Marwen

Share to Social Media

قصة قلب واحد
بعد أن إطمئن على إستقرار حالة إبنته، تركها رفقة أمها، وإتجه نحو مكتب الجراح الذي أجرى لها عملية زرع القلب بنجاح.
_دكتور، كل عبارات الإمتنان والشكر لاتكفيني لأعبر عن مدى شكري وإمتناني وفرحتي لك.
_لاتشكرني سيدي، أنا فقط قمت بواجبي، الشكر الكبير، هو لتلك الفتاة التي وهبت قلبها لإبنتك ولأمها التي وافقت على ذلك.
_هل بإمكاني معرفة هويتها.
_أكيد، هذا رقم الأم إتصل بها إن أردت .
أخذ طارق الرقم من عند الطبيب وقرر في قرارة نفسه زيارة هذه العائلة عندما تحين الفرصة.

طارق متزوج منذ ثمانية سنوات، وابنته "هيام" تبلغ من العمر سبعة أعوام ولدت بتشوه خلقي في القلب، وكان يلزمها متبرع بقلب جديد لتعيش كغيرها.
إتصلوا به منذ ثلاثة أيام وأخبروه بوجود متبرع، وهاهو الآن ينظر لإبنته هيام وهي تولد مرة أخرى بعد أن إحتضنت قلبا جديدا.
مر أسبوع منذ تمت الجراحة واستقرت حالت هيام، وقرر طارق زيارة العائلة المانحة.
إتصل بالرقم الذي أخذه من الطبيب، فسر له القصة وحدد معه موعدا لزيارتهم.
وصل طارق إلى المنزل في الوقت المحدد، فاستقبله رجل عشريني السنوات، وأدخله الى قاعة الجلوس.
أحس طارق بقشعريرة غريبة تسري في بدنه حين شاهد صورة للفتاة التي منحت قلبها لإبنته هيام، لم يجد الكلمات المناسبة ليبدأ الحديث، فبادره مضيفه بسؤاله عن حالة إبنته، فأجاب طارق:
_هي بخير الآن والحمد لله، ولقد أتيت اليوم لزيارتكم لأنني أود أن أشكركم، وأعزيكم في نفس الوقت وأرجو من الله أن يرحم ابنتكم.
_شكر الله سعيك يا أخي، وأرجو من الله أن يرزق ابنتك الصحة، إنها تحمل جزءا من إبنتنا الآن، فلتعتني به جيدا.
قاطعه طارق: هل أنت والدها؟
_لا ياسيدي أنا خالها.
_هل لي برأيت والداها؟ سأل طارق.
_والدها متوفى، لكن أختي لميس ستنضم إلينا بعد قليل، هي في حالة نفسية متدهورة، أرجو أن ترتفع معنوياتها بعد أن تقابلك، هي تعلم بمجيئك.
_أرجو ذلك أيضا، وبعد أن إطمئن على إستقرار حالة إبنته، تركها رفقة أمها، وإتجه نحو مكتب الجراح الذي أجرى لها عملية زرع القلب بنجاح.
_دكتور، كل عبارات الإمتنان والشكر لاتكفيني لأعبر عن مدى شكري وإمتناني وفرحتي لك.
_لاتشكرني سيدي، أنا فقط قمت بواجبي، الشكر الكبير، هو لتلك الفتاة التي وهبت قلبها لإبنتك ولأمها التي وافقت على ذلك.
_هل بإمكاني معرفة هويتها.
_أكيد، هذا رقم الأم إتصل بها إن أردت .
أخذ طارق الرقم من عند الطبيب وقرر في قرارة نفسه زيارة هذه العائلة عندما تحين الفرصة.
طارق متزوج منذ ثمانية سنوات، وابنته هيام تبلغ من العمر سبعة أعوام ولدت بتشوه خلقي في القلب، وكان يلزمها متبرع بقلب جديد لتعيش كغيرها.
إتصلوا به منذ ثلاثة أيام وأخبروه بوجود متبرع، وهاهو الآن ينظر لإبنته هيام وهي تولد مرة أخرى بعد أن إحتضنت قلبا جديدا.
مر أسبوع منذ تمت الجراحة واستقرت حالت هيام، وقرر طارق زيارة العائلة المانحة.
إتصل بالرقم الذي أخذه من الطبيب، فسر له القصة وحدد معه موعدا لزيارتهم.
وصل طارق إلى المنزل في الوقت المحدد، فاستقبله رجل عشريني السنوات، جلسا في قاعة الجلوس.
ثم أحس طارق بقشعريرة غريبة تسري في بدنه حين شاهد صورة للفتاة التي منحت قلبها لإبنته هيام، لم يجد الكلمات المناسبة ليبدأ الحديث، فبادره مضيفه بسؤاله عن حالة إبنته، فأجاب طارق:
_هي بخير الآن والحمد لله، ولقد أتيت اليوم لزيارتكم لأنني أود أن أشكركم، وأعزيكم في نفس الوقت وأرجو من الله أن يرحم ابنتكم.
_شكر الله سعيك يا أخي، وأرجو من الله أن يرزق ابنتك الصحة، إنها تحمل جزءا من إبنتنا الآن، فلتعتني به جيدا.
قاطعه طارق: هل أنت والدها؟
_لا ياسيدي أنا خالها.
_هل لي برأيت والداها؟ سأل طارق.
_والدها متوفى، لكن أختي لميس ستنضم إلينا بعد قليل،
هي في حالة نفسية متدهورة، أرجو أن ترتفع معنوياتها بعد أن تقابلك، هي تعلم بمجيئك.
_أرجو ذلك أيضا، وأتمنى أن يرزقها الله الصبر.
قال طارق ذلك و رفع عينيه مجددا إلى صورة الفتاة.... دقائق ودخلت لميس...
عندما شاهد طارق لميس بُهت ولم يصدق عيناه، أحس بالإختناق، عند رأيته لهذه المرأة، لم يكن يتوقع أن تكون هي لميس التي عرفها منذ سنوات خلت
*******
منذ عشر سنوات تقريبا، كان طارق طالبا متميزا للحقوق في جامعة تورنتو بكندا وكانت لميس أيضا طالبة للطب في نفس المدينة، وفي إحدى الإجتماعات التي تجمع الطلبة المغتربين تعرف طارق على لميس.
كانت فتاة ذات شخصية قوية، شابة جميلة وأنيقة دائما ومغرمة بالعمل التطوعي حدّ الشغف، فيما كان طارق ذلك الشاب المغامر الطموح والذي يتمتع بالكاريزما وروح القائد.
تقرب طارق من لميس واكتشف هذا الثنائي رويدا رويدا، أن بينهما نقطة إلتقاء كبيرة وهي الثبات وراء الطموح، وإمتلاكهما لأحلام كبيرة... وتولد بينهما إعجاب صار فيما بعد حبا متبادلا.
ثم بعد فترة سنتين من الحب المتبادل قرر الشابان الزواج بكندا دون إخبار العائلتين لتجنب تعقيدات الزواج التي يتطلبها مثل هكذا حدث في العالم العربي.
وتزوج طارق من لميس في حفل صغير جمع العديد من أبناء الوطن المغتربين خاصة من الطلبة المتواجدين هناك بكندا.
وبعد الزواج بأشهر قليلة، تخرج طارق من الجامعة وسرعان ما أصبح يعمل في مكتب للمحاماة له شهرة عالمية.
ثم بعده بسنة تخرجت لميس وأصبحت طبيبة، وبدأت هي الأخرى العمل في مؤسسة صحية مرموقة، لكن عملها التطوعي كان يأخذ منها الكثير من وقتها. وهو الأمر الذي كان يٌشعر طارق بعدم الراحة في علاقته مع زوجته نظرا لكثرة إنشغالها. وتمر الأيام والسنوات ويحقق طارق نجاحا كبيرا في عمله...
مرت ثلاث سنوات حين وصلت دعوة لطارق من أرض الوطن لينضم هناك إلى وزارة العدل في خطة مسؤول عن تطوير السجون وآليات إدارتها ... كانت بالنسبة لرجل بمثل طموحه فرصة العمر. لكن كان للميس رأي آخر.
قال طارق لها ذات يوم:
_لميس يجب أن نعود لأرض الوطن في غضون شهرين; عليك الإستعداد لذلك أنا حقا أود إغتنام هذه الفرصة التي لا تأتي كل يوم
_وماذا عن طموحي أنا ياطارق أليس له إعتبار عندك.
_هيا يالميس مستقبلنا واحد....ستعملين هناك.
_أنا أيضا لدي فرصة عمري للإنظمام لمنظمة أطباء بلاحدود، وإذا عدت معك سأخسر كل شيئ... أجابت لميس، فيما إستسلم طارق للصمت وهو يدرك أهمية فكرة التطوع للميس.
إستمر طارق في تحضير كل مايلزم لعودته، وإستمر في محاولة إقناع لميس، لكن كل محاولاته فشلت، حتى نقاشاتهما صارت تنتهي بخصام وهو الأمر الذي لم يعتاداه من قبل.
أسبوع قبل عودته، حاول إقناعها مرة أخرى
_لميس سأسافر الخميس القادم، أرجو إن لم ترافقيني الآن أن تلحقي بي بعد مدة، فكري ياعزيزتي بالأمر، لايجب أن نخسر بعضنا بسبب طموح كل منا.
أجابت لميس: سأشارك في أول بعثة لي مع أطباء بلا حدود قريبا، أنت تعلم مدى شغفي بالعمل التطوعي ومساعدة الآخرين وتعلم أنه حلمي منذ سنوات، لايمكنني العودة معك.
_وما الحل إذا؟ قال طارق وهو يحاول أن يكتم غضبه.
_لا أعلم، سأقبل بكل ماتقرره وتختاره إلا العودة معك للوطن.

سافر طارق وانطلق في عمله صلب وزارة عدل بلاده.
كان كلما حاول الإتصال بلميس لم يتمكن من ذلك، لم تكن متاحة على جميع أرقامها، وبعد حوالي شهرين من ذلك وصلته رسالة من لميس كان مصدرها الولايات المتحدة الأمريكية وكان نصها:
_عزيزي طارق أنا إنتقلت للعيش في أميركا في إطار عملي الجديد، أتابع أخبارك وأرجو لك التوفيق، كنت أتمنى أن أكون بجانبك لكن يبدو أن مصيرنا ليس واحدا.
ستصلك بعد أيام أوراق طلاقنا. أرجو أن توقعها كي لانفسد ماكان بيننا من ذكريات جميلة. لاتحاول الإتصال بي رجاء ، فلنجعل الأمور أسهل؛ أنت اخترت طريقك بعيدا، وكان علي الإختيار أيضا وقد اخترت.
حاول طارق الإتصال بلميس عدة مرات وبعدة طرق، كلها فشلت. حين وصلته أوراق الطلاق كان الغضب يسيطر عليه، وأحس بالخيانة، دفعه ذلك إلى عدم التفكير طويلا، وقع الأوراق، ثم أعادها إلى المحامي الذي جاء بها...
*******
جلس الحبيبان والزوجان السابقان، متقابلان، وهما اللذان لم يريا بعضيهما منذ عدة سنوات، فقد جعلت منهما الأقدار غريبان.
_كيف حالك يالميس، سأل طارق لميس وعلامات الدهشة بادية على وجهه.
_كيف سيكون حال إمرأة فقدت إبنتها الوحيدة.
_هل هي إبنتك؟ ومن والدها؟ لقد أخبرني شقيقك أن والدها متوفى؟؟!!!
فأجابته بصوت حزين وبكلمات ثقيلة وهي تسترجع ذكريات ماضيها
بعد مغادرتك كندا، أحسست بصعوبة الغربة أكثر فأكثر، وفي محاولة مني للإبتعاد عن الأماكن التي تحمل ذكرى منك، سافرت لأمريكا وصرت أعمل هناك، من ثم تعرفت إلى زميل لي، ربما اقتنص فرصة الفراغ الذي تركته أنت... بإختصار تزوجنا بعد طلاقي منك بفترة قصيرة و ''إيشكا'' كانت ثمرة زواجي منه.
_هل أسميتها عشقه، كما كنت أريد أنا؟
_لا والدها أسماها إيشكا وليست عشقه، ويبدو أنك تزوجت أيضا؟
_نعم بعد طلاقنا بسنة تزوجت إحدى فتيات عائلتي، في إطار زواج تقليدي، إختارتها لي أمي. ورزقت منها بطفلة أسميناها هيام وهي الطفلة التي تشاء الأقدار الآن أن تعيش بقلب إبنتك إيشكا.
قدمت لميس لطارق صورة تجمعها بزوجها وإبنتهما إيشكا، رفقة أوراق ثبوتية لإيشكا، تثبت أنها أمريكية ولأب أمريكي...ثم قالت:
ولدت إبنتي بأمريكا، ثم توفي زوجي الأمريكي بحادث مروري هناك، وكما ترى تشاء الأقدار في أقصى تجارب العبث أن أعود بها في عطلة إلى وطن أمها، فتموت هي أيضا في حادث مروري وتهب قلبها لإبنتك هيام كي تعيش به، ربما هي أقدارنا أنا وأنت مكتوب عليها أن تتقاطع دون تستمر في رفقة ... هل تصدق أن هذا يمكن أن يحدث ياطارق؟

أجاب طارق وهو يحدق في صورة إيشكا: أرجو أن يرحمها الله، وأن يرزقك الصبر يالميس، هذا رقمي إن احتجت إلى اي شيئ.

_ربما أود رأيت ابنتك قبل أن أغادر الوطن، لايمكنني المكوث هنا طويلا بدون إيشكا...يجب أن أملأ وقتي بالعمل لفائدة البؤساء والمفقرين... رُأْية المرضى وهم يتعافون والإحساس بقيمة نفسك، وقيمة عملك في أجسادهم...ينسيني كل شيئ؛ لقد خبرت هذا من قبل عندما تركتني.
وقف طارق وعلامات حزن وغضب بادية على ملامحه نظر إلى لميس وقال:
_في اي مقبرة دفنتموها؟ أود زيارة قبرها.
_في مقبرة حينا هذا.
وهل لي بالإحتفاظ بصورة لها.
لك ذلك يا طارق.
_إلى اللقاء يالميس ...إتجه طارق نحو الباب وغادر.
أخرجت لميس صورة لعشقه وبكت ثم إبتسمت ثم تمتمت في نفسها:
_هو لايستحق حتى أن يعرف الحقيقة، حقيقة أن عشقه ستبقى لتعيش داخل اختها هيام، وان هيام تعيش بفؤاد أختها عشقه.

النهاية.
1 Votes

Leave a Comment

Comments

Story Chapters

قصة قلب واحد
Write and publish your own books and novels NOW, From Here.