جميع أحلامه مؤجَّلة.. لا يفلح في شيءٍ.. فاشلٌ في الحبِّ، ومدمّرٌ في ميدان العمل.. امتهن مِهنة لا يحبّها!
يئنُّ من وطأة الديون..
لا يلوي على شيء.. ليست لديه فلسفة في الحياة..
مثقف لم تنفعه ثقافته.. فلم يؤلِّفْ ديوانًا، ولم يكتب رواية..
جرّب أن يكتب قصة قصيرة.. أحضر الأوراق.. وهيّأ المكان.. وأطلق لقلمه العنان..
كتب... وكتب.... وكتب، خمس عشرة قصة بلغ عدد كلماتها عشرين ألفًا!
لكنه، وببساطة شديدة.. مزَّقَ كلّ ما كُتِبَ في لحظةِ قرفٍ من الحياة..
لا يدري لماذا يعشق "سيزيف".. ذلك الرجل الذي يحمل صخرة على كتفه.. ويصعد بها الجبل.. يلهث أثناء صعوده.. وتؤلمه أضلاعه.. ولكنه يواصل الصعود... يتحمل الألم، ويستعذبه كأنه "مازوخي" من عشاق المازوخية.( )
يصعد، ثم يصعد... ها هو يقترب.. يبلغ منه التعب مداه. لكنه مُصِرٌّ على بلوغ القمة..
ها هو يقترب من الذروة.. سيحقق الهدف المزعوم..
ها هو يستوي على قمة الجبل.. لا تزال الصخرة العملاقة على كتفه.. لم ينزلها.. لكنه فجأة، وببساطة يلقي بها من أعلى الجبل إلى السفح!
ينزل مرة أخرى في هِمّةٍ، ونشاطٍ... ويحملها.. ويعيد الكَرّة، فيحمل الصخرة.. ويبدأ في الصعود من جديد.. يقضي وقته كلَّهُ في حَمْلها والصعود بها.. ثم يلقي بها من أعلى الجبل!!
لعلك تأكدتَّ أن صاحبنا به مَسٌّ من الجنون!
إنه حال كثير من اليائسين البائسين الذين يعانون من خَوَاءِ الروح..
عشَّشَ في نفوسهم الغباء.. واستوطن في أفئدتهم الكسل..
لا هدف. ولا رسالة.. ولا غاية.. ولا مبدأ، ولا قيمة!
يظل يعاني ويعاني.. ويستعذب الألم.. وتضيع حياته سُدًى!
فهو بلا قيمة!
مجرد صفر.....
أيها الصفر... أنت بلا قيمة...
مجرد هواء...
لا شيء...