أفكار منتصف الليل
كيرلس عصمت
مؤسسة سطوع
جميع الحقوق محفوظة ويحظر طبع أو تصوير أو تخزين أي جزء من الكتاب بأية وسيلة من وسائل تخزين المعلومات إلا بأذن كتابي صريح من الناشر
اهداء …
إلي أبي.. لولاك لما وصلت لأي شئ…..
إختيار ابن
أخبروه بما قالت له أمه عندما كان عمره بضع دقائق.. قالت له "كن رجلاً عظيماً.. فأنت لست مخير في هذا الأمر.. لأنك تملك نصف حياتك فقط وأما النصف الثاني فهو لأخيك الذي لم تراه سوي سبعة أشهر في أحشائي.. ولكن الله أراد ألا تكملا التسعة أشهر وأن تكملا الشهرين المتبقيين في الحاضنة ولم أعترض علي أحكام الله ولكنني أسأله.. لماذا جعلتني لا أملك سوي ثمن حاضنة واحدة!!.. لماذا لم تهلك كليهما أو تترك كليهما..أتجعلني إله مثلك يحدد من يبقي ومن يموت.. فكن يا بني رجلاً عظيماً حتي لا يأتي اليوم الذي تلعنني فيه لأنني إخترتك "..قالت هذه الجمل وأعطت للطبيبة الطفل المحكوم عليه بالحياة...ومنذ ذلك الحين أصبح يملك ثلث حياته لآن الأم قد ماتت بجوار الطفل الأخر..حتي لا تسمع صراخه .
أنا فقط أنا
أنا لست ذلك الشخص المرح وسط أصدقائه الفاقد أحرف كلماته أمام من يحب.. لست ذلك الشخص الناجح في عيني أبي ولا الفاشل في نظر أساتذتي ولست الشخصية المثالية كما تراني أمي.. لم أكن يوماً ذلك الشخص الحكيم كما يراني البعض ولم أكن ذلك التافه كما يراني البعض الأخر.. لست ذلك القوي أمام أعين الناس ولا ذلك الضعيف أمام أعين نفسي وحيداً في غرفتي.. لست ذلك المبتسم في الصور ولست ذلك الكئيب الذي تظهره كتاباتي.. لست العالِم ولست الفنان.. لست ذلك الشخص المبدع متعدد المواهب و لست ذلك الشخص الغبي الكسول.. أنا لست كل هؤلاء.. أنا فقط أنا
عروستي أنا
كنت أنتظر مجيئها إلي العالم و أحسب الأيام المتبقية لأراها.. كنت أول من حملها بعد ولادتها.. و كأن أحدهم قد أخذ قلبي و أعطاني إياه في صورة بشر.. جعلتني أبكي؟!.. بالتأكيد.. بكيت عندما أكملت عامها الأول.. عندما قالت "بابا" لأول مرة.. عندما أنبتت أولي أسنانها.. جعلتني أبكي في أول أيام مدرستها.. نعم كثيرا ما جعلتني أبكي ولكن بكاء مفرح.. كل نجاح لها كان يفرحني أكثر من نجاحاتي الشخصية.. منذ أن جائت إلي قائلة "بابا جبت عشرة من عشرة في الإملا" حتي أكبر نجاحاتها اليوم.. لم أذق مرارة الخوف سوي علي أيديها.. و اليوم أنا مطالب بتسليمك إياها بحجة أنها عروسك و لأنها ترتدي اليوم فستانها الأبيض و لأنك كذبت عليها و أخبرتها أنك أكثر من يحبها.. و لكن ماذا عن حبي لها؟!.. يال وقاحة كذبتك.