لم يكن ذنبي انك الأجمل وجها...لم تكن خطيئتي انك الأفضل دوما...ولم يكن لي اختيار في تلك النيران التي اشتعلت بقلبي كلما مضت بنا الحياة اكثر...بل كل ما حدث كان بسببك انت...نعم انت المسئول الاول والاخير والوحيد عن كل شيء...
تقابلنا في الرابعة من عمرنا لا تعرف قلوبنا حينها أي من مفردات الشر نبتسم ونضحك ونتقاسم الالعاب والاحلام والافراح وحتى الدمعات النقية على اتفه الاسباب كانت تنقسم على وجهينا...ولكنك لم ترضى بقسمة العدل واثرت ان تأخذ الكل...
حفظت القرأن قبلى واثرت اعجاب الجميع وبقيت انا العاجز الى جوارك...
كلما تقدمت الايام بنا ارى ولا افهم انت المدلل والمفضل الاساتذة يحبون ذلك الوجه الابيض والعينين الملونتين والشعر الناعم ويمقتون وجهى الاسمر ...مهما اجتهدت فى دراستى وبذلت مجهود وانفقت من مال ابى على دروس وكتب مدرسية تأتى انت باقل مجهود تتفوق على وتنال اعجاب الجميع انت الاذكى ايجتمع كل شئ فى شخص واحد ويحرم مثلى كل شئ؟ اين العدل اذن؟
لم يكن احد يذكر اى ميزة بى وتحتفظ انت بكل شئ ...
كنت اتلذذ لحظات طويلة بإبراز فقرك امام الجميع بمواقف احاول تبريرها بالمزاح ولكن لا اعلم لماذا لم تكن تخجل وتتقبل مزاحاتى ببسمة رضا وقناعة حتى ابى لم اكن اسلم من كلماته وهو يثنى عليك وعينان امى التى خلقت لاجلى يملئها الاعجاب بك وكانها تتمنى طفل مثلك...
وعن رفقائنا حدث ولا حرج انت المرغوب فى معرفته دائما محل اسرار الجميع الكل يرغب فى مصادقتك وكانك قطعة اثرية الكل يرغب فى اقتنائها...وانا اسير الى جوارك فقط دورى هو صديق البطل...
ولكن الحياة ليست دراسة ولهو فقط فبها مايكسر اكثر من كل ماسبق ففى المراهقة يرى الانسان نوع اخر من البشر جنس اخر يظل اقصى امنياته هو نظرة اعجاب منه ليشعر بذاته وكنت ارتدى اغلى الثياب واغلى العطور وانت بائس فقير ولكن كيف يرانى احد وانا خلفك؟ جميعهن يردن الفتى الوسيم الخلوق الذكى من يغض البصر ولايريد ان يقحم نفسه حتى فى السلام معهن ويبقى السؤال عنك حائلا بينى وبين كل فتاه عرفتها...
حتى الله احبك اكثر منى فكنت المصلى القانع الزاهد فى كل شئ وكنت انا اللاهى الفاشل...
وحين توفى والدك فى الثانوية وترككم بلاعائل واثرت النزول لتعمل ببقالة الى جوار الدراسة لتساعد اسرتك اشفقت عليك حتى انى قررت الاعتكاف والقراءة وتثقيف الذات ومجاهدت نفسي كى لا اغار منك ولكن اتى تنسيق الجامعة يطيح باحلامى انت كلية اعلام وانا كلية الاداب اى ظلم فى هذا الكون؟
واجتهدت فى دراستى وفى عملى بالتجارة مع والدى لأصدم من جديد وانا اراك بعد انتهاء الدراسة تطل على بوجهك من قناة فضائية ببرنامج تقدمه والجميع فخور ويثنى عليك ...
وانا من تخرج بتقدير عال وحقق لوالده مكاسب مهولة لاشئ جوارك...
ساتزوج اجمل فتاة فى منطقتنا وتزوجت وانجبت اخيرا تفوقت عليك فى شئ يارجل وبدأت اشعر ان العيش يطيب...وبخاصة بعدما انتقلت واسرتك لمنطقة افضل انت الان بعيد واننى اتنفس فلماذا لم تتركنى اتنفس؟
اتيت لى لتجلس الى جوارى فى متجرى تتحدث بحماس وانطلاق المذيع اللامع يجلس جوارى وكل المارة يلقون التحية عليك وانت تهمس لى "اننى احب" وتحدثنى عن حبيبتك لتكمل حسرتى ايضا ستتزوج عن حب ؟ وذهبت لاراها يوم زفافكم زوجتى اجمل منها ولكنها من اسرة اعرق طبيبة ماهرة كما عرفت وثرية لماذا ستتزوجك انت؟
وتعددت الزيارات الاسرية بيننا لاكتشف انك الاسعد كالعادة زوجتك مميزة محبوبة وزوجتى عادية ابنائك اذكى من ابنائى انا اكره اسرتى...
ثم لم تكتفى انت بل اردت الجنة على حسابى فكنت تعطينى اموال لاوزعها على فقراء منطقتنا وكنت اخبرهم انها منى وعندما اردت ان اخبرك بذلك لارى حزنك ولو مرة اجبتنى ببسمة رضا "انى اضعها فى يد الله ولا انتظر الشكر او الثواب سوى من الله لقد فعلت الافضل لا اريد لاحد ان يعرف انها منى"
اى بشر انت؟
منذ ذلك اليوم وانا اخذ اموالك لى ولا اعطيها لفقير لن تدخل الجنة على حسابى...
وقررت ان اثأر لكرامتى منك وازيقك الهزيمة مرة فلم تفلح كل خططى لاثارة الشائعات حولك او السخرية منك او تلفيق الاتهامات...
فتقربت لزوجتك جمعت كل معلومة عنها وبقيت اقابلها صدفة فى كل مكان واخرجك امامها بمظهر السخيف وانا اقص حكايات الماضى الملفقة واتحدث عن نفسى امامها واتعلل باسباب واهية واذهب للمستشفى الذى تعمل به ولكنها تحبك لم انل اعجابها قط بل انى انا من ابتليت بعشقها مما زاد وجعى فكرهت زوجتى واهملت ابنائى وبقيت خلف نزواتى اطارد فى كل النساء زوجتك واثبت انى مرغوب واضعت مال والدى وكرهنى الجميع وبقيت انت من يعول اسرتى ...
ثم اراد الله ان ينصف قلبى مرة ومرضت انت بمرض موتك ولكن العجيب ان مرضك لم يغير شئ بقيت راضى ومحبوب وسعيد خمس سنوات حتى توفاك الله واراحك ...
تقدمت للزواج من حبيبتى زوجتك ورفضت بقيت على محبتك رغم بعدك والجميع يذكرك بالخير فى موتك اكثر من حياتك...
وانا اقضى ايامى فى حزن واسى وكره لك صنعته انت بكونك الافضل...
وبعد ان طردنى ابنائى وبقيت معدم بلاعائل وانا كهل اقف الان على شاهدك اتسائل وانت فى قبرك لما فعلت بى كل هذا؟
لما كنت كل شئ ولم اكن شئ؟
لما لم تبقى كالصبا البعيد تقتسم معى البسمات والالعاب؟
لما طمعت فى كل شئ؟
لما كنت الاوسم والاذكى والاجمل خلقا؟
لما هنئت بزواجك وابنائك وعملك؟
لما احبك الله اكثر منى؟
لما قضيت العمر اغار منك ولم احب حياتى؟
لما تركت ابنائى وزوجتى وعملى وسعيت خلف تدميرك؟
منحك الله كل شئ لتنجح؟ وابتلانى بك انت فى حياتى لافشل؟
فاين العدل؟ اين الرحمة ؟
***وانهى كلماته وهو يبكى على قبر صاحبه حتى وجد يد تربط على كتفه فانتفض ونظر الى وجه يعرفه انه ابن صديقه الذى يحمل وجه ابيه "عماه اين كنت اقلقتنى عليك بحثت عنك فى كل مكان تعالى معى ستبقى فى منزل جدى وساتحمل كل مصروفاتك لاتقلق لست بمفردك يا عماه"
"لماذا تفعل مالم يفعله ابنائى؟"
"اوصانى ابى بك خيرا كان يحبك ويقول انك صديقه الوفى واكثر من اخيه وانك طيب القلب انى اصل ابى وابره فيك ياعماه"
"اتدرى ياولدى بقيت العمر باكمله اتسائل ما الذى منحنى الله إياه وميزنى به عن أبيك حتى اجبتنى انت عن هذا السؤال منحنى الله اباك نعم الصديق وانا حولت نعمتى لنقمة نعمتى انه كان صديقى"
واخذ يصرخ وهو يركض وكانه يتحدث للقبور ويكلم الموتى "كان صديقى ... كان صديقى"