(١) "عيناكِ"
عيناكِ ُدلَّ الفاتناتِ وإنَّها
طَلعتْ مِن الحُسنِ المهيبِ الهاديِ
عيناكِ نورُ بصيرتي وتأمُّلي
عن سِرِّ ذاكَ جمالِكِ المُتهادي
فعرفتُ أنَّ لكلِّ حُسنٍ سِرَّهُ
إذ إنَّ فيكِ السرَّ في الإمدادِ
فأمدَّكِ الحُسنُ المُتممُ رقةً
تاجَ الجمالِ وفتنةَ الأشهادِ
مبعوثُ حُسنكِ في البلادِ وآيةٌ
عجزتْ لها الملكاتُ عن إيجادِ
عيناكِ تاريخي ورمزُ حضارتي
رسلُ الدلالِ أتتْ بخيرِ مفادِ
أنتِ الفريدةُ في الطباعِ وفي الهوى
سحرُ الأنوثة غايةُ الإفرادِ
للقلبِ توقٌ ماله مِن عُزلةٍ
للشوقِ نبتٌ هل له بحصادِ
(٢) "لا زلت أشدو"
لا زلت أشدو بالقصيدةِ عازفًا
لحنَ البلاغةِ والنجومُ ببابي
يتراقصُ الطيرُ الذي خِلٌّ لها
ويصادفُ البرقَ المضيءَ شهابي
أخطو على ريحِ المحبةِ والمُنى
وأخطُّ بالحرفِ الحزينِ مُصابي
أبني جسورًا مِن غزيرِ محبتي
وأبثُّ ودًّا في مزيجِ عتابي
وأحثُّ عَن نبعِ المروءةِ فضلَها
وسماحةُ الدينِ الحنيفِ طِلابي
فيثورُ أشعاري على كَدْرِ الورى
ويزيّنُ الدنيا طليعُ شبابي
وسكينةُ النبعِ العُذيبِ وطيرهُ
وملاحةُ الوجهِ الجميلِ رضابي
(٣) "وفاء إيزيس"
عينٌ على التاريخِ طالَ بصيصُها
دهرُ الشدائدِ والربوعُ جماجمُ
نيلٌ ووادي والعروشُ رهينةٌ
والحربُ وعدٌ والسيوفُ صوارمُ
وعدُ الخيانةِ عند كلِّ مسالكٍ
حُكمُ البلادِ وقودُ نارٍ تُضرمُ
إيزيسُ تسعى خلفَ ريحِ وصالِها
تبغي سلامًا والسلامُ نسائمُ
عهدُ الوفاءِ أسيرُ نبضِ فؤادِها
رسلُ الوفاءِ مِن البلاءِ عواصمُ
أصبو إلى أرضِ الفضائل رايتي
صِدقُ الودادِ ونبضُ قلبي سالمُ
ماذا على وجهِ القصيدةِ بعدما
أعلتْ مقاما منهُ عُمركَ غانمُ
خيلي إلى نبعِ المحاسنِ مُرسَلةْ
تبغي ارتواءً والجِيادُ قوائمُ
حرفي على عهدٍ كريمٍ قد بدا
يُرسي دعائمَ في البلادِ ويرسمُ
وجهُ الفضيلةِ إذ تطوفُ على المدى
تُدني أمانًا والعبادُ قوادمُ
غنِّي سلامًا للوفاءِ إذا اجتلى
لحنُ الوفاءِ على القلوبِ حمائمُ
هذا الوفاقُ وذاك فيضُ محبتي
ولنا السجايا المكرماتُ مَعالمُ
فهنا بريقٌ للعلي مِن الرؤى
وهنا شموسٌ بالسماءِ حوالمُ
حفظُ العهودِ وحفظُ كلِّ خَصيصةٍ
بينَ الصحابِ وبينَ ما يتفهموا
(٤) "كنا صغارًا"
كُنَّا صغارًا والحياةُ رَحيبةٌ
نَلهو ونرسمُ نجمةً بتُرابِ
ونراقبُ الشمسَ التي لتُظِلُّنا
نُلقي لها بأَسُنِّنا العُيَّابِ
ونعانقُ الأمطارَ حينَ هُطولِها
ونشابكُ الأشجارَ بالأحطابِ
كُنَّا نرفرفُ فوقَ كلِّ تَجمُّعٍ
وحضورُنا ما فيه مِن حُجَّابِ
نقتاتُ مِن ثمرِ الطفولةِ أنعماً
ونصادمُ الأكوابَ بالأكوابِ
نرسو على الأفقِ البعيدِ مداره
ونقيمُ حفلًا فوقَ نبعِ سحابِ
نرمي كُراتٍ فوقَ كلِّ غمامةٍ
ونحادثُ الأطيارَ في الأسرابِ
نعلو على إثرِ الرياحِ نودُّها
رُكبانَنا لأراضي الأصحابِ
ونعيثُ في جوّ النظامِ كأنَّنا
ذرٌّ مِن الأترابِ في الأنقابِ
لا ندركُ الأخطارَ إنْ كَمنتْ لنا
لا نُرجعُ الأحداثَ للأسبابِ
كانتْ براءتُنا تزيّنُ فِعلَنا
وقلوبُنا في طُهرِها المُنسابِ
(٥) "رثاء"
الموتُ حقٌ والحياةُ فناءُ
والوعدُ آتٍ والفِراقُ بلاءُ
رحلَ الذي ملأَ البلادَ محبَّةً
وأفاضَ نُصحاً حدَّهُ الإصغاءُ
ما كان يأملُ غيرَ رِفعةِ شاننا
العونُ رِفقة سعيه ورجاءُ
الخير عادتُهُ وفيه شريعةٌ
بيضاءُ تَصدقُ والقلوبُ نقاءُ
فرَّجتَ عن أحلامِنا كُرُبَاتِها
ليلوحَ في نفسِ الكريمِ نماءُ
فرجًا أتيتَ وأنتَ غايةُ سعيه
والناسُ حولَكَ والحديثُ دواءُ
قد كنتَ في أوج التواضعِ دائمًا
كلُّ الأُناسِ ثوابتٌ وسواءُ
كلُّ الأماني الطيباتِ زرعتَها
بجميلِ قلبٍ ما لديه رياءُ
أبليتَ في نهجِ المعاشِ مسالكاً
ولكَ البريقُ على الدروبِ لواءُ
غادرتَ يا ذا الشمائلِ للعُلا
ما عادَ في وهجِ الحياةِ رواءُ
غِبْ أيها البدنُ الفناءُ طبيعةٌ
لكنَّ فِعلَكَ في البلادِ بقاءُ
ارحلْ يرافقُكَ الدعاءُ وجنةٌ
نرجو الإلهَ بأنْ يطيبَ دعاءُ
رحماتُ ربي والجنانُ نودُّها
ادعوا جميعاً فالقلوبُ عناءُ
لمَّا تعذَّرَ أنْ نُقيمَ عزاءَنا
فلقد أقمنا في القلوبِ عزاءُ