أنهت جمانة وضع أحمر الشفاه ثم تطلعت نظرةً أخيرةً ناحية المرآة تتفقد ذلك الفستان الأحمر الصارخ عاري الكتفين الذي يضيق على خاصرتها لينسدل بعدها على جسدها بتناغم ومع شعرها الأسود القصير بدت كلعبةٍ ناعمة ثم تبسمت بقسوةٍ وخرجت من غرفتها عندما نادتها إليسا: تطلعت فيها بانبهار وقالت بلعثمة :
-تبدين فاتنة جمانة!! لكن انه ... مكشوفٌ قليلاً أخشى أن..."
تبسمت جمانة لإليسا قائلةً بلا اهتمام :
- لا مشكلة "
فلحقت بها تناديها مجدداً قبل أن تهبط درجات السلم
-جمانة.. رجاءً ضعي على الأقل شالاً على كتفيك لربما غضب والدك أو شقيقك نحن لا نظهر هكذا عادة "
توقفت قليلاً لتعقد حاجبيها باستسلام ثم استجابت لها لتركض اليسا ناحية غرفتها لتحضر لها شالاً ملائماً قامت بعقده على كتفيها لتتبسم إليسا بامتنان قائلة: هكذا أفضل "
وأردفت وهي تثرثر: ذات مرةٍ عندما كنت مخطوبةً من مراد ارتديت فستاناً مكشفواً فكاد أن يمزقني من غيظه "
تعالت ضحكات الفتاتين لتقول جمانة : كيف تتحملينه أشعر أحياناً بأنه مجنون ! "
تبسمت إليسا بخجلٍ عندما توقفتا أسفل السلم لتجيب : وكيف لا أحبه"
ونظرت الفتاتين ناحية مراد الذي يجلس بجانب المأذون كشاهدٍ على كتب الكتاب وأردفت :
- إنه وسيم..أنيق.. تلاحقه الفتيات أينما حل.. أتعرفين أنا أعرف أنه كان متعدد العلاقات سابقاً لكن... لكنه بالنهاية اختارني، وأنا لا أجاريه بالجمال أو الثقافة أو التفكير لكن، لكني أحبه..أحبه جداً"
تطلعت فيها جمانة بابتسامةٍ صافية مجيبة: أتمنى لكما التوفيق يا إليسا "ثم نظرت ناحية مراد..لا تنكر أنه فاتن، رجلٌ بما تعنيه الكلمة من معنى،ناجح، له حضورٌ قوي, مؤثر وذا شكيمة ووقار لكن... الخيانة تسقط أعتى الرجال بنظر المرأة، أن يكون خائناً هذا ذنبٌ لا يغتفر أبداً "
نادتها أليسا وحدقت فيها برجاء خفي وهي تتلمس بطنها المنفوخ قليلا:
جمانة...أنا ..أثق بك جدا، وأثق أنك لن تؤذيني بقول أو فعل ..
لتربت جمانة على كتفيها وقد سحقها مظهر أليسا البائس التي تكاد تكون أقرب للهذيان بسبب طيش مراد: لا خوف مني.أخبرك مجدداً.
و مشت بخطىً بطيئةً وتوقفت بجانب عبير ولم يتنبه لها أحد من كريم ومراد بعد كونهما الشاهدين على كتب الكتاب فانشغلا مع المأذون ...لحظاتٍ وأنهى المأذون عقد القران لتصدع الزغاريد ووقف الجميع بعد أن غادر المأذون لترتمي جمانة على صدر آدم وتقبله بفرحٍ وهي تبارك له، ابعدها آدم عنه قائلاً بعدم تصديق : ما هذا يا فتاة! أين كنتِ تخفين هذا الجمال!! ابتسمت لإطراءه لكنه قربها منه هامساً : لكن أحمر الشفاه فاقع والفستان ضيق و..."
كاد أن يكمل لتلكزه ضاحكة : اصمت بحق الله وانشغل بعروسك الآن...لقد تزوجت يا اخي! " تعالت ضحكاتهما ليجيب : حسناً حسابك لاحقاً "ثم التفت ناحية نور لتعانقها كذلك مباركة"
توقف مراد مشدوهاً وهو بجانب نور ولا يفصله عن جمانة سوى خطوتين..خطوتين جنونيتين فقط جعلتاه لا يزيح ببصره عنها، بفستانها الأحمر الذي ينسدل على جسدها بانسيابية، بشعرها االأسود الذي يداعب كتفيها .. بذلك الكحل الذي ارتسم على جفنيهاخطاً جريئاً ليزيد عينيها اتساعاً ...أحمر الشفاه الصارخ ..وكأنه خلق ليغمر هذه الشفاه فقط، اضطرب تنفسه وهو يطالعها بانبهارٍ وغيرةٍ واضحة كذلك من نظرات كريم الذي ابتعد بعد دقيقةٍ كاملة وهو يتأملُ كل جزءٍ فيها، شعرها، عينيها، الشال الذي ارتخى عن كتفيها ليظهر جزءٌ منهما ....غادر كريم كمن تطارده الشياطين هرباً منها ومن نفسه وخرج إلى الحديقة ليدخن بشراهة ليعيد ترتيب أفكاره..كيف تورط وقبل الحضور مجدداً بهذا الجنون كيف استكع لرهف التي أصرت على حضوره بل وأصرت على أن يتأنق لأول مرة بحياته...أجبرته على ارتداء بذلة أنيقة سوداء ...بقولها اليوم ستكون راضياً جداً....
حتى أن عابد دعاه لحضور حفل الخطوبة وأصر على حضوره..فرأى أنه من غير اللائق ألا يلبي دعوته..
أغمض مراد عينيه ثم آخذاً نفساً عميقاً وقد أحس بانطباقٍ في صدره فتشبثت إليسا بذراعه قائلةً بمرح مفتعل: هيا نرقص يا مراد"
والآن فقط لأدرك أن الجميع قد غادر ليرقصوا على أنغام موسيقى هادئة، حينها لم يتنبه مراد على ثوب زوجته ذا اللون الأزرق الهادئ، لم ينتبه على شعرها الحريري ولا شفاهها الوردية الناعمة، لم يلقِ أدنى نظرةً ناحية بطنها المنفوخ أسفل فستان الجميل الناعم ..واستدار ليومئ لإليسا بابتسامةٍ بالكاد رسمها على شفاهه واستدار مرةً أخرى ناحية جمانة التي جلست على الكرسي بسكون..
قربها آدم إليه وهما يرقصان بهدوء : أخرسني جمالك هذه الليلة!
قهقهت نور لتداري خجلها وقالت بتهكم : أخرسني!!! أهكذا يغازلون زوجاتهم يا متخلف !؟
تراقصت عيناه وقال بهيام وهو يتلمس خصلات شعرها االكستنائي المتمرد : لا تطيلي هذا اللسان مجدداً "
هزت رأسها بعتابٍ ليقترب أكثر هامساً : يا زوجتي وحبيبتي وعشقي الأول والأخير"
احنت رأسها بخجلٍ وارتباكٍ من نظراته المنكبة عليها ليهمس مجدداً : لا تحرميني من نظراتكِ نوارة انتظرت هذه اللحظة طويلاً جداً ... انظري إلي "
ضيقت حاجبيها مجيبة بخفوت : لا ... أنت تخجلني بكلماتك ونظراتك !
فقال مازحاً:
-الآن كنت أحمق لا يعرف كيف يغازل!
- وانفلت لسانك فجأة فأخجلني!
ابتسم في سعادة وهمس: اخجلي كما شئتِ فأنا أعشق هذا الخجل، يأسرني، يتملك كياني هذا الخجل الفطري "
-آدم ...كفاك " قالتها وهي تحني رأسها وتضربه على صدره وقد اكتسح الخجل تقاسيم وجهها فقال مازحاً ليزيح التوتر عنها:
-وإن لم أكف عن ذلك ستشكينني لبابا ؟ ... ستقولين له.. زوجي قليلُ أدبٍ و يغازلني !!
تعالت ضحكاتهما هذه المرة ليتلقفها بين ذراعيه ويدور بها بسعادةٍ لتهمس بحرجٍ بعدما توقف بصوتٍ بالكاد خرج من بين شفاهها : غبي !! ينظرون إلينا " ابعدها عنه قليلاً وقال وهو يلهث : لجهنم... زوجتي وحرٌ أنا بما أفعله "
مخطوبتك فقط...
حملها بين ذراعيه مرة أخرى ودار فيها صائحا :
بل زوجتي..زوجتي..
آنسة جمانة هل تشرفيني بهذه الرقصة: رفعت رأسها لتتطلع بالمهندس ضياء الدين الذي يعمل في الشركة، بسط كفه ناحيتها بابتسامةٍ عذبة بينما تطلع فيهما مراد بنظراتٍ حارقةٍ وتمنى أن يحرقه هذه اللحظة، حدقت جمانة بضياء بارتباك وكادت أن تمانع وقبل أن تجيب قاطعها صوتٌ قادمٌ من خلفهما قائلاً بوقار:
-نأسف لك الآنسة لن ترافقك "
قالها كريم بنظراتٍ حادةٍ خرجت من عينيه بعدما رجع من الحديقة ليراه أمامها، حدق فيه ضياء قائلاً بانزعاج :
- عفواً وما شأنك أنت أنا أتحدث معها "
وقفت جمانة بتأهب فسقط الشال على الأرض.. احتضنت فجأةً كف كريم قائلةً باندفاع :
-إنه خطيبي يا سيد ضياء"
تلكئ ضياء ثم أجاب باحترام:
-تشرفنا.. ونأسف للإزعاج، عن إذنكما "
قالها وانصرف بلباقةٍ بينما تسمر كريم بمكانه إثر كلماتها القليلة التي زلزلت كيانه بهذه اللحظة، تطلعت فيه قائلةً بجبروت :
-لم يكن هنالك داعٍ لتدخلك كنت سأصرفه دون مشاكل "
ثم حاولت سحب كفها لتغادر لكنه شد بقبضته عليها أكثر وهمس وهو يحدق فيها :
-كذبتِ... فلتكملي كذبتك حتى النهاية "
انحنى على الأرض ليلتقط الشال واقترب منها ليعقده على كتفيها بحاجبين معقودين وسحبها من يدها مرةً أخرى وشد بذراعه على خاصرتها ناحيته ليرقص: أنا...لا أعرف "
قالتها بتوترٍ وهي تحدق بعينيه المحتقنتين بينما يحدق فيهما مراد بغضبٍ جامح وهو يقابل نظراته بنظراتٍ أشد وطأة عليهما ...لن يتحمل هذا العذاب أكثر من ذلك.. لن يستطيع أبداً التغاضي عن تلك المشاعر التي يكنها لها، كان هروبه غباءٌ حتماً !
-جاري خطواتي فقط : قالها كريم بخفوت وتاه بهذا السواد الحالك الذي يطل من حدقتيها الواسعتين اللتين تحتضانهما أهدابا باتت كسهامٍ مسمومةً تغلغت داخل عروقه، لتشيح بنظراتها عنه وتجاريه بخطواته التي جعلها بطيئة لأجلها ...وبقي صامتاً ليستفزها أكثر.. صامت بطريقة أغضبتها ما الذي يريده منها ؟ نظراته واضحةً وضوح الشمس..
تدفقت التساؤلات بتلقائيةٍ بعقلها وهو غارقٌ بعينيها ... غارقٌ لدرجة أنه رأى انعكاس صورته على حدقتيها المتسعتين كزجاجٍ أسود داكنٍ ابتعلته عيناها الحالكتين كان بهذه اللحظة أضعف من أن يشيح بنظره عنها ...وتأملات عضلات صدره العريضة وقميصه الأسود الذي لاق به بشكل أصبحت عاجزة عن وصفه... !
تنبهت على نظراته التي لم يزحزحها فنطقت لتزيل التوتر القائم بينهما هذه اللحظة:
- أخبرتني...ذات مرة أن مشاعرك صادقة"
انتشلته من شروده بكلماتها القوية ليتطلع بها وكأنما كان بعالمٍ آخر وحط على أرض الواقع، توقفا عن الرقص و طال صمته يحاول التبرير بأي كلمة، ولربما بهذه اللحظة لم يشأ أن يتكلم فقط يريد أن يأخذها بين ذراعيه لأن مشاعره وصراعه هذه اللحظة لا تترجمها كلماتها الغبية! وكم تمنى أن يجن هذه اللحظة ويفعلها !
حدقت فيه تنتظر الإجابة وعبوسه يزداد من نظراتها وكأنه خائفٌ منها! وخائف من أن تطعنه هي الأخرى بجرأة ووقاحة ..
تبسمت بتهكم منه واطلقت لسعات لسانها: كما توقعت أنت مجرد كاذبٍ...وربما كنت تريد أن تتسلى فقط"
وانسخت عنه لتغادر بغضبٍ هادر اجتاحها ناحيته، افلت مراد اليسا بذات اللحظة قائلاً سأعود سريعاً " وما كاد أن يخطو ورائها حتى ناداه رضوان ليلقي السلام على أحد رجال الأعمال ! ليشد مراد على قبضتيه بغضبٍ ويتجه ناحية والده وقد اشتعلت نظراته الحارقة وخاصةً عندما هرول كريم خارج الباب ليصعد درجات السلم ناحية السطح ليلحق بجمانة التي اندفعت اليه كيلا يراها أحد....
دفعت باب السطح بعنف بكفيها ودلفت تتصارع أنفاسها المتثاقلة لتعب الهواء بجشع، اعتصرت بقبضتيها فستانها الطويل وقد تملك الغضب على كل ذرةٍ بجسدها خطى داخل السطح قائلاً بصوتٍ مهزوز : لست بكاذب "
أغمضت عينيها بألمٍ تكافح لكبح دموعها ثم استدارت فجأة لتقول بحنق : مالذي تريده مني بعد ؟ "
حدق فيها وكأن حرباً طاحنةً تنشب داخل صدره، تاه ببريق عينيها الواسعتين الكحيلتين الغاضبتين فأغمض عينيه ينازع نفسه عن التحديق فيها..لما الحب مؤلمٌ بهذا الشكل، لما شن الحب حرباً دموياً هذه اللحظة لتفتك به !
أشعل سيجاراً وشرع بتدخينه بشراهةٍ فقالت بلا وعي وقد خفت وطأة حديثها : دخنت كثيراً الليلة ستتلف رئتيك بهذا الشكل !"
لاحت ابتسامةٌ ساخرةٌ على شفاهه وهو ينفث دخانه قائلاً بلا مبالاة: لا فارق....التلف يتملك حياتي بأكملها "
-سألها وهو يتفرس بملامحها:
- مراد... هل يعني لكِ شيئأً ؟ تطلعت فيه بعدم تصديق لتصرخ بغضب : ما الذي سيعنيه لي !! ما الذي سيعنيه لي ذلك الرجل ! إلى أين تريد أن تصل بكلماتك ؟!
استدارت عنه بحنقٍ ليديرها إليه مجدداً وهو يجابه صراخها بأعلى :رجعت للعمل برفقته! و أخبرني بتلك الرسالة التي أرسلتِها له قبل أن تختفين ...أخبرتيه علانيةً بأنكِ تهربين من شعورٍ بات يخيفك تجاهه، وكأنك تتذرعين بزواجه من اليسا لذلك تبتعدين عنه, و...إنه يحبك.. أنا .. أنا لا أستطيع أن أتخيل بقايا مشاعر تجاهك ناحيته.... لن أتحمل...إن اجتمعنا سويا لن أتحمل أن يكون لك ماض مع ابن عمي أتفهمين!!"
هزت رأسها بصدمة : إذن تتذرع بالرسالة التي كتبتها ذات يومٍ وحتى قبل أن أعرفك!!
ثم تعالت ضحكاتها بشكلٍ هستيري وقالت :
أنا الغبية التي صدقتك كذبك وكلماتك الرخيصة ذلك اليوم، لن أستطيع مجاراة عالمكم الأرستقراطي اللعين .."
ودفعته بعنفٍ من أمامها لتهبط درجات السلم فجذبها من ذراعها بعنفٍ إلى السطح مجدداً وأغلق الباب ليرتج الحديد وصرخ : لم أكذب أيتها الغبية بمشاعري ,لم اكذب عليكِ بأي كلمةٍ قلتها ذلك اليوم..بل أنا .. أنا أحترق من مشاعره تجاهك لا استطيع أن أفعل هذا بابن عمي.....لست متأكد ٌ كذلك من مشاعركِ نحوي ... لستُ أعرف، أخاف أن أتعرض لصدمةٍ عنيفةٍ أخرى... لقد تركتني واستقليت السيارة برفقتهم ذلك اليوم الذي كنا فيه على الشاطئ، ذهبت دون أن تعطيني أملا واحداً لبقائك ومحاربتك الجميع معي...وبعدها بعدها أعرف أنك بدأت بالعمل معه...بنفس المكتب كل يوم وتريدين أن أضحك وكأن شيئاً لم يكن!
ثم انخفض صوته بشكلٍ ملحوظ ليتحول لهمسٍ مهزوز محتضناً وجهها بكفيه وقد ارتكز بجبهته على جبهتها : لست أنقص بحق الله أن تفعلي هذا بي"
تهدج صوتها وهي تقول بعدم تصديق :
أنا ..لن أؤذيك..أنا.." لكنه قال مجدداً وهو يرفع وجهها لتتلاقى نظراتهما : ألا يوجد مشاعر أبداً ناحيته إرحميني وانطقيها وأقسم بأن يتغير الكثير بعدها، بل سيتغير كل شيء، أريد فقط أن أستشعر صدقك معي، أريد أن أتأكد أن هذا القلب لن ينبض لغيري، محتوى تلك الرسالة التي قالها شلت تفكيري تماماً وكلماته عنك، عملك معك الآن..كل شيء ملخبط... مشوش
-أيها الأحمق !!... مسحت دموعها مردفةً بقهر : إن كنتُ أكن له مشاعر غبية لن أخبرك بأني معجبةٌ بك ذلك اليوم أمام البحر لن أتلاعب بمشاعرك وقد كنت صادقاً معي! لن أبقى طيلة أيام وأنا أنتظر منك مكالمةً لعينة.. إن كنتُ أكن له المشاعر لما تبعت رهف كالبلهاء ناحية حجرة تمريناتك وقد عرفتك هناك حتى قبل أن أدخل.... وانتظرتك لنتكلم ...لتعرف نهاية الكريق وإلام سيصل بنا إن كنت أكن له المشاعر لما رفضت مطلب ضياء هذا اليوم وتمسكت بيدك أنت ... لما سمحت لك في كل مرةٍ بتشتيت مشاعري اللعينة لأنتحب وأبكي كالخرقاء وأنا لم أفعلها أبداً سابقاً ...وأنت تستلذ بضعفي أمامك على ما يبدو تحب أن ترى الحيرة والحزن والءءء"
واغتال كلماتها الباقية وهو يدفن رأسها على صدره وقال بصوتٍ متهدج وهو يغمض عينيه : هششش اخرسي.. لا أريد سماع المزيد "
شهقت وكادت أن تزييح نفسها عنه لكنه أعادها مجدداً لصدره ليشد بذراعيه عليها أكثر ليستكين بهدوء وكأن الزمان قد توقف هذه اللحظة، تمتم بصوتٍ بالكاد سمعته : أتعبت روحي يا متخلفة! أتعبت روحي بهءه الأيام القلال أكثر من تعبي لسنواتٍ وسنوات سابقاً !
تشبثت بقميصه بدموع أغرقت صدره ليبعدها قائلاً بخفوتٍ يمازحها :قميصي جديد لقد تلطخ بالكحل!
لتنفرج عيناها وتضربه على صدره بابتسامةٍ واهنة :إنه أسود ..أسود كقلبك الأحمق الذي يبكيني في كل لقاء "
تبسم بإشراقٍ ومسح دموعها بإصبعيه قائلاً بشغف : بل أنا مجنون! ... نظراتك تثير جنوني !
ثم أردف وهو يحيط الشال على كتفيها مجدداً : وهذا الشال اللعين إن سقط مرةً أخرى فسأسقط رأسك وراءه، لا ترتدي مثل هذه الفساتين الغبية مجدداً "
استدارت عنه لتداري خجلها ثم قالت وهي تتوجه ناحية باب السطح: هيا لننزل تأخرنا هنا"
أومئ لها بطاعة وهمس : يجب أن ننزل لأني لن أكون مسئولاً عن تصرفاتي إن بقينا لخمس دقائق إضافية هنا!!"
ثم احتضن كفها لينزلا سوياً وعند الباب كادت أن تسحب كفها فشد عليها أكثر قائلاً : لن أسمح لكِ بالابتعاد عني ثانيةً
-لكن ..لا يجوز إن .أبي " قالتها بارتباك فقاطعها قائلاً بثبات وهو يحدق بها : أنا عندما أحب..لا أخفي عن أحد، نحن لا نفعل شيئاً محرماً كي نداريه "
*******