3aberorg

Share to Social Media

قبل البحث في أهمية المرونة الذهنية ( ) وتطبيقاتها في بيئة العمل لعله من المناسب أن نتطرق إلى توضيح مفهوم المرونة الذهنية.
حسب معجم المعاني الجامع، فإن تعريف المرونة يعني:( )
- مرونة الجسم، تعني رشاقة وخفّة الحركة وسهولة انثناؤه.
- مرونة الطبع تعني دماثة وسلاسة وسهولة.
رغم عدم وجود تعريف محدد للمرونة إلا أننا سنحاول الوصول إلى التعرض إلى مفهوم المرونة في إطارها العام في محاولة إلى الوصول إلى تعريفها.
ينظر إلى المرونة عمومًا من خلال الوسط أو البيئة التي يعيش فيها الفرد، البعض يرى أن المرونة هي التوسط في الأمور، ومنهم من يرى أن المرونة تكمن في اللين واليسر، ومنهم من يرى المرونة أنها القابلية للتغيّر إلى الأحسن والأفضل، ومنهم من يرى أن المرونة تكون في مدى تقبل الآخرين وأفكارهم.
ويشير الدكتور أسعد رزوق في موسوعة علم النفس إلى أن المرونة تكون في القدرة على التكيف، من حيث هي ميزة تساعد على الانفتاح بقوله: "تشير المرونة… باعتبارها خاصة تنم عن القدرة على التكيف والتلاؤم، وميزة تشير إلى الانفتاح على صعيد القدرات والقوى والاستعداد من جانب المرء لتطويعها وملاءمتها بحيث تنطوي على قابلية التطويع".( )
ويمكن القول أيضًا أن المرونة هي الحد الفاصل بين الثبات المطلق الذي يصل إلى درجة الجمود، وبين الحركة المطلقة التي تخرج بالشيء عن حدوده وضوابطه.
كما يمكن أن تعني المرونة القدرة على تغيير زوايا التفكير، من الأعلى إلى الأسفل والعكس، ومن اليمين إلى اليسار والعكس، ومن الداخل إلى الخارج والعكس... من أجل توليد الأفكار، عبر التخلص من القيود الذهنية المتوهمة، أو من خلال إعادة بناء اجزاء المشكلة.( )

من خلال ما سبق يمكن أن نتوصل إلى عدة تعريفات للمرونة تتمثل فيما يلي:
- المرونة: هي القدرة على توليد أفكار متنوعة، وتوجيه أو تحويل المسار التفكيري مع تغيّر متطلبات الموقف، بعكس الجمود الذهني الذي يعني تبني أنماط ذهنية محددة سلفًا وغير قابلة للتغيّر حسب ما تستدعي الحاجة.
- المرونة تكون في تقبل آراء الآخرين.
- أن المرونة هي الاستجابة الانفعالية والعقلية التي تمكن الإنسان من التكيف الإيجابي مع مواقف الحياة المختلفة، سواء كان هذا التكيف بالتوسط أو القابلية للتغير أو الأخذ بأيسر الحلول.
أما الذِهْن (بتسكين النون)، فإن تعريفه حسب معجم المعاني الجامع آنف الذكر، فهو العقل والذكاء والفطنة والفهم.
وبناءً على ما تقدم، وإذا أردنا أن نصل إلى مفهوم المرونة الذهنية فإنه يمكننا أن نتطرق إليها بدايةً في الإطار العام حيث يمكن القول أن المرونة الذهنية هي مرونة الشخص في التعاطي مع نفسه ومع المواقف ومع الآخرين، هو فنّ يُكتسب في خضمّ تجارب الحياة، أيًا كان هذا الشخص، لأن أي شخص يتعرض في مرحلة من حياته لمصاعب وضائقات تعيق السبل أمامه إلى درجة أن يصاحبه إحساس قد يصل إلى العجز والحزن وحتى كراهية العيش، فصاحب المرونة الذهنية يتميز بتأقلمه وبتكيّفه واحتواءه لمشكلاته باحثًا عن مخارج، أما الشخص غير المرن ذهنيًا فهو صاحب جمود أو قساوة ذهنية وغالبًا ما يقع في دوّامة تخبط واجترار صعوبة المشكلات التي تصادفه وما يصاحبها من ألم، وإبقاء نفسه في نفق مُظلم..
أما المرونة الذهنية كتعريف بطبيعة الحال فإنه لا يوجد تعريف واحد محدد لها، لكن يمكننا القول أن المرونة الذهنية هي القدرة على الاتصال باللحظة الحالية، وإدراك تام للعواطف والأحاسيس والأفكار وتقبلها، بما في ذلك غير العواطف أو الأفكار غير المرغوب فيها، وتنعكس على السلوك في خدمة القيم لدى الفرد.
وبكلمات أبسط، المرونة الذهنية تعني قبول أفكارنا وعواطفنا وأفكار وعواطف الآخرين، والتصرف بناءً على القيم بدلًا من الدوافع والأفكار والمشاعر الآنية قصيرة المدى التي غالبًا ما ترتبط بحيث تمكن صاحبها من السيطرة على العوامل الداخلية غير المرغوب فيها، وبالتالي إحداث التوازن في سلوكه الظاهري..( )
في دراسة حديثة للبروفيسور دونالد ج. جاردنر Donald G. Gardner من كلية الأعمال والإدارة بجامعة كولورادو، تم نشرها في بيرسوناليتي آند إندفيديوال ديفرنسس، بعنوان "أهمية التحلي بالمرونة الذهنية: الرفاهية النفسية، والاستقلالية الوظيفية" أفادت الدراسة أن المرونة تعني "التأقلم، وهي عكس القابلية للكسر".( )
ويمكن لنا أن نعرف المرونة الذهنية بأنها: قدرة المرء نفسيًا على تحمل مشاق العمل والنجاح وتحمل الضغوط المختلفة وتلقي الصدمات دون انكسار مع سرعة التعافي من توابعها، وذلك بإدراك طبيعة صراعات الحياة وكيفية نهجها.
وقد جاء في موسوعة ويكيبيديا المرونة الذهنية هي القدرة على التأقلم العقلي أو العاطفي مع الأزمة أو العودة إلى حالة ما قبل الأزمة بسرعة.
مما تقدم نجد أنه ليس هناك اتفاق على تعريف محدد للمرونة الذهنية، شأنها شأن كثير من مفاهيم العلوم الاجتماعية، لكن باعتقادنا، فإن الإطار العام للمرونة الذهنية كمفهوم بات واضحًا ويمكن إجمال المرونة الذهنية على الصعيد الفردي بالقول بأنّها قدرة الفرد على خلق الأفكار الجديدة وغير التقليدية، وهي ما تعبر عن سلاسة أفكاره وقدرته على تغييرها بما يُلائم المواقف المختلفة التي يواجهها أو المواقف الطارئة، كما أنّها مدى استيعاب الفرد للأفكار الجديدة وفقًا للظروف المتغيرة ووجهات النظر المتعددة، وتُعدّ المرونة الذهنية أساس عملية الابتكار، فمن يمتلكها يمتلك تنوعًا كبيرًا في الرؤى والتطلعات، وهو قادر على إعادة بناء الحقائق من جديد بما يتناسب مع الظروف المستجدة، ويعتبر الإنسان صاحب المرونة الذهنية والمبتكر هو الشخص القادرة على مقاومة عملية البقاء ضمن الأطُر التقليدية في التفكير ويكون قادرًا على حل المشكلات المختلفة.
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Story Chapters

مدخل الكتاب المحور الرئيسي الأول: مفهوم المرونة الذهنية والتكيف في بيئة العمل (المبادئ والأسس بين النظرية والتطبيق) المرونة الذهنية: بين الأسس النظرية والتطبيقات في بيئة العمل فائدة المرونة الذهنية وتطبيقاتها في بيئة العمل تعزيز المرونة الذهنية في مكان العمل المرونة الذهنية والفكر الاستشرافي منهج عمل قادة دولة الإمارات محاور منظومة الجيل الرابع للتميز الحكومي المرونة الذهنية وانعكاسها العملي في التسامح والابتكار في تقديم الخدمات كممارسات أصيلة في بيئة العمل الحكومي المرونة الذهنية ودورها في تعزيز السعادة والإيجابية في بيئة العمل السعادة وجودة الحياة على أرض دولة الإمارات مقياس نجاح عمل الحكومة المحور الرئيسي الثاني: المرونة الذهنية ودورها في تعزيز الإيجابية والسعادة وجودة الحياة الإيجابية والسعادة وجودة الحياة أولاُ: جودة الحياة ثانيًا: السعادة في بيئة العمل ثالثًا: الإيجابية المحور الرئيسي الثالث: المرونة الذهنية وعلاقتها بالرشاقة المؤسسية «سرعة الاستجابة في مواجهة التحديات» المحور الرئيسي الرابع: دولة الإمارات العربية المتحدة من عهد المؤسسين إلى ريادة الفضاء دولة الإمارات بين عهدين ذهبيين، من عصر النفط إلى عصر ما بعد ريادة الفضاء جودة الحياة والريادة العالمية بأدوات العلم وتطبيقاته في دولة الامارات (الذكاء الاصطناعي - مسبار الأمل) استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي المحاور الخمسة لاستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي منظومة الجيل الرابع للتميز الحكومي نهج استباقي عالمي وتطبيقات عملية للمرونة الذهنية والرشاقة المؤسسية تنفرد به دولة الإمارات استشراف الخمسين الثانية بمرونة ذهنية تنافسية ورشاقة مؤسسية واقعية، منهج حكومي ابتكاري مفاهيم وتعريفات المراجع المؤلفة في سطور
Write and publish your own books and novels NOW, From Here.