أشرق الصباح في جزيرة أرخبيل ليتعالى صوت المنبه في منزل صغير مطل على شاطئ البحر مباشرة، كان عبارة عن غرف متجاورة وبهو صغير يطل من الجانب الزجاجي على البحر مباشرة وحديقة خلفية بها أرجوحة ومكان للمدفأة.. يصل المنزل بالرمال سلمًا صغيرًا مكونًا من أربع درجات على كل واحدة منهم مكتوب اسم وبجانبه شكل ما صغير، الأولى كان مكتوب عليها (ايجه) كاسم البحر المطل على الجزيرة ورسمتها الصغيرة كانت عبارة عن موجة، الثانية مكتوب في منتصفها (طارق) ومرسوم حول الاسم أوراق تاروت وعقرب صغير، أما السلمة الثالثة فكان اسم شبه محذوف بقى منه حرفين فقط وهما الياء والباء وعلى طول السلم مرسوم ليلة النجوم ولكن على عكس اللوحة الأصلية كانت النجوم بيضاء، وكانت آخر سلمة متهالكة بعض الشيء ولكنها ملونة ومكتوب على الجزء السليم منها (محمد).
في داخل المنزل كان المشهد دافئًا للغاية، أشعة الشمس تسحبت عبر الستائر المعلقة لتستقر فوق طاولة مستديرة حولها أربعة كراسٍ من نفس ألوان السلم الخارجي، وكل كرسي مكتوب عليه اسم صاحبه بزخرفة معينة.. كان الكرسي الثالث يعتليه اسم (زينب) وقد كانت هي أول من خرج من الحجرة وفي يدها نظارة شمس وغطاء أبيض سميك... كانت زينب فتاة يافعة بشعر غجري، تحرم نفسها من كل ما تتمنى لأجل أن تصبح دائمًا الأجمل والأنظار مركزة عليها هي فقط، أمسكت هاتفها ثم نظرت لتجد الشبكة منعدمة فقالت بضيق:
- اكتمل اليوم.. لا توجد تغطية يا (طارق).
خرج من كل غرفة شخص فكانت الغرفة الأولى ل (طارق) وهو شاب يظهر عليه أنه في منتصف العشرينيات، يحب المنزل والعمل أكثر من أي شيئًا ولكن بسبب (ايجه) فهو يسافر معها حتى يطمئن على حالها خاصة وهي تسافر لأماكن تغطيتها منعدمة أو مهجورة... انفتح باب غرفة (محمد) من بعده وخرج وفي يده لوح التزحلق الخاص به وهو يقول:
- (طارق) ألن تتزحلق معنا اليوم؟
عاد لحجرته ثم أحضر اللوح في نفس اللحظة التي خرجت فيها (ايجه) وهي تتثاءب، كانت فتاة أقل جمال من (زينب) ولكن حالها أفضل فهي لا تهوى الإضاءات ولا تلك الأمور التي تحبها صديقتها، هي فقط تريد العيش في أماكن منعزلة برفقة من تحب وهذا يكفي... أحضرت هي الأخرى لوح التزحلق ثم قالت وهي تنظر ل(زينب) بحيرة:
- لماذا تبحثين عن التغطية الآن؟... أخبرتك أنها عطلة.
- أريد محادثة أمي.
أطلق (محمد) ضحكة ساخرة ثم خرج من المنزل وخلفه البقية فيما عدا (زينب) التي ظلت واقفة في مكانها وقلبها ينبض بطريقة مرعبة... خرجت من بعدهم بعد أن أخذت لوحها هي الأخرى ثم بدأت تركب معهم الأمواج وهم يتبادلون الأحاديث بضحك، انفلتت قدم (زينب) عن اللوح وارتطمت بالمياه، حاولت أن تبقى في كامل وعيها ولكن دون جدوى، فقدت الوعي واختفت من البحر بأكمله.
في نفس اللحظة صرخ (طارق) بفزع:
- (زينب) سقطت.
كاد أن يقفز لكنه لا يعرف كيف يسبح بمهارة أسفل المياه فقفز (محمد) بدلًا عنه، ظل يبحث عنها حتى وجد بقعة صفراء في القاع وجسد زينب بجوارها فاقدة للوعي، اقترب منها يستكشف ما هي قبل أن تكبر البقعة أكثر وتنغلق فجأة.
******