هناك عدة حوادث موثقة لظاهرة (النار الشبح )او (حريق إبليس) دون وجود تفسير مقنع، فكيف يمكن ان تشتعل النيران في جسم
الإنسان، ويتحول الى رماد في ثوانٍ معدودة دون ان يكون بقربه اي مصدر قابل للاشتغال او احتراق ملابسه او اي شيء حوله، او تصاعد ادخنة كربونية.
وكانت دائمًا بالنسبة لهم رسالة من إبليس .
وتعتبر حادثة الراقصة "مابل اندروز" من الحوادث المحيرة والغريبة حيث شبت النار فجأة في جسد الراقصة بشكل غريب
خلال رقصها في احد النوادي الليلية، وقد تم ذلك امام اعين الكثير من الجمهور، وتحولت الى رماد ولكن فستانها ظل كما هو، وقد وقعت هذه الحادثة سنة 1930م، والأمر المثير للعجب أنها لم تقترب باي مصدر قابل للاشتعال، لا نار او كهرباء.
ومن الحوادث الأكثر شهرة في ظاهرة النار الشبح حادثة احتراق المؤلف الانجليزي المشهور (تمبل تومسون) حيث تم العثور عليه ميتا في منزله سنة 1989م، كان نصفه السفلي محترقًا بشكل تام كان نارًا شديدة قد تسببت في تفحم ذلك الجزء، وانكماش لحمه وعظامه وتفحمهم، وتحول معظمه لرماد وكان شيئا مخيفا لكل من شاهده، والمثير للدهشة في هذه الحادثة ان النيران على الرغم من قوتها لم تؤثر على نصفه العلوي! او ملابسه نِهَائِيًّا.
ومن الامور العجيبة أيضًا في هذا الأمر أنها تؤدي لتحول جسم الضحية الى رماد بسرعة كبيرة، والحريق لا يترك اي اثر بجوار من احترق، اي ان الحريق كأنه ينبع من داخل الضحية وتقوم النار بتحويل الضحية الى رماد دون ان تمتد الى اي شيء بجوار الضحية.
وقد قام العلماء ببحث هذه الظاهرة، ووضعوا الكثير من النظريات والفرضيات، ولكن ليس هناك حتى الان نظرية واحدة مؤكدة حول اسباب حدوثها.
وهنا في قصتنا تدور احداثها بإحدى احياء السويس؛
حيث توفيت سيدة قاربت من الخمسين عاما منتحرة بشنق نفسها بحبل في غرفتها . احضروا مغسلة اموات والمساعدة لها للقيام بتكفينها و بمجرد دخولها الى المنزل لاحظت الحزن على الوجوه والصراخ الذي يعلو المكان من ابنتيها، طلبت المغسلة ان يدخلوها هي ومساعدتها الى غرفة المتوفاة لتبدأ الغسل.
وبالفعل دخلت المغسلة للغرفة الموضوع بها الجثمان، وعند دخولها وجدت الجثمان موضوعا على السرير، وعلى وجهها غطاء يغطي كامل جسدها، وضعت المغسلة ادوات غسلها على طاولة ثم اتجهت اليها لتبدأ في تجهيزها، وبدأت تقرا القران.
لاحظت المغسلة ان هناك شيئا يتحرك تحت الغطاء على وجه وصدر المتوفاة، وتزداد حركاتها كلما علا صوت قراءتها للقران استجمعت المغسلة شجاعتها وقامت برفع الغطاء، وبمجرد رفعها للغطاء صرخت بشدة وخرجت مسرعة فلقد رأت المتوفاة بشكل مرعب كانت علامات الغضب على وجهها وعينيها حمراء لون الدم وكأنها تنظر لها بعصبية وشر وتوعد ولون جلدها اسود قاتم مثل الفحم ويوجد اثار بارزة كأنها ضربت بالسوط على ظهرها.
هكذا قالت لهن؛
ولكنهن طمأنوها ان ما شعرت به مجرد تهيؤات، فان طبيب مكتب الصحة كشف عليها وكتب تصريح الدفن.
وبالفعل اكملت المغسلة تغسيل الجثمان.
ولكنها متأكدة أنها رأتها تفتح عينيها وتنظر اليها ولا تعلم ما الذي حدث، ولكنها تعلم ان هناك من الغيبيات ما لا نعلمها، فأكملت تغسيلها وتكفينها بصعوبة شديدة فكانت تحس بتقلصات لكل
عضلاتها، وتبخ الدم على وجه وملابس المغسلة وتذهب لغسل وجهها فلا تجد اي اثر للدماء وهناك صوت للغراب فوق الشجرة لم يسكت او يهدا لدقيقة كأنه يستغيث او يودع محبوبته.
انتشر الخبر بين اهل المدينة ولم يخرج احد للصلاة عليها ودفنها
إلا القليل جِدًّا،
والجنازة يسير فيها عددٌ لا يزيد عن عشرة ومنهم زوجها وبناتها، والقليل ممن كانوا يعملون لديها.
وتم دفنها وغادروا المكان ولكن بعد ساعتين فقط يحدث شيء
لا يصدقه عقل ولا منطق.
اتصل حارس المدفن بزوجها ويستغيث به ان هناك نيرانا عالية تخرج من قبر زوجته وأصوات استغاثة كأنها اتية من كهف عميق.
ويذهب زوجها على الفور ومعه ابنتاه ليشاهدوا نارا عالية اعلى من اي منزل بالسويس يحاولون اطفاءها ولكنها كانت تعلو أكثر وأكثر وتأتي عربات المطافئ ويحاولون اطفاءها، ولمدة عشر ساعات كاملة بلا اي جدوى.
ليقترح الزوج بان يفتحوا قبر زوجته وبالفعل فتح زوجها الباب وبمجرد فتحه خمدت النيران ليبحثوا عن سبب الحريق ليجدوا
لا أثر لأي حريق ولكن الكفن ابيض ناصع البياض كما هو وفارغ ليفتحوه ليجدوا بداخله مجرد رماد اسود،
ولا يوجد اثر للجثمان فأين ذهبت؟
ولنفهم القصة نعود لخمسة وعشرين عامًا مضت.
كانت هناك قصة حب عنيفة بين عبد الرحمن وفاطمة وهما يدرسان بكلية تجارة بنفس السنة الدراسية.
وكل زملائهما وأهلهما يعلمون هذه العلاقة وهم في حكم المخطوبين وكانا بالسنة النهائية، واتفقا على الزواج بعد التخرج ويعيشان بإحدى قرى محافظة المنيا تسمى( تل المساخيط)
ولا أحد يعلم سبب التسمية بالضبط البعض يقول ان بني اسرائيل كانوا يعيشون فيها، والبعض يقول كان هناك عائلة كاملة عبدت الشيطان عاشت بهذا المكان، وتحولوا الى برص وعقارب وثعابين كوبرا بغضبٍ من الله، وهناك اقوال وأساطير كثيرة ولكن لا أحد يؤكد.
قرية تل المساخيط تقع بجنوب الصعيد تطل على نهر النيل.
مشهورة بأشهر الموالد على الاطلاق ولسنوات طويلة مولد الشيخ ادريس يقام له كل شهر تقريبا وأحيانًا اسبوعيا، ويأتيه مريدوه من كل مكان في مصر راجين البركة بقبلة من يديه او لكي يصنع لهم احجبة ويضعون النذور والأموال تحت رجليه ليقرب البعيد ويبعد القريب يشفى المريض ويمرض المعافى يجهض الحامل ويحمل المحرومة باغتصابها دون ان تشعر.
يفرق بين الزوج وزوجه وكل ذلك بأعمال السحر الاسود والجن والشعوذة والوهم.
ادريس ارمل(وهو من قتل زوجته الشيخة صالحة ليصبح هو شيخ القرية من بعدها) يعيش في قصر كبير ملئ بالكلاب الشرسة،
والأسود المتوحشة لحمايته يطلقون عليه (الكبير )وبعضهم لقبوه ب (إبليس) فاسمه ادريس، وتم تحريف الاسم الى إبليس بسبب أعماله البشعة.
يعيش معه عشرون شابا مفتولو العضلات هم من يجمعون
الاتاوات من الفلاحين ومن لا يدفع يأخذون مواشيهم او اراضيهم او يحرقون زروعهم ويحرمونهم من ماء الري بل أكثر من ذلك كانوا يخطفون الأطفال الرضع ويذبحونهم قربانا للشيطان، و أيضًا للعثور على الاثار الفرعونية.
و له بنت وحيدة جميلة عمرها عامان اسمها فاطمة هي قرة عينه
و يخاف دائمًا عليها من ان تقتل او يصيبها مكروه انتقاما من افعاله وإخفاؤها عن الجميع حتى من حراسه، وكانت هي نقطة ضعفه من شدة خوفه عليها وضعها في بيت الشيخ جابر وهو امام المسجد ومحفظ القران بالقرية ليكفلها دون ان يعلم احد
بالقرية بأنها ابنة الشيخ ادريس و زوجة الشيخ جابر اشاعت أنها طفلة يتيمة من عائلتها .
وكلما زَادَتْ القصص حول كرامات الشيخ ادريس زاد ثراء القرية بسبب الموالد والزوار وأعمال السحر والشعوذة ويأتيه الناس من كل المحافظات من اول مرسى مطروح حتى النوبة.
فالقرية بها فنادق وشقق مفروشة ومطاعم بكل المستويات وكافيهات وقهاوي والتجارة بها رائجة لكل ما هو مشروع وغير مشروع من مخدرات وتجارة الاثار والبحث عنها وبلطجة حتى الدعارة لها بيوت مخصصة لها يذهب اليها كل من يبحث عن المتعة الحرام.
القرية على شكل دائرة كأنها جزيرة تحيطها اشجار الموالح والمانجو والعنب وعدد كبير من النخيل المثمر، وعليها نقاط حراسة وكلاب مدربة تمنع دخول غرباء إلا بعد التفتيش الذاتي اما منطقة الفلاحين فهي في اطراف القرية يسكنها اناس فقراء ضعفاء مرضى لم ينالوا اي قسط من التعليم، ولكنهم طيبون بسطاء .
بيوتهم من الطين من دور واحد وأثاثها متواضع يبيت فيها البشر مع المواشي والطيور في مكان واحد... وينتشر فيها الجهل والمرض ومعظمهم يعملون عند الاثرياء كعمال او خدم او مزارعين بالأجر يذوقون منهم الذل والهوان والظلم.
قرية تل المساخيط كلّ شيء وضده فيها الجمال وفيها القبح فيها الخير وفيها الشر فيها الخلوق وفيها البلطجي فيها التديّن وفيها الشرك فيها الثراء وفيها التسول وفيها الظالم وفيها المظلوم .ووسط هذا الكم من الغنى يوجد بعض سكانها متمسكين بالطين والزراعة والأخلاق والدين ومواجهه الظلم
والاستبداد، ومنهم الشيخ جابر فكان شوكة في ظهر الظالمين .
عاشت فاطمة بنت ادريس عيشة سوية في كنف الشيخ جابر وزوجته، وعندما كبرت بعض الشيء كانت تذهب مع عبد الرحمن ابن الشيخ للمدرسة ليجمعهما الحب منذ نعومة اظافرهما ويتعاهدان إلا يفترقا مهما حدث.
وفي يوم من الأيام حدثت مشاجرة بين عائلات القرية لتنتهي بمقتل احد الشباب، وهناك الاخذ بالثأر شيء مقدس لتعم روح
الانتقام والحقد بين الاهالي، والاقتتال يستمر دون هوادة لأعوام وتحترق وتهدم معظم بيوت القرية ولم يتبقى غير الخراب والرماد والأطلال والضحايا بالآلاف .
وظل منزلا مهجورا في اطراف العزبة قائم وكان يسمى بمنزل
الاشباح وهو منزل الشيخ ادريس.
بعدها يقرر الحبيبان الهروب من القرية في ظلام الليل دون ان يخبرا احدا الى مدينة السويس ليقيما عند احد اقارب عبد الرحمن ليتفاجأ بوفاته منذ خمسة اعوام دون ان يعلم بخبر وفاته.
وأخيرا تزوج فاطمة وعبد الرحمن لكن تحت ظروف قاسية،
ولأنهما لا يملكان المال الكافي للسكن في اي مكان ولم يكملا دراستهما ليعملا بها اشتريا بالنقود القليلة (ثمن حلق ذهب باعته فاطمة) بضعة مناديل وبسكويت وحلوى وجلسا بها في احد الشوارع به العديد من المدارس لبيعها. وفي اخر الليل ينامان
بالشارع ويضعان صناديق الكراتين الفارغة للبسكويت والمناديل فوقهما كغطاء، وكان مكسبهما لا يكفي الا لوجبة واحدة باليوم وغالبا وجبة العشاء حتى يستطيعا ان يناما بعدها.
وفي يوم وهما يسيران بشوارع السويس البعيدة يشاهدان قصرا مهجورا وبه اثار قصف صاروخي، وهدمت العديد من جدرانه من أيام حرب اكتوبر ٧٣ ويقال ان العائلة بأكملها ماتت اثناء الغارة الجوية بداخل القصر، وكان عددهم عشرين معظمهم اطفال ونساء وكبار سن. وتركت الحكومة القصر كأثر لإجرام العدو وقتله المدنيين الابرياء.
ويدخلان القصر ويستقران بغرفة تحت الأرض كانت تستخدم كمخبأ اثناء الحرب، وينامان لأول مرة منذ هروبهما تحت سقف واحد.
الغرفة فارغة من كل شيء إلا من اريكة قديمة وكرسي هزاز، والكثير و الكثير من بيوت العنكبوت.
ومع بحثهم بالغرفة وجدوا العديد من الجماجم والعظام البشرية بعضهم متقارب وكأنهم ماتوا وهم يحضنون بعضهم البعض، وهناك من مات بمفرده في ركن من اركان الغرفة، وهناك الكثير من العظام بجوال كان احدا حاول دفنهم من قبل ولكن حدث له شيء لم يستطع ان يكمل المهمة وهناك دولاب ضخم حاول عبد الرحمن فتحه وتم فتحه بصعوبة ليجد به مئات من الجماجم البشرية، ومعظمها لأطفال لتتساقط عليه وتخرجه فاطمة بصعوبة من وسطهم .
بدا الزوجان يلملموا العظام والجماجم في الاجولة الموجودة، وعبد الرحمن يحفر حفرة عميقة لدفنهم .
وانتهى من دفنهم بعد اذان صلاة العشاء، ونظفت فاطمة المكان من الاتربة والحشرات لكي يستطيعا العيش بهذا المكان.
وأحسا بجوع شديد بعد هذا المجهود ليصعدا للقصر ودخلا المطبخ ووجدا ثلاجة ضخمة وفتحتها فاطمة وهي متأكدة أنها فارغة، ولكن كحب استطلاع والغريب انه بمجرد فتحها قفزت عليها قطة سوداء ضخمة مرعبة صرخت فاطمة، وكادت تفقد الوعي ولكن عبد الرحمن قال لها :انظري انظري،
الثلاجة بها طعام وفاكهة من كل الانواع وعصائر كلها طازجة وكأنها وضعت من ساعة واحدة.
جلسا على الأرض وتناولا ما لذ وطاب من الطعام، ولم يسالا نفسيهما من وضع الطعام من شدة الجوع إلا بعد ان شبعا تمامًا.
قالت فاطمة : لعل احد الأشخاص سكن القصر أيضًا مثلنا.
رد عبد الرحمن : ولكن الطعام بارد والعصير مثلج ولا يوجد كهرباء بالقصر اصلا.
قالت فاطمة : اظن انه كانت هناك كهرباء قبل مجيئنا وفصلت لعدم دفع الفاتورة وضحكت وضحك عبد الرحمن وقال :
يمكن كل شيء جائز المهم شبعنا وسعدنا.
هيا بنا نبدأ طقوس ليلة الزفاف فانا لم المسك من يوم زواجنا.
قالت له : كيف نحتفل وسط هذا الكم من الرعب والكآبة ؟
قال :. اغمضي عينيكي، و تخيلي اننا على جزيرة بوسط البحر
لا يرانا احد ونرقص ونغني.
قامت فاطمة ترقص بعد ان اغلقت عينيها، وهو يحتويها بكل حنان من قوة الاشتياق ليظلا على هذا الحال حتى منتصف الليل وكانا يسمعان موسيقى هادئة كأنها تخرج من الجدران لم ينتبها لها واستمرا، وفي هذه الاثناء كان يتابع فاطمة من وراء ستارة بكل شغف وشهوة (إبليس العاشق )وناما على الاريكة نوما عميقا .
وأثناء نومهما ظهرت فجأة اشباح ضخمة على شكل خفافيش تطير بين الجدران ومخلوق ضخم لونه اسود يشبه الغوريلا ولكن براس ذئب يجري في كل مكان ويخرج اصوات مرعبة، استيقظا وكانا يظنان انهما في كابوس ولكن بدأت قذائف من نار تخرج من بين اصابع وفم هذا المخلوق و يتشقق الجدار بسببها، والنوافذ تفتح وتغلق والزجاج يتهشم وتشتعل النيران هنا وهناك وتنطفئ في الحال، وسائل اسود يشبه القطران مشبع بلون الدم يتدفق من أرضية الغرفة على هيئة امواج وفاطمة وعبد الرحمن في احد اركان الغرفة يتملكهما الذعر وتنتابهما رعشة الخوف والرعب وبصرخات استغاثة متتالية منهما لعل احدا يسمعهما ولكن دون جدوى.
ويستمر الحال على ما هو عليه حتى اذان الفجر لتهدا الامور، ويحل السكون المكان ويعود كل شيء لما كان عليه قبل ظهور
الاشباح والخفافيش.
وتهدا فاطمة بعض الشيء وهي في احضان عبد الرحمن وتقوم لتبحث عن فطور بالثلاجة لترى مفاجأة غيرت حياتها للأبد.
وجدت صوتا يصدر من احد شقوق جدران الغرفة يناديها بصوت ناعم لتذهب ناحيته وتجد كتابا قديما جِدًّا كتب بخط اليد وأوراقه صفراء متهالكة عنوانه رسالة إبليس الأخيرة، وكتاب اخر مكتوب عليه كيف ترضي الشيطان، وتحقق السعادة الابدية؟
اخذت فاطمة الكتابين ولم تبلغ زوجها، وأخفتهما عنه،
وخرجا في اليوم التالي للبحث عن عمل وبالفعل عملت هي في محل للملابس الجاهزة اما هو فعَمِل في مطعم اسماك شهير ومع اول قبض لمرتباتهما انتقلا الى غرفة فوق عمارة بوسط المدينة ، وكانت اول مرة منذ زواجهما يستقران في مكان يخصهما مغلق عليهما ومع احساس الامان عاشا أيام سعيدة،
ويثمر زواجهما بعد عام عن بنتان توأم (نورا ومروة ) لتحول حياتهما بهجة وسعادة، وتمر الأيام على نفس الوتيرة حتى اصبح البنتان في الصف الأول الابتدائي.
احست فاطمة ببعض الملل والفراغ فأخرجت صندوق لها تضع فيه الاشياء المهمة وأخذت الكتاب الأول كتاب كيف ترضي الشيطان؟ ،
وبدأت تقرؤه فوجدت في بدايته شروطا لأرضاء الشيطان بعد تنفيذ اوامره بعدها يحقق السعادة الابدية.
ومنها بعض الطقوس والترانيم تتلى بدورة المياه كل يوم ليلا.
تملا البانيو بحليب وتجلس فيه لمدة ساعة وتتلو بعض كلمات مرة كما هي مكتوبة ومرة بالعكس بالغناء ثم بالكتابة على جسدها تكررها لمدة ثلاث أيام متتالية خلالها كانت لابد ان تذبح دجاجا او بطا بنفسها، وتنثر الدم بكل ارجاء الحمام، وتستحم بالباقي وتتركه.
والشرط الرابع والذي صعقت منه هو ان تختار طفلة لا تتعدى الثامنة من عمرها والقيام بذبحها وتقطيعها لقطع صغيرة وتنثرها في كل اركان المنزل وفي الشرفة، وتضع عليها اسمنت وتغطيها بتربة من الطين لزراعة الزهور عليها، وباقي الضحية لابد ان تأكله وتشرب من دمائها كل صباح لمدة اسبوع.
فعلت فاطمة كل الخطوات بكل جرأة وبالترتيب بمخبأ القصر المهجور. لم تستطع الرجوع لان الشيطان هددها بقتل توأمها وبالفعل خرجت للبحث عن الفريسة البريئة ووجدت ضالتها في طفلة اسمها سيرينا وهي وحيدة والدتها بعد زواج عشر اعوام دون انجاب كانت تلعب بعروستها امام منزلها وتجري هنا وهناك وضحكاتها البريئة تملا المكان ولم يكن احد حينها بالشارع ليراها.
اقتربت منها فاطمة وأعطتها قطعة من الحلوى ثم خدرتها وأخذتها لشقتها التي استأجرتها خصيصا لتنفيذ تعليمات إبليس، وبالفعل نفذت الجريمة كما قال لها الشيطان،
شطرت جسد الطفلة النحيل نصفين بالمنشار ثم الى قطع صغيرة
بالساطور ولم تنسَ ان تملا زجاجات من دم الضحية لتشربها .
واخفت كل شيء عن زوجها وأطفالها وذهبت مع اهل الطفلة الضحية للبحث عنها.
لتكتسب بعدها عدة حواس شيطانية خارقة والأشباح جنود إبليس يلبون كل طلباتها بسرعة فائقة.
وكان اول عمل خارق ان الجن حملوها لأعلى لتظهر للناس وكأنها تطير اعلاهم ويعبروا بها النهر كأنها تسير على الماء.
اما كتاب رسالة إبليس نقلها الكاتب العالمي G.Lewis
بكل لغات العالم
فكانت عبارة عن نصائح في كيفية اغواء الانسان ليهوى الى قاع جهنم،
قال فيها :
جميل انه فى حالة من القلق وعدم التأكد ... سيمتلئ عقل
الانسان بتصورات متضاربة للمستقبل سيتقاذفه الامل والخوف... ليس هناك افضل من الشك والقلق يحول بينه وبين الله ...الله يريده ان يجتهد “الان” .
ونحن سندفعه ليستهلك نفسه قلقا وتفكيرا عما سيحدث له في المستقبل ...يعرف الانسان ان عليه الرضا بإرادة الله ... والمقصود أن يصبر على البلاء وهو يدفعه... مهمتنا ان ينسى أن مقاومته اليوم اهم كثيرا مما سيحدث له غدا ...مهمتنا ان يفكر دائمًا فى الغد بخوف ...
اذا لجا الى الصلاة شتته عن ان الله هو القادر
على كل شيء ...أوكله الى عقله و قدراته المحدودة ليشعر
بالعجز ... نمى الخوف والقلق فى قلبه ...
فى كل حدث يسوءه اجعله اعمى عن التفكير فى دوره فيما وقع ...وفى كل حدث طيب او خير أو عبادة لله اجعله يٌعجب بنفسه وبفعله ...
الانسان معقد ومهما اجتهدت لتضله ...بداخله بذرة للخير لن تستطيع القضاء عليها ... لذلك وجه خيره الى الغرباء الذين لا يعرفهم ... ومنعه عن اهله وقرابته وجيرانه ...
الانسان مجموعة من الدوائر المتتالية ...مركز قوته فى الدوائر الداخلية ...قلبه ومن فيه ثم الأبعد فالأبعد ...
أوهِن دوائره الداخلية توهِنه ...أبذل جهدك أن يكون كل خير وفضيلة وفعل يرضي الله للأغراب ...حتى يتحول احسانه الى وسيلة يخدع بها نفسه ويظن انه صالح ...كل الفضائل وأعمال الخير يمكن افسادها وتحويلها الى اوهام ...فلتكن “أعماله الصالحة” طريقه المفروش بالزهور الى جهنم ...”
وانطفأت الأنوار عندما انتهت من القراءة وظهرت لها كائنات شيطانية تحوم حولها وجن طويل لونه اسود يشبه البشر لكن قدمه ويديه كانت مبتورة وبدلا منها مخالب طويلة وقرب منها رويدا وهي متجمدة ومرعوبة في مكانها وقال لها بصوت جهوري مفزع : الحين أصبحتِ في طاعتنا اهلا بكي في عالمنا الخفي.
وقد اطلقنا عليك اسم (اميرة قصر إبليس) واعلمي جيدا ان إبليس لا يخلف وعده .
وبعدها اختفى وعادت الأنوار مرة اخرى.
وبالتحاق فاطمة بمدرستهم تخرجت منها بتفوق أنها مدرسة إبليس لا رجعة فيها. علموها السحر وعمل الأعمال السفلية التي توضع بالجثامين بالمقابر وتفرق بين الزوج وزوجته، وكشف الغيب باستراق الاخبار وتخرب البيوت وتدمر المشاريع الناجحة.
وأخذت الغرفة السفلية بالقصر المهجور مقر لها واختارت زوجها مساعدا لها، وهو لا يعلم شيئا غير أنها تقوم بتلاوة بعض الايات القرآنية والأدعية على المرضى وأصحاب المشاكل هكذا ادعت فاطمة.
وبدأت تستقبل مريديها وروادها منهم من يريد التفريق بين زوجين، ومنهم من يريد اتعاس أشخاص ومنهم من تريد الانجاب، وآخرين يطلبون الشفاء من الأمراض العضوية والنفسية، وهناك من يريد ان يعرف مكان المسروقات ومن سرقها، وكان اشنع شيء تفعله حرق المنازل وحرق أشخاص وقتلهم حتى الأطفال والرضع لم يسلموا منها، وكانت أحيانًا تضع العمل داخل فم الغراب وتغلق فمه بالمكالب، وكلما يطير تتعذب الضحية أكثر عذابا لا يطاق حتى تموت.
وكانت تمارس الفاحشة بشكل يومي مع رجالها وتشرب الخمر والمخدرات لكي ترضي الشيطان أكثر وأكثر.
ومن شروط ولاء الشيطان أيضًا ان تأكل لحما بشريا باستمرار ، وتحتفظ بالجماجم وتصنع منهم جدار كامل بعيد عن الانظار في غرفة الكشف.و يوميا وبمساعدة الجن تخطف اطفالا لا يتعدى عمرهم ثلاث سنوات وتأكل لحمهم وتشرب من دمائهم وكثرت حوادث الاختفاء الغامض بمدينة السويس والقرى المجاورة، ولم تصل الشرطة لأي حل للغز جرائم الخطف.
واشتهرت بلقب الشيخة فاطمة المبروكة وجمعت آلافا وآلافا من الجنيهات وصلت لمليون بعد شهور قليلة والمليون اصبح خمسة بعد عام واحد.
وظهرت في برامج عديدة بالتلفاز وكان لها برنامج مخصوص عن
الابراج والتوقعات، والفت كتبا عن الابراج، وأحداث عالمية قادمة تمت طباعته عدة طبعات وبعدة لغات.
كل هذا وزوجها لا يعلم اي شيء عن أعمالها الحقيقية غير أنها شيخة تعالج بالقران، وكما يقولون مكشوف عنها الحجاب .
وفي لحظة صفاء وانسجام مع زوجها اعترفت له أنها عابدة للشيطان، وأخذته ليشاهد معها جدار الجماجم حصيلة ضحاياها من الأطفال ويرى بنفسه أعمالها الخارقة وكم المال الذي جمعته.
في بادئ الأمر صدم عبد الرحمن ولكن مع اغراء المال والنفوذ
والخوف على بناته تنازل بل اصبح شريكها في كل جرائمها.
واتسعت أعمالها في معظم المحافظات، وانضم لها العديد من المساعدين والمساعدات.
بعد أن كبرت فاطمة بالعمر فكرت ان تنشئ مشاريع تجارية في بلدان اخرى وتعتزل وتتفرغ لتربية بناتها.
هنا ظهر لها الشيطان في صورة قزم ذي وجه ذئب وقال لها:
ان بينه وبينها عهدا لا يمكن تنفضه حتى لو هربتي الى اخر مكان
بالأرض.
قالت له ومصرة على رأيها :لن اعود مرة اخرى وكفى،
هددها بان يقتل توأمها امام عينيها باكر في الصباح ويشرب من دمائهما ويأكل من لحومهما كما كانت تفعل مع ألاف الضحايا من
الأطفال.
فكرت بالهرب ولكن الهروب لا يجدي فاللحاق بها ميسر جدًا للشيطان.
كان امامها حل واحد فقط هو ان تنتحر وتتخلص من الشيطان ووسوسته وتنقذ بناتها وبالفعل في غرفتها اغلقت الباب وصنعت مشنقة من الحبل المجدول القوي ووقفت على كرسي ثم ضربت الكرسي بقدمها دون ان تستطيع نطق الشهادتين او حرف واحد.
فلقد عاشت عابدة للشيطان وماتت كافرة بالله
ويظهر للجميع بشاعة أعمالها بعد اعترافات زوجها بالتفصيل يوم ان رأى النار تخرج من قبر زوجته وجثمانها يتحول الى رماد.
ويتم القبض على الزوج ومساعديهم ويحكم عليهم بالمؤبد.
وصى عبد الرحمن بناته(نورا ومروة ) ان يتخلصا من المال الحرام ويتبرعا به للجمعيات الخيرية، ويستقرا بقريتهم بالصعيد عند جدهم،
وكانت لحظة وصولهما بداية جديدة لحياة جديدة لهما فوجدا العَجَب العُجاب بالقرية وكيف انقلبت على عقبيها بهذا الشكل فاخر زيارة لهما وهما بالثانوية العامة.
دخلا القرية وكانت مضاءة في كل جوانبها ووجدا بيوتها كلها
بالطوب الاحمر الحراري ومتماثلة تشبه بيوت سيوة والأراضي الزراعية مثمرة بجميع انواع الزروع وشوارعها ممهدة بأسفلت ملون بألوان الطيف ورائحة الجو رائحة الموالح والبخور.
سارا مترجلين في شوارعها مبهورين بجمال القرية يحاولان ان يجدا احدا ليسألاه.
كلُّ سكانها على ما يبدو في أعمالهم او مدارسهم.
يستمران بالسير ليصلا الى منزل العائلة وأخيرا وجدا رجلا مسنا
جالسا امام منزله فسألاه عن بيت الشيخ جابر، و تقابلا بجدهما بعد سنين وبعد ان تناولا وجبة الغذاء قصا لجدهما ما حدث لوالدتهما.
ويسالان جدهما عن الثأر وما سبب هذا التغيير الملحوظ بالقرية ؟ فقال :اهل القرية يعيشون في سلام ومحبة وتعاون فيما بينهم
الان وتلاشت الامية من القرية وتنتهي قضايا الثأر الى ما لا نهاية كل شغلهم الشاغل الان العمل والعلم بعد مرضاة الله.
وفي اليوم التالي يرحب بهما الجميع وكل بيت بالقرية يعتبرهما بناتهم .
ويلتحقا بجامعة المنيا كلية الصيدلة لتكملة دراستهما تحت رعاية جدهما جابر.
ولكن الشيطان لم يهدا له بال إلا بالانتقام من فاطمة في بناتها.
فظل يوسوس لهما بشكل مستمر ليخرجا من الملة وينضما الى جنوده مثل والدتهما ولكن لان جدهم رجل صالح وقد علم بكل ما حدث لامهما فقد حصنهما بجدار فولاذي من الادعية وآيات القران الكريم وحصن المسلم اليومي فكلما يقترب منهما يحترق ويتلاشى.
ذهب إبليس الى كلية الصيدلة حيث كانا هناك بأحد مختبراتها، وأحدث انفجارا مزلزلا، ولكن بفضل الله نجوا و زملاؤهما
بالكلية بأعجوبة، وسبب أيضًا حرائق عديدة بغرفة نومهما وكان جدهم حارسا لهما بقوة ايمانه، ووقف امامه بالمرصاد بآيات القران والأدعية.
تشكل الشيطان في هيئة شاب وسيم انيق وقال لهما انه احد اقارب والدتهما ليتعرف عليهما بالكلية وظل يغويهما ليخرجا معه وعرض عليهما توصيلهما للقرية وفي الطريق اعطاهما عصير ابه مخدر قوي وناما ووصلوا الى منزل قديم بأطراف القرية لا يسكنه احد منذ سنوات طويلة انه قصر ادريس ونزع ملابسهما، وكتب على اجسادهما طلاسم ورسومات شيطانية لينضما الى مدرسة إبليس ولكن قبل ما يحدث شيء افاقت مروة من الاغماء، ونظرت للشاب وجدته يظهر بمظهره الحقيقي ومتحولا لمخلوق ضخم اسود بوجه نمر وكل جسده شعر غزير بذراع طويلة وأظافر حادة
كالسكين وأقدام خنزير وأرض المكان كلها عظام وجماجم وحشرات غريبة ضفادع وصراصير وفئران وعقارب وثعابين
لا مثيل لهم وطاويط وغربان وبوم يطيرون هنا وهناك.
خرجت مروة من القصر بأعجوبة وظلت تصرخ وتستنجد بأي شخص قريب من المكان.
سمعها بعض الشباب يعملون بالحقل ذهبوا لهناك وأعطاها احدهم جلبابه لتستر نفسها وقصت عليهم ما حدث وهم يجرون متجهين للقصر المسكون وبعضهم ذهبوا مسرعين لأهل القرية لإبلاغهم بما حدث. وتجمع اهالي القرية ناحية المنزل من كل حد وصوب حاملين المشاعل والعصي الغليظة، ومعهم الرجل الصالح جد البنتين. اقتربوا من القصر والجد يقرا المعوذتين وآية الكرسي ويكبر ويسبح ويدعو ويؤمن وراءه كل سكان القرية في موقف مهيب والشيطان امامهم يحترق ويتلوى من شدة العذاب ويصرخ ليتحول الى قطع من الجمر وكأنها احجار اتية من جهنم.
لتخرج نورا بصعوبة، ويقذف اهل القرية المنزل بالمشاعل ليحترق بكل ما فيه.
ويسجد كل الحاضرين سجدة شكر لله رب العالمين ويقيمون صلاة العشاء ثم صلاة الفجر حول المنزل ويظلون يقرؤون القران حتى طلوع الشمس.
ويتم بناء زاوية للصلاة ومركز لتحفيظ القران بنفس مكان القصر بعد هدمه رمزا لانتصار المؤمن على الشيطان وانتصار الخير على الشر فانه ناموس الكون للأبد.
ويتحول مكان القصر الى مركز رياضي كبير فيه ملاعب وحمام سباحة وحدائق.
وبعد شهور تدخل مروة حمام شقتها وتملا البانيو بالماء والصابون الرغوي وتنزع ملابسها وتسترخي بالبانيو وهي تسمع موسيقى هادئة وتغطس تحت الماء وتخرج وهي في منتهى المرح وتضرب الماء بيديها وترقص فاليوم ظهرت نتيجتها ونجحت هي وأختها وفجأة تفتح صنبور الماء لينزل منه دماء ثم قطران اسود يلتصق بجسدها.
تجري وتنظر الى المرآة ترى صورة تشبهها تمامًا لكن بأنياب طويلة وتبدأ عيناها تجحظ وتكبر وتخرج خارج المرآة وتضحك ضحكة استهزاء وتقول لها بتحدٍ :
العهد لم ينتهِ بعد فإبليس لا يخلف وعده مهما مر من سنين وسيستمر الصراع والأيام بيننا.