لقد وقعنا في الوحل، ولا قيام لنا إلا بشق الأنفس، نخوض دروبًا فانية في مستنقع الأسرى هالكة؛ فصار صوت الجلد مدويًا، وما ذنب المجتمع إذا كانت الأسرة فاسدة غير صالحة لأول حرف من حروف التربية؟! وكان نتاج هذا حروبًا الكل فيها خاسرًا!
في ظاهرة مجتمعية أراها تستحق الدفن كما تدفن القطط فضلاتها، ولكن ما يزيد الوحل وحلًا فوق الوحل بأننا البشر ننشر فضلاتنا على الملأ؛ حتى صارت رائحتها متعفنة حتى تحولت حالة الجو إلى فورمالين الموتى، ولكن صبرًا فرائحة الفضلات أشد وألعن لها القدرة على غلق الجيوب الأنفية والشُعب الهوائية!
من وحي الأسرة تنتج تجارب الأبناء، وتتشكل أفكارهم، وتبدأ النفس في بناء أول لَبِنَة من التهلكة!
إذا كانت الأسرة تزرع بذور النبيذ، فكيف لنا أن ننتظر جمع محصول القطن؟!
فأصبح الأبناء في حالة من السُكر، وليته سُكر كَسُكر الخمر يؤثر فقط على العقول، ولكنه سُكر يؤثر على العقول والنفوس والجوارح والقلوب...!
الفتاة التي عاشت في مستنقع ضحل من الإهمال الأسري، وكذلك الشاب الذي عاش في نفس المستنقع؛ هل سيأتي عليهم يومًا نحو الإصلاح؟!
كلا؛ بل سيقع العصفور على غصنه المكسور، ويبني عليه قصص الحب والغرام والهيام.
نجد الطرفين دون سن العشرين يتخذون مسارات إجبارية هروبًا من شبح الأسرة؛ لإيجاد ملاذ آمن يحتوي مواجعهم وفقدهم، ولكن هل الداء يعالج الداء، هل رأيت من قبل مريض يشفي مريض؟!
هذا الوصف ما هو إلا إيجاز لتلك الظاهرة، ولكن الإجابة هنا تسقط في نفس ذاك الوحل!
ليس على السكير حرج؛ فإن قتل فَـلهُ أسبابه هكذا دون العشرين يقتلون أنفسهم بسهام غجرية!
يقعون في حب الشهوات وتبدأ قصص الهوى الباطل، والعشق الحرام حتى يصل بهم الحال إلى عنوان المقال *"أسرى الهوى"*
نوعًا من أنواع التقديس لتلك الجملة الشهيرة *"الممنوع مرغوب"* لذلك الفقد يجب أن يُعوض!
وليت ما يُمنع مُحرم بل الأسرة من جعلت أبسط حقوقهم في طلب الاحتواء أمرًا صعبًا؛ فاتجهوا إلى صناعة دمارهم بأيديهم، ولا حرج عليهم طالما حالة السُكر صاحبة وساحبة!
ما أفسد وهلك؛ أن الميديا ووسائل التواصل الإجتماعي جعلت من هذه الظاهرة الغير معتادة إلى حالة من الاعتياد كمن يشرب الماء، ولكن في حالتنا الآن صار الخمر معتاد!
متى أطل بالأبيض؟!
أين قرة عيني؟!
هلا وغلا بمنزل حبيبي!
تساؤلات كثيرة من فضلات نُشرت على الملأ...
حقًا لكم الحق في كل هذا، ولكن يا دون العشرين لك الحق أولًا في احترام نفسك، واحترام مسؤوليات لها الأولوية أولًا، لا ألوم تلك التساؤلات ولا ألوم الفتاة أو الشاب، ولكني ألوم الأسرة في بداية الأمر!
إذا انهمرت الفتاة تجاه الشاب في هذا السن الحرِج مع عنفوان قاتم للهروب من معارك الأسرة بعد إن أحدثت جراحًا جعلت الفتاة والشاب على أهبة الاستعداد لخوض تلك العلاقات؛ إذا فمن الجاني؟!
الفتاة أم الشاب أم الأسرة؟!
الفتاة ترغب الهروب من أجل تسكين الألم، والشاب يرغب في تفريغ طاقته؛ وهنا تبدأ رائحة الفضلات في التفاقم أكثر وأكثر...!
كذلك النفسية السيئة تقود إلى السُكر، والفجوة العاطفية تجعل الطرفين في أمس الحاجة إلى احتواء خارجي ملوث كدم الحيض لا ينفع فيه صيام؛ كذلك تلك العلاقات لا ينفع فيها بقاء!
ما فوق العشرين أيضًا؛ يمرون بفجوة عاطفية من أصل علاقات شمطاء، وكذلك من أصل أسرة ألقت بهم إلى التهلكة لسوء جهلهم، وكذلك إهمال مُخزي في الحقوق والواجبات!
ضاعت عفتنا، وضاعت أخلاقنا واحتلت المفاسد بيوتنا، وصارت الأسرة هدامة لا بناءة!
الكل تحت سوط الجلد له نصيب من الجلد؛ الأسرة والأبناء والميديا والإعلام.. كل شيء يستحق الجلد!
متى تصفو المياه وتُفلتر من وحلها؟!
الأمر متروك للأسرة أولا؛ للأب أن يُدرك معنى الأبوة بأنه عمود الخيمة، وللأم أن تُدرك معنى الأمومة بأنها قوام البيت؛ وقبل كل هذا أن نعلم بأن الآباء والأمهات ليسوا ملائكة بل يخطئون وخطيئتهم قاتلة، لذلك بناء الأسرة والزواج ليسوا مجرد ورقة وقلم وشهود عيان؛ بل عقول لها القدرة على البناء!
***