اللغة العربية ألفاظ يعبِّر بها العرب عن المعاني المرادة لهم، فكلام العرب نوعان: منثور، ومنظوم. فالمنظوم: هو الكلام الموزون المُقَفَّى، أي الذي تكون أوزانه كلها على رَوِيٍّ واحدٍ وهو القافية. والمنثور: هو الكلام غير الموزون، وينقسم إلى سَجْع ومُرْسَل. فالسجع: هو الذي يُؤْتى به قِطَعًا ويُلْتَزَم في كل كلمتين منه قافية واحدة. والمرسل: هو الذي يُطْلَق إطلاقًا ولا يُقَطَّع أجْزَاء، بل يُرْسَل إرسالًا من غير تقييد بقافية ولا غيرها، والقرآن الكريم -وإن كان من المنثور- خارج عن نوعيه السابقين، فلا يُسَمَّى مُرْسَلًا مطلقًا ولا مُسَجَّعًا، بل تفصيل آيات ينتهي إلى مقاطع يشهد الذوق بانتهاء الكلام عندها، ثم يُعاد الكلام في الآية الأخرى بعدها من غير التزام حرف يكون سجعًا ولا قافية.
قال ابن رَشِيق في «العُمْدة»:
"وكان الكلام كله منثورًا فاحتاجت العرب إلى الغِناء بمكارم أخلاقها، وطيب أعراقها، وذكْر أيامها الصالحة، وأوطانها النازحة، وفرسانها الأنْجاد، وسُمَحَائها الأجْواد؛ لتَهُزَّ أنْفُسَها إلى الكرم، وتَدُلَّ أبناءَها على حسن الشِّيَم، فتوهَّموا أعارِيض جعلوها موازين الكلام، فلما تمَّ لهم وزْنُه سَمَّوه شعرًا؛ لأنهم شَعَروا به، أي فَطَنوا.
وزعم الرواة أن الشعر كله إنما كان رَجَزًا أو قِطَعًا، وأنه إنما قُصِّد على عهد هاشم بن عبد مناف، وكان أول من قصَّده مهلهِل وامرؤ القيس، وبينهما وبين مجيء الإسلام مئة ونيف وخمسون سنة.
وأوَّل من طوَّل الرَّجَز وجعله كالقصيد الأغْلَب العِجْلي شيئًا يسيرًا، وكان على عهد النبي ﷺ ثم أتى العَجَّاج في الدولة الأموية فافتنَّ فيه، فالأغلب والعجاج في الرجز كامرئ القيس ومهلهِل في القصيد."
وسئل أبو عمرو بن العلاء الحضرمي: هل كانت العرب تُطِيل؟ قال: نعم؛ لِيُسْمَع منها. قيل: هل كانت توجز؟ قال: نعم؛ ليُحْفَظ عنها. ويُستحب عندهم الإطالة عند الإعذار والإنذار، والترغيب والإرهاب، والإصلاح بين القبائل كما فعل زهير والحارث بن حِلِّزَة ومن شابههما، وإلَّا فالقِطَع أطْيَر في بعض المواضع والطوالُ للمواقف المشهورة.
وما يبين الألفاظ ومعانيها يسمى «متن اللغة». ومن ذلك: «القاموس». وقال ابن الحاجب: «حد اللغة كل لفظ وُضع لمعنًى» وفي «كشف الظنون»: علم اللغة؛ علم باحث عن مدلولات جواهر المفردات وهيئاتها الجزئية التي وُضعت تلك الجواهر معها لتلك المدلولات بالوضع الشخصي، وعمَّا حصل من تركيب كل جوهر، وهيئاتها من حيث الوضع والدلالة على المعاني الجزئية، وغايته الاحتراز عن الخطأ في فهم المعاني الوضعية، والوقوف على ما يُفهم من كلمات العرب، ومنفعته الإحاطة بهذه المعلومات وطلاقة العبارة وجزالتها والتمكن من التفنن في الكلام، وإيضاح المعاني بالبيانات الفصيحة والأقوال البليغة.
اللغة العربية هي لغة القرآن المُنزَّل والحديث النبوي المُوحَى به، المُخاطَب بهما أهل الإيمان، ولا يصحُّ تأدية شعائر الدين الإسلامي من صلاةٍ وذِكرٍ ودعاءٍ وغير ذلك إلا بها. وهكذا فقد أدَّى ظهور الإسلام إلى انتشارها وسط الخلائق الذين كان منهم أصحاب اللسان الأعجمي، الذين دخلوا في الدين أفواجًا وأقبلوا على العربية يتعلمونها؛ فكثر عدد أهلها وسادت البلادَ البعيدة بعد أن كانت منزويةً بأطراف جزيرة العرب. ولكن هذا الانتشار السريع استلزَم من أهلها بذل المزيد من العناية والاهتمام من خلال تدوينها وضبط قواعدها وتطوير رسمها وخطوطها؛ مخافةَ أن يتسلل إليها اللحنُ والخطأُ من اللغات الأخرى؛ فنشأت علومُ النحو والصَّرف والبلاغة وغيرها وأُطلِق عليها «علوم اللغة العربية».