صباح الخير .. إصحى بقى المنبه رن
- صباااح النور .. صحيتي إمتى
- قلقت قبل المنبه مايرن .. قلت أسيبك تكمل نومك .. حسيتك تعبان قوي
- تسلميلي يارب يإحساسك ده
- إذا إحساسي ده مقدرش يسعدك يبقى بدون فايدة .. أنا كلي ياريت أقدر أكون قد اللي إنت بتعمله عشاني وعشان بناتنا التمانية
-- بناتنا دول أجمل حاجة في حياتنا .. عارفة .. مش بعرف أعمل أي حاجة تكون مافيهاش فايدة ليهم
-- إيه ده بقى ..يعني أنا خارج تفكيرك وحساباتك خالص ؟؟!
-- وده معقول برضو ياوش السعد إنتي .. بجد كتر خيرك على كل حاجة حلوة بتعمليها بهدوءك وابتسامتك دي
-- طب يلا يلا الوقت هياخدنا ..الأتوبيس كده هيفوتك وشكلك ممكن تروح شغلك ماشي النهاردة ههههههههه
-- ماتخافيش أنا عامل حساب الوقت كويس .. ومش هتفرحي فيا خاااالص ههههههه
-- يارجاء .. قومي يلا صحي إخواتك ... مش هتفطروا مع بابا ولا إيه ؟!
-- نعم نعم ياست ماما .. هو إحنا نعرف نفطر إلا مع بابا حبيبنا
-- أنا بقول إنكم متفقين كده عليا ..
-- ليه بتقولي كده بس ياماما
-- هو بيتكلم عنكم ..وينساني .. وإنتي بتكلمي عن بابا ونسياني خالص ياست رجاء أهو
-- أحلى حضن لماما العظيمة ست الكل
-- حضن بكش ده
-- وبوسة كمان ياست ماما
-- طب وأنا ..إيه ماما أكلت الجو ولا إيه
-- لأ بقى ..شكلكم كده إنتم الاتنين اللي متفقين عليا ههههههههههه
-- يلا يابنات إصحوا ..الفطار جاهز .. بابا هينزل خلاص
-- آه آه تعبانة قوي .. إلحقوني
-- إيه مالك يا سمر ياحبيبتي ..
-- مش عارفة حاجة بتوجعني وخلاص .. خديني في حضنك ياماما يمكن أخف
-- تعالي في حضن ماما ياقلب قلب ماما
-- اهو كده خفيت أنا خلاااص
-- مكااارة زي عوايدك طبعا .. كل ده عشان آخدك في حضني يعني
-- طبعا ياست ماما لقيت رجاء واخداكي مننا قلت ألحق نصيبي ههههههههههه
-- شفت ياصلاح بنتك الخبيثة دي
-- هتطلع لمين غير لأمها طبعا
-- كده برضو ..أنا خبيثة ياصلاح .. شاهدين يابنات ..بابا بيقول عليا خبيثة ..هتسكتوله بقى
-- ياداخل بين سعاد وصلاح ياداخل بين الباب والمفتاح ههههههه
-- بقى كده ياست هند ..مااااشي ..ماااشي ..مافيش نادي النهاردة خااالص بقى
-- لالالا .. إلا النادي .. مالكش حق يابابا .. ماما دي سكرة بيتنا وحياتنا
-- بقى كده ياهند .. مافيش بوسة النهاردة
-- لالالا .. إلا بوستك ياسي بابا
-- أنا نازل خلاص .. خلوبالكم من بعض يابنات .. إوعوا تزعلوا ماما
-- المهم إنت ياسي بابا ماتكونش مزعلها من ورانا ههههههه
-- أه منك إنتي ياأم لسان جميل ..هاتي حضن كبير لبابا ياعبير
-- هههههه أنا كمان هشاغب فيك كده
-- مع السلامة ياأحن بابا في الدنيا كلها
-- مع السلامة ياهناء ياروح بابا .. خلي بالكم مع ماما من إخواتكم التوائم
--إطمن يابابا ..ترجع لنا بالسلامة ..
_صلاح ..لا إله إلا الله
_ سعاد..سيدنا محمد رسول الله
..لا أدري حقا لماذا قلت لصلاح اتصل بي .. وهو كعادته دائما قال لي حاضر ..رغم أنه يتصل بي دوما عندما يصل لعمله ..يحب أن أكون غير قلقة عليه..
_ ماما ..ماما
_ نعم يارجاء
_ إيه ياماما كل ده ..سرحانة في إيه ده كله..
_أبدا مافيش ياحبيبتي ماتشغليش بالك
_ من إمتى بقى الأم بتخبي عن بنتها حاجة
_ والله .. بجد ..وده من إمتى بقى ؟؟!
_ قولي قولي ماتخبيش ..سرحانة في بابا طبعا ..ياترى ياصلاح مااتصلتش ليه .. وصلت الشغل ولا لسه .. هو ده اتفاقنا ياصلاح تطمني أول ماتوصل ههههههه
_ بقى كده يارجاء .. طب قومي بقى من جمبي .. يلا وإغسلي المواعين
_ ياماما ياست الكل لسه بابا أكيد ماوصلش الشغل ..
_ لأ زمانه وصل طبعا ودلوقتي يتصل
_ هو إنتم ياماما اتجوزتم إزاي ..
_ وليه بقى بتسألي
_ أصلكم متعلقين ببعض قوي .. وحاسة كده إنها قصة حب جامده
_اللي بينا ده مش حب ..دي حالة مودة واحترام واهتمام متبادل
_ إزاي يعني ..؟! بصى .. إحكيلي أحسن عرفتم بعض إزاي
_ كنا جيران بشارع واحد وكان صاحب خالك عادل .. معروف بأخلاقه الجميلة والشارع كله بيحبه ويحترمه .. عمره مارفع عينه لشباك أوبلكونة ..ولا اشتكت منه بنت بشارعنا أوبالمنطقة كلها ..كان غير كل الشباب .. شهم جدا بيساعد الكبير والصغير ..كل البنات بالشارع كانت بتتمنى يكون من نصيبها ...ولمادخل الجيش بقيت نفسي أشوفه بالبدلة العسكرية .. وفي يوم لقيته هو وخالك عادل داخلين الشارع بزفة من الشباب وستات الشارع بيزغردوا ..ده اليوم الوحيد اللي رفع عينه لفوق لماخالك شاورلي .. يومها حسيت إني جوة صلاح
_ ها وبعدين حصل إيه
_في يوم خالك ندهلي وسألني عن صلاح
_تتجوزيه .. طلبك مني وحابب يعرف رأيك قبل مايتقدم لبابا
_ مابقتش مصدقة روحي .. معقول أنا هبقى مرات صلاح .. معقولة ساب كل البنات وطلبني أنا
_ للدرجة دي ياماما كنتي نفسك تتجوزيه
_ بصي يارجاء ياحبيبتي .. أول حاجة البنت لازم تختار الأخلاق .. اللي هتتجوزو ده لازم يكون زوج محترم وأب محترم لأولادها
_عارفة ياماما بجد أنا وإخواتي بنفتخر ببابا قوي وبنحبكم قوي انتم الاتنين .. عمركم ماضربتونا ولا زعلتونا ولا حرمتونا من أي حاجة
_ أنا وبابا كنا دايما نقول حاجتكم إنتم الأول ..وكان ربنا دايما بيفرجها علينا
_ لما كان بابا بيزعل من حد فينا كان بيخاصمه وبس .. واحنا كنا مابنقدرش نخليه ينام وهو زعلان من حد فينا.. ماما ..إيه رأيك نفاجيء بابا النهاردة بأكلة الكشري اللي بيحبها منك
_ فكرة يارجاء .. هاتي بوسة بقى عالأفكار الحلوة دي
_ إيه ده قاعدين من غيري بتقولوا إيه
_ ههههههه تعالي تعالي القعدة مع ماما حلوة قوي ياسمر
_ بتكلموا في إيه بقى
_ عن سعاد وصلاح ههههه
_بقى كده يارجاء ..خلاص قوموا بقى يلا
_خلاص خلاص هسكت أهو كملي ياست ماما
_ ياعبير تعالي بسرعة
_من غير ماتندهي ياسمرأنا كنت جاية ..حسيت إنكم قاعدين في حضن ماما
_ أهي عبير دي وأنا حامل فيها كانت رجاء 5سنين وانتي ياسمر 3 سنين ..صغيرين طبعا ..وكنا قاعدين عند تيته هانم مامت صلاح بنحتفل بأول ترقية له في الشغل .. وتيته كانت بتجهزله الكشري اللي بيعشقه وقبل مايدوقه صرخت بكل قوتي واتخض عليا وجابلي عربية بسرعة وأول مادخلنا المستشفى ولدتك في الاستقبال وكانت الدكتورة اسمها عبير واستبشرنا بيها يومها لروحها الجميلة وفرحتها بيكي وسميناكي عبير
_ههههه وأنا يا ماما احكيلي بقى اتولدت إزاي
_ إتولدتي بعد سنتين من زواجي بصلاح وكنا قلقانين قوي لتأخر أول حمل وكانت نفسيتي تعبانة كتير عشان كده ..وصلاح دايما كان يقولي اصبري ربنا بإذن الله مش بيردلي أي رجاء أبدا
_ وفعلا حملت بعدها على طول وسميناكي رجاء
_ هههههه وأنا ياست ماما مش هتحكيلي زيهم ولا إيه
_لا لا إنتي بقى صلاح يحكيلك أحسن ياست سمر يلا قومي
رتبي أوضتكم ورجاء هتغسل مواعين الفطار
_روحي ياعبير طُلي على إخواتك واطمني عليهم
_ حاضر ياست الكل
_ سمر.. تعالي أقولك
_أيوة يارجاء
_ النهاردة عيد ميلاد ماما
_ إيه ده النهاردة فعلا أول أغسطس
_ وهي ناسية خالص .. عاوزين نفكر هنعمل لها إيه ونفاجئها
_ طب وبابا فاكر ولا نتصل نقول له
_ من إمتى ياست سمر بابا نسى عيد ميلاد حد فينا
_ عندك حق يارجاء .. بابا ده أحسن أب في الدنيا ..على فكرة ماما قلقانة قوي النهاردة عشان إتأخر ومااتصلش بيها يطمنها
_ متهيألي كده ممكن يفاجئنا ونلاقيه داخل علينا بأحلى تورتاية زي كل عيد ميلاد
_ ههههههههه ياريت أنا نفسي بجد في التورتة
.. وبقيت وحدي في قلقي على صلاح لا أعرف لماذا تأخر اليوم .. الساعة تقارب التاسعة ولم يتصل وتركني لأول مرة دون أن أطمئن على وصوله للشغل .. أكتر من مرة أحاول مد يدي لأتصل أنا بعمله .. ثم أتراجع .. صلاح لايحبني أتصل به أبدا ..منذ زواجنا لم أتصل به إلا عند وفاة أمي فقط .. كان يحبها كثيرا وهي كانت تفرح عندما يزورها .. يومها كنت خائفة جدا من زعله لأني أخالف كلامه لأول مرة .. و فوجئت به يقول لي
_ معقول ياسعاد أزعل منك .. أمك دي أمي .. اليوم ماتت أمي الثانية ..
.. وخلال ساعة كان بجواري يمسك بيدي ويمسح دموعي
_ ماما ..
_ تعالي ياسمر ياروح ماما
_ إيه ده ياست الكل بتبكي .. يارجاء ..ياعبير تعالو بسرعة
_ إيه في إيه .. إيه الدموع دي ياست ماما .. كنا لسه بنضحك دلوقتي .. مالك ياحبيبتي
_ مافيش خلاص .. ولا حاجة يارجاء
_ هي هتحكيلي أنا .. تعالي في حضني ياماما .. مش دايما تاخديني في حضنك لمابكون ببكي وعلى طول بسكت
_ خلاص يابنات .. كده برضو ياسمر تخضي إخواتك
_ بابا عنده حق لما يقول سعاد دي مخزن دموع
_ عشان حنينة قوي
_ صلاح كل كلامه بيعجبني وبيسعدني قوي
_ ماما ..إحنا ملاحظين إنك دايما تقولي صلاح .. ولا مرة قلتي أبوكم أوباباكم
_ ياسلام .. وانتي بقى ياست رجاء عاوزاني أسيب اسم صلاح يبعد عن لساني وتفكيري لحظة .. ده لايمكن طبعا.. أسعد حاجة في حياتي لما بقول صلاح
_ عارفة ياماما .. أنا مش هتجوز غير واحد اسمه صلاح ههههه
_ انتي يامفعوصة يابنت السبع سنين بتفكري في الجواز من دلوقتي .. تعالي في حضن ماما ياهند قلبي
_ لا لا عاوزة حضن سعاد ههههههههه
_ فاكرة ياماما أول مرة خرجتي فيها مع بابا
_ طبعا ولايمكن أنساها .. كان عارف قد إيه بعشق الست أم كلثوم .. ولقيته يومها واخدني نحضر حفلتها .. يومها غنت وكأنها كانت بتغني عشاني أنا وصلاح
_ وغنت إيه ياماما .. فاكرة؟
_ الحب كله .. الحب كله حبيته فيك
_ ماما .. ماما ..
_أيوة ياعبير مالك
_التليفون بيرن .. إلحقي ردي على بابا
_ ألو .. أيوة ياصلاح إتأخرت علينا كده ليه .. وصلت الشغل بالسلامة ياحبيبي
_ حضرتك مدام الأستاذ صلاح حسين
_ أيوة .. مين حضرتك .. خير ...
_ الأستاذ صلاح تعب
_ ماله .. صلاح ماله
_ والله خير يافندم ماتتخضيش .. لماتعب شوية نقلناه المستشفى
_ مستشفى إيه طيب ?
_ حضرتك فيه عربية الشركة تحت البيت عندكم دلوقتي ..هتجيب حضرتك وأي راجل من العيلة معاكي
_ طب مين حضرتك ?
_ أنا مدير الشركة وصديق صلاح .. أحمد علي
_ أستاذ أحمد طمني على صلاح أرجوك
_ حضرتك هتيجي وتطمني بنفسك ..
_ ماما .. ماما فيه إيه .. بابا ماله
_ رجاء إنزلي لعمك إبراهيم قوليله بابا في المستشفى بسرعة عشان يلبس
_ ياهند ياعبير .. خليكم هنا مع إخواتكم وخلوا بالكم منهم
_ طب طمنينا ياماما إحنا قلقانين قوي على بابا حبيبنا
_ ربنا يسهل ياهند إطمني يارب يكون خير .. أنا خلاص لبست أهو ونازلة
_ ماما
_أيوة ياسمر
_ بوسيلي بابا وقوليله أنابحبه قوي
_ اطمني ياحبيبتي .. وخلوا بالكم من بعض
_ عمو إبراهيم مستنيكي تحت مع السواق ياماما
_ رجاء ..إخواتك في عينيكي ياحبيبتي مش هتأخر عليكم
_ إطمني ياماما وقولي لبابا رجاء بتدعيلك ربنا إنك ترجع بالسلامة
_ ياحبيبتي ....
_ يلا ياأم رجاء
_أنا نازلة أهو ياسي إبراهيم
_ وبقيت نازلة على السلم مش حاسة بروحي .. من الصبح حاسة بحاجة قلقاني قوي .. يمكن عشان كده قولت له اتصل بيا لماتوصل الشغل .. يارب تكون بخير ياصلاح .. إنت كل حياتنا .. أنا من غيرك ولا حاجة .. والبنات كلهم سايباهم حالتهم حال .. هيكون بس جرالك إيه .. الصبح نازل وإنت كويس وبتهزر معايا ومع البنات .. يارب يردك لينا بالسلامة ياصلاح .. ربنا العالم بينا
_ ماعرفتش حاجة من السواق ياإبراهيم
_ إركبي بس يلا ونتكلم في العربية .. إطلع يلا ياأسطى
_ خير ياأسطى .. صلاح ماله جراله إيه .. الصبح كان نازل كويس ومافيهوش حاجة وقعد يتكلم مع كل البنات ومعايا ويضحك ويهزر
_ وفات عليا قبل مايخرج الصبح كمان .. كان كل يوم بيفوت عليا وهو راجع من الشغل .. بصراحة استغربت برضو
_ ساكت ليه ياأسطى رد عليا صلاح ماله
_ إهدي ياأم رجاء ..الأسطى طمني .. دقايق وهنشوف صلاح ونطمن أكتر
_ أيوة يا عادل أنا في الطريق أهو مع أم رجاء .. إسماعيل معاك .. طب كويس ودلوقتي زمان إخواتي على وصول
_ هو فيه إيه ياإبراهيم .. كل إخواتك وإخواتي وصلوا المستشفى .. يارب استر واجعله خير
_ يابنت الناس إهدي أرجوك
_ وصلنا خلاص حضرتك المستشفى .. ودون أن أشعر اندفعت نحو إخوتي وأنا أبكي وأسألهم عن صلاح .. شفتوه ..هوكويس ..هو فين .. فين صلاح ياعادل .. دخلوني عنده بسرعة
_ سعاد .. شدي حيلك يااختي .. البقاء..
_ لأأأأأأأ لأأ صلااااح ...صلاح مايفوتناش كده ابدا .. صلاح .. هقول ايه للبنات .. كنت بتودعنا الصبح ياصلاح.. صلاح
حين أفقت من صدمتي وجدتني أقف وسط إخوتي والمشيعين من زملاء صلاح وجيراننا على حافة قبره وهو يتركني وحيدة .. كانت لحظات الصدمة والوجع صعبة جدا على روحي وتفكيري .. لم يكن أحد يشعر بي سوى أخي عادل فقط .. يعرف كيف كانت علاقتي بصلاح رفيق حياته ..
كنت ألاحظ كيف ينظر الجميع لي .. ولبناتي ..عشت كل عمري مع صلاح وأنا أعرف أنه جميل الروح والأخلاق .. لكن مارأيته هنا على قبره يفوق كل ذلك ..
كم حاولوا معي ألا أقف معهم على قبره ..لكن أخي عادل منعهم .. يعرف أن صلاح يريد أن ينظر لي وهو يغادر الحياة .. وكنت أعلم أن صلاح لن يسعده أن يرتفع صوتي هنا .. فبقيت صامتة .. فقط روحي وعيوني وعقلي يصرخون عني .. مع السلامة ياصلاح .. بناتنا أمانة برقبتي
وفي المساء كنت أقف بين المعزيين صامتة .. فقط دموعي تحاور وجهي وأنا أستعيد كل ذكرياتنا معا ..
سبعةعشر عاما عشناها في حلم جميل .. فلا أذكر يوما ارتفع فيه صوته ولا أبكاني يوما .. ولا تركني أنام حزينة أبدا .. كان يملأ روحي وبيتنا بضحكاته ..
آه ياصلاح .. عودتني على كل شيء جميل .. لا أدري ماذا ينتظرني وبناتي في الغد بعد رحيلك .. لا أدري ماذا سأقول لبناتنا كل صباح حين أوقظهم من نومهم .. حين نجلس لتناول الإفطار معا كعادتنا ..بدونك
_ تعالي يا رجاء .. امسحي دموعك دي ياحبيبتي .. بابا كده هيزعل منك .. مش انتي الكبيرة اللي هتسند عليها .. روحي اغسلي وشك يلا وخليكي جمب اخواتك
_ حاضر يا ماما .. مقدرش أزعل بابا طبعا ولا أزعلك أبدا
_ ياسعاد .. كفاية عليكي كده النهاردة كان يوم طويل جدا عليكي .. يلا خدي البنات وروحي مع اسماعيل أخوكي
_ حاضر يا عادل ..فعلا مابقتش قادرة والله والبنات تعبوا قوي كمان
_ يلا يارجاء .. هاتي اخواتك هنمشي مع خالك اسماعيل
..وكنت أخاف من اللحظات القادمة .. كيف سأدخل البيت بدون صلاح .. من سيفتح لنا الباب بمفتاحه .. من سيضغط لنا على مفتاح الكهرباء ..
كان يفعل لنا كل شيء ..
_ ماما .. أنا خايفة قوي .. البيت ضلمة ليه
_ معلش ياسمر .. استني همد إيدي أضغطلكم على مفتاح السلم .. بابا علمنا كده
_ والباب ياماما مين هيفتحه
_ مفاتيح بابا معايا أهي هفتحلكم
_ شايفة ياماما كل حياتنا كانت بابا .. بابا
_ يارجاء بلاش كده ياحبيبتي المفروض إنتي ماتعمليش كده عشان إخواتك الصغيرين دول
_ كلنا ياماما صغيرين .. بابا كان هو بس الكبير فينا ..
.. كان كلام رجاء معي يعصف بما تبقى بداخلي من احتمال .. وبقيت أتنقل داخل شقتنا حتى اطمأننت على البنات .. وخلدوا جميعا للنوم . . إلا أنا ورجاء فقط .. بقينا في مكاننا بالصالة ننظر لبعض
_ ماما .. مش هتدخلي أوضتك بقى ..
_ مش قادرة يارجاء .. الأوضة دي عمري مادخلتها وحدي أبدا ..
_ عارفة ياماما .. عمري ماشفتك بتدخليها لوحدك خالص
_ بابا كان نور الأوضة وفرشها وعطرها ..
_ ماما .. أنا عاوزة أدخل أنام معاكي .. ممكن ؟
_ لا ياحبيبتي .. قومي يلا نامي مع إخواتك .. بلاش يناموا لوحدهم .. خليكي معاهم أحسن
_ وانتي ياماما
_ أنا ؟ .. أنا أكيد هلاقي بابا جوة في الأوضة .. أكيد هيطلع كل اللي عشناه النهاردة مجرد كابوس .. بابا جوة أكيد .. قومي يلا نامي ياحبيبتي ...
. وحين هممت بفتح باب غرفتنا .. توقعت أن تكون شديدة الظلمة عن كل يوم .. وليست مرتبة ككل مساء .. وتصورت أني لن أجد فيها رائحته .. ولا صوت أنفاسه .. كنت أشعر بقدمي تتراجع كلما خطوت نحوه
أخيرا تمالكت نفسي وفتحتها .. أدهشني أني شممت رائحة صلاح بداخلها .. تلاحقني فيها أنفاسه .. هنا كان في الصباح يكلمني عن الترقية التي ينتظرها خلال أيام .. قال لي
_ بحس إني بترقى عشان انتي ياسعاد راضية عني
_ لأ ياصلاح ماتقولش كده .. إنت بجد بتستاهل كل خير وبتحب شغلك قوي
.. ولمحت بيجامته كما هي على الشماعة .. أسرعت نحوها واحتضنتها وأنا أشمها .. فعلا ماتزال لصلاح رائحة بالغرفة ..
.. وهو يخلعها في الصباح ضحك قائلا
_ حاجة غريبة ياسعاد .. البيجامة دي بحسها بتحبني قوي
_ ههههه ليه بقى ..
_ كل مابخلعها بشم ريحتك إنتي فيها .. وبحب ألبسها تاني لما أرجع .. ماتغسليهاش لوسمحتي
_ حاضر ياحبيبي
.. حين هممت بتغيير ملابسي سمعت صوت صلاح خلفي ..
_ طب اقفلي الباب الأول .. البنات ممكن يشوفوكي .. فالتفت .. لم أجده.. .. ووجدت عيوني زائغة بأرجاء الغرفة ..
.. ياااه .. الحمدلله إني لم أغير فرش السرير .. كنت دائما أغيره بعدما يتصل بي صلاح من الشغل لأطمئن عليه .. كم أعشق رائحتك ياحبيبي ..
_ ماما .. ماما
.. خير يارب .. مالها رجاء .. لازم أخرج أشوفها
_ إيه مالك ياحبيبتي ..