GilbertKeith

Share to Social Media

كان جيمس باجشو وويلفريد أندرهيل صديقين قديمَيْن، وكانا شغوفَين بالتجوُّل في
الشوارع أثناء الليل، حيث كانا يتجاذبان أطرافَ الحديث، بينما يجتازان المنعطف تلوَ
الآخر في المتاهة الساكنة التي تبدو وكأنها تخلو من أيِّ حياة للضاحية الكبيرة التي
يَعيشان فيها. إن الأول — وهو رجلٌ ضخم الجسم داكن اللون، يتحلَّى بخفة ظلٍّ، وله
شارب أسود رفيع — كان محققَ شرطة محترفًا؛ أما الثاني — وهو رجل كريم المَحتِد
حادُّ الملامح رقيق الحس وله شعر أشقر — فكان هاوِيًا يُبدي اهتمامًا بمجال التحرِّي.
ومما سيصدم قراءَ أفضل قصصِ المغامرات العلمية معرفةُ أن رجل الشرطة هو مَن كان
يتحدث، وأن الهاوي هو من كان يستَمع، بل وحتى بشيء من التوقير.
إن مهنَتنا هي المهنة الوحيدة التي يُفترضفيها دومًا أن يكون المحترف » : قال باجشو
مُخطئًا؛ ففي النهاية، لا يكتب الناس قصصًا عن مصفِّفي الشعر الذين لا يستطيعون
قصَّ الشعر ويكونون في حاجة لمساعدة أحد الزبائن؛ أو قصصًا عن سائق سيارةِ أجرة
لا يستطيع أن يقود سيارته الأجرة حتى يُفسِّر له زبونُه فلسفةَ قيادة سيارة الأجرة. وعلى
الرغم من ذلك، فلم أكن لأنكر أبدًا أننا أحيانًا ما نميلُ لأن نقع في أسرنمطٍ ما؛ أو بكلمات
أخرى، نعاني من عيوب اتِّباع قاعدة ما. إن كُتَّاب قصص المغامرات العلمية يُخطئون في
«. أنهم لا يسمحون لنا حتى بأن نتحلَّى بمزايا هذا الاتباع لقاعدةٍ ما
«. بكل تأكيد، كان شيرلوك هولمز سيقول بأنه يتبع قواعد المنطق » : قال أندرهيل
قد يكون محقٍّا، ولكني أقصد القواعد العامة. الأمر أشبه بعمل الأفراد » : أجابه الآخر
«. في أحدِ الجيوش. إننا نحن مَن نجمع معلوماتنا
«؟ وفي رأيك أنَّ القصصالبوليسية لا تُراعي ذلك » : سأله صديقه
حسنًا، لننظر إلى أيٍّ من القصص الخيالية للمحقق شيرلوك هولمز، وليستراد، ذلك »
المحقق الرسمي. لنقُل بأن شيرلوك هولمز يستطيع أن يخمِّن أن أحد الغرباء الذين يعبرون
الطريق هو شخصأجنبي عن المكان؛ وذلك فقط لأنه ينتظر أن تسيرَ السيارات على يمين
الطريق بدلًا من يساره. أنا على استعداد لأن أعترف بأن هولمز قد يخمِّن هذا، كما أنني
على يقين أنَّ ليستراد لم يكن ليخمن شيئًا من هذا القبيل، ولكن ما يغفلان عنه هي حقيقةُ
أن رجل الشرطة الذي لم يستطع التخمين قد يكون على معرفة تامة بأن ذلك الشخص
الغريب هو أجنبيٌّ عن المكان. ربما كان السبب في أن ليستراد يعرف أن ذلك الرجل الغريب
هو شخصٌ أجنبي هو مجرَّد أن القسم الذي يعمل به يراقب كل الأجانب؛ وقد يذهب
البعض للقول بأن قسمَه يراقب كل المواطنين أيضًا. وبصفتي رجل شرطة فإنني سعيد
بأن الشرطة تعرف الكثير؛ ذلك أن كلَّ شخص يريد أن يقوم بواجبات وظيفته على أكمل
«. وجه، ولكن بصفتي مواطنًا، فإنني أتساءل أحيانًا إذا ما كانوا لا يعرفون الكثير
أنت لا تقصد حقٍّا أنك تعرف أشياء عن الغرباء الذين يمرُّون » : صاح أندرهيل مشكِّكًا
«؟ في أحد الشوارع. هل كنت ستعرفأيشيء عن رجلٍ ما إذا ما خرج من ذلك المنزل هُناك
سأعرف عنه أشياء إذا ما كان هو مالكَ المنزل. إن هذا المنزل مستأجَر » : أجابه باجشو
من قِبَل أديب من أصول أنجلو رومانية، وهو يعيش بوجهٍ عام في باريس، ولكنه هنا الآن
بشأن إحدى مسرحياته الشعرية. إن اسمه أوزرك أورم، وهو أحد الشعراء الجُدد، وكتاباته
«. رائعة جدٍّا، على حد علمي
لكنني أقصد كل أولئك الأشخاصالذين يسيرون في الطريق. كنت أفكر » : قال رفيقه
في نفسي كيف أن كلشيء يبدو غريبًا وحديثًا ومجهولًا، وكذلك تلك الجدران العالية وتلك
«. المنازل المخبوءة وسط تلك الحدائق الكبيرة. أنت لا يمكنك أن تعرف كلشيء حول ذلك
أعرف القليل؛ فجدار الحديقة هذا الذي نسير بمحاذاته يمثل نهاية » : أجابه باجشو
أملاك السير هامفري جوين، المشهور أكثر باسم السيد القاضي جوين، وهو القاضي
العجوز الذي أحدث ضجةً كبيرة حيال قضايا التجسس أثناء الحرب. والمنزلُ المجاور
له ملك لأحد تجار السيجار الأثرياء. وقد جاء من أمريكا الإسبانية وهو ذو بشرة داكنة
وملامح إسبانية جدٍّا، لكنه يحمل اسم بولر وهو اسم إنجليزي خالص. أما المنزل الذي
«؟ يليهما … هل سمعت هذه الضوضاء
«. سمعت شيئًا، لكني لا أعلم حقٍّا ماذا كان ذلك » : قال أندرهيل
أنا أعلم ماذا كان؛ كانصوتَ مسدسٍدوارٍ ثقيلٍ نوعًا ما، وقد أطُلقت » : أجابه المحقق
النار منه مرتين، تبِعَ ذلكصرخةُ استغاثة. ومصدره الحديقة الخلفية لمنزل السيد القاضي
«. جوين، جنة السلام والعدالة
رمق الشارعَ عن يمينه وشماله بنظرةٍ حادة وأضاف:
والباب الوحيد المؤدِّي إلى الحديقة الخلفية تلك يبعُد مسافةَ نصف ميل من الجهة »
الخلفية من الشارع. ليت أن ذلك السور كان أقلَّ ارتفاعًا، أو ليتني كنت أخفَّ وزنًا، ولكن
«. لا بد من أن أحاول
يقل ارتفاع السور نحو الأمام قليلًا، كما توجد هناك شجرةٌ قد تكون » : قال أندرهيل
«. ذات عونٍ لنا
تحرَّكَا سريعًا نحو الأمام حتى وصَلَا إلى نقطةٍ بدا عندها السورُ منخفضًا قليلًا،
كما لو أنه قد غاصقليلًا في الأرض، ووجَدَا شجرة مزيَّنة بأزهار مُبهجة تبرُز من الظلام
المحيط بها، وتلمع تحت ضوء أحد مصابيح الشارع. أمسك باجشو بأحد فُروعِها الملتوية
وألقَى بإحدَى ساقيه على السُّور المنخفض، وفي لحظة كان الرجلان يقِفانِ وسط النباتات
الشائكة التي تحدُّ الحديقة والتي يصل ارتفاعها إلى ركبتَيْهما.
كانت حديقة السيد القاضي جوين في الليل تبدو جميلةً بصورة استثنائية. كانت
حديقة كبيرة وتمتد حتى الحافة الجرداء من الضاحية، تحت ظلِّ منزلٍ مرتفع داكن
اللون كان هو الأخيرَ فيصف المنازل التي تسبقه. كان المنزل مظلمًا بالمعنى الحرفيِّ للكلمة؛
فنوافذُه كانت مقفلة وغير مضاءة، على الأقل في جانبه الذي يطلُّ على الحديقة، لكن الحديقة
نفسها — والتي كانت تمتدُّ تحت ظل المنزل وينبغي أن تكون قطعة من الظلام الدامس—
قد ظهرت وامضةً بعضالشيء، كما لو كان هناك ألعابٌ نارية يخبو وميضها، أو كما لو
كان هناك صاروخ ضخم قد سقط مُشتعلًا بين الأشجار. وبينما كانا يتقدمان استطاعا
تحديدَ موقع هذا الوميضالذي كان ضوء عدة مصابيح ملوَّنة، معلقة على الأشجار كأنها
الجواهر التي وجدها علاءُ الدين تنمو فوق الأشجار في الكهف، وكان هناك بركة أو بحيرة
صغيرة مستديرة مضاءة بإضاءة استثنائية باهتة، كما لو كان هناك مصباحٌ يُضيء مياهَها
من تحتها.
«. هل هو يقيم حفلةً ما؟ تبدو الحديقة مزخرفة بالإضاءة » : تساءل أندرهيل
لا. إنها إحدى هواياته، وأعتقد أنه يفضِّل فعلَ ذلك حين يكون وحيدًا. » : أجابه باجشو
إنه يحب إضاءة الحديقة بهذه الأضواء التي يكون مصدرُها ذلك الكوخ هناك، حيث يقوم
إن إضاءة المصابيح » : بعمله فيه ويحتفظ بأوراقه. ويقول بولر الذي يعرفه حقَّ المعرفة
«.« الملونة هي في الغالب إشارة منه مفادها أنه يجب ألَّا يُزعَج
«. كنوعٍ من إشارات الخطر الحمراء » : أشار الآخر قائلًا
وبدأ يهرول فجأةً. «! يا إلهي! أخشىأنها إشاراتٌ على وجود خطر فعلًا » : قال باجشو
وفي غضون لحظة، رأى أندرهيل ما رآه رفيقُه؛ كانت دائرة الضوء البراقة التي تشبه
هالةَ القمر وتحيط بجوانب البركة المنحدرة يقطعها خطَّان أسودان، سرعان ما اتَّضح
أنهما الساقان الطويلتان السوداوان لجُثة مُلقاة على وجهِها في الأرضالمحيطة، مع سقوط
رأسه في البركة.
«… أسرع، يبدو لي أن » : صاح المحقق بنبرة حادة
اختفىصوته بينما كان يركضفوق المرج الرَّحب، الذي بدا مضاءً بشكل خافت بفعل
الأضواء الاصطناعيَّة، وقد اتخذ مسارًا مستقيمًا عبر الحديقة الكبيرة باتجاه البركة والجثة
الملقاة على الأرض. كان أندرهيل يتبع ذلك المسار المستقيم في خُطواتٍ ثابتة، حين حدث
شيءٌ تسبب في دهشته. كان باجشو الذي كان ينطلق كالطلقة في خطواتٍ ثابتة نحو الجثة
السوداء عند البركة المضيئة قد استدارَ فجأة بزاوية حادة، وبدأ يجري بسرعة أكبر نحو
ظل المنزل. لم يفهم أندرهيل لمَ غيَّر باجشو اتجاهه، وفي لحظة، وبعد أن اختفى المحقق
في ظلِّ المنزل، سمع صوت جرجرةِ أقدام وسِبابًا مصدره تلك الظلمة؛ ثم عاد باجشو وهو
يجرُّ معه رجلًاضئيل الجسم ذا شعرٍ أحمر اللَّون يحاول التملُّصمنه. كان أسيره بلا شكٍّ
يحاول الاختباء في عتمة ظل المنزل، حين تناهى إلى آذان المحقق الحادة صوت خشخشته،
كأنه طائر بين الشجيرات.
ثم سأل «. أندرهيل، أرجو منك أن تسرع إلى البركة وترى ماذا هنالك » : قال المحقق
«؟ والآن، من أنتَ؟ ما اسمُك » : بعد أن توقف عن السير
كان جسده ضئيلَ الحجم بصورة غير «. مايكل فلود » : قال الرجل الغريب في توتر
طبيعية، وله أنف كبير معقوفٌ لا يتلاءم مع ملامح وجهه، الذي كان عديمَ اللون وكأنه
ليسلي دخلٌ بهذا. لقد وجدته جثةً » : ورقة، وذلك في مقابل لون شعره الأحمر. ثم استطرد
«. هامدة وكنت خائفًا؛ ولكنني لم آتِ إلا لأجُري معه مقابلة لصالح إحدى الصُّحف
وهل تقفز عادةً من فوق سور الحديقة، حين تُجري مقابلاتٍ مع » : قال باجشو
«؟ شخصيات شهيرة لصالح الصحف
ثم أشار متجهِّمًا نحو آثار أقدام تذرع المسار نحو حوضالزهور جيئةً وذهابًا.
بدتْ على وجه الرجل، الذي يدَّعي أن اسمه فلود، ملامحُ التجهُّم نفسُها.
يمكن للمحاور أن يقفِزَ من فوق السور إذا لم يسمَعْه أحدٌ عند الباب » : ثم قال
«. الأمامي. كان الخادم قد خرَج من المنزل
«؟ وكيف تعلم أنه كان قد خرَج من المنزل » : سأله المحقِّق بنبرةٍ تنمُّ عن الشك
إنني لست الشخصَالوحيدَ الذي يقفز من فوقِ » : قال فلود بنبرةٍ هادئةٍ غير طبيعية
أسوار الحدائق. يبدو أنك أنتَ أيضًا فعلت ذلك بنفسِك، ولكن على أي حال، كان الخادمُ قد
خرج من المنزل؛ لأنني في تلك اللحظة كنت قد رأيتُه وهو يقفز من فوقِ السُّور عند الجهة
«. الأخرى من الحديقة، تمامًا عند باب الحديقة
«؟ لماذا إذن لم يستخدم بابَ الحديقة » : سأله المحقق
أنَّى لي أن أعلم؟ أعتقد لأنه كان مغلقًا، ولكن من الأفضل لك أن توجِّه » : رد فلود
«. سؤالك له، وليس لي؛ إنه آتٍ نحو المنزل في هذه اللحظة
بالفعل، بدأ جسمٌ غامضٌ في الظهور خلال الظلمة، وكان الجسم قصيرًا بدينًا وله
رأسٌمربع الشكل، ويرتدي صدرية حمراءَ وكانت تلك الصدرية هي الجزءَ الأكثرَ وضوحًا
من الثياب الرثَّة التي كان يرتديها. بدا أن الجسم يتحرَّك في سُرعةٍ وخفةٍ نحو الباب
الجانبي للمنزل، حتى نادى عليه باجشو، وطلب منه أن يتوقَّف. اقترب الرجل منهما على
مَضضٍشديد، فبرز لون وجهِه المتجهم الأصفر الذي كانت له ملامح آسيوية تتناسب مع
لونِ شعره الناعم الأزرق الضاربِ إلى السواد.
هل هناك أيُّ شخصٍفي هذا » : استدار باجشو فجأة نحو الرجل المدعو فلود. وقال له
«؟ المكان يمكن أن يشهد بصحَّة هويتك
ليس الكثير، ولا حتى في هذه البِلاد. لقد أتيت لتوِّي من أيرلندا؛ » : زمجر فلود قائلًا
والرجل الوحيد الذي أعرفه هنا هو القسُّ الذي في كنيسة القديس دومينيك – وهو الأب
«. براون
ثم أضاف موجِّهًا حديثه إلى «. لا ينبغي لأيٍّ منكما أن يغادر هذا المكان » : قال باجشو
لكن يمكنك أنت أن تذهب إلى داخل المنزل، وتتَّصل ببيت القسفي كنيسة القديس » : الخادم
دومينيك، وتسأل الأب براون إن كان لا يُمانع في الحضور إلى هنا في الحال. لا تمارسْ أيَّ
«. ألاعيب؛ أنا أحذِّرُك
وفيما كان المحقق النشيط يحرسالهاربَيْن المحتملَيْن، كان رفيقه قد سارع نحو الموقعِ
الفعلي للحادثة المأساوية؛ وذلك بناء على توجيهٍ منه. كان المشهد غريبًا بما فيه الكفاية؛
ولو لم تكن تلك الحادثة مأساوية بالفعل، لكانتْ خيالية بصورة كبيرة. كان القتيل (ذلك
أن أقصرَفحصٍقد أثبت وفاتَه بالفعل) ممدَّدًا ووجهُه في البركة، حيث شكَّل وهَج الأضواء
الاصطناعية ما يشبه هالةً غريبة حول رأسه. وكان وجهه بائسًا منكوبًا، وملامحُه جافةً،
وخصلاتُ شعره القليلة رماديةً داكنة، وكأنها حلقات حديدية، وبالرغم من الضَّرَر الذي
لحق بصُدْغه جرَّاءَ الرصاصة التي أصُيب بها، فإن أندرهيل لم يجدْصعوبة في التعرُّفعلى
وجهه الذي رآه في العديد من الصُّور الشخصية للسير هامفري جوين. كان القتيل يرتدي
ملابسَسهرة، وكانت ساقاه الطويلتان السوداوان رفيعتَين جدٍّا، لدرجة أنهما بدَتا وكأنهما
ساقا عنكبوت، وكانتا تمتدَّان بزوايا مختلفة عند الحافَة المنحدرة للبركة التي سقَط عندها.
وبصورة غريبة وكأنها زخرفةٌ شيطانية كان الدمُ ينساب من رأسه ببطءٍ شديد في المياه
المُضاءة على شكلِ حلقات ثعبانية، فكان لونه قرمزيٍّا شفَّافًا كسُحب الغروب.
لم يعلم أندرهيل كم مضىمن وقتٍ، وهو واقفٌ يحدِّق في هذا المنظر المروِّع، حين رفع
رأسَه ورأى مجموعةً من أربعة رجال يقفون حوله عند تلك الحافَة. كان مستعدٍّا لرؤية
باجشو وأسيره الأيرلندي، ولم يواجهْ صعوبةً في تخمين الشخصِ الثالث على أنه الخادمُ
الذي يرتدي الصدرية الحمراء، لكن الشخص الرابعَ كان يتمتعُ بإجلالٍ عجيب يتناسب
بصورةٍ غريبةٍ مع مثل هذا التناقُض. كان جسده قصيرًا وبدينًا وله وجهٌ مستدير ويرتدي
قبَّعةً وكأنها هالةٌ سوداء حول رأسه. وأدرك أندرهيل أن الشخص الرابع كان في الواقع
قَسٍّا؛ لكن كان هناكشيءٌ حيالَ ذلك القَس يذكِّرُه بمنحوتةٍ خشبية سوداء قديمة غريبة في
.« رقصة الموت » نهاية عمَل
ثم سمع أندرهيل المحقِّقَ باجشو يقول للقس:
يسرني أنك تستطيعُ التعرفَ على هذا الرجل؛ لكن عليك أن تُدركَ أنه موضع شكٍّ إلى »
«. حد ما. قد يكون بريئًا بالطَّبع، لكنه دخل الحديقة بصورةٍ غريبة
حسنًا، أنا أعتقد أنه بريءٌ، لكنني قد أكون » : قال القسُّ الضئيلُ الحجمِ بنبرة حيادية
«. مُخطئًا بالطبع
«؟ لماذا تعتقد أنه بريء »
لأنَّه دخل الحديقة بصورةٍ غريبة. انظر، لقد دخلت أنا إلى الحديقة » : أجابه القس
بصورةٍ عادية، ولكن يبدو أنني الشخصُالوحيد هنا الذي فعل ذلك. يبدو أن كلَّ الأشخاص
«. المهمِّين يقفزونَ من فوق أسوار الحدائق في أيامنا هذه
«؟ ماذا تعني بقولكَ بصورة عادية » : سأله المحقِّق
حسنًا، لقد دخلتُ من الباب » : قال الأب براون، وهو ينظر إليه بنبرة رزينة واضحة
«. الأمامي. أنا عادة ما أدخل المنازلَ بهذه الطريقة
عذرًا، ولكن هل الطريقةُ التي دخلت بها مهمَّة حقٍّا، إلا إذا كنتَ تعتزم » : قال باجشو
«؟ الاعتراف بالجريمة
أجل، هي مهمَّة حقٍّا. الحقيقة أنني حين دخلتُ من الباب » : قال الأب براون بلطف
الأمامي، رأيت شيئًا لا أعتقدُ أن بقيتَكم رآه. ويبدو لي أنَّ ما رأيته قد يكون له علاقةٌ بما
«. حدث
«؟ ماذا رأيت »
رأيت حُطامًا متناثرًا؛ مرآةً كبيرة مكسورة، ونخلةً » : قال الأب براون بنبرتِه الودودة
صغيرة ساقطة، ووعاءً مكسورًا ومتناثرًا على الأرضفي كلِّ الأرجاء. بطريقة ما، بدا لي كما
«. لو أنَّ شيئًا قد حدث
أنت على حقٍّ. إذا رأيت ذلك، فيبدو بالتأكيد كما » : قال باجشو بعد أن صمت للحظةٍ
«. لو أنَّ لهذا علاقةً بما حدث
وإذا كان لهذا أيُّ علاقة بما حدث، فيبدو أن هناك شخصًا » : قال القس بلطفٍ شديد
واحدًا ليس له أيُّ علاقة بذلك؛ وهذا الشخصهو السيد مايكل فلود، الذي دخلَ الحديقة
بصورةٍ غريبة من خلال القفز من فوق السُّور، ثم حاول بعدها الخروج منها أيضًا بنفس
«. الصُّورة الغريبة. إن تلك الصورةَ الغريبة هي ما تجعلني أعتقد أنه بريء
«. لندخلْ إلى المنزل » : قال باجشو فجأة
وفيما كانوا يمرون بالباب الجانبي، وكان الخادم يتقدَّمُهم، تأخر باجشو عنهم
بخطوة أو اثنتين، وتحدث إلى صديقه.
هناك شيء غريبٌ بشأن ذلك الخادم. هو يقول إن اسمه جرين، رغم أنه لا » : قال
يبدو أنه كذلك؛ ولكن يبدو أنه بلا شكٍّ خادمُ جوين حقٍّا، كما يبدو أنه هو الخادم الوحيد
لديه، لكنَّ الأمرَ الغريب هو أنه أنكر تمامًا وبشكلٍ قاطع أن سيدَه كان في الحديقة من
الأساس، سواء كان حيٍّا أم ميتًا. لقد قال بأن القاضيالعجوز كان قد خرَج إلى عَشاء كبيرٍ
لمجموعة من رجال القضاء، ولم يكن ليعود إلى المنزل إلا بعد ساعات، وقد تذرَّع بذلك؛
«. لتبرير خروجه من المنزل
«؟ وهل قدَّم أي حجة تبرر دخوله المنزل بهذه الطريقة المُثيرة للجدل » : قال أندرهيل
لا، لم يقدِّم أيَّ حجة مفهومة بالنسبةِ إليَّ، ولا يمكنني فهمُ سلوكه. » : أجابه المحقق
«. يبدو أنه خائف منشيءٍ
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.