كائن بسيط قريب وليس بعيدًا، يحب القراءة والكتابة بشكل فريد من صغره إلى شبابه، عاش بين الكتب وحيدًا، وشبابه كان مليئًا بالعقبات السخيفة والطويلة، لم يجد أمامه سوى المواجهة القوية بعد انتكاسات عديدة مملوءة بتحديات عنيفة وليست بسيطة، كل آماله أن تشرق أحلامه التي بات يسعى لأجلها أمدًا طويلاً رغم كل ما وجده من صعوبات، كان وما زال يؤمن أن أحلامه التي تراوده منذ أن رأى نور الدنيا، هي في يوم من الأيام لن تكون مجرد حلم مر في الخيال، وإنما حقيقة وواقع أخذت منه صبرًا ومجهودًا وعمرًا طويلاً، هو في الحقيقة ثمن وصوله إلى النجاح أو بمعنى أدق ضريبة النجاح.
قابل محبطين وهادمين وسارقين للأحلام، جعلوه يحيد عن الطريق الذي أحبه، والذي رأى فيه شغفه وموهبته الحقيقية الموءودة لزمن طويل، وصعب الطريق أمامه، لكن ذهب يبني مجدًا آخر في طريق آخر، نصحه به شخص قريب، وبدأ فيه من أول السطر، بعد أن وضع نقطة وليس فاصلة.
الدافع الحقيقي الذي حركه أنه يستحق حياة أفضل ومستقبلاً أفضل، نعم الاستحقاق الذاتي كان لديه عاليًا، مؤمنًا به حتى النخاع، رغم أن ما حققه على أرض الواقع إلى الآن ليس هو كل أحلامه أو أغلب أحلامه، هو كائن خلق من أجل أن يحلم، نعم كل حياته أحلام تحييه وتدب النبض في قلبه، رغم كل ما واجهه من ماضٍ مؤلم، إلا أنه يتعافى بالأحلام.
كل مشاهد حياته يبحث فيها عن الحب، ويرى أنها لا تكتمل إلا بالحب الذي يفتقده، ويبحث عنه دائمًا لكي يرمم قلبه، بعد أن أهلكه وأنهكه الخذلان، فهو يؤمن أن كل حب نراه ليس هو الحب، فالحب يرمم الماضي ويجمل الحاضر، ويصنع المستقبل، بل ويخلق حياة من بعد عدم.
تفكيره عميق وجديد، من الممكن أن يكون إبداعيًا، فهو يغرق في التفاصيل وقتًا طويلاً، وتضيع سطحية الموضوع، كما ينظر إلى الموضوع جميع من حوله.
مهما كانت المسافات والتحديات مرهقة لوصوله إلى ذروة أحلامه واكتمالها، يجمل الطريق بالصبر والمثابرة والتفاؤل ولو كان لمحة يتشبث بها كما يتعلق الغريق بقشة، فهو يرى أن لمحة التفاؤل هذه تدفعه للأمام رغم بطء الأحداث في سيرها كما يرى، إلا أن يقينه بأن كل الأمور يدبرها الخالق على أكمل وجه، مناسب له ولغيره بأفضل سيناريو وقصة لن يبدع في كتابتها كما ترويها المشاهد الحالية.
لديه رهبة حقيقية من الطريق الجديد، ولكنه على أعلى يقين وإيمان بأنه سيجتازه ما دامت روحه تدب فيه، فكما لم تبخل روحه على دراسته وعمله وتفانت فيهما، سيكرمه القدر وستُسخر له كل الظروف والإمكانيات، فقد وجد الطريق الذي أيقن أنه هو طريقه، والذي فيه مجده، وكان المرشد والدليل، قصص الناجحين المليئة بالعقبات والأزمات، ورغم ذلك واصلوا التضحيات ببسالة وصبر وعمل دؤوب ليل نهار بكل ما أوتوا من وقت وصحة وطاقة، تضاعفت بسبب رؤيتهم شعاع النور في نهاية النفق والطريق المظلم الذي عاشوا فيه في ألم الماضي، وتحمل الواقع بكل مراراته وسخافاته حتى يعبروا منه بعد صناعة واقع جديد، ومستقبل مزدهر يشهد على تفانيهم وإخلاصهم ويخلد أسماءهم أبد الدهر.
كان قراره في الماضي أن يصنع كل شيء ليكون أفضل شيء، وما زال القرار في الحاضر هكذا لم تتغير مبادئه في إنجاز حتى أبسط الأشياء، التي دائمًا كان يسعى لها بكل همة ونشاط من غير أي إحباط أو فتور.
قادته أحلامه نحو كثير من التحديات، وعافر معها بجلد وصبر وإصرار، وكان يرى دومًا دنو أحلامه التي لم تفارقه برهة، وهو يرى في خياله أنه حقق الانتصار، كان يهمه أن ينتصر على ذاته، لأنه في أوقات كثيرة كان يعيش فترات طويلة انهزامية ولكنه لا يلقي اللوم إلا على ذاته، لأنه هو الذي أعطى الفرصة للآخرين ومن حوله أن يحجموه ويحجموا أحلامه، فهدفه الواضح الجلي سأنتصر، وأول الانتصارات، الانتصار على الذات.
كان دائمًا الحظ يلعب معه لعبة لم يفهمها في البداية، ولكن بمرور الوقت والأيام والأزمات، ومرور أشخاص كثيرين في حياته وبعد سنوات طويلة، بدأ يفهم كيف يلعب هو مع الحظ ويكسبه سعيًا منه لأن يفاجئه الحظ ذات يومٍ بالمسرات والأخبار السعيدة، فهو ينتظر الحظ دومًا ولا يحكم عليه إذا كان سعيدًا أم لا؟ فهو لا يُجزم بأن حظه سيئ تمامًا، وإنما ينصفه الحظ في أوقات لم يكن يتوقعها، وفي لحظات ظن أنها لن تمر لثقل وجعها وألمها الشديد.
كل يوم يمر عليه يغرس فيه عملاً وسعيًا دؤوبًا ويفرح بإنجاز الكثير من الأشياء خاصة التي تؤرقه ولا يرتاح إلا إذا أنجزها بشكل يُرضيه.
له دومًا أمنيات قبل النوم بساعات، تفكيره يجرى مجرى سريع، ويرى الأحداث التي يتمناها في ذهنه بتفرعها وتشعبها في كل أركان حياته، وكأنها أحداث حقيقية يؤمن دومًا أنها ستتحقق مهما طال الزمن، ومهما طال الظلام، سوف يحل الصباح في التوقيت والزمان والمكان الذي سيحدده قدره.
يرى أن الإخلاص في العمل يجلب مشاعر السكون والرضا واحترام الذات، لأنه يؤمن دومًا أن الإخلاص في العمل بلا كلل ولا ملل أجمل من الأمل بلا عمل، ويجعل يومه غير أمسه في حروفه وهمسه وقراراته وحسمه، على خطى الناجحين دومًا يسير سيرهم، وينتهج نهجهم في عزمهم والتزامهم ورباطة جأشهم وقوتهم في اختياراتهم ومشوارهم.
كل يوم يلقبه بيوم القوة والمعافرة الجبارة مع كل تحدياته، وما يعاني منه، وكانت معركته الحقيقية مع الأفكار التي تحد من عزيمته، لأن كثيرًا كانت الظروف والبيئة المحيطة به هدامة، تشده لأسفل، وترجع به إلى الخلف، وليست تحتويه وتدفع به إلى الأمام وترفعه وتعليه، وكان دومًا يرى أنها مجرد تحديات وعقبات مثل أي تحديات مر بها الناجحون، كما تروى قصص كل الناجحين فحياتهم كانت شديدة الصعوبة، ولكن إيمانهم العميق بأنفسهم، وقبله بالخالق، وإيمانهم وتصديقهم لأحلامهم استطاعوا أن يتغلبوا على كل هذه العقبات والتحديات.
كل يوم يمر عليه كأنه عمر يشهد على عمله وتطويره لذاته في كل جوانب حياته حتى يصل إلى الصورة التي ينسجها في خياله، وهي صورته الحقيقية عن نفسه التي يؤمن بها، ولا يرى نفسه إلا من خلالها، وكل شعوره القاسي سيزول بتحقيق هذه الصورة على أرض الواقع لأنها جُل أحلامه، ودومًا يرجو ربه ألا يهدم دربه ولا تستطيع أي قوة عدائية أيًا كانت أن تتفوق على أحلامه التي سعى كثيرًا وما زال لكي يصل لها، واستفاد جدًا من هذه المقولة وبدأ يطبقها وهي أنه لا يخبر الناس عن ثلاثة "ذهبه ومذهبه وذهابه" لأن المنافقين والحاقدين والحاسدين كثر حوله، وهذه طبيعة حياة الناجحين، لم يدرك ذلك منذ البداية، وكان يبوح بكل ما يريد تحقيقه فلا يلقى كالعادة إلا كل سخرية واستهزاء حتى من أقرب الناس إليه، الذين إلى الآن لم يعرفوا قيمته وقامته .
رغم قسوة أيامه وظروفه المحيطة به، والتي تحاوطه وتحاربه حتى آخر نفس، والأوقات الحزينة والطويلة التي مر بها، ملامحه الجميلة والبريئة لم تتأثر، لأنه كان دومًا متصالحًا مع نفسه لأقصى درجة، ينتظر القدر يعطيه نفحة من الحظ ورفيقًا حميمًا يهون عليه صعوبة وقسوة أيامه ودربه، ويرى أن هذا بعينه هو الجبر الإلهي الحقيقي له، بعد أن تألم وتعلم، ينتظر الجبر الرباني له.
يعرف الآن طريقه جيدًا إلى أين يمضي؟ بعد أن بنى في ماضيه شخصيته، ويؤمن تمامًا أن الخيال الذي عاش ويعيش به سبب رئيسي في تكملة مشواره وتخطي العقبات والتحديات التي واجهها وتعافيه تمامًا بعد كل الانتكاسات التي حدثت له، ووقوفه على قدمه من جديد، فبكل جدارة يفتخر أن خياله هو البطل الحقيقي في قصته وتعافيه بعد كل وعكة، فكمال الواقعية دائمًا تهدم ولا تبني، ويجب أن يكون الخيال يتفوق على الواقعية، هو من أنصار مدرسة الخيال التي هي بالمجان، وعدل عظيم من الإله، فكل من يسير في درب الخيال وينسج خيالاً ويكرره ويؤمن به حتمًا سيكون واقعه، مهما طال الزمان بل ويهون أيامه ولياليه الطوال ويخفف من وطأتها.
حياته الحقيقية التي يبحث عنها منذ زمن مضى، هي تحقيق أحلامه التي يجري وراءها بكل همة عالية، بصبر وكفاح في أيام قاسية، قابلته مطبات كثيرة في حياته، إحباطات وإخفاقات ظن في أيام كثيرة أنها ستنقله النقلة الكبيرة، التي يتغير فيها مصيره وقدره إلى الأفضل من ظروف ضغطته ووضعته في صفوف المتأخرين، لكنه يؤمن بأن مكانه في الصفوف الأولى، ولكنها مسألة وقت وتشع أحلامه بالنور.
في ليلة من الليالي، شعر بقرب الانتصار، والوصول لأول المشوار الذي هو بداية حقيقية بعد سعي طويل دام سنوات طويلة، أحلامه أمامه، وحرق كل ما مضى، وبدأ من جديد مع حلم جديد في مكان جديد، هو في الحقيقة تكملة للمشوار، لكن من طريق جديد حتى يصل لهدفه ومبتغاه.
في هذه الليلة شعر أنه ولد من جديد، وتحرر من كل القيود التي كانت تكبله، وفي مكان تحبسه، واكتشف أنها قيود ذهنية وخيالية فقط، وفرح فرحة عارمة بتخلصه منها، ومن مرارتها وصعوبتها، وبدأ في التحرك في الطريق الذي صنعه خياله، ووضع أول لبنة فيه بعد أن اكتشف مواهبه وقدراته، ودوى صوت في مسامعه يردد له: لا تئد مواهبك، فبيدك ستصنع مجدًا فريدًا، الماضي بحلوه ومره مضى، وليس لدينا وقت لنعيد التفكير فيه، فنعم الماضي يؤثر على الحاضر، ولكن لا تتركه يهدم الحاضر ويشوه المستقبل، نتعلم نعم من الماضي، تألمنا وعشنا لحظات الخذلان، ولكن يجب أن ننسى الألم ونأخذ الدرس في الحسبان بعد كل امتحان وضعتنا الأحداث فيه.
كما يتردد على مسامعه: اركض بشدة نحو أهدافك، فهي أهداف كبيرة، والكبير هدفه كبير، فكل يوم من حقنا نحلم حلمًا جديدًا، ونضع أول خطوة توصلنا إليه، فالإيمان بالنفس يغير ويبهر، وكل يوم هو مكسب فريد لكل إنسان يريد أن يبقى جديدًا وفي حياته مميزًا وسعيدًا.
في أوقات العزلة أحيانًا ترجح مشاعر الاستقرار والهدوء، ولكن كل شيء بمقدار تحكمه موازين الاختيار، وتعطينا الحرية في مساحتنا مع الأشخاص بالقرب أو الابتعاد، فالمسافات الآمنة تجعل العلاقات ساكنة، وليس فيها شد ولا جذب، فالفرامل لازمة فلا ندخل في مساحات الأشخاص، ولا هم يدخلون في مساحتنا إلا حسب أروقتنا وأمزجتنا، فمن يود أن يقرب منا نعطيه مساحة أكبر، بعد تفكير عميق بعيد كل البعد عن الظنون، فالظنون تُبعد المسافات، وتشوه العلاقات، وتهدم سنوات بنينا فيها مشاعر وأحاسيس تجاه الآخرين، فلا نسمح لكل هذا يضيع بظنوننا، فعلينا أن ندرك تمامًا أن هذه الظنون ليس لها وجود في واقعنا، وإنما أفكارنا وخيالاتنا سبحت بعيدًا بعيدًا.
أوئدوا الظنون تعيشوا مرتاحين ومفعمين بالطاقة والهمة والتفاؤل، وأنتم أدرى بعد فترة إذا كانت هذه العلاقات صحيحة وجميلة، أم أنها سامة؟ فالظنون عادة تهدم العلاقات الناجحة وتجذب العلاقات السامة مثلها.
يعيش الكون بداخلي وله شكل في خيالي يلازمني كل الليالي، في بهجته كالملاهي، أوقات فرحي لا أحب أن أنام، فأنا أعيشها بلحظتها كل ليلة، وأعيش مشاعر وأحاسيس ربما تتحقق عاجلاً أو آجلاً، لدىّ اليقين أن السعي هو كل مفاتيح السعادة، فالسعي مفتاح يفتح كل الأبواب، وكما قلت السعي هو مفتاح السعادة، مهما سعى الإنسان لابد أن يرى السعادة، مهما طالت المسافات وطال الزمان هناك باب يفتح أبواب السعادة لمن صبر.
قرأت كثيرًا منذ طفولتي، وأرى دائمًا العالم بعين البراءة، ولكن بكل جرأة تنتابني أحيانًا مشاعر الخوف، وأحاول أن أتخلص منها دائمًا، وأحيانًا أشعر أن الخوف يحميني من أي أذى يحاوطني، ودائمًا أرجو السلامة، كنت أخاطر قديمًا بكل ما أملك من مشاعر وطاقة، ولكن الآن فراملي تسبقني بكل براعة، وأتأكد أن الفرامل تظهر عندما أكرر أخطاء الماضي، جرحي السابق من أناس وثقت بهم وأعطيتهم وقتي ومشاعري، لكن دومًا أخبر نفسي أنها فترة وستمر، فالمشاعر تتغير بين يوم وليلة، بل بين لحظة ولحظة، ويمكن في غمضة عين.
أحيانًا أشعر أنني تعافيت من جروح الماضي، ولكن عندما يأتي الليل يئن قلبي من أوجاع الماضي، خاصة الخيبات المتتالية من أناس حولي، نعم أحب العزلة أحيانًا كثيرة كي أعيد حساباتي وأرتب أوراقي ودائمًا أنهض من جديد لكي أصنع خطوات جديدة في طريق جديد.
أسطر أول سطر جديد في مستقبل مختلف وفريد ومكان جديد، وآمل أن يكون حظي فيه سعيدًا، وأن يكون التغيير أكيد في كل جوانب حياتي مهما تعددت، فالتغيير يحتاج إلى إرادة من حديد، وصبر شديد، وقلب لا يحيد، يرى دائمًا الفوز ينتظره في آخر الطريق.
في القلب مشاعر فياضة خارجة بكل إرادة، أفرملها حتى لا أعطيها إلا لمن يستحقها، فبعد خيبات عديدة أصبحت أفرمل مشاعري كثيرًا، والخيبات الأخيرة المتتالية أوجعتني، وأكاد أجزم أني تعلمت الدرس جيدًا، فليس الرجال بالكلام، ولا الكلام المنمق بطريقة لبقة وهيام، فالأفعال دائمًا تتولى الصدارة والبداية الأكيدة بجدارة، نعم أحب الكلام الحلو مثل أي فتاة وامرأة، لكن الحقيقة في أغلب الأحوال هو مصيدة القلوب، ولعب بالقلوب البريئة، وكلما اشتدت براءة هذه القلوب، كان اللعب بها أسهل، وأنا أقصد القلوب الطيبة التي من فرط طيبتها تسمى ساذجة، التي ترضى بكل شيء وأي شيء حتى لو كانت تستحق الأفضل والأكثر بكثير، لذا على كل فتاة ألا تقبل ولا ترضى بأقل مما تستحق.
من اليوم وصاعدًا سأكون متسامحة وحنونة مع نفسي، فهي أولى بالحب والتقدير، ومهما كانت الانتكاسات فبالطبيعة أحب الحياة وأتعافى ذاتيًا بالنعم التي وهبني الله إياها، فلن أجلد نفسي بعد اليوم، فما وصلت إليه إلى الآن أحمد الله عليه، وما أبغي الوصول إليه، أسعى وأكمل الطريق إليه حتى يزيد نجاحي ويتعافى قلبي المعافاة الحقيقية.
دائمًا كنت أجد صعوبة في اتخاذ القرارات، فكان أي قرار صعب أن أتخذه إلا بعد فترة طويلة، وضياع وقت طويل، وإهدار من العمر كبير، واجهتني إحدى زميلاتي بصعوبة اتخاذ قراراتي بحسم، واليوم أشكرها وأوجه لها خالص تحياتي، فهناك قرارات بعدها اتخذتها وكان لها دور كبير في حماية قلبي ومنعي من تسول المشاعر واجتذاب الأيادي الحنونة، والنجاح في الوصول للاكتفاء الذاتي، وخطوة بخطوة سيكون الوصول والحصول على كل ما أريد أمرًا طبيعيًا ومنطقيًا من كل الوجوه، فالله لن يضيع من يقصده، يدبر أمره، ويفرج كربه، فهو يدبر أمري، ومن القهر وألم النفس يخرجني.
وحدها الظروف تغيرك على غير المألوف، فتصبح أقوى وأنقى، وفي كل يوم أرقى، وبعد كل إنجاز تحققه بعد معافرة ومثابرة وإصرار ليل نهار، كل يوم تأخذ نفس القرار في تكملة المشوار بلا كلل ولا ملل ولا انهيار، أمام أي تيار، أو أي هجوم من الناس الأشرار، فتصبح بخير وشخصية قوية في الصفوف الأمامية، وكأنك تصنع البداية الحقيقية بعدما عانيت طويلاً في السنوات الماضية، وجعلوك بلا قيمة ولا كيان، والآن تصنع الكيان والقيمة بطريقة كريمة، ويكرمك الزمان على ما فات، وما هو آتٍ هو تصفية حساب من الظالمين والحاقدين والحاسدين وجموع الأشرار الذين قابلتهم وعرضوك دومًا للانهيار، وكنت تنتكس وتقوم واقفًا شامخًا كالأبطال، أنت في الحقيقة بطل لقصتك، في كل دقيقة تمر عليك تصنع مجدًا لن ينتهي بمرور الأيام ولا السنوات، سيظل خالدًا وقصة ملهمة لجميع الأنقياء والأسوياء، وسط مجتمع مريض بالنقص والأهواء وكل يغني على ليلاه .
يعجبني سردي لقصتي، وأنا أرى دومًا كل يوم درسًا أتعلمه منها، فقد مررت بظروف كثيرة في أوقات قصيرة، وظللت دومًا أحسن الظن في ربي فأعطاني حسن ظني، ووقف بجواري، ومن كل الأشرار نجاني، وعلى أول الطريق وضعني وقواني، ومن عزمه أعطاني، وبعطاياه كفاني، ونصرني وأواني، وكان ملجأ لي دومًا، ومن مدده سقاني، فصرت لا أشكو سوء أيامي إلا له، ولا أحكي لأحد سواه، وطول حياتي في خلواتي أشعر بمعيته دومًا، فمعيته تلازمني طوال أوقاتي وأيامي، فلن أنسى كل أزمة مررت بها، كان الله ينقذني منها، وكنت خلال فترة طويلة في بحور الأزمات وظلمات الليالي، وأناشده دومًا كغريق في قاع المحيطات، فكان ينجدني وينصرني ويبعد من يكيد عني، نعم صُدمت في أناس كنت أظنهم يكنون لي مشاعر حب ووفاء، وخرجت من الأيام التي توهمت فيها حبهم لي، والمواقف كشفتهم، وكل على نواياه يُعطى، فأنا لا أندم على أي لحظة تعاملت فيها بنيتي الطاهرة الصادقة، وقوبلت بالمكر والغدر والخيانة .
لن أنسى من وقف بحق جانبي، صديق قريب أو بعيد، ولكن الحقيقة الثابتة التي لم ولن تتغير هي أمي، نعم الحقيقة الثابتة، فهي البطلة الحقيقية لقصتي، دومًا كانت تساندني وتدعمني في أحلك الظروف والأوقات، والشر يحاوطني من جميع الجهات، وتحملت وقاست كثيرًا، وأتمنى لها أسعد الأوقات، وعمرًا طويلاً مملوءًا بالصحة والستر والعافية، فلن أنسى وأنا أشكو لأمي مرارة أيامي، فكانت تحليها لي بأحلى مشاعر جياشة وحنان واحتواء لم أجده في أحد، فأنا ممتنة لها بعد ربي، فهي حياتي وروحي وكل كياني، وأتمنى من الله أن يمد في عمرها وترى نجاحي وأولادي وأحفادي، فهي ساعدتني في أن أنهض من جديد في طريق جديد وبداية جديدة لحياة كريمة، بعد الذل والهوان والخذلان من القريبين والبعيدين والمحيطين بي في كل وقت وزمان .
بدأت أصنع شخصيتي من جديد، ولن أكون على طبيعتي إلا مع من هم على شاكلتي، وفي كل يوم أرى أحلامي تدنو مني وعلى وشك الحدوث، ودومًا أتخيل أحلامي تتحقق على أرض الواقع، وصرت أجتهد في رعاية نفسي من جميع الجوانب الصحية والنفسية والجسدية والروحانية، وأحاول جاهدة أن أضبط مقادير كل شيء، وأتدرب اليوم على أن أخرج كل كلمة بحساب على حسب الوقت والشخص والمكان والأسباب، والصمت سأفضله دومًا مع الأشخاص الغرباء، فقد لاقيت من بعضهم الغدر وقلة الأصل والغباء بعد طيبتي وحسن سريرتي معهم.
دومًا أذكر نفسي بأنني الآن أسعى في طريقي الجديد بكل همة ونشاط، من غير أي إفراط ولا تفريط في أي دقيقة أو وقت في الحزن على ما هو فات، ولكن أركز لأصنع الواقع وما هو آتٍ بصبر وجلد وعزيمة وإصرار، سأكون شخصًا آخر أقوى وأجمل من جميع الجهات، وسأصل للنجاح والصعود على القمة في وقت قياسي قررته لنفسي بمعاونة ربي ثم أمي، سأصل لما أبتغي وقررت أن أهدم ما فات وأصنع كل يوم مجدًا جديدًا وصورة جديدة جميلة عن زينب الجديدة.
في أحيان كثيرة الفراغ قد يجعلها تعيش في دوائر سلبية لا حصر لها، تحُف وتملأ حياتها الكتب من صغرها، لا تعرف إلا الكتب، لم تختلط بأناس حقيقيين وإذا اختلطت بهم لا تعرف أن تندمج معهم لشدة اختلافها عنهم في كل شيء.
المجتمع يفرض نفسه عليها وهي تفضل انعزالها وعدم انخراطها في هذا المجتمع إلا مع من يشبهها، ورغم كل شيء فهي تتميز بالقوة والجدعنة والجمال والذكاء والاختلاف عن بنات جيلها وعصرها، فلو تكلمنا عن شخصيتها فكل شيء في أقصى الحدود لديها، طيبتها إلى أقصى الحدود، نقاؤها ونظافتها الداخلية إلى أبعد الحدود، حتى أحلامها إلى أبعد الحدود.
تبحث عمن يضيف إليها إضافة جميلة، رغم أن كل من يراها ويتعامل معها، يراها بكينونتها إضافة جميلة في هذا الكون بأكمله، وبكل مكان تحل به، وهي تعرف تمامها بأحلامها الكبيرة والبعيدة، التي لطالما تراودها ليلاً في يقظتها ومنامها، يحفها الأمل والتفاؤل والسعادة، وتقول لنفسها دومًا جملة أعجبتها: "إذا لم أكن متفائلة هل سيحصل شيء غير!" لذا تقول دومًا مفيش داعٍ لعدم التفاؤل، فمجرد إحساس التفاؤل ليه أسيبه والخير كله من عند الله ليس من البشر وبإيد ربنا مش بإيد البشر .