tafrabooks

Share to Social Media

عند أذان الفجر في مدينة القاهرة استيقظت حور من نومها لتقيم فريضة الفجر فهي تعلم أن إقامة الصلاة تختلف تمامًا عن مجرد أدائها

فلم يذكر اللّـه -تعالى- قط في القرآن الكريم لفظ (وأدوا الصلاة) وإنما قال سبحانه: "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ"
فالأداء: هو الإتيان بأركانها كاملة

أما الإقامة: فهي القيام بواجبات الصلاة بعد الفراغ منها، والخشوع فيها، والمحافظة على السلوك بين أوقاتها، فهي تعلم أن من صلى صلاة الفجر فهو في ذمة اللّـه

واستعانت بالله لتبدأ يومها؛ فذهبت لتغسل الصحون بنية إدخال السرور على والديها وكذلك بِرهم .. وبعد انتهائها شرعت في تنظيف المنزل ولما انتهت بدأت في تجهيز مستلزماتها وملابسها للنزول إلى معهدها الأزهريّ

(حور فتاة في الصف الثالث الثانويّ الأزهريّ، عمرها ثمانية عشر عامًا .. خَلوقة طَموحة، ذات بشرة خمرية وملامح هادئة وشعر أسود طويل وعينان بُنِيَّتان)

وقفت تُهندِم هيئتها أمام المرآة وقد ارتدت زِيَّها الرسميّ للمعهد (جلباب رماديّ وإدناء ونقاب أبيضين)
ثم أخذت هاتفها الموضوع على مكتبها وذهبت واستأذنت والديها وأعلمتهم بنزولها واستودعاها اللّـه -عزَّ وجلَّ-
أثناء نزولها قالت دعاء الخروج من المنزل وهو ( بسم اللّـه، توكلت على اللّـه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم إني أعوذ بك أن أَضِلَّ أو أُضَلّ أو أَزِلَّ أو أُزَلّ أو أَظلِمَ أو أُظلَم أو أَجهَلَ أو يُجهَلَ عَلَيَّ)

وسارت في طريقها حتى وصلت لوسيلة المواصلات "المترو" فركبته وقالت دعاء الركوب وهو (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، سبحان اللّـه سبحان اللّه سبحان اللّـه الحمد للـّه الحمد للـّه الحمد للـّه اللّـه أكبر اللّـه أكبر اللّـه أكبر)

توقف المترو في المحطة المنشودة فنزلت واتجهت إلى معهدها ووصلت قبل ميعاد الطابور المدرسي بخمسة عشرة دقيقة ووجدت صديقتها ورفيقة دربها "حياء"
فاتجهت إليها و ....

حور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياء: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته عاملة إيه يا حوري؟

(ردت عليها السلام كاملًا لقوله تعالى:
"وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحسَنَ مِنهَا أَو رُدُّوهَا" ولأن ثوابها يعدل ثلاثين حسنة)

حور: الحمد لله بخير .. عملتي اللي اتفقنا عليه؟
حياء: أيوا الحمد لله رب العالمين جمعنا مبلغ كويس من البنات ومني ومنك إن شاء الله للسبح الإلكترونية عشان نوزعها بمشيئة الرحمن
حور: ما شاء الله اللهم بارك خلاص هاتي المبلغ هشتريهم من جنبي وتاخدي النص وآخد النص ونوزعهم بإذن الله

بدأ الطابور وشمل فقرات عدة وانتهى بصعود الطالبات إلى فصولهن ليبدأن يومهن الدراسي

في الفصل الذي تتواجد به حور بدأت الحصة الأولى والتي تعتبر من أهم أولوياتها حضورها وهي حصة (القرآن الكريم)

فنحن نعاني دائمًا من حَفَظَة لكتاب الله غير مُدرِكين لمعانيه والمراد بها؛ وبالتالي يكون التطبيق خاطئًا .. وهم من تُطلِق عليهم حور جملة "حافظ مش فاهم"

وبدأت الحصة وافتتحتها المعلمة (نور) وهي من القلة القليلة ممن يشرحون الآيات، وتستخرج منها أحكامًا فقهية وتقف عند أي موضع وتسأل في إعراب تلك الكلمة في الآية؛ فتربط القرآن الكريم في شرحها بالنحو والفقه

افتتحت المعلمة (نور) الحصة بقولها: السلام عليكن ورحمة الله وبركاته .. عام مبارك بإذن الله
النهاردة هنبدأ بشرح سورة البقرة الله المستعان

وبدأت ترتل بصوت عذب إلى أن وصلت للآية الخامسة من سورة البقرة وقالت: بصوا يا بناتي الحروف المقطعة في القرآن الكريم المشهور فيها 3 آراء:
هنعرفهم للأمانة العلمية والرأي الراجح هقوله ف الآخر

الرأي الأول: أنها من جنس ما تتكلمون؛ يعني أحرف من لغتكم
والرأي الثاني: أنهم جمعوها فأعطت جملة "نَصٌ حَكيمٌ قَاطِعٌ لَهُ سِرّ"
والرأي الثالث وهو الراجح: أن الله تعالى أعلم بالمراد منها

مش شرط نعرف كل حاجة ربنا لو أراد هيظهرلنا الحكمة

وأخبرتهن أن السورة تتكلم عن ثلاث تجارب:

1-تجربة تمهيدية ← قصة سيدنا آدم عليه السلام

2- تجربة فاشلة (اليهود هم من لم ينجحوا في الاختبار)← قصة اليهود

3- تجربة ناجحة ← قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام

وهدف السورة هو (الإعمار في الأرض)

واستمرت المعلمة في شرحها الرائع للسورة إلى أن انتهت الحصة، وهكذا انتهت الحصة تلو الأخرى لينتهي اليوم الدراسي على خير


وبعد رجوع حياء إلى منزلها استقبلتها أختها الصغيرة ذات الست سنوات "بسمة" فأخذتها واحتضنتها و..

حياء: حبيبة قلبي عاملة إيه النهاردة؟

بسمة-ببراءة-: أنا كويسة الحمد لله بس زحلانة منك
حياء -بتفاجؤ مصطنع-: ليه؟
بسمة -بحزن طُفولِي-: عثان مث جبتيلي ثوكولاتة
فضحكت حياء وقالت:طيب فين أغنيتنا الجميلة اللي اتعلمناها سوا وأنا هديكي الشوكولاته
بسمة-بفرحة-:حاضر بث قولي .. معايا واحد اتنين تلاتة

حياء وبسمة:

فتحي يا وردة ** قفلي يا وردة
هنا بنوتة الله الله ** عفيفة صغنتوتة الله الله
بتحب الله الله الله ** وعايشة برضاه الله الله
فستانها طويل الله الله **واسع وجميل الله الله
وحجابها كمان الله الله **ساتر يا سلام الله الله
وزينتها حيائها الله الله **وجمال أخلاقها الله الله
بتساعد ماما الله الله **وتوقر بابا الله الله
داخلة ف جمعية الله الله ** إنما خيرية الله الله
عشرة عشرين تلاتين أربعين خمسين ستين سبعين تمانين تسعين مية دي أكيد في الدنيا حورية (النشيد مقتبس)

وانتهت بالتصفيق من حياء لبسمة وقـبَّلتها وأعطتها الشوكولاتة

وذهبت لوالدتها قائلة: السلام عليكم يا ست الكل يا قمر
الأم -وقد ضحكت-: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. عملتي إيه ف المعهد؟
حياء: الحمد لله كل خير وقابلت حور النهاردة أنا بحبها في الله جدًا
الأم: ربنا يديم محبتكم دايمًا وأشوفكم دكاترة أد الدنيا
حياء: أيوا بقي يا ست الكل دعواتك الحلوة ربنا يرزقك العمرة اللي بتتمنيها بقالك فترة يا رب بإذنه .. أستأذنك بقى أروح أذاكر -وقبلت يد والدتها-
الأم -بابتسامة رضا-: اللهم آمين يا بنتي، اتفضلي .. وربنا يصلح حالك ويهديكي كمان وكمان

وعند رجوع حور إلى المنزل سلمت على والديها واتجهت لغرفتها التي تشعرك بالراحة النفسية عند دخولها؛ فتجد قصاصات وردية وأخرى صفراء وأخرى قرمزية وعبارات كاللؤلؤ منثورة عليها تبعث فيك الأمل؛ فتجد واحدة كُتِبَ عليها "والله ما وضع الله فيك الرغبة في شيءٍ إلا وأعطاك القُدرة على تحقيقه" وأخرى مكتوب عليها "ربك اسمه الكريم والكريم إذا أعطى أدهش" وأخرى مكتوب عليها "وحين تهاجمكِ هموم الحياة فقط اخرجي إلى بيت من بيوت الله -عزَّ وجلَّ- فأنتِ ضيفة الرحمن؛ فلن يخيب ظنك وحق على المَزور أن يُكرِم زائره"

أبدلت ثيابها وجلست تذاكر بجد واجتهاد ما أخذته بعد أن دَعَت الله -عزَّ وجلَّ- بـ "اللهم إني أسألك فهم النبيين وعمل الصالحين الله المستعان"

وقرب الساعة التاسعة مساءً أخذت حور هاتفها المحمول وبدأت تتصفح بعض المواقع كـ"فيس بوك، تويتر،انستجرام،واتس أب"

ونشرت على حسابها علي فيس بوك "أتمنى أن أكون جزئًا من حاضري وسطرًا في تاريخ أمتي" هي لا تقصد بالطبع الشهرة هي فقط تتمنى النفع لأمتها

وبينما تتصفح في الوقت الذي جعلته مخصصًا لتصفح الإنترنت وجدت رسالة من إحدى صديقاتها على الصفحة .. وكانت:

إزيك يا جميلة .. بصي أنا بحب بوستاتك جدًا وانتي طيبة .. وأنا استريحتلك وعاوزة أحكيلك حاجة تسمحيلي؟؟

حور: الحمد لله بخير، تسلمي لأخلاقك الطيبة .. اتفضلي حبيبتي

الفتاه : تسلمي يا رب، بصي أنا سمعت دروس لشيوخ بس أسلوبهم وحش أوي وبحسهم مش فاهمين تفكير الشباب وكده واتخنقت ممكن تساعديني أسمع لمين؟ لأني اتدايقت جدًا لما سمعتهم .
0 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.