تظهر أشعة الشمس على الحديقة الخاصة بالڤيلا والجو به الكثير من الهدوء الذي امتد بدوره على وجه الجد القاضي والذي يرتدي عباءة ونظارة شمسية ويقرأ في كتاب في علم النفس الإيجابي في الحديقة التي تُغني بها الأراضي الخضراء كأم كلثوم لمصر، وأمامه القليل من القهوة والذي قد شرب الكثير منها، ليأتي من خلفه الحفيد مُقَبِّلًا رأسه داعيهِ بالقائد قائلًا: صباح الخير يا قائد.
رد الجد: صباح النور يا حبيبي، نومًا هانئًا.
قال الحفيد: أي نوم هذا؟ لقد أكل مني الأرق ما يشبعه حيث أنني طوال الليل أفكر في قضية ما شغلت بالي منذ أيام.
قاطعه القاضي قائلًا: نعم أعلم، موضوع صديقك حمزة ~.
رد نوح: نعم يا جدي، لازلت لا أصدق أنه أقدم على الانتحار، لقد كان مؤمنًا محتسبًا ومثقفًا ويحمل الكثير من العلم، إلى هذه اللحظة عقلي متوقف عن الاستيعاب حقًا.
رد الجد: إنها الحياة يا حفيدي أحيانًا تقسو لدرجة الظلام ولا يجد الإنسان مبررًا للخروج من ما هو فيه أو إلى الانتصار وهذا بالطبع ضعف إيمان و قلة ثقة.
الحفيد: ولكنه كأن دائم القرب من الله يا جدي.
قال الجد: إنه الشيطان يا بني لا يقدر عليه أحد، يجعل العقل خاويًا وذلك بسبب قلة الوعي.
ثم ضحك الجد بصوت عالٍ وأكمل قائلًا: هي كلمة من ثلاث حروف ولكنه كنز غير منظورٍ له ولن تجد الكثير يفهمه لأنه بحرٌ طويل المدى وقصير الأمد.
سرح نوح قليلًا وذهب لعالم موازي لفكره، فقاطعه الجد قائلًا: في ماذا تفكر يا بني؟
قال الحفيد سريعًا: في روايتي الجديدة، فغيَّر الجد وضع جلوسه منتبهًا لكلام حفيده.
ثم قال: رواية عن الوعي؟
قال الحفيد: ولكن كيف هذا يا معالي المستشار؟
قال الجد: تجمع بين الرواية والكتاب.
قاطعه الحفيد ضاحكًا: لقد جعلتها أصعب بكثير.
رد القاضي: لا، لقد جعلتها أسهل بكثير، لأني أحبُّ الأفكار الجديدة والمختلفة وأعشق التحديات.
بدأ نوح بالحديث قائلًا: سأكتب رواية يتخللها مقالات تدعم الموضوع وتوضح الفكرة أكثر وأكثر.
قال القاضي مبتسمًا: لقد اقتربت أيها الكاتب.
رد الحفيد: ماذا لو بحثنا عن أسبابِ نشر الفواحش والموبقات وذكرناها في قصة ثم مقال.
ففكر الجد قليلًا ثم يقول: وماذا لو كانت قصصًا واقعية؟
قال الحفيد: سيكون أجمل.
ثم قال الجد: ماذا لو جلست معهم وسمعت منهم قصصهم؟
قال الحفيد: سيكون أجمل وأجمل وستكون فكرة مختلفة وتعالج مشكلة وبها أفكار جديدة.
رد الجد مستنكرًا: مشكلة واحدة! قل مشاكل
قال نوح: لكن من أين ستأتي بهؤلاء الأشخاص اللذين يسردون قصصهم التي تتماشى مع أسباب انتشار المشاكل.
رد الجد: هل نسيتَ أنِّي قاضي ومرَّت عليّ كل تلك المواقف والقصص؟
قال الحفيد: إذن فستكون روايتي القادمة، هيا بنا.
بدأ الحفيد بالذهاب إلى حجرته والشروع في تنظيم وتخطيط عمله الأدبي القادم.