عبد الله؛ شاب من سوريا، له العديد من الطموحات كباقي الشباب، لكن ما يُميزه أنه عنده إرادة للنجاح.
كان شابًا صغيرًا لا يتجاوز الثلاثة والعشرون من عمره، حين تعرض لصدمة شديدة، وقعت عليه كالصاعقة؛ حيث فقد والديه في الحروب التي دخلت على (سوريا) ودمرتها.
ظل في الشارع لا يعرف أين المخرج! أخذ أشياءه وظل يمشي في شوارع سوريا الملطخة بدماء الشهداء، فلما أحس بالتعب جلس على الجبل، ووضع أشياءه حتى غط في نوم عميق.
وأثناء نومه رأى في المنام أمه وهي تدله على مكان يوجد فيه الذهب التي ورثته عن أمها؛ ليأخذه ويبيعه ويحقق به حلمه، ويسافر إلى البلد التي يريدها.
*****
استيقظ عبد الله من نومه وأخذ أشياءه؛ ليبحث عن المكان الذي رآه في المنام، فهو لم يعتبره بمثابة حلم فقط، بل اعتبره إشارة؛ لأنه يعلم أن والدته كانت تمتلك ذهبًا بالفعل، لكنه لم يعلم مكانه بالضبط.
وبينما كان يسير، وجد رجلًا قد دهسته سيارة، فسقط على الأرض مغْشيًا عليه.
فترك ما بيده ووقف يساند الرجل الذى دُهِسَ بالسيارة حتى رآه الناس هكذا،فظنوا أنه هو الذي قتله وأخذوه وشهدوا عليه بالظلم، أنه هو القاتل، وقف أمام قسم الشرطة ينتظر دوره، حتى تم أخذ الإذن بالجلوس.
وبدأ الضابط يتحدث معه عن الحادث قائلًا: اعترف لي بالحقيقة كلها، وإلا سألقيك في الحبس.
عبد الله: سأحكي لك يا سيدي كل ما حدث أملًا في أن تصدقني.
أومأ الضابط برأسه بالموافقة، وكأنه شعر بالصدق في أعين عبد الله.
فقص عليه عبد الله كل ما حدث معه، صادقًا في كل كلمة يقولها، وأثناء الحديث انتبه الضابط وعبد الله لدخول رجل.. فتعجبوا من مظهره الذي كان يبدو عليه كأنه رجل من المخابرات.
سأله الضابط على أقواله ربما يفيد ببعض المعلومات، كان يشهد على عبد الله أنه هو الذي قتل الرجل، ودليله أنه رأى عبد الله ممسكًا بالجثة ولا يعرف ماذا فيه؛ فهذا دليل على أنه هو الذي قتله.
نظر الضابط إلى عبد الله وهو في حيرة من أمره قائلًا: سوف تنتظر معنا هنا ثلاثة أيام على ذمة التحقيق.
جلس الضابط مع كبار المحامين والضباط؛ ليروا مخرجًا لهذه القضية، فأبدى كل واحد رأيه أملًا في أن يصلوا إلى مخرج.. فتكلم أحد الضباط قائلًا: أنا أرى أن كلام الرجل الشاهد غير منطقي، وأنه لو أن عبد الله بالفعل هو الذي قتله.. كان من المؤكد أن يختفي بعد الحادثة، كما يفعل المجرم؛ لكنه ظل مع الرجل يحمل جثته على يديه. أريد أن أنوه إلى شيء آخر، أن هذا الرجل الذي قُتل مات في حادث سيارة، عبد الله لا يملك سيارة، وأيضًا هذا لا يعني أنه أخذ سيارة غيره ليقتله.
تكلم الضابط الذي سمع من عبد الله الحادثة فقال: كلامك صحيح يا سيدي، والذي يؤكد أنه بريء هو أنه شاب بسيط، لم يكن يمتلك ثروة ولا مال ولا غيره، وعندما روى لي قصته لم يبدُ لي أنه القاتل، بل هو بريء من هذا الجُرم
تكلم محامى منهم: يبدو أن هذه القضية معقدة، وأشار المحامى إلى الضابط دورك أنت أن تأتي لي بالرجل الذي شهد على عبدالله بالقتل، وفى الغد سوف نكمل هذه القضية أومأ الضابط نعم ياسيدى.
*****
جلس عبدالله وحده فى الزنزانة يفكر فى حاله، فهو لا يعلمُ ما تحمله له الأيام، ولا يعلم ماذا يفعل عندما يخرج من هذا المكان، قامَ يصلي ركعتين يدعو ربه أن يخلصه من ظلمة الأيام التي يمر بها .
فى اليوم التالي ذهبَ عددٌ من الضباطِ ومعهم المحامي إلي منزلِ القتيل؛ ليحققوا معهم في هذه القضية، كانوا كما هو حال أىُ أسرةٍ فاقدة لابنها يلبسون الأسود والحزن فى أعينهم.
قام الضابطُ؛ ليتحدث مع والدةٍ القتيل ويقول: أنا أعلم أن فَفْد ولدك ليس بشيء سهل، ولكن يجب أن أُحقق معك؛ كي أعلم من هو القاتل .
قالت أم القتيل وعيناها دامعتان، هذا حقك ولك أن تسألنى كما تريد.
أُرِيدُكِ أن تحكي عن ابنك اسمه، وحياته، واصدقائه، وخروجاته، وهل كان له عداء مع أحد؟.
أريدكِ أن تعطيني معلومات عنه ربما تفيدنى.
قالت: ابني سليم يبلغ من العمر الأربعين، متزوج وله ولدٌ صغيرٌ محبوبٌ من كلِ الناس، كان شغلُه الشاغل هو عمله، وبيته، ليس له عداء مع أحد على حد علمي، أوقفها الضابط ماذا كان يشتغل سليم؟
الأم: كان بيشتغل فني تصنيع الأجهزة، والآلات، وتصديرها للدول الأوروبية.
الضابط : أريد التحدث مع زوجتهِ. جلست زوجتُه، وقامَ بقصِّ بعضِ الأسئلة عليها، وآخر سؤالٍ قال لها إلى أين كان ذاهبٌ يوم الحادث هل أخبرك قبل الخروج؟
الزوجة : نعم كان فى هذا اليوم لديه بضاعة جاءت له من بلد جانب المنطقة، وعند خروجه جاءته مكالمة، وسكتتْ وكأنها تتذكرُ شيئًا.
الضابط: وهل تتذكرين ماذا كان يقول فى هذه المكالمة؟ ومع مَنْ كان يتحدثُ؟ قالت: لا أعلم مع من كان يتحدث، ولكن سمعتُه يتحدثُ بانفعال شديد، ويقول: لا أسمحُ للسيد فريد أن يجعلَ هذه البضاعة لصالحه، وخرجَ وأغلقَ البابَ بانفعال.
الضابط : وهل تعلمين شيئًا عن السيد فريد الذى كان يتحدث عنه زوجك.
-لا سليم بطبعه كان لا يُعّرف أحد طبيعة عمله.
قام الضابطُ، وقال: سوف أرحل الآن، إذا عرفتم أى شيءٍعن القضية اخبروني على الفور.
-نعم سيدى.
*****