عَجَبَة
(سيرة العجب والموت)
خالد جمال فودة
سطوع لخدمات النشر
جميع الحقوق محفوظة ويحظر طبع أو تصوير أو تخزين أي جزء من الكتاب بأية وسيلة من وسائل تخزين المعلومات إلا بأذن كتابي صريح من الناشر
إهداء..
إليك.. إليك أنت.
’’لم يذهب الرِّق من الوجودِ، لكل عصر رقه وعبيده’’
توفيق الحكيم
’’ لا يوجد إنسان ضعيف؛ بل يوجد إنسان يجهل موطن قوته’’
ليو تولستوي
1
الجوُ صعب، حار حتى في الليل.. وإنا لم نجد نسمة هواء شاردة تُبرد أرواحنا، وكانت أجسادُنا تنز عرقًا بلل هدومنا الداخلية، وجعلها تلتصق علينا، وصارت بقعة العرق تحت إبطنا كحجم القمر ليلة اكتماله.. فما طقناها، وما عرفنا النوم؛ فخرجنا من بيوتنا ولم نقعد فيها، وطلعنا عند تعريشة متولي قرب الترعة نلتمس لفحة هواء ترد أرواحَنا، ولا حديث بين أفواهِنا إلا عما حصل لنا، وإننا مهما طال بنا العمر قصُر، والحكايات باقية، أطول منا عمرًا، وأفصح منا لسانًا، وإن أصحاب حكاية المحربي صاروا ترابًا، نثرته الرياح في أرض الله الواسعة، ونزل عليه المطر فألصقه بالأرض، ثم داست عليه الأقدام غير عارفة علامَ تدوس..
لكن الحكاية مكثت، تنتقل من شرقِ البلاد لمغربها، ونتغنى بها في كل مولد ذكر، وهنا قررنا أن نحكي -كلنا- حتى حريمنا اللواتي خرجن يجلسن على المصاطب، يتهامزن ويتلامزن، ثم يخوضن في أعراض فلانة التي تزوج عليها أبو عيالها، وفي الطيور التي فطست من الحر، وفي.. وفي جابر.