مِدَادُ الْقَلْبِ
سَمَتْ بِكِ أَبْـيَاتِي وَهَـدْهَدَكِ الشِّعْرُ
فَـحُسْنُـكِ أَخَّـاذٌ وَ قَــدُّكِ وَالْخـَصْـرُ
وَوَجْهُكِ وَضَّـاءٌ يُضِـيْءُ جَوَانـِحِي
أَيَا فِتْـنَةً الْمَحْـيَا أَيُخْجِلُكِ الْبـَدْرُ؟!
بَلَى أَنْتِ كُنْـهُ النـُّوْرِ؛ نُوْرُ صَبَـابَتِي
وَمِنْكِ الضِّيَا؛ نُوْرَاهُ يَقْتَبِسُ الْفَجْرُ
عَـلَيْكِ سَـلَامُ الْعِشْقِ يَا أَوَّلَ الْمُنَى
حَفِـظْتُـكِ إِيْمَـانًـا؛ وَ هَلَّلَكِ الـزَّهْــرُ
فَمَـنْ أنْتِ لَوْلَا؛ أَنْتِ يَا قِبْـلَتِي الَّتِي
يُشِيـْرُ لَهَا قَلْـبِـي وَ يَحْجُبُهَا الْخـِدْرُ
أُسَـافِـرُ فِـي عَيْنِـيْكِ مَـدَّ رُبُــوْعِنَا
وَ أَهْـجُـرُ قَلْبِي؛ لَوْ تَحَـلَّلَهُ الْهَـجْـرُ
فَعَـيْـنَاكِ؛ نـِيْـلَانِ الْحَـيَاةِ وَكَـوْثَــرٌ
إِذَا هَدَّنِي الْإِعْيَـاءُ وَاسْتَأْسَدَ الْقَفْرُ
وَبَسْمَـتُكِ الْفـِرْدَوْسُ لَاحَ لِمُـغْـرَمٍ
وَخَـدُّكِ غَـمَّـازٌ؛ يُــلَأْلِـئُـهُ الــثَّـغْــرُ
هَـوَاي يَـقُدُّ الْبُـعْدَ يَسْتَبِقُ الْمَـدَى
إِلَـيْـكِ فَـلَا بُـعْـدٌ يُـرَامُ؛ وَلَا صَـبْرُ
أَلَا فَاسْقِنِي بِالوَصْلِ حِيْنَ وِصَالِنَا
رُضَابَ اللَّمَى فَالْقَلْبُ يُسْعِدَهُ الْغَمْرُ
يَـدَايَ إِلَى جَنْبَيْكِ شُـدِّي وَثَاقَـهَا
وَغُـلِّـي فَؤَادَ الصَّبِ أَيَّتُهَا الْمُهْـرُ
فَـأنْـتِ لَــهُ رُوْحٌ يُــسَـرُّ بِـقُـرْبِـهَـا
وَأَنْتِ لَـهُ عُمْرٌ يُـضَاءُ بِكِ الْعُمْـرُ
أَسِـيْرُكِ لَا يَنْـوِي الْفِكَاكَ وَقَـوْلُه:
بِقَلبِ جِنَانِ الْخُلْدِ يُسْتَحْمَدُ الْأَسْرُ
يـُرَاقِـصُـكِ الْمَـعْنَى وَيَحْلِفُ أَنَّـهُ
بِـقُرْبِكِ لَا يَشْـقَـى وَلَمْ يَرَهُ الضُّرُ
فَـرُوْحُكِ رَوْحَانٌ وَأُنْـسَةُ عَـاشِقٍ
وَرَيْحَانُهَا طِيْبٌ يَطْـيْبُ بِهِ الْعِطْرُ
وَأَنْتِ مِدَادُ الْقَلْبِ إِنْ خَطَّ خَافِقِي
بَلَى يَا مَلَاكَ الْحُسْنِ أَنْتِ لَهُ الذِّكْرُ
يَدَاكِ إِذَا مَسَّتْ ضُـلُوعَ قَصِيْدَتِـي
يَلِيْنُ لهَـا قَلـْبُ الْقَصِـيْدةِ؛ وَالْبَحْرُ
عَلى كَفِّكِ الَآمَالُ؛ سَارَتْ وَلَمْ تَزَلْ
تَسِيْرُ إِلَى الْـغَـايـَاتِ يَا أيُّهَـا الـدُّرُ
لَأَنْتِ فُؤَادُ الْكَوْنِ؛ مَا قِيْمَةٌ الدُّنَـا؟
بِدُوْنِكِ لَا عَاشَتْ وَلَا بَقِيَ الدَّهْـرُ
وَمَا قِيْمَةُ الْأيَّامِ إِنْ لَـمْ يَكُنْ بِهَـا
شَقِيْـقَةُ أَضْلَاعِـي أَلَا قُـبِّحَ الْكُفْـرُ
أَفَاتِنَـتِـي أَنْتِ الْحَـيَـاةُ وَ أُنْسُـهَـا
"وَأَجْمَلُ مَنَ فَوْقَ التُّرَابِ وَلا فَخْرُ"
وَأَنْتِ الَّتِى صَلَّتْ عَلَيْكِ قَصَائِدِي
أُمُلْـهِمَـتِي أَنْتِ الرَّبَـابَـةُ وَالْخَمْـرُ
وَإِنْ غِبْتِ عَنْ عـَيْنِي فَإِنَّكِ سُوْرَةٌ
يُـرَتِّـلُهَـا قَـلْـبِـي فَيَنْـشَـرِحُ الصَّـدْرُ
لَأَنْـتِ لِـهَـذَا الْقَلْبِ جَـنَّـةُ عَـاشِـقٍ
وَمِنْ جَنَّةِ الْعُشَّاقِ يَغْتَرِفُ الشِّعْرُ
مَـا لَمْ يَقُلْهُ قَيْسٌ
وَلَـمَّـا تَـلَاقَـيْـنَا شَـبَكْتُ بَـنَانَـهَا
وَقُمْتُ كَمَجْنُوْنٍ عَلى الْخَدِّ أَخْضُبُ
أُخَضِّـبْهُ فَـاهِـي وَأَقْـتَاتُ ثَـغْـرَهَا
وَيَقْتَاتُنِي ثَغْـرُ الْحَبِيْبِ وَيَـشْرَبُ
وَتَكْتُبُنِي الْقُبْلَاتُ فِي كُـلِّ وَجْـنَةٍ
وَمَازِلْتُ بِالْقُـبْلَاتِ أَمْحُو وَأَكْـتُـبُ
وَحِيـْنَ الْتَصَقْنَا ثُمَّ طَـوَّقْتُهَا يَدِي
وَوَسَّدْتُـهَا زَنْـدِي وَعَيـْنِي تُرَحِّبُ
عَـلِـمْتُ بِأَنَّ الْحُـبَّ ثَغْـرِي بِثَـغْرِهَا
وَمَا دُوْنَهُ وَهْـمٌ إِلَى التَّيْهِ يُنْسَبُ
لَـهَا مُقْـلَةٌ نُـوْرِيَّـةٌ؛ تَـخْـطِـفُ الـرَّنَا
بِـرِمْشٍ سُـلَافِيٍّ؛ لَـهُ الْقَلْـبُ مَلْعَبُ
إِذَا رَاعَـنِي هَمِّـي تَغَـشَّـيْتُ عَيْـنَهَا
وَفِي جَنَّةِ الْعَيْنِيْنِ أُسْلَى وَأُطْرَبُ
فَلِي مِنْ مَعِـيْنِ الْوِدِّ نِـيْلٌ وَكَوْثَـرٌ
وَبِي مِنْ فُرَاتَيْهَا مِنَ الْعَذْبِ أَعْذَبُ
أَيَا جَـنَّةَ الْمَأْوَى إِلَيْـكِ اسْتِـقَامَتِي
إِلَـيْـكِ إِذَا جَــارُوا أَلُـــوْذُ وَأَهْـرُبُ
وَ تَـهْـرُبُ آمَـالِـي إِلَيْـكِ طَـلِـيْـقَـةً
تَـطِيْـرُ إِلَـى الْـغَـايَـاتِ لَا تَـتَـرَقَّبُ
تَلُـوْمُـوْنَـنِي أَنِّي لِـعَيْـنَيْهِ عَـوْدَتِي
أُرَنِّـمُ أَوْتَـارِي وَبِـاللَّحْـنِ أُسْـهِــبُ
فَمَا جَنَّـةُ الْمَأْوَى سِـوَى عَيْنِهَا الَّتِي
بِـهَا مِـنْ ضِــيَاءِ اللَّهِ نُـوْرٌ مُـحَجَّـبُ
وَفِـرْدَوْسُـهَـا قَـلْبٌ بِـهِ اللَّهُ قَـابِـعٌ
هُـنَاكَ فَلَا خِـطْئٌ وَلَا ذَنْـبَ يُكْـتَبُ
أَتِـيْـهُ بِـعَـيٍـنَـيْهَا وَ أَلْقَى حَـقِـيْـقَـتِي
وَمِنْ تَائِهِيْنَ الْـعِشْقِ أَهْدَى وَأَصْوَبُ
عَلى عَـيْنِـهَا صَلَّى فُـؤَادِي تَـنَـسُّكًـا
وَفِي رُوْحِهَا جِسْمِي يُوَارَى وَيُحْجَبُ
تُـذَوِّبُـنِي كَالشَّمْـعِ فِي ظُلْمَةِ الدَّجَى
وَتُشْرِقُنِي كَالشَّمْسِ إِذْ لَسْتُ أَغْرُبُ
تُــشِـعُّ مَـسَامَـاتِـي إِذَا مَا تَـبَسَّمَـتْ
وَتَـبْسُـمُ أَنْـفَـاسِـي وَقَـلْـبِي يُـذَوَّبُ
تُطَـفِّي جَحِيْمَ الْبُعْدِ إِذْ قَامَ وَصْلُهَا
يُعَانِقُـنِي كَالْمَـاءِ وَالْمَـاءُ يُوْهِـبُ...
تُغَبُّ بِهِ رُوْحِـي وَتُـرْوَى صَـبَابَتِي
وَتُـزْهِـرُ آمَـالِي وَيَفْـنَى الـتَّـنَـدُّبُ
عِنَـاقٌ بِـهِ الْأَقْـدَارُ جَاءَتْ وَ لَمْ تَزَلْ
تَـجِيْءُ بِهِ الْأَقْـدَارُ تُسْـقِي وَ يُعْشِبُ
عِنَاقُ السَّمَا وَ الْأَرْضِ مِثْلِي وَمِثْلُهَا
عِنَـاقَـانِ وَاللُّـقْـيَـا شِـفَـاةٌ وَ صَـيِّـبُ
سَرَابُ الٰقُرُوْنِ
أَتَدْرِي...؟ فَقَدْ عَاثَ فِيْنَا الظَّلَامْ.
وَضَاقَ الْفَضَـاءُ وَطَـالَ السَّفَـرْ
فَـمَا مِــنْ وُصُـوْلٍ سِـوَى أَنَّـنَـا
بِـدَرْبِ الْمَـتَـاهَـةِ نَـقْـفُو الْأَثَــرْ
يُـنَادِي عَلَيْـنَا سَـرَابُ الْـقُـرُونْ
فَنَجْرِي إِلَيْـهِ وَ نَـرْجُـو الظَّـفَـرْ
فَـمَا خَـدَعَ الظَّـامِـئِـيْنَ سِــوَى
سَـرَابٍ عَلى الْبُعْدِ يَرْوِي النَّظَرْ
أَفِـقْ إِنَّ غَـفْـوَتَـنَـا لَـنْ تَـفِـيـقْ
صَـحَـوْنَا سَـكِـرْنَا نَـثَـرْنَا الدُّرَرْ
فَنَحْـنُ الْـحُـفَـاةُ الْـعُـرَاةُ الَّذِي
تَـعَـثَّـرَ إِشْــرَاقُـنَـا وَانْــدَثَـــرْ
صُهِـرْنَا عَلـى حَـرِّنَـا وَالنَّعِيـقْ
وَتِهْـنَا عَلى السَّهْلِ وَالمُنْحَدَرْ
فَـلَا نَـحْنُ فُـقْـنَا مَـعَ صَـحْـوِنَا
وَلَا صَحْوُنَا فَـاقَ بَعْـدَ الْـعِـبَـرْ
نَــرُوْمُ الْـمَـعَـالي وَلَا نَـعْـتَـلِي
فَمَنْ فِي الثَّرَى لَا يَطُوْلُ الْقَمَرْ
وَلَنْ يَـرْتَقِي ذَرْوَةَ الشَّاهِـقَـاتْ
سِـوَى ذِي الْـعَـزِيْـمَـةِ أَلَّا مَـفَـرْ
كَـذْبْنَا عَلى الْأَمْـنِ وَ الْأْمْنِيَاتْ
فَـوَغَّـلَنَـا الْـحَرْبُ فِي كُلِّ شَـرْ
عَـلَيْـنَا تَـفَـلْسَـفَـتِ الْمُـهْلِـكَـاتْ...
وَدَامَ الـرَّخَـاءُ وَزَالَ الْـخَـطَـرْ
وَقَــالَ لَنَا اللِّـصُ : يَـا شَـعْـبَـنَا
سَأَبْنِي لَكَ الْحُلْمَ...، : فَلْيُنْتَظَـرْ
عَـلـى دَرْبِــكَ الْــــوَرْدُ؛ أَنْــثُــرُهُ
وَأَمْحُو الْبَطَـالَـةَ؛ أَمْحُو الضَّرَرْ
فَقُـلْـتُ: لَكَ الْـوَيْـلُ مِـنْ كَـاذِبٍ
وَهَلْ يُحْصَدُ الْوَهْمُ يَوْمًا ثَمَرْ؟!
أَكَـلْــتَ الْــبِــلَادَ؛ بِـأَكْــبَـادِهَــا...
وَأَسْقِـيْتَنَا الْمَـوْتَ صُبْحًا أَغَـرْ
وَأَشْبَعْتَنَا مِنْ مَـآسِي الْـوُجُـودْ
وَصَـارَ الْـفَـضَـاءُ عَلَـيْنَـا سَـقَـرْ
كَــذَبْـنَـا عَـلَـيْنَـا وَأَصْـدَقُــنَـا
يَـرَوُغُ كَمَا (الـثَّعْلَبِ الْمُعْـتَبَـرْ)
فَهَـذِي الـسَّفِـيْنَـةُ قَـدْ خُـرِقَتْ
وَنَـحْـنُ بِـوَعْـكَتِـهَـا نُـحْـتَضَرْ
فَـيَـا أَيُّـهَـا الْـمَـوْجُ رِفْـقًـا بِـنَـا
وَيَا مُـنْشِـئَ الْمَوْجِ إِنَّا بَـشَـرْ..
مَـعْبـَدُ الْـقَصِيْـدَةِ
أَسْـرَجْتُ حُـبِّي وَ اصْطَـفِيْتُ رِضَاكِ
وَغَـرَسْتُ فِـي رَوْضِ الْهَوَى مَحْيَاكِ
وَأَطَعْتُ فِـيْكِ صَبَابَتِي وَتَنَفَّـسَتْ
رُوْحِــي هـَــوَاكِ فَـمَـا الْـهَـوَى إلَّآكِ
وَعَـزَفْتُ حُبَّكِ فِي وَرِيْـدِي نَغْـمَةً
وَجَـعَـلْـتُ قَـلْـبِي مَسْـرَحًا لِـبَـهَـاكِ
وَنَثَرْتُ فِي مُدُنِ الْبَـيَانِ قَصَائِـدِي
لَحـْنًـا يُــزِيــْـنُ رَبَـابَـتـِي بِـرُبَـاكِ
وَصَبَبْتُ فَيْضَ الْحُسْنِ فَوْقَ دَفَاتِرِي
شِـعْــرًا يُـــؤَرِّخُ لَــوْعَـتِـي وَرَنَــاكِ
فِيْكِ الْحُرُوْفُ تَخَاصَمَتْ وَخِصَامُهَا
كَـخِـصَـامِ قَـلـْبٍ شَــفَّــهُ لُـقْــيَـاكِ
فَالنُّـوْنُ يَرْسِـمُ حَاجِبَـيْكِ وَيَحْتَفِي
وَالْــوَاوُ يَـقْــسِـمُ بِـالَّــذِي سَـــوُّاكِ
لَهُوَ الْجَـدِيْرُ بِـرَسْـمِ حُسْنِكِ وَالْأَلِفْ
يَـحْــكِـي قَــوَامَــكِ لِلـرُّؤَى وَيَــرَاكِ
رَاءً تُـرَأْرِئِـهُ الْـعِـيُـوْنُ عَـلـى الـرُّؤَى
(يَـاسِيْنُ) حَاطَـتْ بِالْـجَـمَالِ ضُحَاكِ
وَالشَّمْـسُ فِي كَـبَدِ السَّمَاءِ تَوَضَّأَتْ
بـِضِــيَائِكِ الْــوَضَّـاءِ فَـــوْقَ سَـمَـاكِ
وَالْبَـدْرُ أَحْوَجَـهُ ضِـيَـاؤكِ فَانْحَنَى
يُـلْـقِي الْـجَـمَـالَ وَبِـالْـبَـهَـا حَـيَّـاكِ
يَـا مَـنْ تُشِـعُّ مِـنَ الْـفُـؤادِ بِـحُسْـنِهَا
صَـلَّـى عَـلَيْـكِ الـضَّـوْءُ حِـيْــنَ رَآكِ
لَوْلَاكِ مَا عُرِفَ الْجَمَالُ وَلَا انـْتَـشَى
قَـلْـبـِي وَ لا سَـادَ الْــهـَــوَى لَــوْلَاكِ
إِيَّـاكِ أَقْــصُـدُ بِـالْـجَـمَـالِ بـَهِيَّــتِي
وَبِكِ اسْتَعَنْتُ عَلى اللَّـظَى وَ نَوَاكِ
فَأَقَمْتُ فِي عَيْـنَيْكِ مَعْبدَ طَاعَـتِي
وَتَـرَهْـبَـنَـتْ رُوحِي لِـعَـذْبِ لَـمَـاكِ
وَعَقَـلْتُ قَـلْبـِي عِـنْـدَ أَوَّلِ بَـسْـمَةٍ
وَمَـزَجْتُ حُـلْـمَ هَـوِيَّـتِـي بِــهَـوَاكِ
وَرَسَمْتُ فِي خَدَّيْكِ أجْمَـلَ مَوْطِنٍ
وَتَـرَكْــتُ أَوُطــانًا لِظِـــلٍّ حَــاكِـي
فَالْمَـوْطِـنُ الْمَـرْمِيُّ خَـلْفَ شِـبَـاكِنَـا
دُنْـيَـا الـضَّـيَـاعِ وَمَسْـرَحُ الْأَشْـوَاكِ
إِنِّي اتَّـخَــذْتُـكِ مَــوْطِنًـا فَلْتَـسْلَمِي
أَنَّـى اتَّـجَــهْـتِ بِـخَـافِــقِـي لَــبَّـاكِ
مَنْ يَسْكُنوْنَ الْحُبَّ يُشْرِقُ مَجْدُهُمْ
وَيُـضَــوِّعُــوْنَ قُــلُــوْبَـهَــمْ بِـهُـدَاكِ
غُـرْبَـةُ الـرُّوْحِ
يَا وُحْـشَةً سَــرَقَتْ مِـنَّا سَـعَادَتَـنَا
وَنَـاثَرَتْنَا بِدَرْبِ الْجَمْـرِ وَالْحَطَبِ
طِـرِيْقُـنَا مُـوْصَـدٌ وَ الـتَّيْـهُ يَعْرِكُنَا
وَنَحْنُ مِنْ تَـعَبٍ نَمْضِي إِلَى تَعَبِ
نُجَـالِدُ الْـيَأْسَ وَ الْآهَــاتُ تَـجْلُدُنَـا
وَغُرْبَةُ الرُّوْحِ مَنْفَى وَالْغِيَابُ غَبِي
مَـعَـالِمُ الْـبُؤْسِ كُفِّي عَنْ هِـدَايَتِـنَا
فَـأَوَّلُ الـتَّـيْهِ مَـصْفُوْدٌ إِلَى الـذَّنَبِ
وَآخِـرُ الْـبُــؤْسِ مَـقْـرُوْنٌ بِـأَوَّلِـنَـا
نَــفِـرُّ مِـنْ لَـغَبٍ فَـاشٍ إِلَى لَـغَـبِ
وَنَحْتَسِي ظَمَـأَ الْأَيَّـامِ فِي نَصَبٍ
لِيَحْـتَسِيْـنَا عَلى الْأَزْلَامِ وَالنُّصُبِ
قَالَوا: الْحَيَاةُ جَـمَالٌ حِـيْنَ نُعْطِيَهَا
فَمَا وَجَـدْنَا سِـوَى حَـمَّالَةِ الْكَـذِبِ
فِي أَوَّلِ الدَّرْبِ كَانَتْ مِثْلَ غَـانِيَةٍ
جَـمِيْـلَةٍ حَـفَّهَـا نُـوْرُ الطَّـهَارَةِ بِـي
فَأَوْكَسَتْ وَاسْتَحَالَ الْوَصْلُ وَانْطَفَأَتْ
مَنَائِرُ الْحُلْمِ لَيْتَ الْحُلْمَ لَمْ يَخِبِ
يَا غُرْبَةً فِي مَدَى الْأَزْمَانِ مُوْجِعَةً
إِنِّي وَإِنْ غِـبْتُ فَالْآمَـالُ لَمْ تَغِبِ
يَا أَوَّلَ الْحَرْفِ يَا بَوْحَ الْقَصِيْدِ وَيَا
كَـآبَةَ الرُّوْحِ فِي اللَّيْلِ الْبَهِيْمِ ثِـبِي
مَتَى نَرَى النُّوْرَ وَالْكَهْنُوْتُ يُرْسِلُنَا
لِمَعْبَدِ الْمَوْتِ لَيْتَ الْمَوْتَ لَمْ يَجِبِ
وَحَـوْلَـنَا تُنْـثَـرُ الْأَوْهَـامُ وَاأَسَـفِي
عَلى الضَّيَاعِ عَلى آهَـاتِ مُـغْتَرَبِي
أَصِيْحُ وَالصَّمْتُ قَيْدٌ فِي فَمِي أَلِقٌ
يُـقَـلِّـبُ الْآهِ! بَـيْـنَ الْجِـدِّ وَ اللَّعِبِ
تَشِيْبُ مِنْ وَقْعِهِ الْأَحْلَامُ؛ كَيْفَ أَنَا؟!
أَمَا تَرَى وَطَنَ الْأَحْلَامِ شَابَ صَبِي؟
أَئِـنُّ مِـلْءَ ضُـلُـوْعِي وَالْحَنِيْنُ كَذَا
يَئِنُّ فَوْقَ ضُـلُـوْعِ الْمَوْطِنِ الرَّحِبِ
عـينـاكِ والـقـصـيدةُ
عَيْناكِ وَالْقَصِيْدَهْ
لَا تَعْرِفَانِ الصَّمْتَ؛ إِفْصَاحًا
وَهُنَّ بِنُطْقِهِنَّ الصَّامِتَاتْ
بَوْحٌ مِنَ السِّحْرِ الْعَظِيْمِ
عَصَرْنَ (بَابِلَ) وَاغْتَسَلْنَ
مِنَ (الْفُرَاتْ)
وَشَرِبْنَ آهَاتِ الْعُصُوْرِ..
عَبَرْنَ كُلَّ الْمُعْضِلَاتْ
أَرَّخْنَ كُلَّ حِكَايِةٍ
مَنْ يَقْرَأِ التَّارِيْخَ حَقًّا
يَلْقَ إِفْصَاحَ الْمَجَازِ
وَسَبْكَةَ الْعَـيْنِ
الشَّهِيَّةِ وَ الْقَصِيْدَهْ
وَيَرَ الْجَمَالَ عَلى
الْغُصُوْنِ الْمَائِسَاتْ
عَيْنَاكِ كُلُّ قَصِيْدَةٍ تَجْتَاحُنِي
رَغْمَ احْتِرَافِ الصَّمْتِ
فِي عِزِّ السُّكُونْ
فَتُحِيْلُ صَمْتِيَ ثَوْرَةً غَجَرِيَّةً
أَعْتَى جُنُونْ
مَاذَا؟ وَتَكْتُبُنِي الْعِيُوْنُ عَلى
الْقَصَائِدِ وَالْقَصَائِدِ كَالْعِيُونْ
مَا بَيْنَ قَافِيَتِي
وَعَيْنَيْهَا أَكُـونْ
لِأَرَى شُمُوْخَ الْأَنْبِيَاءْ
وَأَرَى الْحَقَائِقَ وَ الْمَآزِقَ
وَالظُّنُونْ
***
فِي عَيْنِكِ الْيُمْنى
أَرَى (نُوْحًا) وَ (آدَمْ)
وَحَقِيْقَةَ الطُّوْفَانِ
وَالْعَصْفَ الْمُدَمِّرَ
وَالْمَنُونْ
وَالْمَوْجُ يَعْلُو
الشّـاهِقَاتْ...
وَالزَّيْفُ فِي
عَيْنَيْكِ مَاتْ
وَأَرَى عَلى الْيُسْرَى
مَآسِي الْأَنْبِيَاءْ..
وَأَرَى عَصَا (مُوْسَى)
وَكُلَّ الْمُعْجِزَاتْ
وَأَرَى التَّغَرُّبَ وَالْمَنَافِي
وَانْفِرَاجَ التَّيْهِ
مِنْ بَعْدِ الشَّتَاتْ
وَأَرَى النَّقِيَّةَ حِيْنَ قَالَتْ:
"قُرَّةً"
"لَا تَقْتُلْوا مُوْسَى عَسَىٰ"
وَأَرَى بِهَا إِخْوَانَ (يُوْسَفَ)
لَيْتَهُمْ كَانُوا كَمَنْ
"قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ " مِنْ
فَرْطِ الْهَوَى وَالْمُعْجَبَاتْ
وَأَرَى (الْعَزِيْزَةَ)
حِيْنَ قَالَتْ: "لَمْ أَخُنْ…"
يَا كُلَّ خَوَّانٍ أَثِيْمْ
وَأَرَى (الذَّبِيْحَ)
وَجُوَعَهُ فِي عَيْنِ(هَاجِرَ)
حَيْنَ هَاجَرَهَا (الْخَلِيْلُ)
إِلَى الْخَلِيْلْ
(درويشُ) مَهْلًا!
لَا تَقُلْ
"مَاتَتْ عَصَافِيْرُ الْجَلِيْلْ"
إِنَّ الْحَيَاةَ هُنَا تَمُوتْ
وَالْبَعْثُ آتْ
وَأَرَى (ابْنَ مَرْيَمَ) لَيْتَهُ
أَحْيَا الْقَتِيلْ…
فَقَتِيْلُ عَيْنِكِ وَالْقَصِيْدَةِ
لَمْ يَمُتْ؛ بَلْ يَمْلَأُ الدُّنْيَا
حَيَاةَ؛ لِيَحْتَسِي
مِنْ عَيْنِكِ الْعِشْقَ
المُصَفَى وَالشَّهِيَّهْ
كَلُّ الْعِيُوْنِ تَنَمَّرَتْ
إِلَّا عِيُوْنُ(الْمَجْدَلِيَّهْ)
لَا تَكْذِبُوا يَا فِتْيَةَ
(الْإنْجِيْلْ)
إِنِّي قَرَأْتُ بِمُحْكَمِ
(التَّنْزِيْلْ)
مَا مَاتَ "عِيْسَىٰ"
بَلْ ضَمَائِرُ مَنْ
وَشُوا مَاتَتْ
وَأَقْبَرَهَا الْمَمَاتْ
هَلْ كَانَ حَوْلُ (مُحَمَّدٍ)
إِلَّا (خَدِيْجَهْ)
فَصَلَاةُ رَبِّي وَالسَّلَامُ
عَلى (النَّبِيِ عَلى (خَدِيْجَهْ)
ثُمَّ السَّلَامُ عَلى النِّسَاءِ
الطَّاهِرَاتْ
(نيرونُ) يَا ذَاكَ الْمُهَرِّجُ
لَا تَقُلْ قَـدْ كُنْتَ شَاعِرْ
(هُومو) يُؤَرِّخُ بِالْقَصِيْدَةِ
وَالْعِيُوْنِ الْمُرْهَقَاتْ
(نيرونُ) كَذَّابٌ تَسَرَّى
وَالنَّيَاشِيْنُ الْبَهِيَّةُ كَاذِبَاتْ
وَالشِّعْرُ كِذْبٌ حِيْنَ
لَا يُعْلِي الْحَقِيْقَةَ
لَا يَفِلُّ الزَّيْفَ
لَا يَرْمِي الطُّغَاةْ
وَالعِشْقُ كِذْبٌ حِيْنَ تَكْتُبُهُ
عِيُوْنُ الْخَائِنَاتْ
أَمَّا عِيُوْنُكِ..!
أَنْتِ يَا وَطِنِي وَطَنْ
وَالعِشْقُ مِنْكِ مَزِيَّةٌ
وَاللَّهُ فِي الْمَنْفَى وَطَنْ
وَالْحُبُّ مَوْطِنُهُ الثِّقَاتْ