شكر وتقدير
للأديب الكبير أيمن رجب طاهر
الحائز على
جائزة الدولة التشجيعية 2017 عن رواية القحط
جائزة كتارا 2021 عن رواية الهجانة
رئيس نادي القصة بأسيوط
على تطوعه بالمراجعة والتدقيق اللغوي لنصوص المجموعة القصصية ونصائحه وتوجيهاته المميزة
بقعة
بقعة تتمدد على حين غرة، تفاجئني وأنا لا أحسب لها حسابًا، أفشل دومًا في التنبؤ بها، تغافلني وتغير عادتها في كل مرة؛ فلا تستقر على واحدة، ولا يسبقها ما يشي بقرب ظهورها، يحسدنني كوني لا أكابد ما يعانينه من آلامها، بينما أحسدهن أنا على تلك الآلام التي تنذرهن بما هو قادم؛ فلا يقدمن على حماقات قد يندمن عليها فيما بعد، أو ربما تجعلهن لا يقوين على الإقدام عليها من الأساس!
لا أدري إن تراجعن عن حسدهن إياي، أم أنهن ظنوني بطلة ذلك اليوم الذي صفعت فيه معلمة الفصل في منتصف فناء المدرسة؛ لأنها سحبتني من شعري لتساوي بي الصف، يومها تلويت من الألم، ولكن لم تكن آلامها!
- لما تجيلك احبسي نفسك في أوضتك ومتتعامليش مع بني آدمين!
هذا ما قالته لي أمي ذات مرة حين سكبت عليها كوب الشاي الساخن عمدًا، بعد أن أعلنت تذمرها من إنجابها إياي بدلًا من إنجاب رجل يعينها على نوائب الدهر، فما فائدة إنجاب فتاة تنسى حتى إضافة السكر للشاي قبل تقديمه؟! لم تكن المرة الأولى التي تتصيد فيها أخطائي، وتجعلها سببًا للندم على وهبي حياة لا أستحقها، وعادة لم أكن أعبأ كثيرًا بالأمر، بل أحيانًا ما أخذته على سبيل المزاح، وأعلن لها بدوري أنها ما كانت لتصمد يومين دوني، ولم يكن ألف رجل لو أنجبتهم أن يحلوا محلي في حياتها، ولكن في تلك المرة لم أكن أنا!
- مفيش فايدة فيكي، انت واحدة غبية، عمرك ما هتعرفي تبقي زي بقية الستات، الله يسامحها أمي اللي بليتني بيكي، وماتت وسابتك كاتمة على نفسي انت وعيالك.
ربما كان من الأجدى لو أنني عملت بنصيحتها اليوم، ولكنها رفاهية لا أملكها، فمن للبيت سواي؟ لا أذكر كيف بدأ الشجار أو علام كان؟ كل شجار بيننا ينهيه بهذا الحوار، ثم يعود معتذرًا أنه لم يقصد ما قال وأنها ساعة شيطان، اعتدت أن يقول، واعتاد أن أغفر؛ لذا لم يتنبأ أيٌ منا بأن أمرًا مغايرًا سيحدث هذه المرة، لم أكن أنا، وإنما سكين يعرف طريقه جيدًا حيث عليه أن يكون، وبقعة حمراء تتمدد على صدره!