Za7makotab

Share to Social Media

أفي قلبك..
ساكن يحتله؟
الآن.. حالًا..
أخبره.. أنك تحبه..
وستبقى إلى جانبه..
كلماتك هذه.. مطر..
أنت لا تدري..
أي ربيع سيزهر في أعماقه..
وأي ابتسامة ستشرق من عينيه.
أخبره.. كل صباح..
أنه شمسك.. ودفئك.
صباح الخير لكم جميعًا.
وأنتَ..
يا قطعة الحلوى خاصتي..
صباحك سكر.
*****

فور استلامي وثيقة النجاح..
ذهبتُ إلى عمتي.. أزف لها البشرى..
لا أحد كهذه المرأة العظيمة الحنون كان سندي وعوني..
لا بدّ أن فرحتها بحلمي الذي تحقق ستكون جمة.
ركضت إليها قائلًا:
- "عمتي.. عمتي..
سأدرس في الكلية التي أردتها..
سأتخصص في المجال الذي أحب".
عانقتني بحرارةٍ وحب..
سألتني والفرح يقفز من عينيها:
- "مبارك بنيّ..
ستصبح طبيب أسنان؟".
- كلّا عمتي.. سأدرس البرمجة.
قلت لنفسي أنّها لم تعرف ماذا أقصد بالبرمجة..
فبادرتها:
- "لا بد أنه.. مصطلح جديد..
لم يصل إلى مسامعك من قبل.
سأشرح لك..
هل تعلمين كيف تتم صناعة السيارات والـ ...".
قاطعتني قائلة:
- "نعم بنيّ..
أعرف تمامًا ماذا تقصد بالبرمجة..
بل إنني أكثر من يفهمها".
تملكتني الدهشة:
- "وكيف لكِ ذلك؟
ما أعرفه أنكِ لم تتعلمي في المدرسة..
ولا يمكنكِ القراءة.. أو الكتابة".
- "أعرفها جيّدًا..
لقد تمت برمجتي.. منذ زمنٍ بعيد".
دهشت لقولها:
- "كيف؟
البرمجة تكون فقط للآلات..
لا يمكن برمجة البشر..
لم أفهم.. إلام ترمين؟".
- انتظر لحظة.
أغلقتْ باب غرفة يلعب فيها اثنان من أحفادها.
ثم جلستْ بقربي.
- لا أريد أن يسمع حديثي أحد.
علت وجهها علامات الحزن والانكسار..
- ما بكِ عمتي؟ ما الخطب؟ ما الذي قلته وسبب كل هذا الأسى
الذي يكسو قسمات وجهك؟
- "لم تخطئ القول..
لكنك ذكرتني بما مضى..
أتظن أنني سعيدة حقًّا؟
في الواقع لست كذلك..
إنما أعيش أيامي..
كما لو أنها عبءٌ أريد التخلص منه سريعًا".
- أليست لديك أمنية تريدين تحقيقها؟
- "بلى.. لديّ أمنيات كثيرة..
أريد أن أطهو الطعام الذي يفضله زوجي..
أتمنى أن يكون لي أحفاد كثر..
أحب أن أستضيف إخوتي في منزلي..
وأبذل لهم خدماتي.
وغاية ما أتمنى..
أن أنال من الجميع كل الرضا..
ألا ينتقدني أحد".
- "ليس هذا ما قصدت..
أليست لديك أمنيات تخصك؟".
- مثل ماذا؟
- السفر في رحلةٍ إلى مكان تحبينه.. مثلًا..
- لا أظن أنه يحق لي هذا النوع من التمني.
- ولمَ؟

- "حدث مرة أن فاجأني زوجي بضيوف دعاهم إلى المنزل دون
إعلامي مسبقًا..
كانوا عشرة أشخاص..
وطلب مني أن أعد لهم طعام الغداء خلال ساعة واحدة فقط..
كنت مصابة بالحمى حينذاك..
فتذمرت..
لم أكن أقوى على النهوض من السرير.
فانفجر غاضبًا وقال لي: "نفذي ما طلبته منك على وجه
السرعة"..
ورفع يده مهددًا بضربي، وقد فعلها من قبل مرات عديدة..
صمتُّ خوفًا منه، وتفاديًا لحدوث مشكلة كبيرة..
ارتديت قناع الرضا والسرور..
وأديت واجب الضيافة على أكمل وجه.
فكيف لي أن أطلب الخروج في رحلة للتنزه؟".
- "لم أشعر من قبل مطلقًا أنك غير سعيدة..
لم يخطر على بالي ذلك".
- "(غير سعيدة) ليس الوصف المناسب..
أشعر في أعماقي بحزنٍ كبير..
تعيسة.. غاية التعاسة.
تمت برمجتي، كآلة لإسعاد الجميع..
مجرد آلة.. لإرضاء من حولي..
آلة.. ليست لها رغبات أو أمنيات..
والشيفرة معقدة جدًّا يا بني..
لا يمكن كسرها.. أو تعديلها..
ضاربة جذورها إلى الماضي البعيد..
في أعماق الطفولة..
هكذا تربّى الفتاة في مجتمعاتنا الشرقية..
آلة للخدمة والتدليل..
تعمل بكد.. ثم تتلف سريعًا..
فيقال: انتهت صلاحيتها..
فلنستبدلها بأخرى جديدة".

*****

- ألا زلت مستيقظًا؟
انتفض من سريره خائفًا..
- "من تكون؟
وكيف دخلت إلى هنا؟".
- "أنا قدرك يا فتى..
نسيت النافذة مفتوحة..
فتسللت..
لأكتب لك هذه الليلة.. ما تتمنى..
هل تفكّر في شيء ما؟
أمنية، حلم، رزق، كنز أو حبيبة؟".
- لا أعتقد أن الكنوز تعرف طريقها نحوي..
- ولمَ لا تعتقد؟
- "لستُ من أولئك الأشخاص المحظوظين..
أمنياتي صغيرة جدًّا..
يكفيني قوت يومي.. لا أتطلع لما هو أكثر".
- "لأنك تظن أنه يستحيل تحقق الأمنيات الكبيرة؟
هذه مجرد فكرة خاطئة..
لا بد أنك لُقنت ذلك منذ الصغر..
كوجبة يومية اعتدت التغذي عليها..
في بيئة..
يحكمها أناس.. ذوو أفق ضيق".
- ألا ترى كيف توزع الحظوظ بجور..
البسطاء.. بالكاد..
يحصلون منها على الفتات".
- "في الحقيقة..
أنت لا تدرك أن بإمكانك..
أن تخط لنفسك القدر الذي تريد..
شهدت هذا مرات عديدة..
أتعلم يا فتى..
في زمان غابر..
كان هناك نبي.. اسمه سليمان..
سليمان هذا.. كان ابن ملك ونبيًّا أيضًا.
كانت أحلامه عظيمة..
تسابق النجوم..
وتلامس السماء".
- ماذا تمنى سليمان؟
- "دعا سليمان ربه:

فأصبح سليمان الملك..
وكان له ما تمنى..
لكن..
ماذا عن يوسف الصديق..
وقد كان نبيًّا أيضًا..
كادت له النساء..
وأردن به سوءًا..
إما المنكر، أو الأذية..
فنسي أن يطلب النجاة..
أو العافية.

وغاب في غياهب السجن سنينًا طويلة..
تلاها.. بضع سنين.
أما لو أنه أراد العافية.. لنالها.
لذا..
حين تتمنى..
والأمنية في يد الله..
اسأل كريمًا..
واطلب منه عظيمًا..


أنت يا فتى..
صنع خلجات فؤادك.
ستصل لا بدّ..
إلى حيث تريد.
ستكون يومًا..
ما تتمنى.

*****

عاهدني يا أخي..
إلى الأبد.. أن تحبني..
قبل أن أتقدم.. يومًا ما..
بشكوى.. إلى محكمة الزمان..
ويُطلب هذا المهد للشهادة..
يومٌ ما.. ليس بقريب..
لكنه سيأتي..
ربّما.. في ذلك اليوم..
لن نكون أطفالًا..
أنت حينها.. رجلٌ ناضج..
وعريس جديد.
أزورك في بيتك..
وألاحظ أنك تجاهي.. قد تغيرت..
وأسألك..
أما عدت يا أخي.. كما في الماضي.. تحبني؟
سرير صغير.. يجمعنا الآن..
أخ وأخت..
بينهما رابط الدم.. والحب.. والحنين.
سأكبر أنا.. لأكون فتاة..
قوية.. أو ضعيفة.. لا فرق..
إذ أنني سأحتاجك دومًا..
لأستظل بك من لظى هذا العالم المخيف.
ستكون الرجل الأقرب إلى قلبي..
رجلٌ يحبني..
بلا مصالح أو غايات دنيئة.
هل ستكبر يا أخي..
لتكون رجلًا..
أم ظلًّا للمرأة التي تحب؟
ستبقى على العهد؟
أم ستخون؟
ستنتفض لتدافع عني..
حين تنعتني زوجتك..
بالأفعى والحرباءة؟
هل ستخبرها..
أن من شاركتك أيام الطفولة والصبا..
اللعب والطعام.. والمرح..
ولحظات العمر الجميلة..
بكل ما فيها من الحزن والفرح..
لا ينبغي أن يمسها بالأذى.. كائن من كان..

أم أنك يا أخي..
ستميل إليها.. كما يريد الهوى؟
أخبرني الآن..
ماذا ستكون حقًّا؟
عاهدني..
أنني سأبقى محبوبتك الأغلى..
أو دعني..
سأطلب من الساعة أن تتوقف هنا..
لا أريد أن نسافر إلى المستقبل..
لا أرغب أن يمزق الغرباء نياط قلوبنا..
فلتنسانا الأيام..
لن نكبر..
سنبقى للأبد.. أطفالًا.
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.