواسع ، بدئوا بعد أن أصبح الكل يبحث عن مكان له ليسكن فيه ، هلك بعضهم في الطريق ، وصل بعضهم إلى كواكب أخرى ، استطاعوا تكوين مستعمرات عليها ، أو استخدموا المستعمرات التي أعدها المستعمرين الأوائل من أبناء الطبقات الفقيرة .
انتظرتُ إلى أن علمت أنها النهاية ، بعد أن تركت الأرض بيوم واحد في أخر مركبة فضائية للسكن في الفضاء ، علمت أن الأرض انفجرت بما فيها ، أصبحت هباء منثورا ، لولا هذه المستعمرة التي أعددت من قبل للسكن ، لم يقبل عليها الكثيرون، لأنها بعيدا عن الأرض ،تحتاج حوالى سنتين ضوئيتين لكى تصل إليها ، جاء من يعلم الطريق بالضبط .
مرت في مخيلتي كيف أتت المركبة الفضائية بنا إلى هنا ،كنا السكان الأوائل الذين أتوا إليه ،كان معنا علماء من كل التخصصات ، نزلنا عليها كانت تحتاج إلى جهد كبير لكى يتم تمهيدها وأعددها للسكن ، اتت بعدنا في إلى المستعمرة الكثير من المركبات الفضائية الهاربة من الأرض التي تريد السكن ، ومركبات أتت من المستعمرات الأخرى .
حاول الإنسان أن يبنى حوالى 109 مستعمرة ، بعضها نجح في أن يسكنها لمدة صغيرة وبعضها لم يستطع أن يعيش عليها ، لأسباب مختلفة . بعض السكان المهاجرين كانوا أغنى منا ،لكن الكوكب يحتاج إلى جهد ، اشتركنا جميعا في العمل لم نفرق بين الغنى والفقير ، نعمل بالليل والنهار لم ندخر جهدا في إنشاء المستعمرة التي يتساوى الجميع فيها، أتم العلماء بناء الغلاف الذى يحيط الكواكب يمده بالغازات ، لا يحتاج الكوكب إلى نسبة كبيرة كانت نسبة الاكسجين وثاني أكسيد الكربون مناسبة لسكن الإنسان ، ولكن أرادوا إعداد بيئة مناسبة تماما لحياة الإنسان .. لحمايته من شرور الطبيعة الموحشة لذلك أعدوا غلاف مغناطيسية كبيرة يحيط بالكوكب ، كل مستعمرة لها غلافها الخاصة بها ، ثم أقمنا مجموعة المحولات العملاقة لكى نستطيع إضاءة المكان كله استخدمنا الطاقة الضوئية المنبعثة من النجوم القريبة ، لأن الأقمار الموجود حول الكوكب لا تنتج الإضاءة الكافية له .
بعد أتمم صناعة المستعمرة ، أتى الصينيون الذين يبحثون عن مكان في الفضاء إلى الكوكب ، بعد أن اكتشفوا ترددت بعض مركبنا ،لم نعترض ،أنشئوا لأنفسهم مستعمرة خاصة ،بعد وقت قليل بدأت مجموعة تتعدى على السكان ،حدثت مجموعة من حالات السرقة المنظمة ، بحثنا في هذه الامر جيدا ،اكتشفنا أن بعض السكان الأوائل من البسطاء ،قاموا بتكوين تشكيل عصابة سموا أنفسهم الغصن الشارد ،تمكنوا من السيطرة على محطات المياه الموجود في المستعمرة وباقي المستعمرات على الكواكب ، استطاعوا تسخير الناس في زراعة المحاصيل التي تمتص بخار الماء الموجود في الجو تخرجها على هيئة نتح ، فرضوا الكثير من كربونات الطاقة على الناس في مدينة الأثرياء ، هاجموا المدينة الصينية أدوا إلى تعرض مستعمرتنا لهجوم شديد من الصينيين وقذائف من كل نوع .اندلعت معركة بيننا بينهم ، انتصرنا فيها ،لكن قررنا أنا و أصدقائي ممدوح وطارق ونادر والدكتور نير على تكوين فريقا لمقاومة هذه العصابة .
استطعنا تجنيد مجموعة من الشباب لكى نقاوم هذه المجموعة حتى النساء والأطفال قاموا بمساعدتنا ، حاولنا تحويل المجتمع إلى مجتمع يساعد بعضهم نبث روح التعاون بين أفراده ، لذلك استخدمنا بعض الشباب الجيدين في القتال في تدريب باقي أفراد المستعمرة على فنون القتال ، حتى استطاعوا أن يتقنوها .
يُغيرُ أفراد الغصن الشارد على الناس بسرعة في الليل ،ولا تعرف متى يُغيرون ، ولكن في أحد المرات قام أحد أفراد المجموعة بالإغارة على منزل في وضح النهار ، تصد له أحد أفردنا ، انتصر عليه وأسره ، بالضغط عليه بقوة ، استطعنا أن نعرف مكان الجماعة وعلى بعض أفرادها .
كانت جماعة هشة أفرادها غير متعاونين معا ،يرأسهم بعض العلماء الفاشلين وكبيرهم أحد أفرد الأمن السابقين اسمه حاتم ، قمنا بمهاجمتهم في عقر دارهم ، نشبت معركة شرسة بيننا ، انتصرنا فيها ، استعرضنا فيها كل فنون القتال ، تعاونا معا حتى استطعنا الانتصار عليهم .
انضم إلينا كل الشباب الموجودين في المستوطنة ، في هذا الوقت طلب الدكتور شاهر المسئول الاول عن المستعمرة عند بدء أنشائها ــ يعرف كل من عليها ــ أن ينضم إلينا برجاله ، وافقنا بسرعة على طلبه ،كان الدكتور نير أشهر عالم بيننا ،لأنه استطاع أن ينتج المياه بكميات كبيرة من خلال الأمطار الصناعية ، وصنع لها مجارى مائية خاصة داخل الكوكب بذلك استطاع أن يبنى أنهارا وبحيرات للمياه العذبة و حولها إلى مستنقعات الكبيرة لكى يختزنها ، أطلق فيها بعض الاسماك ، بعضها نجح في التوالد ، و الآخر مات لم يستطع العيش في هذه البيئة ، تقدم الدكتور شاهر إلى الدكتور نير ، يرجو أن يشاركنا في هذا العمل ، كلماته الجميلة كأنها وردة تخرج من شجرة كثيرة الأشواك ، بالطبع ظن الجميع أن الدكتور شاهر ينوى السلام للجميع ، بعد أن عم السلام ، كان علينا اختيار رئيسا لنا .
اجتمعنا فيما بيننا طلبنا بانتخابات حرة يتقدم إليها من يجد نفسه مقدرة على إدارة المستعمرة ، أردنا أن يكون المتقدم يتمتع بأخلاق يستفيد منه الناس جميعا ، تقدم بالترشيح الدكتور نير والدكتور شاهر ، كان نير أحد العلماء الأوائل الذين أتوا معنا كان شاهر المرشح الافضل حظا في الانتخابات الأولى وهو المنشأ الأول لها ، ولكن نير يتمتع بشهرة كبيرة ، وأخلاق يحسده الجميع عليها ، طلب شاهر من الجميع انتخابه لكن أخلاق الدكتور نير تغلبت على الجميع ، بعد أن تولى ظهرت هذه الجماعات المتمردة على حكمه رفضت كل ما يقوم به

بعض الآفات تدخل الجسد تغوص به، تمسكه لكى تسيطر على كل أفعاله، عندما تتعامل معه لا تعرف هل هذا عمل الجسد، أم أن الآفات هي من تقوم به .
قرر الدكتور نير مهاجمة هذه الجماعة، كلما حدد مكانهم لم يجدهم تبخروا مثل الرياح علمت تلك الجماعات بموعد الهجوم فغادروا المكان، أيقن الجميع أن هناك من يمدهم بموعد الهجوم، وبعد عدة مرات هاجمته الكثير من الأفواه بكلماتها الجارحة، كان يقال عليه:
ـــ أنه شخصية ضعيفة .
لأنه لم يستطع أن يقضى على تلك الجماعات المتمردة التي تزداد كل يوم . اجتمع مع الناس لكنه لم يتمكن أن يحدد موعدا للهجوم عليهم مرة أخرى ، حاول أن يقضوا عليهم لم يتمكنوا من ذلك ، إلى أن جاء المنقذ الدكتور شاهر ،أوهم الجميع أنه يستطيع القضاء عليهم ، طالب من الدكتور نير أن يعد كمينا الكترونيا لكى يقضوا عليهم ، قرروا أن يذهبوا في وقت غلق المحولات الضوئية ، تغلق ساعتين يوميا حتى لا يتمكنوا من مغادرة المستعمرة أو حتى طلب المساعد من أحد خارجها ، لا أعرف كيف تمكن من معرفة المكان الذى يختبئون فيه ، لكنه عرفه وحدده ، طلب مراقبته جيدا حتى نكتشف ذلك، بالطبع كنا نحرص على ذلك جيدا ، تأكدنا من مكانهم ، لم نتواجه معهم ، أخبرنا الجميع أنهم العصابة التي نريدها .
اتفقنا جميعا على وقت المواجهة الحاسمة التي نستطيع فيه القضاء عليهم ، و نحن نستعد للهجوم ، اقترح الدكتور شاهر قتل جميع من في المخيم الذى يختبئون فيه ،حتى لا يتمكنوا من العصيان مرة أخرى ، لكنى لم أوافق على هذا ،قابلت الدكتور نير بصفته رئيس المستعمرة أخبرته بما يريده شاهر ، تقابلنا معه أخبره أننا نريد الأقوياء منهم لكى يحرسوا المستوطنة حتى لا يتجرأ أحد على الخروج علينا من الأهالي أو من المستعمرات الأخرى ، أصر على الرفض كانت حجته في ذلك أنهم خانوا مرة لو تركناهم لن نتمكن من السيطرة عليهم ، لو أعطى لهم أحد أكثر مما نعطيه نحن لسوف يتركنا، أو قد يستعملهم أحدهم ليتجسسوا علينا وهم معنا ، كان قوله صائبا في كثير من الأحيان ، استمال شاهر الدكتور نير إلى رأيه حتى غيَّر الخطة التي وضعنها ، وقرروا الهجوم عليهم عندما تكون الأضواء شديدة ، ليتمكنوا من القضاء على كل الموجدين في المكان ولا يتركوا منهم أحدا ، حتى نأخذهم على غرة ، حتى نعلم منْ يمد لهم يدى العون من أهل المستعمرات الأخرى .
رسمت الخطة جيدا حددنا موعدا للهجوم عليهم ، بعد مراقبة المكان جيدا لمدة يومين متتاليين ، نراقب المكان لنعلم من يخرج منه ومن يدخل إليه ، عرف الكثير عنهم حتى أننا عرفنا كيف يدخل الطعام إليهم و الشراب ، في اليوم المحدد قسمنا أنفسنا مجموعات كل مجموعة تخصصت في مهمة ، مجموعة خاص بالمراقبة ويترأسها الدكتور نير هي خاصة باستشعار أي خطر وتبلغيه بسرعة حتى تتعامل معه المجموعة القريبة ،مجموعة خاصة بالاقتحام أترأسها أنا وممدوح و طارق وجلمود معنا ،ومجموعة خاصة بغلق المكان جيدا من الخارج حتى لا يتمكن أحد من الدخول أو الخروج منه يترأسها شاهر ، مجموعة في الخارج تلاحظ هل سوف يأتهم أحد من الخارج ، فيهجموا عليه كان يرأسهم الدكتور نادر صديقي ومساعدي في العمل في الطاقة ، وأن لم نستطع أن ننتصر عليهم في الداخل ، نطلب من المجموعات الأخرى أن يأتوا جميعا ليهجموا عليهم معا ، في الوقت المحددة الساعة الثانية بتوقيت الكوكب في المغيب الثاني ،تم الهجوم على المتمردين ،اقتربنا منهم أكثر وأكثر بهدوء حتى وجدونا بينهم ، فوجئوا بنا ،ألقينا بعض زجاجات من مادة افقدتهم الوعى ، لم يتمكنوا من المقاومة ، استطعنا أن نقتل منهم ما نريده ،أصبحوا جثث هامدة على الأرض ،يفتقدوا القدرة للدفاع عن أنفسهم ، قيدنا الباقي منهم جيدا ، أفاق بعضا ،حاولوا الهروب سريعا إلى خارج المكان ، لم أتصور أن يكون شاهر وجلمود نائبه بهذه الوحشية ،قتل كل من خرج أمامهم ، لم يرحم أحدا ، حتى المتمردين الذين أسرتهم ،أمر رجاله بالقضاء عليهم ، بعدما تركتهم مع جلمود رجله الأول . عرفت ذلك متأخرا بعدما فتشت المكان جيدا ، أنه لم يأسر أحدا ، ومن تبقى قليلون جدا ، فكرت في الأمر كثيرا ، حتى أنى قلت في نفسى :
ـــ لا ليس هؤلاء كل من كانوا في المكان !
فكرت أن بعضا منهم هرب من المكان قبل أن نأتي ، همست في نفسى : ــ لا لم يهربوا .
دومنا على مراقبة المكان جيدا لمدة كبيرة، لا يستطيع أحد منهم الخروج والدخول بدون أن نراه. تأكدنا أن أحد يخبرهم بموعد الهجوم. لكنى تراجعت عن تفكيري مرة أخرى ، لا أحد يعرف بموعد الهجوم إلا أنا وشاهر والدكتور نير من سوف يسرب الخبر إليهم ؟
انتظرنا بعض الوقت حتى علمنا بوجود بعضا منهم ، قمنا بتحديد مكانهم مرة أخرى ، هاجمناهم ،قتلنا كل الموجودين ، وجدت ما ميزهم جميعا هو وجود وشم على شكل غصن شجرة الزيتون مطبوع على كتفهم الأيمن ، أتذكر ذلك عندما أسرت بعضهم في الهجوم على مقرهم ،دخل الدكتور شاهر للمكان بسرعة ،طلب من جنوده البحث عن الفارين والقضاء عليهم دون رحمة ، وعندما انتهينا وجدت جثثا كثيرة منهم ،تعجبت من كثرتهم ، لم يتبقى إلا كبيرهم حاتم، سألته :
ـــ لماذا توجد هذه الجثث ؟هل حاول أحدهم الخروج ؟
ـــ الذى حاول الخروج من المكان قُتل، هذه جثث كل من خرج.
طمأنني بكلماته تلك ، كنت في حيرة من أمرى ،لكن كثرة الجثث جعلتني أهمس :
ــ لا أعلم بأية طريقة تركوا المكان الأول و الثاني دون أن نراهم كيف شاهدهم وعرفهم؟
سألته موضحا :
ــ كيف خرج كل هؤلاء ؟
ـــ لا يستطيع الناس أن يروهم لأنهم خروج على هيئة أطياف، شككت في بدء الأمر، ظننت أنهم ليسوا بشرا، سألته:
ـــــ كيف عرفتهم ؟ ولم تراهم لأنهم خروج على هيئة أطياف ؟
ـــ عرفت أنهم استخدام نوع من الأشعة الخاصة التي تخرج منهم لكى لا يروا .
ـــ هل سلك كل هؤلاء نفس الطريق ؟
ـــ لم يسلكوا نفس الطرق بل سلكوا طرقا مختلفة، اكتشفوا بعد ذلك، عرفت مكانهم، أمرت رجال أن يحيطوا المكان جيدا.
ـــ كيف عرفتهم ؟
ـــ عرفتهم باستخدام نظرتي التي تفرق الأطياف بعضها البعض الأخرى ، لذلك قمت بالقضاء عليهم ،تبقى القليل منهم .
ظننت أنه يهذى ولكنه أقسم على ذلك ،التساؤلات داخلي تزداد ،كيف عرف هذا ؟ لماذا جلب النظارة معه ، الشكوك ملئت رأس ، نظرت إلى الدكتور نير الذى كان معي ،سألته :
ـــ كيف عرفت أنهم تحولوا إلى أطياف ؟
نظرة إلى بنظرات ، يؤكد أنه لم يعرف شيئا ، هل تعرف بهذه النظرات ؟ ولكنه تمتم :
ــ أعرف من قبل ؟ لذلك جلبت النظارات الخاصة، اتيت بها معي من الأرض ، تقوم بمعرفة الأشعة وتحديدها ، ولا يمكن لأحد أن يخرج من المكان دون أن نحدده ، خرج بعض منهم ،حددننا مكانهم ، هاجمهم الدكتور شاهر برجاله .
طلبت منه أن يقول لي كيف عرف أنهم هربوا ، أكد لي أن شاهر من رآهم ، وجهته بظنوني ،أخبرته أن هؤلاء لم يهربوا أنما كانوا داخل المبنى ، أكد لي أن معه نظارة أكثر تتطورا ،ترصد الأشياء المتحركة من حرارة جسدها ، وأنهم هربوا قبل دخولنا بثواني صغيرة أو أثناء اقتحامنا المبنى ، سألته :
ـــ كيف عرفوا بموعد هجومنا عليهم .
ـــ رأونا عند الهجوم ،هربوا سريعا دون مقاومة منهم .
أعرف خبيرا بالأطياف ، أتيت به من الأرض اسمه الدكتور خميس ، طلبت منه أن نذهب إليه ،انطلقت إليه ،أكد أنه لا يمكن أن يتحولوا في هذه الوقت الضيق إلى أطياف لا بد من وقت لعمل النظارة ، ولكنه أخبرني أن أحد اختراعاته الجديدة في التحول السريع إلى أطياف سرق منذ فترة ، لذلك ربما يكونوا سرقوه ،وتحولوا فعلا إلى أطياف بسرعة .
الشك في قلبي تجاه الدكتور شاهرة يزداد يوما بعد يوما ، لأنه في اليوم التالي، أكد أن بعضهم هربوا من المكان ، أو ربما لم يكونوا موجودين في المكان السابق ، أخبر الجميع أنه علم بالمكان الذى يختبئون فيه ،وإنه سوف يهاجمه ،أمرت رجالى بمراقبة المكان الذى حدده جيدا حتى لا يخرجوا خارجه ،ونحدد يوما لاقتحامه ،لكنه في ظهر اليوم التأني اقتحم المكان برجاله ، قتل من فيه، عندما وصلت ،رأيت قائدهم يتوسل إليه ،يطلب منه العفو ، لم يعره انتباها ،قتله ، لمته من أجل قتل كل الأفراد ، أكد أنهم هاجموه ، لاحقهم برحاله ، قتلوا كل من قابلهم ،أضطر رجاله للدفاع عن أنفسهم ، هرب بعضهم إلى مكانهم القديم .
ذاع صيت شاهر في الكوكب وفي المستعمرات الثالثة ، أصيب الناس بالخوف منه ، عاش حياة عادية ، عندما انتهت فترة الدكتور نير ،تقدم بأوراق خوضه الانتخابات ،رشح للانتخابات أيضا الدكتور ممدوح صديقي ، بالطبع كان الدكتور ممدوح أكثر شهرة لأنه يعمل في مجال الطاقة ، بسبب تواضعه وحبه للناس جعله ينجح فيها ، كان خطأه الوحيد أنه أتخذ شاهر نائبا له ،بعد فترة قليلة من الفوز قامت المؤامرات ضده ، وانتشرت الاضطرابات بين الناس ، أحيت جماعة الغصن الشارد من مرقدها .
أستغل شاهر والوضع وجهز جنودا خاصة ،تأتمر بأمره ،استطاع أن يسترد الأمن في المستعمرة ،أمر الحاكم ممدوح أن يقدم موعد الانتخابات ، رشح نفسه في هذه المرة فاز بها ، لأن الناس تريد حاكما قويا قادرا على حمايتها ، بدأ الحقبة الأولى من عصر شاهر فوق الكوكب .
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.