المغرب، مراكش، 2013
تقف منتصبة القامة وسط القاعة مع هتافات الآخرين والمشاهدون مصفقين وفخورين، الكل يصور والصحافة تتهافت لتقوم بلقاء حصري معها وهي عيناها تلمعان وتبرقان من شدة الفرح تقول في نفسها:
- هل أنا نجمة الحفل حقًا يا إلهي؟
الابتسامة لا تفارق محياها الكل يهتف:
- كان عرضًا رائعًا، التصميمات هائلة، فلتتفضلي للمنصة لتسلم الجائزة كأفضل مصممة هذا العام "ليليا العلمي"، وهي بخطوات متوازنة تتقدم وتتقدم نحو المنصة وفي اللحظة التي ستتسلمها فيه ما إن مدت يديها حتى سمعت صوتًا اخترق قوقعة أذنها:
ـ "ليليــــــــــــــــــــــا!"
بدأت تتقلب بجسمها من جهة إلى أخرى حتى انقلبت على ظهرها فوجدت نفسها أسفل السرير، ارتطم أصبعها الصغير بطرف الكرسي الذي بجانبها، فانحنت لترى وضعية أصبعها وما زال النوم لا يفارق عينيها.
- هذه المرة العاشرة التي أناديكِ فيها يا ابنتي نفس المنوال كل صباح.
استفاقت وأخيرًا وهي مذعورة تدعك رأسها غير مستوعبة ماذا جرى بعينيها الخضراوين اللوزتين الممتلئتين بالعماص اللتين تتميزان بكبر طياتهما فهم يلقبونها بالآسيوية.
- آه يا ربي لقد كان حلمًا ليس إلا.
بعد ثوانٍ قليلة بدأت تبحث عن جوربها الذي غرق في كومة الملابس المشتتة في كل أنحاء الغرفة، فأدارت وجهها نحو الساعة فإذا بها التاسعة إلا ربع هرولت من فراشها متجهة نحو المغسلة وما زال صوت أمها يتبعها أينما ذهبت.
- متى ستكبرين؟ متى ستصبحين مسؤولة؟
خرجت ليليا متجهة نحو المطبخ طبعت قبلة على خد والدتها قائلة:
- حسنًا يا أجمل أم في الكون صباح الخير.
- ها تظنين أنني سأنسى بكلامك المعسول هذا؟
- أعرف أنك لا تنسين بسرعة إنني جائعة عصافير بطني تزقزق.
- الفطور جاهز.
- لكن يا أمي أين المربى خاصتي، قائلة بوجه عابس.
- لو استيقظتِ باكرًا لوجدته فوق الطاولة قبل أن يتناوله ياسر قبلك، ردت أمها.
- هو دائمًا يتناول من أطباقي المفضلة فالكل في البيت يعرف أن المربى بنكهة الكرز لي فقط لوحدي، ردت معترضة.
- طبعًا، طبعًا يا ملكة القصر هل تأمرين بشيء آخر مولاتي؟
حدقت ليليا بعينين تميزان بالإيجاب وهي تقول:
- أتعلمين أنكِ أيقظتني من حلم كدت أن أحصل على الجائزة الأولى لو تأخرت دقيقة فقط دقيقة.
ضحكت أم ليليا وقالت:
- إذن الأحلام نفسها، الجوائز والشهرة والتصميمات وما هي جائزة اليوم يا ترى؟
أجابت ليليا بحماسة وعيناها تلمعان بعدما احتست رشفة من فنجان الحليب:
- لقد كانت جائزة مصممة السنة حازت تصاميمي بعد العرض الأخير الذي أقمته على شهرة كبيرة وتزايدت المبيعات وكنت سعيدة جدًا لولا أنكِ لم توقظيني في تلك اللحظة.
- يا لكِ من ثرثارة هيا تناولي فطورك وأسرعي لكي لا تتأخري على الكلية فتابعت قولها:
الامتحانات على الأبواب ركزي في دراستك.
قطبت ليليا حاجبيها معبرة عن سخطها فأكملت فطورها في سكون.
بعد خمس عشرة دقيقة اتجهت نحو خزانتها لترى ما سترتديه فجأة همهمت قائلة:
- تلك الفظة أخذت حذائي القرمزي ثانية، فنادت قائلة:
- أمـــــــــــــي، تسنيم ارتدت حذائي المفضل.
- لا بأس يا ابنتي ارتدي حذاء آخر فلديكِ الكثير.
همهمت غاضبة: لكنني كنت أريد أن أرتدي هذا اليوم!
أغلقت ليليا الخزانة وأخذت حقيبتها فهمت خارجة وهي تقول:
- وداعًا أمي.
- دروس موفقة حبيبتي.
فاطمة
مرت سبع سنوات على فراقه الآن أحاول أن أحافظ على توازن الأسرة والأولاد رغم أني ما زلت أتألم من فراقه، الكل عاد إلى نصابه الآن الحمد لله استرجعت عملي بعد هذه الأزمة، كان زوجي، حبيبي، أخي كل شيء في حياتي أنشأنا أسرة جميلة كنا نحلم بإنجاب ثلاثة أطفال وفعلًا حققنا ما طمحنا إليه ولله الحمد ياسر خمس وعشرون سنة، ليليا واحد وعشرون سنة وتسنيم ثمانية عشر سنة، طمحنا أن نبني حياتنا من الصغر ونحصل على مناصب جيدة وفعلًا حققنا ذلك، طمحنا الحصول على منزل جميل مليء بالحب والدفء نعود إليه بعد يوم متعب شاق من العمل والكد وفعلًا حققنا ذلك أيضًا، لنحضن أطفالنا ونحكي لهم قصصا قبل النوم ونشاهد معهم أفلامهم الكرتونية ونلعب معهم أحيانًا وأعد لهم أطباقهم الشهية..
كنت أعمل خارج المنزل وداخله، كان شغلي الشاغل أن أوازن بينهم وألا أهمل أولادي وأربيهم تربية حسنة وأعلمهم أحسن تعليم ويعود الفضل أيضًا لأمي التي ساعدتني كثيرًا طيلة هذه السنوات، كان من عادتي أن أراجع كل دروسهم رغم تعبي في بعض الأيام التي أتمنى فيها أن أغط في نوم عميق دون القيام بأي شيء عند عودتي من العمل فقط أبدل ملابسي وأخلد إلى النوم، لكنه لم يكن ليرف لي جفن حتى أطمئن عليهم وأعد وجباتهم وأصحح دفاتر بحثهم، كنت في الحقيقة أمًا صارمة وما زلت إذا لزم الأمر ذلك غير أنهم الآن كبروا ولكل واحد منهم طريقه نحو النجاح وتحقيق الذات، لكل منهم طباعه الخاصة التي أحبها والتي لا أحبذها فيهم، لكل منهم شخصيته التي تختلف عن الآخر؛ ياسر الذكي الذي يحسب كل خطوة يخطوها ويعمل بكل جد ليصل لأي هدف وضعه بين عينيه، طموح للغاية رغم عصبيته يظل ذلك الأخ الحنون على أخواته خاصة عندما غادرنا فؤاد كأنه تسلم مكانه، بدأ يأخذ مني بعض الصفات أضحى صارمًا مثلي وكذا صار غير متساهل بالمرة مع الفتيات كوقت الدخول إلى المنزل وعدم التحدث مع الشباب في إطار خارج عن الدراسة، كان يعوض حنان أبيه بالسفر معهن نزهة في أوقات الفراغ والعطل إذا سنحت له الفرصة، أعلم أن حنان الأب صعب تعويضه لكنه يحاول أن يعمل ما بوسعه ويطبق وصية أبيه، أحسه السند رغم صغر سنه أشعر وكأنه أبي الذي فقدته وأخي أيضًا، عندما ازداد ياسر فرحتي الأولى زاد الخير والرزق وتيسرت الأعمال لفؤاد وحصل على ترقية في شغله كأن الله عوضنا عن كل صبرنا في الفترة الماضية، قليلًا ما أحس أنه ولدي، أعتقد لأنه أضحى يناقشني في مواضيع ثقيلة، بثقافته الواسعة ورجاحة عقله استطاع كسب ثقتي وصرت أبادله نفس الشيء صار مستشاري الأول في أي عمل أو أمر أود أن أقوم به، وهذا ما سعى له فؤاد منذ صغرهم أعطى جهده الكامل في هذه النقطة بالذات، فياسر يستخدم منطقه قبل كل شيء، كثيرًا ما يضحك عليّ وعلى الفتيات عندما نتأثر في أمر بسيط يدّعي البكاء أو عندما نشاهد فيلمًا سينمائيًا أو نحضر قصة مؤثرة تجد دموعنا تنهمر من دون استئذان فيقف متعجبًا من عاطفتنا الزائدة..
صار الآن والحمد لله مستقلًا بذاته وله شخصيته الخاصة التي من سابع المستحيلات أن يفرض عليه أمر لم يحببه أو لم يقتنع به من البداية.
وليليا الفتاة المدللة والمتمردة أيضًا، قرة عيني وحبيبة قلبي، ليليا فتاة متقلبة المزاج التي تفعل ما يملي عليها قلبها، خرقاء قليلًا، متسرعة أحيانًا ومندفعة أحيانًا أخرى، أشعر دائمًا أن لها عالمها وأحلامها الخاصة المختلفة عن أخويها، خفيفة الظل ومحبوبة أصدقائها، ليليا الفتاة التي لا تسمع لأحد عندما تكون غاضبة، المستهترة والغير مبالية بعدة أمور لكنها تظل أول ابنة لي التي أحسست معها بطعم مختلف فاكتشفت أن تربية الذكر والأنثى مختلفة فالإناث أجدهن أقرب وأحن من الذكور، يفرحن بأبسط الأشياء والهدايا وكذا إشعارهن بالحزن سهل للغاية رهيفات القلب والمشاعر.
أما آخر العنقود تسنيم مهجة الفؤاد، عنوان الجدية والحزم والغير المكترثة لآراء الآخرين، شجاعة وقوية، دراستها سلاحها وأهم من أي شيء في هذا الكون، رغم قصرها فهي طويلة اللسان وهذا هو عيبها، لم تعش مع أبيها فترة طويلة، لا تحب العناق وكثرة القبل تفضل التلويح من بعيد وتلجأ إلى حاسوبها المحمول دائمًا، عقلانية لكنها كثيرة الانتقاد وصريحة أكثر من اللازم لدرجة تصل إلى الوقاحة في بعض الأحيان وهذا ما أحذرها منه دائمًا لتفادي المشاحنات مع علاقتها بالناس..
لكنهم في نهاية المطاف يضلون أبنائي الأعزاء رغم عيوبهم واختلافهم هم فلذات كبدي الذين تفرح لهم العين وتنفرج لهم الأسارير وتتفتح لهم بساتين قلبي عند لقياهم وهم بأحسن الأحوال، جعلوني بفضلهم الأم المحاربة المعطاءة والصامدة رغم المشاكل والظروف والصعاب التي مررت بها في أوقات مضت في حضور زوجي وفي غيابه.
فؤاد الذي كان لطيفًا، زوجًا متفهمًا ومحبًا لي ولأولاده لم يكن يصرخ كثيرًا أو كثير النكد إلا إذا احتجت الضرورة، يعشق القراءة والكتب، كان ذو خبرة يساعد المحتاج ويقف مع الضعيف، يحبه الصغير قبل الكبير بحلاوة لسانه وكلامه العطر كنت أحمد الله تعالى أنه رزقني زوجًا مثله حقيقة، صحيح أننا كنا في أوقات عديدة نتخاصم ونتشاكس لكن حبنا لبعضنا البعض لم يكن لينقص بل كان يزيد في كل مرة أحتاجه في جانبي، كان حلمه أن يصير ياسر مهندسًا والحمد لله صار كذلك، لقد حقق ما كان يود أن يكون هو من قبل أن يتجه للاقتصاد، كنت أقول له دائمًا لو حققت حلمك كمهندس في مدرسة التجارة والتسيير كما تمنيت لم أكن أظن أننا سنلتقي في نفس الشعبة وكان رده عليّ بقوله:
- يا فاطمة إن الله إذا كتب لمحبين أن يجتمعا فلن تعيقنا الظروف سواء كنا في نفس الشعبة أو لا سواء كنا في نفس المدينة ذاتها أو لا، سواء كنا ننتمي لنفس الوطن أو لا كنا سنلتقي بطريقة أو بأخرى كوني أكيدة من ذلك، هو القدر كنت سأبحث في كل امرأة عنكِ، أنتِ التي أسرت قلبي في المطعم عندما أخطأ النادل بين الطلبيات، طوسط بالجبن وصدر الديك المدخن مع سلطة الأرز والطماطم والقليل من الصلصة البيضاء..
- آه يا فؤاد ما زلت تتذكر طلبيتي وقتها؟
ـ وكيف لا وهي السبب لأتعرف على أجمل انسانة خطفت قلبي!
حينها احمرت وجنتاي كما حدث الآن عندما أتذكر حوارنا هذا.
ليليا
خرجت مسرعة من البيت لألحق بالباص كانت فاتن تنتظرني وهي تلوح لي بيدها كي أسرع.
- أين كنتِ أيتها الآسيوية ما هذا التأخير لكن لماذا أسأل فهذه طبيعتك لا أستغرب أبدًا.
- كفاكِ سخرية؛ رحت أخرج ورقة من الحقيبة قائلة:
- انظري ماذا رسمت البارحة هل هي جميلة؟
- نعم، إنها جميلة حقًا يا ليليا، أنتِ فنانة ولكن..
وقبل أن تكمل جملتها وصل الباص وانطلقنا نحو الكلية.
كان الطريق كالعادة مزدحمًا ونحن نسير في شوارع مراكش الكبيرة، مراكش التي نشأت فيها وترعرعت عشت فيها أجمل أيام عمري حينما نتجول في أسواقها، أماكنها الأثرية وساحتها الشهيرة "جامع الفناء " كثيرًا ما ألقبها بالمدينة الساحرة تجذب كل إنسان من كل حدب وصوب بأهلها المعطاءة، بخفة دمهم وببهجتها فاتحة ذراعيها لكل سائح وزائر مستكشفًا جمالها الخلاب وطبيعتها الرائعة المتواجدة في النواحي ورغم حرارتها المفرطة في فصل الصيف لم أكن لأغادرها لأقضي العطلة في مكان آخر غيرها، تبقى مراكش الحمراء المبهرة مهجة قلبي.
ترجلنا من الحافلة عندما وصلنا إلى الكلية، بدأنا بكتابة الدرس وأحسست بالملل كالعادة ففي نهاية المطاف تخصصت في التقنيات فقط لأن أمي أرادت ذلك، أنقل ما يمليه الأستاذ وما كتبه على اللوحة كان صوته يبدو بعيدًا شيئًا فشيئًا حتى صرت لا أسمع شيئًا وأنا غارقة في أحلامي وما أطمح إليه بالفعل أجول بين السطور وأنا غائبة الروح أكتب لأنه يستلزم عليّ ذلك، لا أدري لماذا هذه الحياة مملة أوف دائمًا نفس الروتين..
كنت أطمح لأن أصير مصممة ملابس مرموقة لكن متى يا ترى؟ فالسيدة فاطمة رافضة الفكرة تمامًا بحجة ليس له آفاق، فإذا بي استسلمت لرأيها حسب قولها هذا ما هو أفضل لي، دائمًا أطرح على نفسي نفس السؤال:
ـ من أنا؟ وماذا أريد أن أصبح حقًا؟
أتذكر في طفولتي عندما سألني المعلم " ليليا ماذا تريدين أن تصيري في المستقبل؟ " فأجيب بلهفة كبيرة: طبيبة..
أظن أنها كانت رغبة مشتركة بين فتيات القسم وفي بعض الأحيان نخلق جدالًا حولها، "كلا أنا من ستصبح طبيبة اعثري عن مهنة أخرى "، كانت كلها أمنيات صبيانية ليس لها أي أساس من الصحة أظنها كانت أمنيات آبائنا وأمهاتنا ليست خاصتنا بالفعل.
لن أنكر مجهود والديّ إلى ما أنا عليه الآن، كل شيء متوفر نعيش حياة كريمة ولله الحمد.
عندما كنت في سن العاشرة شاهدت أول عرض أزياء في إحدى القنوات للقفطان المغربي، انبهرت لكثرة الألوان فبدأت أتسائل كيف لتلك الفتيات شديدات الطول أن يمشين فوق المنصة بتلك الحنكة وأيديهن موضوعتين فوق خصورهن، نفس النظرة، نفس الوقفة كنت أستغرب وأقول أيضًا كيف لمصمم أن يخلق زيًا رائعًا كهذا لا بد أنه تعب فيه كثيرًا، زيّ مزركش مليء بالإبداع كيف أمكنهم خلق العديد من تلك القطع لم أستوعب حقًا.
ينعتونني بالغبية لا أعلم لماذا، لا أدري، هل لأنني كررت كثيرًا أو لأنني عندما سألني أستاذ الرياضيات على حل المسألة لم أعرف حلها ومقولته الشهيرة التي تتردد على مسامعي في كل مرة:
أنتِ ستبقين مكانك وغير مؤهلة للأسف، لا أظن أنكِ ستتقدمين كثيرًا في دراستك.
وفي كل مرة كنت أبتسم له ابتسامة شبه شريرة، كان يعلم أنني أبادله نفس الشعور، لا أفهم علاقتي بهذه المادة اللعينة ومن اخترعها في الأصل وما ذنبي أنا في أن أبعثر أفكاري في حل مسائل ومبرهنات وما شابه ذلك لإيجاد × المجهول وما قيمته، فليحترق × ولتحترقين أيتها المادة اللعينة جعلتني أفقد صوابي فكرهت الأرقام وما شابه ذلك، ضقت ذرعًا ففي نهاية المطاف أنا سأصبح مشهورة لدي قدرات خارقة إنهم لا يدرون بها سوف ترون جميعًا.
رغم مناداتهم لي بالخرقاء، نعم خرقاء في بعض الأشياء لن أنكر ذلك ومن بين الطرائف أو المواقف المحرجة بالأحرى التي تعرضت لها بسبب خرقي أتذكر عندما ناداني المعلم لأقم للسبورة لنقل الإملاء كانت الرابعة بعد العصر، في بداية فصل الصيف وفي شدة الحرارة كنت ابتلع ريقي بصعوبة ارتشفت العشرات من المياه من قنينتي الوردية، على فكرة هذا كان لوني المفضل أو بالأحرى اللون المفضل لشتى الفتيات في الكون، على أيّ، فجأة ومن دون سابق إنذار انتابني الذهاب للحمام لا أدري هل بكثرة شربي للماء أم بكثرة الوقوف على السبورة لا أدري حقًا، بدأت أتعرق رويدًا رويدًا، حتى أصبح الطبشور ينزلق من يدي، لكنني لم أقدر إخبار معلمي ظنًا مني أنه سيزول بعد قليل، لكنه لم يكن كذلك، بعد ثوانٍ بدأ يتدفق سائل دافئ بين ساقي مع همسات التلاميذ وضحكاتهم وهمهماتهم بدأت أحس أن الأمر غير مطمئن بالمرة أنزلت وجهي إلى الأسفل فإذا بي أجد بركة مياه تغمر أرضية القسم فتجمدت في مكاني، صار لون بشرتي يتخذ لون الطماطم لم ينقص سوى خروج بخار من أذنيّ، أرجعت وجهي مقابلًا نحو السبورة ولم أنبس ببنت شفة بينما كان المعلم مشغولًا بتصحيح التمارين في مكتبه انتبه لحركات التلاميذ وتهامسهم فتتبع نظراتهم حتى استقرت عيناه نحوي ونحو الكارثة التي تسببت فيها، بعد فترة من توبيخ المعلم استطعت الهروب من نظرات التلاميذ والخروج من القسم مع زميلتي التي أصبحت صديقة دربي الآن فاتن، غادرنا نحن الاثنتان مجهتين نحو بيت أهلها لتغيير ملابسي فلم تكن لدي الجرأة لكي أواجه والديّ بما حصل رغم أنه ليس بأمر خطير فكلما تذكرته الآن أضحك على الموقف لكن حينها تمنيت لو انشقت الأرض وبلعتني.
دخلت المنزل خفية متفادية الكلام والنظرات لكي لا تحس أمي بشيء غريب رغم أني أعرف حتمًا أنها شعرت لكنها لم تصارحني بالأمر على أية حال، خلدت للنوم باكرًا ذلك اليوم.
مرت ثلاثة أيام على الواقعة وأنا أتحجج بالمرض لكي لا أذهب ونجحت في ذلك طبعًا، في اليوم الرابع كنا نتجول أنا وفاتن في الساحة قبل دخول القاعة في حصة الاستراحة، استلقيت على جانب الجدار إذا بصوت يخترق أذني فغرت فاهي بعينين محدقتين نحو فاتن التي عرفت بالأمر، فالمدرسة بأكملها علمت بالمأزق الذي تعرضت له " فتاة السنة الرابعة ابتدائي الفوج في حصة اللغة العربية.."
ـ يا إلهي لقد أصبحت علكة في فوه كل تلميذ.
هممت خارجة أندفع وسط الصفوف إلى خارج المدرسة عبراتي تتدفق وأنا أكرر سؤالًا واحدًا:
- لماذا أنا؟ كم من موقف محرج تعرضت له حتى الآن؟ بلا عدد كم أنتِ خرقاء يا ليليا!
ما إن أكملت جملتي حتى أتاني صوت رفيع يقول:
لستِ كذلك يا ليليا، لستِ كذلك.
تسنيم
عدت منهمكة من دروس اليوم لم تعد أمي بعد وجدت تلك الغبية ممددة نحو الأريكة سارحة كعادتها كالمجانين والألوان مبعثرة في كل أرجاء المكتب:
- ماذا أنتِ فاعلة يا خرقاء ترسمين؟
- دعيني وشأني لست في مزاج جيد اليوم، ردت ليليا.
- أين أمي ألم تعد بعد؟
- بل عادت.
- أين هي إذن؟
- ابحثي في الدولاب ستجدينها.
- كفي هراءً ظننت لوهلة أنكِ جادة في كلامك.
- فأنتِ الغبية ألا تنظرين إلى الساعة لم يحن بعد وقت خروجها من العمل.
ـ الامتحانات على الأبواب أراكِ لم تفتحي كتابًا حتى الآن فإن لم تنجحين هذه الدورة فتعرفين ماذا ينتظرك مع أمك.
رمقتني بنظرة ثاقبة بعدما توقفت عن الرسم وقالت: وما دخلك أنتِ بالأمر، فالأمر يخصني أنا وأمي مع العلم أنا أعرف مكانتي جيدًا عند أمي.
ـ الآن اتركيني اخرجي من الغرفة لا مزاج لي اليوم لأتشاجر معكِ.
أغلقت الباب واتجهت نحو المطبخ لآكل شيئًا فالمحاضرات لا تنتهي بالكلية لم يكن لدي وقت لإشباع معدتي أخرجت من البراد علبة زبادي وقطعة بسكويت فاتحة حاسوبي المحمول لتحميل الدرس الأخير وقلت في نفسي تلك المجنونة من تظن نفسها ولكن ما قالته صحيح منذ أن فتحت عيني في هذا المنزل لم ألحظ قط أمي تتشاجر مع ليليا إلا إذا كانت عتابات قليلة ربما لأنها البنت البكر فهي تكبرني فقط بثلاث سنوات، كم تستفزني كثيرًا بإهمالها وبفوضويتها العارمة كلما دخلت غرفتها أجد ملابسها واقعة في الأرض لا أعرف كيف تقوم بمعرفة ما سترتديه للغد فعلًا أمرها غريب.
لم تفلح في أي شيء كانت ترسب كثيرًا حتى لم يبقَ يفصلني عنها سوى مستوى واحد بما أنني أقوى منها في الدراسة فبفضل ميزتي الممتازة التي حصلت عليها استطعت دخول كلية الطب التي لم تفلح ليليا بشكل من الأشكال الولوج إليها فهي بالكاد نجحت بميزة مقبول وتخصصت في التقنيات التي لا أظن أنها ستنجح في ذلك أيضًا، حققت رغبة أبي المرحوم الذي اشتقت له كثيرًا كان حنونًا للغاية لم يحرمنا من أي شيء ما زلت أتذكر ملامحه رغم صغر سني كنت في الحادية عشرة حينها كان المرض قد تمكن منه وبعد مدة أخذه الموت من بيننا، في بعض الأحيان أرى أن هذه الدنيا قاسية وغير عادلة بالمرة كلما نظرت لياسر أو ليليا وكان الموضوع أبي أجد أن في جعبتهم ذكريات كثيرة وكلها قصص لا تنتهي إلا قصصي أنا التي تُعد على أصابع اليد وكلها قصص طفولية من شراء بوظة أو نزهة في الحديقة لم تكن أحاديث طويلة أو وصايا، كم أغبطهم عن الوقت الذي قضوه معه أكثر مني أشعر أنني حرمت منه باكرًا، كم وددت لو كان معي اليوم ليرى نجاحي وكيف اجتزت الباكالوريا بميزة ممتاز واجتزت امتحانات الكلية وها أنا ذا أشق الطريق كما كان يحلم في شبابه، كل صوره معي مبتسمًا بوجهه المشرق وكل ذكرياته قصص تحكيها أمي لتترسخ شخصيته في ذهني وكيف كان تعامله معها ومعنا نحن كذلك.
ذهب أبي الذي تمنيت أن أشاركه كل تفصيلة من تفاصيل حياتي وكيف انني أسعى لتمثيله أحسن تمثيل وكل من التقى بي أو مر بجانبي عليه أن يعلم أنني تسنيم العلمي ابنة فؤاد العلمي لا أستسلم للبكاء في العادة خاصة في الأمور التي تستلزم ذلك، لكنني أصرفه على شكل ضحك، أعرف أنني غريبة الأطوار شيئًا ما لكن الحياة علمتني أن البكاء رمز الضعف بالنسبة لي والطاقة التي سأذرفها في الدموع من الأفضل أن أستثمرها في دراستي وبحوثي وكذا حلمي بأن أصير طبيبة ليس كتلك البلهاء الممددة فوق الأريكة ترسم أشكالًا وتخاريف طول الوقت، عندما يحدثها ياسر عن الدراسة لا تكترث بكلامه كأنه يتكلم مع صنم، صامتة لكن عيناها تقول كل شيء كأنها رافضة لا أعلم ما هي مشكلتها بالضبط حقًا، لم نكن الأخوات القريبات من بعضهن لنتشارك الأسرار والاهتمامات أبدًا لم تكن هذه حالتنا، لكل واحدة عالمها الخاص البعيد تمامًا عن الأخرى.
ناهيك عن أنها غبية فهي أنانية جدًا ومغرورة تظن نفسها نجمة هوليود الأولى.
***
كان شعيب مستلقيًا على ارض الحديقة عندما جاءته ليليا وفاتن حاملتين البذر في أيديهن أتته صفعة خفيفة من طرف ليليا أيقظته من تأمله منزعجًا:
- ماذا تتت.. تتتتفعلين؟
ـ هذه صفعة المزاح يا شعيب أظنك أنك لم تتعود بعد على حركات ليليا الغريبة، ردت فاتن.
حدقت ليليا في شعيب فانفجرت ضاحكة:
- لا أدري كيف اتخذتك صديقًا لي عجبًا.
حرك رأسه قليلًا قائلًا:
ـ لا.. أأأنني أفف.. فففهمك جيدًا.
- هذا أكيد يا عزيزي والآن هل أحضرت ملخصات الدروس يجب أن أنجح هذه الدورة وإلا فلن أسلم من لسان ياسر وسأكون أضحوكة في نظر تلك الفظة.
- تقققصدين تسنيم الطبيبة! قال شعيب.
- فهي لم تتخرج بعد أيها الابله هي ما زالت في السنة الأولى، ردت فاتن.
قطبت ليليا حاجبيها واضعة يدها فوق خدها وهي تفكر فيما قد يحصل إن لم تدخل المواد كلها بميزة جيدة فهي لن تسمح أن تمسح بكرامتها الأرض كما حدث من قبل وفي نفس الوقت تريد أن تُظهِر لأمها سندها الوحيد في المنزل أنها مجدة لتفتخر بها أمام العائلة وأمام إخوانها بشكل خاص وبعد مرور ساعتين على شرح شعيب للدروس قالت فاتن:
- أظن أن ارتجاج الدماغ لم يؤثر عليك يا شعيب بالعكس، أصبحت ذكيًا أكثر والدليل أنك الأول على الدفعة، ابتسم ابتسامه فخر فرد قائلًا:
- ح..ح...ح.. حسنًا حسنًا، الذكاء صفة متواجدة في دواخلي لا يمكن إنكارها وأنتِ أيضًا يا فاتن يمكنك تطويرها.
- اها اتقصد أنني غبية؟ لم أنتظر منك هذا يا شعيب خيبت ظني.
- لا لم أق.. ق.. ق.. قصد ذلك.
انفجرت ليليا ضاحكة وهي تقول:
- أحسنت يا شعيب تم قصف الجبهة بنجاح.
كانت ليليا تعرف أن نقطة ضعف فاتن من يسخر من ذكائها فهي من النوع الذي لا يتقبل النقد رغم قلبها الطيب.
- يكفي سخرية أنتِ بالذات لا تتحدثي عن الذكاء، قالت فاتن.
أجابتها ليليا بابتسامة خفية:
- نعم نعم، أنا أتوفر على ما هو أكثر من الذكاء، هذا اكيد.
قاطع شعيب الحديث قائلًا:
- حسنًا كفاكم كلامًا فلنعد أدراجنا كادت الشمس أن تغيب فعليّ اللحاق بصلاة المغرب في المسجد.
فاتن
عندما تحدثت ليليا هذا اليوم عن ياسر ولو قليلًا أحسست برعشة سرت داخلي وبحرارة صعدت لوجهي كنت أغض البصر عنهما كي لا يُكشف أمري كنت أنتظر أي فرصة لألتقط خبرًا عنه وعن أحواله رغم ما تخبرني ليليا عنه وعن عصبيته أثارتني شخصيته، ما زلت أتذكر عندما فتح باب المنزل كنت في العاشرة من عمري بثيابي الرثة مرتدية نعلي المعهود وشعري المنكوش كالشجرة المشذبة وبشرتي التي اسمرت بفعل أشعة الشمس فتركت آثارها على وجنتي،كنت قصيرة الطول رفعت رأسي لأتمكن من رؤيته طويل القامة عريض الوجه والكتفين وهو ينظر إليّ بعينين بندقيتين وشعره الأسود الحالك كظلام الليل مبتسمًا ابتسامته الجذابة مرتديًا طقم رياضي، وفي لحظة غرقت في بحر جماله لدرجة أنني نسيت ما أتيت لأجله إلى أن أتاني صوته العذب يداعب أذني:
- تفضلي هل تسألين عن أحد ما في هذا البيت؟
استفقت من الغيبوبة التي دامت ثواني فقلت:
- اوه نعم، هل ليليا موجودة؟
- لحظة من فضلك ومن أنتِ؟
- صديقتها فاتن.
غادر مبتسمًا بأدب وهو يقول:
- حسنًا، انتظري قليلًا سأناديها.
كانت المرة الأولى التي أراه فيها لم يبدُ كما كانت تقول في أي فرصة تتحدث عنه، تخيلته بشع الوجه ذا ملامح قاسية قاطبًا حاجبيه طيلة الوقت، بل بالعكس من ذلك أُعجبت به من أول نظرة وبأسلوبه الراقي دائمًا عندما كنت أجده في المنزل يستقبلني بحياء ورقة لم يكن من النوع الذي يُشعر الإنسان بالخوف أو التوتر عكس ذلك تمامًا.
للأمانة كنت دائمًا ملهوفة لسماع أخباره خاصة عندما غادر إلى العاصمة كنت حزينة شيئًا ما لأنني لن أقدر على مراقبته من بعيد كما كنت أفعل من قبل، عندما كان يخرج من الثانوية التي كانت في طريقنا نحو الاعدادية كنت أنتبه كثيرًا لكيلا أثير انتباه ليليا رغم أن صمتي في هذا الموضوع وعدم تطرقه معها يحزنني، فهي تخبرني بكل ما يحدث معها ولو كان أمرًا تافهًا، لكن إحساس الخوف كان يسيطر عليّ ولم أقدر على البوح لأي أحد عن مشاعري تجاهه، فرغم كثرة الشباب حولي وعروضهم الذين أعرفهم سواء في الثانوية أو في الكلية لم أعطِ لأحدهم الفرصة للتقرب مني، كان بالي مشغولًا به دائمًا رغم أنني أعرف أن ما أشعر به إحساس من طرف واحد ولا أعتقد أنه يبادلني إياه وليكن كنت سعيدة بذلك الشعور وأنا أحلم به في مخيلتي.
كنت أنتظر عطله بفارغ الصبر لرؤيته فأتحجج طبعًا برؤية ليليا لعلي أصادفه في البيت، بعد مرور خمس سنوات تخرج من مدرسته كمهندس دولة توقف عن الزيارة نظرًا لأنه احتل منصبًا مهمًا في شركة معروفة ولم تسمح له ظروفه بالمجيء.
وكانت فرحتي لا توصف عندما أخبرتني ليليا ونحن في الحديقة أنه عاد سيتوظف في المدينة نفسها بعد سنتين، لم تكن هي سعيدة كثيرًا بذلك الخبر لأنها كانت تدرك أنه سيركز معها كثيرًا ويمنعها من أشياء وخصوصًا في مسألة الدراسة ومشاكلها الكثيرة معها فهي تفضل زياراته الخفيفة في العطل لتفادي النقاشات وكثرة الملاحظات على ملابسها ومراقبتها وكل ما يخصها هي وتسنيم، لم يتغير شكله كثيرًا بل صار أكثر جاذبية، فقط تخلى عن جل الشعر الذي لم يكن يفارقه وعاد إلى التسريحة العادية، راقني شكله الجديد وأيضًا ترك لحيته تطول ما زادته وقارًا وحكمة، يظهر أكبر من سنه بفضل عضلاته وجسمه الممشوق كأنه ثلاثيني يبدو أنه يهتم بصحته كثيرًا وما يجعلني أغيب رغم حضوري نبرة صوته الشجية وبياض أسنانه الناصعة التي تشع كلما طبع ابتسامة على شفتيه تجعلني أبتسم أنا أيضًا دون أن أشعر حتى أنتبه لنفسي فأستجمع ضحكتي فورًا قبل أن يراني أحد ما وخاصة أصدقائي، ما زلت حائرة متى سأخبرهم بالأمر فعلًا أمر شاق كأنني أحمل جبلًا فوق كتفي، كأن هذا التعلق لا يحق لي في الأصل.
آه قلبي الصغير لا يتحمل..
شعيب
أنهيت المكالمة مع أمي بعد ما عدت إلى غرفتي فهي لا تبدو بخير في الآونة الأخيرة اتجهت نحو المطبخ لأطبخ شيئًا لوجبة العشاء، كنت أنتظر في كل مرة أن تسألني ولو لمرة واحدة عن الدراسة رغم أنني دائمًا من الأوائل لكنني لم أستغرب أبدًا ما شانها وما شأن الدراسة فهي أقصى أحلامها أن يصير ابنها فلاحًا أو راعي غنم مثل أبيه، طبيب أم مهندس أو ما شابه ذلك لا تفقه فيه شيئًا ولا يعني لها الأمر بالبتة خاصة لشخص مثلي سقط من الحمار ما سبب ذلك ارتجاج في الدماغ، أحمد الله تعالى لأنه أعطاني فرصة ثانية للنجاة رغم تلعثمي في الكلام والتأتأة التي تلزمني أينما حللت وارتحلت عندما أتممت الابتدائي في قريتي اضطررت المغادرة إلى مدينة مراكش لأتم دراستي وبفضل مؤسسة دار الطالب التي وفرت لي السكن وكذا المنحة التي منحتني إياها الدولة بما أنني من ألمع التلاميذ وأولهم، في البداية واجهت صعوبات كثيرة بيد أنني قروي فأنا خجول جدًا، عندما كنت أتلعثم أمام المعلمين أجد نظرات الكل متوجهة إليّ ولم أتخلص من خجلي إلى أن التقيت بالخرقاء ليليا والمجنونة فاتن منذ أربع سنوات رغم فرق السنين بيننا لم ألحظ ذلك قط ما زلت أتذكر اليوم في السنه الأولى بكالوريا لم أستطع لفظ كلمة ما في القسم واستغل أحد البغيضين غياب الأستاذ وقام بخلق نكتة حول الموضوع ليجعلني أضحوكة أمام تلاميذ القسم، لم أعرف كيف أتصرف في بداية الأمر بدأت ألتفت يمينًا شمالًا كأنني أستنجد بأحد ما..
- التلعثم أو التأتأة ليست بإعاقة وإنما الإعاقة الحقيقية هي أفكارك المتسخة المليئة بالقذارة وقلبك الحاقد، لو استطعت حل مسألة رياضية واحدة من بين المسائل العديدة التي يحلها شعيب لما تلفظت بتلك النكتة الغبية أيها البليد.
جمد القسم للحظة وعم سكون غريب حتى أطلقت ليليا ضحكتها المعهودة وهي تقول:
- أحسنتِ متألقة كالعادة يا عزيزتي.
التفت لأرى من قائل هذه العبارات وجدت فاتن أمامي وهي تغمزني كأنها تقول "من هنا فصاعدًا لا تقلق" كانت واثقة من نفسها بشعرها البني وعينيها الرماديتين الثاقبتين وشخصيتها القوية وما زالت كذلك حقًا، شعرت بهيبة كبيره ذلك اليوم افتخرت بنفسي كثيرًا.