ولا أدري سـأبدأ من أين ...
عندما أحكي عن غزوة حنين ...
فـحدثت مـعجزة إلهية لخالد...
يقشعرُ لها البدن وتدمع لها العين ...
******* سأبدأ من فتح مكة *******
إذ كان بالأمر المـخيف ...
لقبيلتيّ هـوازن وثقيـف ...
هاتان القبيلتان شعرا بأن ناقوس الـحـرب قـد دَقَّ ...
فخـشيت بأن يـكـون الرسـول قد أعـد وسَـبقَّ...
لمهاجـمـتهما في عـقـر دارهـما بـعد فتح مـكـة...
فقررا بألا يتأخرا في أخذِهما زِمام المـبادرة ...
وأن يقوما هما بالهـجوم على المسلـمين...
وانضمت إليهما قبائل أُخرى متطوعين ...
*********ومن ناحيةٍ أُخرى********
المشهد في مكةِ بعد فتحها غير مكةِ قبلها ...
فابتدت الـحياة تعود طبيعية كما كانت ...
وقـلـوب بـعـض المشركين قد لانت ...
وأصبحوا عن الكُفر غُرَباء وَأقَسموا للنبي يـمـين الولاء ...
لِمَا رأوا من سـمـاحته حينما قال اذهبوا فأنتم الطلـقاء ...
وقلوب أخرى دخلت الإسلام فاترينَ الِهمة غير متحمسـين ...
وعندما هبت رياح العداوة من الباغين...
هـوازن وثقـيـف والمـتطـوعين ...
فقرر الرسول أن يلاقيهم خارج مكـة ...
كـمـا خرجوا هـم مـن ديـارهـم ...
حتى لا ينضم إليهم من أهل مكة ...
الذين لم يدخل الإسلام في قلوبهم ...
وخرج جيـش المسلـمـيـن ...
وكـانـوا بكثرتـهم معـجبين ...
وأقاموا معسكرهم بهضبة حـُنيـن ...
وجـعل النبي خالد قائدًا وخلفه بَني سُلِيم ...
وبــعــض وحـدات المـسـلـمـيـن...
وكانـوا هـم الـحـرس المتـقـدمـيـن ...
ونيتهم مع أول ضوء نهار يمروا في مضيق حُنيـن ...
لِيمـهدوا الطـريـق لـباقي الـمـحـاربين ...
وبدلًا من أن يسيطروا على مكان المعركة ذاقوا جراح الكمين
فـفاجأهم مالك بن عوف قائد جـيـش الأعداء ...
فانــتابــهم ذعـــر وخـوف وفــروا إلى الـــوراء...
لقد تحرك مالك في الليل هو وجيشه...
وفاجأ الذين كانوا يريدون مفاجـأتـه ...
مالك داهـية هـوازن يا لـذكـاء هذه العـقلية ...
ضم من يصعب إقناعهم تحت راية القبلية ...
وتربصوا للمسلمين خلف الصخور وثنيات الجبال ...
وانهــالـوا عليهـــم بالـمئــات مــن السهـام والنبــال...
فانـهـالت عليهم الـنبــال والـســـهــام من الأعـداء...
حتى وصفوها بعد ذلك كالبرد الهاطل من السماء...
وكان الــنـزول والـرجـوع فـي هــذا المـنـحــدر صــعـــب ...
وازدادت الفوضى وتداخل الناس والخيل بعضهم في بعض ...
وأرجل الخيـل تدب في الأرض وكأنـك تسمع صوت رعـد ...
وخالد يصرخ على جنوده وينادي ...
وصراخه يَهُزَ ويــرجف الــوادي ...
ويــا لـسـوء حـاله لم يـصــمد رجالــه ...
وذهـبت صـيـحات خالـد مـع الريـاح ...
وسقط من على فرسه صريع الجراح ...
فبعض رجال خالد ذهبوا مذعورين إلى معسكر المسلمين ...
وبـعـضهـم التجـأوا على مسـافـة خلـف مـكـان الكمــيـــن ...
وكـان أول الـفـاريــن مجـمـوعـة أهل مكة الـذين...
دخـلــوا الإســلام مـتــردديــن ومـضــــطـريـــن...
ولكن بـثبـات النبي الكــريم والمؤمنين الصادقيــن ...
الذين لم يخشوا الموت فصاح النبي بأعلى صوت:
(أين أيها الناس! هلموا إليَّ، أنا رسول الله! أنا محمد بن عبد الله!)
ولكن صرخاته ذهبت هباء ...
فلـقـد خـطـط مالـك بـدهـاء ...
ووصل إلى مكان النبي العناصر المتقدمة من الأعداء...
وكـلــمـــا حـاولـــوا الـــتـــقـــدم في اتــجـاه الـــرســـول ...
استماتت الصـحابة دفاعا عنه ومنعوهم من الوصـول ...
وهـنا قـتل عليّ بن أبي طـالب ورجـل من الأنصـار ...
أول مـشـرك مــن الـكـفـار لــقـد أخـذ الـنبـي الـقــرار...
بألَّا يـدع مـالــك يـذهب بما حـقـق من انــتـــصــار...
فــالـتـفــت إلــى عــــمـــه الــعـــبـــاس...
وكان معروف بشدة صوته وسط الناس...
فـــصــاح الـــعـبــاس بـصـــوتــه الـقـــوي ...
فأجاب معظم المسلمين وتجمعوا حول النبي...
وكــلــمــا تــجــمــع حــولــه مــئــة ...
أمرهم بشن هجمة معاكسة على فئة...
وكان رســول الله يــحـارب ويــردد:
(أنا النبي لا كذب أنا بن عبد المطلب)
ولـــم يــمــر وقــت طـويــل حــتـــى ازدادوا أضـعـــاف ...
وعندما شعر النبي أن المتجمعين حوله وصلوا إلى آلاف ...
أمــرهـم بالـقيـام بــهـجـوم عـام لــيــحـقـــقـوا الأهــــداف ...
وكان المسلمون بارعـين في فــن الـمــبـارزة بالأسـيـاف ...
فــالآن حــمــي الـوطـــيــس وسـار الأمـــر على خـلاف ...
وعندما تمكن المسلمون من رقاب المشركين ...
وضــع مـالـك خــطـة لـلانـســحـاب فـاريـن ...
مــن هــول ما رأوا كـانــوا مــتــعجـــبـيـــن...
إذ أنزل الله سكينته على المؤمنـيــن ...
وأيدهم بجـنود لــم تــراهـــا الــعيـن ...
وهذه ثاني غـزوة تـشـارك فيها الـمـلائكة بعد بدر...
ولكن هذه الغزوة لم تشترك في القتال كما من قبل...
فقط انتشرت ودبت الرعب في قـلوب الكافـرين...
ولم يشترك خالد في الهجوم الذي شنه المسلمون!
فسـأل الـنبـي عن خـالـد أين يــكون؟
فكان مستندا على بعيـر غـير قَادرٍ على أن يقوم ...
وهنـا حدثـت المعجزة لخالد على يد الرســول ...
نفخ رسول الله على جراحه البليغة ...
يـا خـالـد ما هــذه المـكانـة الرفـيـعـة!
بعد أن كـنـت غير قـادر عـلى الحـركة ...
جعل الله في يد الرسول الشفاء والبركة ...
وكأنه لم يصبه أذى فـشعر بالقـوة وقـام...
وتمكـن من قـيادة مـجـمـوعة الفـرسـان ...
ولـحـق بـمـجـمـوعة الزبـيـر بن العوام ...
الذي كان بارعًا مثل خالد في المبارزة بسيفان...
وبـــدأوا يــقاتــلـون بـكــل شــجــاعــة وإقـــدام ...
وتـشـتـت الأعداء وفروا إلى الأمــام...
وبدأ يتفكك تحالف الأعداء بشكل تام...
وهكذا انقشعت الغمة...
وقتل دريد بن الصمة...
ذلك الكهل الكـبير الذي أعان الـكافرين بفكرة الـكمـيـن...
يا من كنت لأعداء الله نصير فإلى جهنم وبئس المصير...
وهو أيضًا كذلك من أعترض على أمر مالك...
حينما فرض على قبيلته وأصـر على رأيـه...
أن يأخذوا ورائهم أموالهم ونسائهم وأطفالهم...
وهزموا أعداء الله في المعركة مدحورين...
وفر مـالـك وهو يـتـعجـب من هذا الـديـن...
وأفاق المسلمون من صدمة الكميـن...
وكانت قليلة للغاية خسائر المسلمين...
بسبب رمـاة الـعـدو غــيــر الماهـريـن...
وبفضل الله انتصر المسلمون في حنين...
عـنـدمـا تيـقـنـوا أن الـنصـر مـن عنـد الله...
فبعد أن غرتهم كثرتهم أصلحهم جل علاه...
وبسبب الإصرار لدى المسلمين والعزيمة...
وعدم تـقبل النـبي للهزيـمـة...
ولأن مالك بنصره كان يُبهر...
ونسي بأن يقـيـن المسلـمين قوة لا تـقـهـر...
**********************
**********************