Darebhar

Share to Social Media

صحيت تاني يوم الضهر لقيت نفسي وحيد شريد في البيت حاولت اخرج استكشف العوالم الخارجية لقيت الباب مقفول تقريبًا كانوا فاكريني ههرب، لمحت تليفون أرضي وعليه ورقة فيها أرقام . اتصلت على أول رقم تقريبًا كان رقم الشغل عشان حد يجي يخرجني من بيت الرعب ده..
بعتولي السواق اتجهنا مباشرةً إلى معقل الكفيل وأنا كلي شوق وحنين لأول مرة هشوف كفيل لحم وعضم وشعر، وقفنا قدام هايبر ماركت ضخم جدًا مليان من خيرات الله؛ دقيق وسكر وسمن وزيت والبان وفراخ مجمدة وليلة كبيرة سعادتك.. المكان ده بيطلق عليه اسم تلاجة زي محلات الجملة بتاع المواد الغذائية عندنا، وده كان النشاط الأساسي للكفيل.. هناك لقيت الحاج سيد واقف بره والعمال معاه بينزلوا بضاعة من تريلات عملاقة -ما شاء الله- سلمت عليهم ودخلت أتفقد المكان ولا اللي داخل يشتريه، عيني وقعت على شخص لابس شماغ وقاعد ورا مكتب أثري؛ رجل تخطى السبعين بس نينجا طول بعرض قاعد في هدوء مريب، كل وظيفته يلقف الريالات من العمال ويحطها في الدرج -اللهم لا حسد-.
لقيت الحاج سيد جاي يجري بخطوات متسارعة عشان يعرفني على الكفيل وبيقولي ..سلم علي عمك ..استغربت جدًا معقولة عمي يجي من مصر ويسبقني على هنا من غير ما يقولي، ثم أنا أساسًا مليش أعمام ..قولتله..فين عمي ده..
قالي ..عمك يعني كفيلك، ماتوديناش في داهية
سلمت عليه وقولتله: ازيك يا عم الحاج ..
سلم على بكل برود من غير حتى ما يقف.. وأنا اللي كنت فاكره هايخدني بالحضن ونقعد نعيط ونعيش فيلم عودة الابن الضال!!
قالي .. هلا بالصيدلي الجديد.
قولتله.. أهلًا وسهلًا يا عم الحاج..
وبعدها سكت خالص، لقيت نفسي هنام منهم ..
قولتله.. معاك الصيدلي الجديد، شخصية علمية معملية فاسدة. فين بقى الصيدلية عشان الحماس قاتلني وخايف أبرد تفقدوا خبراتي في الليلة المنيلة دي. الكفيل شاور للحاج سيد وعطاله المفاتيح وقاله..
- خلي الدكتور يشوف الصيدلية.. وعلى وشه ابتسامة مريبة
مشيت معاه ورحنا نفتح باب المجد فتحنا الباب وعينك ما تشوف إلا التراب..
قولتله.. هي فين الصيدلية؟!!
قالي.. هي دي
قولتله.. دي معرض ازاز سيكوريت سعادتك مليان عناكب في موسم التزاوج، فين البرشام؟ فين الحقن؟ فين الرُزَم؟؟
قالي.. الصيدلية لسه بتترخص..
قولتله.. وأنا إيه وضعي في الليلة دي..
قالي.. أنت اللي هتغني يا منعم، لازم تكون متواجد عشان نخلص تراخيص الصحة؛ لأنها مرتبطة بترخيصك وبعدها تفرش الصيدلية بالأدوية وتشغلها، يعني بنتكلم في حسبة شهرين تلاتة تقريبًا..
قولتله.. هي الليلة السودا بتبان من أولها...
وده كان أول خازوق استفتحت بيه سفري في المملكة؛ مستقبل غامض وصيدلية لسه بتترخص ويا عالم هاتترخص ولا لأ.. افتكرت قريبي اللي لبسني وحلفت إني لو لمحته هعمل منه فراخ بانيه وعليها شوربة لسان عصفور..
قولت للحاج سيد وأنا كلي ملل وإحباط. -هعمل إيه في الفراغ الفظيع ده ياسيد المعلمين؟؟

قالي.. أنزل أتعرف عالصيادلة اللي في البلد وانتشر كده ولقط رزقك.
- انتشر والقط رزقي هو أنا هسرح بأمشاط وفلايات!!
تاني يوم ومع اشراقة شمس يوم جديد على آذان العصر كده تقمصت شخصية مخبر سري وقعدت اشمشم على الصيادلة المصريين اللي في البلد، اتعرفت على معظمهم وبقينا أصدقاء.. وقفوا جنبي بصراحة -ربنا يبارك لهم- وساعدوني إني احصر كل الأصناف الموجودة في السوق سواء أدوية أو مستحضرات تجميل.. ده غير أنهم أنقذوني من فراغ قاتل، ودعموني نفسيًا في أول محطة من محطات الغربة الصعبة..
نرجع لموضوع السكن.. الحاج سيد اقترح عليَّ في البداية إني اسكن مع العمال مؤقتًا لحد الصيدلية ما تتفتح، معظمهم كانوا بلدياتي ناس محترمة وقمة في الكرم وكانوا على نفس الكفالة بس الحلو ما يكملشي.. شخص منهم كان نفسيته مريضة ومش بيرتاح إلا لما يلبس الناس في بعضها، وشي بي عند الحاج سيد وقاله كلام على لساني مقولتوش النتيجة إن الراجل قفل مني ضبة ومفتاح، قررت ساعتها إني ارجع السكن بتاعي تجنبًا لأي خوازيق مستقبلية وتماشيًا مع مبدأ من خرج من داره اتكعبل في منقاره.
السكن كان عبارة عن شقة في الدور التاني فوق الصيدلية؛ كان نسخة طبق الأصل من نقطة مراقبة جوية في مطار حربي مهجور، ارتفاعها عالي ومدخلها في شارع جانبي عبارة عن باب حديد مصفح بيفتح على سلم غريب الأطوار شبه سلم الهرم الأكبر، في نهاية السلم باب حديد بيفتح في صالة كانت بمثابة مطبخ فيها بوتاجاز وغسالة وتلاجة وفاتح فيها حمام عالشمال وأوضة النوم عاليمين..
السواق قبل ما يوصلني لبيت العدل قالي إن الشقة دي اتجوز فيها الكفيل أيام القحط ومن ساعتها مفيش كائن دخلها إلا عشان ينضفوها ويفرشوها للصيدلي الجديد. مش عارف كان بيهنيني ولا بيرعبني وعشان خيالي كان خصب بأفلام الرعب والعفاريت كنت بسهر الليل كله بره عند أصدقائي وأصلي الفجر وارجع أنام مع طلوع أول ضوء للنهار..
الصيدلية اترخصت -بفضل الله- بعدعناء فظيع.. وفي يوم وأنا في الصيدلية بكتب طلبية الافتتاح دخل الكفيل وقالي- ليش التراب كتيرهنا؟-
قولتله: هحتاج عامل معايا. قالي.. ليش عامل؟ روح هات فوطة يا دكتور وامسح الازاز..
قولتله.. وليه تقولي يا دكتور قولي ياض يا بلية أحسن.
حسيت لحظتها وكأن جردل مية ساقعة اتدلق في قفايا في شهر طوبه من هول الصدمة، بعد ما مشي خرجت وراه اشتريت باكيت شيكولاتة حجم عائلي و ازازة بيبسي لترين كان عليها عرض، وقعدت على الكرسي أبو عجل أكل الشيكولاتة وأشرب البيبسي وأضرب خمسات بالكرسي جوه الصيدلية عشان أنسى الصدمة كل ده مكنش كفاية قررت اتصل على صديق بلدياتي ومسافر قبلي عشان افضفض معاه يمكن أهدي؛ مسكت التليفون الأرضي واتصلت على موبايله، كان خريج آداب تاريخ وبيشتغل مهندس في شركة مقاولات في الأحساء عادي لقيني متغاظ ومخنوق قالي..مالك يا بني؟
- قولتله: كفيلي بيقولي روح اشتري فوطه وأمسح الأرفف بتاع الصيدلية.. أنا يتقالي هات فوطه وأمسح الصيدلية!! دي الناس في بلدنا فاكريني وزير الصحة..
مات على نفسه من الضحك وقالي: ده العادي هنا هو قناعاته كده يعني مش قاصد يهينك.. نفض وما تسألش فيه..
- قولتله: والله لاقضيها مكالمات دولي وموبايل لحد ما يبيع الصيدلية ويروحني، هم ولاد الناس لعبة ولا إيه.. ألا قولي يا حمادة أنت تقريبًا آداب تاريخ مش كده ؟؟
قالي -أيوة -
قولتله - احكيلي بقى تاريخ مصر من ساعة الملك مينا ما وحد القطرين لحد سنة ١٩٧٩م.
قالي.. اشمعنا التاريخ ده؟
قولتله.. ده تاريخ ميلادي يا جاهل..
لقيته بيضحك بهستريا.. قولتله: شكلك نسيت التاريخ يا فاشل، اقفل يا بني هروح ادخل الحمام اخرج مشاعري البايتة يمكن أهدى شوية...
فرشت الصيدلية -بفضل الله- وبدأت الشغل الفعلي، ظهر خازوق جديد يلوح في الأفق وهو إن لي مستحقات ورواتب من ساعة ما دخلت المملكة لحد ما فتحت الصيدلية تقريبًا راتب شهرين وتذكرة طيران ما اخدتش منهم إلا مجرد مصاريف شخصية بسيطة.. روحت للكفيل طلبت منه راتب الشهور اللي فاتت.. رد عليا ببرود فظيع يحسد عليه وقالي راتبك هيبدأ من أول الصيدلية ما تشتغل..
يا سوادك يا قرمط طيب وبالنسبة للشهور اللي فاتت إيه وضعها.. قالي هاسأل وأرد عليك.. بصيت للحاج سيد إنه يتكلم ولا يعمل أي منظر.. لقيته ركب جناحات وطار. استسلمت للأمر الواقع وانتظرت الكفيل يأتيني بالخبر اليقين... ربنا يباركله سيحلي في البلد كلها مسبش حاجة بتتحرك على وجه الأرض إلا وسألها... ده كان ناقص يعمل استفتاء شعبي وفي النهاية استقر في وجدانه مشكورًا إنه يديني مستحقاتي كاملة والحمد لله.. وفي كبسة مفاجئة ولا بوليس الآداب قرر إنه يطلع معايا السكن عشان يقبضني مستحقاتي... يا وقعة مربربة.. ما بلاش حوار الشقة ده يا عم الحاج. لإن الشقة حرفيًا كانت عبارة عن محمية طبيعية لحيوان كانجارو متخلف عقليًا، مفيش حاجة في مكانها.. تحس إن المكان قام فيه زلزال بقوة ١٠ ريختر، ده غير ازايز الميه والبيبسي الفاضية اللي في كل مكان، وده العادي بالنسبة لشاب أعزب عايش لوحده ومكتئب وداخل على مستقبل زاخر بالخوازيق.
بس للأسف الكفيل مش هيتفهم الكلام ده، طيب اقتله لحد ما اظبط الشقة وبعدها اسيبه يطلع؟؟ قضي الأمر يا شعلان.. الباشا طلع معايا غصب واقتدار وشاف المعجنة كلها بعينه.. يا كسفتك يا حازم..
بعد ما قعدنا طلعلي إيصال استلام نقدية وقالي امضي من غير ما يطلع فلوس، حسيت بدستة فيران بترقص في عبي على مزمار عبد السلام، ما بقيتش عارف امضي واسيبها على الله ولا أقوله توتو على كبوتو؛ يعني اقفش الريالات أولًا وبعدين امضي.. بس ساعتها ممكن يخبطني على كبوتي يفقدني النطق. مضيت وأنا مش مطمن.
كفيلي أخد الإيصال وقالي هبعتلك الفلوس في الصيدلية، نزلت فتحت الصيدلية وهو راح التلاجة بمجرد ما وصل سعادته تقمص شخصية حسين رياض في وا إسلاماه وبدأ يلم العمال ويقولهم تعالوا شوفوا الصيدلي الجديد مهمل و مش بينضف شقته..
هو حضرتك زعلان مني في حاجة. ولا أنت مسكتني في وضع مخل مع ازازة بيبسي حجم عائلي -لا سمح الله- ما تهدى يا عم الحاج، يخرب بيت اللي يزعلك يا شيخ طب خد الفلوس واستر عليا.. لولا إني في بلدك كنت غزيتك في شماغك، يا فضيحتك يا قرمط. أخيرًا -والحمد لله- بعتلي فلوسي كاملة بعد لحظات قلق وترقب وحسبنة، ربنا يسامحه عالفضيحة بقى...
*****
1 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.