LoudJeyne

Share to Social Media

لقد راودني حلم غريب ليلة البارحة، كنت في مكان غريب مع أختي جيهان ثم عثرنا على كتاب فارغ ليس فيه إلا كتابات غريبة في الصفحة الأولى، بعد استيقاظي من الحلم ظللت أفكر فيه اليوم بطوله، أنا أميل إلى نسيان الأحلام التي تراودني فور استيقاظي من النوم لكنها المرة الأولى التي أستطيع أن أتذكر حلما ما بكل وضوح، كانت جيهان تتصرف بغرابة اليوم لكنني لم ألقي للأمر أي بال و استعددت للذهاب إلى المدرسة، هناك التقيت بجميع صديقاتي و تبادلنا أطراف الحديث و رغم أنني حاولت التركيز مع درس اليوم إلا أن تفكيري يعود دائما إلى ذلك الحلم، بعض بضع ساعات رن جرس الظهيرة و اتجه الجميع إلى مطعم المدرسة لتناول الغداء، فاتجهت مع صديقاتي إلى المطعم و تناولنا الغداء معا و رغم أنني كنت أحاول العثور على جيهان طوال فترة الغداء إلا أنني لم أستطع العثور على أي أثر لها.
بعد انتهاء فترة الغداء اتجهنا جميعا إلى أقسامنا ننتظر حضور المعلمة، لكنني أردت استخدام الحمام فاستأذنت صديقاتي قائلة: "يا فتيات، علي الذهاب إلى دورة المياه سأعود سريعا."
قالت إحداهن مازحة: "هذا بسبب كمية المياه التي شربتيها منذ قليل."
ضحكت باقي الفتيات ثم رددت عليها مازحة: "ما باليد حيلة لقد كنت عطشانة بسبب حصة الرياضة."
بعدها اتجهت نحو دورة المياه و بينما أنا أنزل الدرج أوقفتني فتاة أعرفها من قسم آخر و قالت: "بيان، أيمكنك أن تعيريني كراسك لمادة العلوم؟"
"نعم بالطبع، سأحضره لكي الآن."
حقيبتي التي فيها الكراس لا تزال في القسم لذلك اتجهت بسرعة نحوه و قبل أن أقوم بفتح الباب سمعت صوت صديقاتي و هن يتحدثن، و قد صدمت عندما سمعت ما كن يتحدثن عنه:
"هل تصدقين بيان تلك؟ أنا لا أستطيع تحملها."
"نعم أنا أعلم، من تظن نفسها؟ السبب الوحيد وراء مصادقتنا لها هو أنها أخت الفتاة ذات المركز الأول جيهان."
"كنت آمل أن تكون ذكية مثلها حتى تساعدنا في رفع درجاتنا لكنها عديمة الفائدة تماما."
"لو لم يكن الاقتراب من جيهان صعبا لما اضطررنا إلى مصادقة أختها الحمقاء."
"اذا لم تكن تجيد الدراسة فعلى الأقل فلتجعل أختها تساعدنا، أم أنها تتظاهر بالغباء؟"
"هاهاهاها دودة الكتب و الحمقاء، إنه ثنائي جميل."
كنت في حيرة من أمري، منذ وهلة كنت أجلس و أضحك معهن و الآن هن يتحدثن من وراء ظهري، هل هن نفس الفتيات اللاتي أناديهن بصديقاتي؟ لم أرد سماع المزيد من كلامهن الجارح فهرولت مسرعة نحو دورة المياه و أغلقت الباب و جلست على الأرض، كانت هناك مجموعة من الفتيات و عندما رأينني أدخل مسرعة شعرن بالقلل حيالي و بدأن يطرقن على الباب و ينادينني باسمي لكنني لم أجب، كنت أحتاج بعض الوقت مع نفسي حتى أستوعب ما حصل للتو.
لقد كنت أنا و جيهان مقربتين كثيرا منذ الصغر إذ لم يستطع أحد تفريقنا، بسبب شخصية جيهان غير المتوقعة و المثيرة للمتاعب كان علي دائما التصرف كالأخت الكبرى و الاعتناء بها و التأكد من عدم وقوعها في المشاكل، كانت أمي دائما تثني علي و تمدح شخصيتي المسؤولة، لكن تغير كل شيء عند دخولنا المدرسة المتوسطة فمن كان يتوقع أن جيهان نفسها ستتحول من الفتاة المشاكسة إلى التلميذة المثالية ذات الدرجات المتفوقة، كانت عائلتنا تقيم حفلة خاصة بجيهان في كل مرة كانت تحتل المرتبة الأولى في المدرسة، و بسبب ذلك كان أبي و أمي يقارنانني بجيهان دائما و مستواها الدراسي المتفوق و أنه يجب علي أن أكون مثلها لكن مهما حاولت و مهما ارتفعت درجاتي فجيهان كانت دائما عشر خطوات قبلي مما جعلني أشعر بإحباط شديد، و لن أنكر حقيقة أنني شعرت بغيرة شديدة اتجاه جيهان و أنني كرهتها في ذلك الوقت و لأنني أردت هزيمتها بشدة قد حاولت أن أجد شيئا أنا أفضل منها فيه و وجدت ذلك الشيء، فعلى عكسي أنا كانت جيهان من النوع الانطوائي و الصامت مما جعل الجميع يبتعد و ينفر من حولها بينما كان تكوين الأصدقاء مهمة سهلة بالنسبة لي، و قد شعرت بفرحة كبيرة عندما علمت بأنني أفضل من جيهان في شيء ما، و قد ظل الأمر على ذلك الحال حتى عند دخولنا المدرسة الثانوية، إذ أن أمي قد انتبهت إلى مهاراتي الاجتماعية و عن كمية الأصدقاء التي لدي فأصبحت تقارن جيهان بي التي لم يكن لها صديق واحد في تلك المرحلة، لكنني و رغم ذلك كنت أعلم عميقا في داخلي أن جيهان كانت انطوائية ليس لأنها لا تستطيع تكوين أصدقاء بل لأنها ليست مهتمة في ذلك...، لا أصدق بأنني كنت أتفاخر أمامها بعدد الأصدقاء الكبير الذي لدي بينما لا أعلم اذا كانوا يعتبرونني صديقتهم فعلا أم هم يستغلونني فقط.
شعرت بغثيان شديد في معدتي و كأنني كنت على وشك التقيؤ، كانت أصوات البنات و هن ينادينني مزعجة للغاية، لففت ذراعي حول معدتي و أغمضت عيني بشدة...و ظللت أفكر في شيء واحد: "...أتمنى لو أستطيع الذهاب إلى مكان آخر، مكان بعيد ينسيني ما سمعته للتو، مكان لا يوجد فيه أحد حتى أظل لوحدي فقط..."
لم أعد أستطيع سماع صوت الفتيات بعد الآن فظننت بأنهن غادرن و عندما قمت بفتح عيني فوجئت بمنظر عجيب أمامي، لقد كنت في وسط سهل واسع ذو عشب طويل أخضر مزين بأزهار من جميع الألوان و الأشكال و عندما رفعت نظري رأيت السماء الزرقاء الصافية و أشعة الشمس الجميلة من حولي، لا أعلم كيف وصلت إلى هذا المكان أو أين أنا بالتحديد لكنني لسبب ما شعرت براحة شديدة في هذا المكان، و بينما أنا أتنشق الهواء المنعش لاحظت أن معدتي لم تعد تؤلمني بعد الآن، لم أعلم ما يجب علي فعله لقد فكرت في وهلة بإمكانية أن يكون هذا مجرد حلم، حلم غريب كسابقه، ربما أغمى علي في الحمام و لهذا أنا هنا، قمت بقرص نفسي للتأكد من أن هذا مجرد حلم لكن القرصة آلمتني مما يعني أن هذا ليس حلما بل حقيقة، تملكني الذعر في تلك اللحظة و رحت أنظر من حولي في توتر و أنا أتمتم لنفسي: "كيف يعقل هذا؟! كيف وصلت إلى هنا؟!! هذا ليس منطقيا البتة!! و كيف أعود إلى المدرسة؟!؟ ماذا لو لم أتمكن من العودة أبدا!!!"
لم أتمكن من تمالك أعصابي و بدأت أصاب بالهلع، لم أستطع الوقوف على قدمي فجلست على الأرض و لم يبدو بأن أحدا يعيش على مقربة من هنا فلم أستطع طلب المساعدة، بعد مدة هدأت قليلا ثم بدأت أفكر في طريقة للعودة إلى المدرسة لكن دون جدوى فأنا لم أعلم السبب وراء ظهوري هنا في المقام الأول و لسبب ما وجدت نفسي أعيد التفكير في ذلك الحلم الغريب من جديد ثم فكرت في نفسي: "هل يعقل أن يكون ذلك الحلم هو السبب وراء كوني هنا؟"
صمت للحظة ثم وقفت و قلت: "لا، لا يمكن هذا، ما هذا الذي أفكر فيه أنا الآن؟ لا بد أنني فقدت عقلي بدل البحث عن طريقة للعودة ها أنا ألوم حلما سخيفا على حالي."
أغمضت عيني في تعب ثم قلت لنفسي: "أريد العودة إلى أين كنت، أريد العودة حالا لا أريد التواجد هنا..."
عندما قمت بفتح عيني وجدت نفسي جالسة على أرضية الحمام أين كنت من قبل: "لا أصدق هذا، لقد عدت! لقد عدت! الحمد لله قد عدت!!"
ثم سمعت صوت الفتيات و هن ينادينني باسمي فقمت و فتحت الباب: "بيان! أخيرا فتحت الباب، هل أنت بخير؟"
"رأيناك تهرعين إلى الحمام ثم أقفلت الباب."
"ما الخطب هل أنت مريضة؟"
طمئنت الفتيات و أخبرتهن بأني كنت أعاني من البعض الألم في معدتي لكنني الآن بخير، و قبل أن تقول إحداهن شيئا سمعنا رنين الجرس معلنا عن بدأ الحصة فعدنا جميعا إلى أقسامنا، عندما دخلت القسم وجدت "صديقاتي" مجتمعين مع بعض و عندما لاحظنني قالت إحداهن: "بيان لقد تأخرت، ما الخطب هل حدث شيء ما؟"
"لا، لم يحدث أي شيء." قلت ذلك و أنا أجلس على مقعدي غير مكترثة لهن، و كان من الواضح أن تصرفي غير المبالي جعلهن في حيرة من أمرهن.
بعد انتهاء اليوم الدراسي عدت إلى المنزل قبل جيهان و بعد أن غيرت ملابسي جلست في غرفة المعيشة بينما كانت أمي تشاهد حصة طبخ و بدأت أبحث عن الحالة التي حصلت معي اليوم في الإنترنت لكن كل النتائج كانت تؤكد على أن ما حدث هو انهيار عصبي، عند رؤيتي لتلك النتائج ارتبكت و لم أعرف ما أفعل ان كان ما حدث معي قبل قليل حقا انهيارا عصبيا فهذا قد يفسر الكثير، رفعت نظري نحو أمي التي كانت جالسة بقربي و تساءلت ان كان يجدر بي إخبارها بما حدث معي اليوم لكنني صرفت الفكرة خوفا من أن تظن أني فقدت عقلي، عندها دخلت جيهان مسرعة عبر الباب الرئيسي و من دون أن تلقي السلام حتى أقفلت على نفسها في غرفتها مما أثار قلق أمي لكني لم أهتم للموضوع كثيرا.
بعد مدة كنت قد ذهبت إلى غرفتي و رغم أن ما حدث معي اليوم لا يزال يثقل همي إلا أنني حاولت إشغال نفسي بحل واجباتي المدرسية، فرؤية نتائج البحث منذ قليل قد جعلتني أخاف من كوني قد فقدت عقلي فحاولت التظاهر بأنني بخير و بأن شيئا لم يحدث، بعد أن حللت واجب الفرنسية تعسر علي حل واجب الفيزياء و ذهبت إلى جيهان لطلب المساعدة، كنت واقفة أمام باب غرفتها و تذكر ما حدث معي اليوم جعلني أشعر بالخجل لسبب ما رغم أن جيهان ليس لها فكرة عما حصل، ظللت واقفة أمام باب الغرفة حتى استجمعت الشجاعة الكافية لطرق باب الغرفة، سمعت جيهان و هي تنهض بسرعة و تقوم بفتح الدرج و وضع شيء فيه، عندها فتحت جيهان الباب لي، و بعد أن أخبرتها بطلبي أدخلتني الغرفة و جلسنا نحل الواجب معا، كانت جيهان طوال تلك الفترة تبدو متوترة و هي تنظر باتجاه الدرج لكنني لم أتجرأ على أن أسألها أي شيء، كل ما جال في خاطري هو أنها كانت تخفي شيئا ما في ذلك الدرج...
بعد انتهاء وقت العشاء جلست جيهان مع أبي و أمي و سامي في غرفة المعيشة و كانت تلك فرصتي، دخلت غرفة جيهان و اتجهت نحو ذلك الدرج لفتحه لكنه كان مغلقا، احتاج الدرج إلى مفتاح لأستطيع فتحه و لأنني أعرف جيهان جيدا أعلم أين تخبئ أي غرض لا تريد لأحد العثور عليه، أمسكت بكرسي المكتب و جررته ناحية الخزانة ثم صعدت فوقه، بدأت أمرر راحة يدي على سطح الخزانة و أقوم بتحسسها حتى وجدته، لقد كان المفتاح هناك...
نزلت من على الكرسي بسرعة و اتجهت إلى المكتب لأفتح الدرج و بعد أن قمت بفتحه وجدت أوراقا و ملاحظات عليها كتابات غريبة أشعر بأنني رأيتها من قبل، بعد أن أزحت الأوراق وجدت كتابا عن اللغة السومرية و طريقة ترجمتها: "ما هذا؟ هل جيهان مهتمة بدراسة هذه اللغة؟ و لكن،...لما تبدو هذه الكتابات مألوفة بالنسبة لي؟"
أمسكت الكتاب و عندما قمت بفتحه وقعت ورقة من بين طياته فانحنيت لاستعادتها، كانت الورقة على عكس باقي الأوراق و الملاحظات محفوظة بحذر مما أثار فضولي فقمت بفتحها. و صدمت مما رأيته، كان مكتوبا على الورقة جملة باللغة السومرية و كان تحتها ترجمتها باللغة العربية.
"...الغرض الوحيد وراء وجود هذا الكتاب هو خدمة و إطاعة أوامر حامل الصحوة و المساعدة طوال فترة تأسيس الجوهر..."
كانت الجملة مألوفة لدرجة كبيرة حتى أنني ظللت بضع دقائق أحاول تذكر المكان الذي رأيته فيها، عندها شعرت بالدم و هو يتجمد في عروقي عندما تذكرت من أين رأيتها، كانت هذه الجملة ما كان مكتوبا في الصفحة الأولى من الكتاب الذي رأيته في حلمي، لكن أنى لجيهان أن تكون على علم بهذه الجملة...؟
و هكذا و بينما أنا ضائعة في أفكاري قررت أن أقوم بنسخ الكتابات في ورقة أخرى و أخذها معي فأمسكت بقلم من الأقلام الموضوعة فوق المكتب و دونت ما كان مكتوبا في تلك الورقة ثم أعدت كل شيء إلى مكانه و خرجت من الغرفة متجهة إلى غرفتي، أقفلت باب غرفتي ثم جلست فوق السرير أتأمل ما نسخته من عند جيهان، لم أستطع فهم المعنى وراء العبارة لكن ما شغل تفكيري هو حقيقة وجود هذه العبارة بالذات عند جيهان، هل كانت مجرد صدفة؟ أم هي أكثر من ذلك بكثير؟ و هل لهذا علاقة بما حدث معي اليوم؟ تنهدت بسبب شعوري بالعجز عن الإجابة عن هذه الأسئلة فقمت بطوي الورقة ووضعها تحت وسادتي.
عندما قمت بفتح عيني وجدت نفسي في ذلك المكان الغريب مجددا، مكان واسع مليء بالضباب يصعب الرؤية من خلاله لكن هذه المرة لاحظت بأنني أحمل الكتاب بين يدي قمت بفتحه و لاحظت الكتابات الغريبة مرة أخرى لكنها فجأة بدأت تتصف و تتحول إلى حروف عربية مفهومة و فوجئت عندما وجدت نفس الجملة مرة أخرى.
"...الغرض الوحيد وراء وجود هذا الكتاب هو خدمة و إطاعة أوامر حامل الصحوة و المساعدة طوال فترة تأسيس الجوهر..."
كنت مرتبكة لرؤية هذه الجملة و عندما قمت بقلب الصفحة لاحظت كتابات أخرى جديدة قد ظهرت.
"...واقع مكان، حد الأذهان..."
"...واقع لسان، لغة إنسان..."
قمت بتحسس العبارتين الجديدتين اللتين ظهرتا بواسطة أناملي و فجأة لاحظت درجا طويلا يظهر أمامي و من دون تفكير بدأت أصعد الدرج خطوة بخطوة و درجة بدرجة، لا أعلم ما الذي حصل لي و كأنني فقدت إدراكي لبعض الوقت إلى أن وصلت إلى نهاية الدرج و لاحظت واقفا أمامي لوح ضخم و عند قدمي حجر طبشور التقطته و بدأت أكتب العبارة الثانية بشكل مستمر و أنا أقرأها بصوت عالي مرارا و تكرارا إلى أن انكسر الطبشور فرميته على الأرض و استمررت في صعود الدرج في حالة لا وعي إلى أن صرت أقف على الحافة تماما و مع أنني كنت أعلم بأن استمراري سيؤدي إلى سقوطي فحسب إلا أن قدماي قد تابعتا التقدم دون وعي مني لأجد نفسي أسقط من على الدرج من ارتفاع شاهق مما جعلني أصحو من الحالة التي كنت فيها و قبل أن يصطدم جسدي بالأرض استيقظت من الحلم و عدت إلى الواقع.
لكن بدل أن أجد نفسي في سريري المريح وجدت نفسي أقع من السماء على ارتفاع باذخ من دون سابق إنذار، دب الذعر في أوصالي عند استيعابي للموقف و التففت من حولي لكن ضغط الهواء قد بدأ يفقدني وعيي، و كنت أعلم بأنني هالكة لا محالة فتذكرت ما حصل معي البارحة في دورة المياه و شعرت بأنه موقف مشابه و بسرعة ظللت أتذكر ما فعلته في ذلك الموقف مما كان سببا في عودتي من ذلك المكان إلى المدرسة، و كان هناك إجابة واحدة، عندما فكرت بأنني أريد الذهاب إلى مكان بعيد عن الناس انتقلت فجأة إلى ذلك السهل الواسع و عندما فكرت برغبتي في العودة إلى المدرسة من جديد كنت قد عدت، لذلك أغمضت عينيا و قلت في نفسي: " أريد العودة إلى غرفتي!! أريد العودة إلى غرفتي!!أرجوك!! أريد العودة إلى سريري!!"
عندها وجدت نفسي أقع على سطح سريري و أنا بالكاد أستطيع استنشاق أنفاسي و بدأت ألهث بشدة، بعد أن هدأت قليلا قمت و جلست على السرير أحاول استوعاب ما حصل للتو، بالتأكيد لم يكن ذلك حلما فقد كدت أموت للتو، لكن ما الذي حصل بحق السماء!!!
قمت برفع الوسادة و أخذ الورقة التي كانت تحتها فتحتها و تأكدت من أنها نفس الكتابة التي كانت في الحلم ثم ذهبت مسرعة للحمام و غسلت وجهي و أسناني ارتديت ملابسي و أعددت نفسي للمدرسة و خرجت مباشرة من المنزل كان الوقت مبكرا جدا لكنني احتجت إلى أن أفكر مليا في الأمر لوحدي لذلك اتجهت إلى الملعب الذي كان فارغا، جلست على أرجوحة و بقيت أفكر في كل ما حصل معي مؤخرا، الحلم الغريب، الانتقال فجأة إلى مكان آخر، إيجاد الكتابات الغريبة عند جيهان، السقوط من السماء، لا شيء منطقي مما حدث معي.
تنهدت و أنا أتأرجح في وسط السكون المحيط بالملعب، ثم تذكرت الكتاب الذي دائما يظهر في أحلامي، نعم ذلك الكتاب السميك بدفتيه المخمليتين و زخارفه الذهبية و إسمي المنقوش عليه و صفاحته الكثيرة الفارغة باستثناء الصفحات الأولى التي تملأها بعض الكلمات التي لا معنى لها...ثم فجأة ظهر ذلك الكتاب أمام عيني و سقط على الأرض، صرخت في ذهول مما رأيته و تراجعت إلى الخلف بضع خطوات في حذر، كان ذلك الكتاب لا يزال ملقا على الأرض فتناولت غصن شجرة من قربي و وكزت به الكتاب في ارتباك ثم تابعت فتحه و هناك رأيتها، نفس الكتابات الغريبة التي رأيتها في الحلم، لكن هناك شيء غريب، فأنا أستطيع فهمها؟!
ظللت أتأمل الكتاب في حيرة من أمري حتى لاحظت أن الوقت قد تأخر و أنه يجب علي الذهاب إلى المدرسة، لم أعلم ما يجب علي فعله بالكتاب فوضعته في حقيبتي و أخذته معي إلى المدرسة.
كنت تأخرت قليلا لكن لحسن الحظ سمحت لي المعلمة بالدخول لكن مع هذا لم أتمكن من التركيز على الدرس فجل تفكيري كان في الكتاب، انتهت الحصة الأولى و بينما أنا أستعد لبدأ الحصة الثانية تقدمت مني "صديقاتي" في القسم و قالت إحداهن: "بيان، ما بكي اليوم؟ بالكاد تتحدثين معنا هل أنت بخير؟"
نظرت إليها لمدة ثم لاحظت باقي الفتيات من خلفها و هن ينظرن إلي فرددت قائلة: "بالطبع أنا بخير، في الحقيقة لم أكن أفضل من أي وقت مضى."
نظرت الفتيات إلى بعضهن ثم قالت أخرى: "إذا لماذا تجاهلتنا هذا الصباح و لم تسلمي علينا؟"
"حسنا لقد كنت في الواقع مراعية لكن جميعا، لا بد أنه من الصعب تحمل نفسي الحمقاء طوال ذلك الوقت لذلك سأمنحكن استراحة من هذا و أنهي هذا العرض القذر خاصتكن حتى لا تضطر إحداكن إلى التظاهر بكونها لطيفة معي، الفتاة عديمة الفائدة و التي لا تستطعن تحملها..."
"ماذا؟! من أين سمعتي هذا الكلام؟"
"أعتقد أنكن تعلمن من أين."
نهضت من مقعدي و اتجهت خارج القسم لبعض الوقت بعد تركي لهن في حالة توتر و ارتباك، كانت تلك المرة الأولى التي أجد فيها نفسي في مثل ذلك الموقف حتى أن أطرافي لا تزال ترتعش، و لباقي اليوم الدراسي لم تتقدم أي واحدة منهن للتحدث معي مجددا، أعتقد أنني لن أضطر للتعامل معهن مجددا عن قريب.
بعد انتهاء اليوم الدراسي التقيت بجيهان و عدنا معا إلى المنزل و بعد انتهائنا من تناول العشاء اتجهت إلى غرفتي و عندما كنت أبحث عن شاحن هاتفي لم أجده في أي مكان فظننت بأن جيهان أخذته مجددا فاتجهت إلى غرفتها و بحثت عنه لأجده فوق سريرها و بقربه حقيبة جيهان فقمت بحملها و وضعها على الأرض و تفاجئت من وزن الحقيبة الثقيل فقمت بفتحها لأرى ما الذي وضعته فيها جيهان لتجعلها ثقيلة هكذا و عندها حبست أنفاسي عندما رأيت نفس الكتاب الذي عندي في حقيبة جيهان أيضا، لم أصدق ما رأيته و بسرعة أغلقت الحقيبة و أعدتها فوق السرير و اتجهت إلى غرفتي مسرعة قبل أن تأتي جيهان.
أخرجت كتابي من الحقيبة و تأكدت من أنه يشبه كتاب جيهان تماما و أتى إلى ذهني الحلم الأول الذي راودني برفقة جيهان، أنا الآن واثقة تماما بأنه ليس مجرد حلم عادي، لكن أن تكون ترجمة الكلمات الغريبة التي ظهرت فيه بحوزة جيهان و فوق ذلك الكتاب بأم عينه، هل هذا يعني بأنني أنا و جيهان نتشارك نفس الحلم؟ و أننا نمر بنفس الظواهر الغريبة؟…
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.