الحمد لله نحمده وهو أهل الحمد والتحميد، ونشكره سبحانه والشكر لديه من أسباب المزيد، ونشهد أن لا اله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقة وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانه، ونصح الأمة وكشف الله به الغمة وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك أو مشرك صلاة وسلام أتمين أكملين أجملين على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان الى يوم الدين
يا خير من سكنت بالقاع أعظمة *** فطاب من طيبهن القاع والاكم
نفسى فدا لقبر أنت ساكنه *** فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم أما بعد:
فان كثير من العلماء تحدثوا عن الروح فمنهم من تحدث عنها من الناحية العلمية وعن سرها العظيم الذي لا يعلمه إلا الله الواحد الاحد، ومنهم من تحدث عن الروح من الناحية الفقهية الشرعية والرد على المشككين فى البعث بأدلة شرعية وعقلية ومنهم من تحدث عن معلومات عامة وأسئلة تدور فى خلد الناس والرد عليها والكل يهتم ويحاول ويتعلم ويتأمل فى خلق الله ليأخذ العبرة والزاد واليقين .
نسأل الله لنا ولكل مجتهد سواء كان عالماً أو متعلمًا التوفيق والسداد والنجاة والرحمة والرضوان والمغفرة .
أما هذه الرسالة المتواضعة من عبد الله الفقير الى رحمة الله ورضوانه فإنها تعنى وتهتم بتقوية الروح وبصفائها وإشراقها وتقديم الزاد الذى به حياتها ونورها وثباتها على الحق، ان الإنسان هو روح وجسد وكما أن الجسد له غذاؤه الذى هو وقوده ويستمد منه الجسم الطاقة للاستمرار فى الحياة ولاستمرار قوته ومقاومته للأمراض، فان الروح كذلك لها زاد وغذاء ووقود يقوى الروح ويهبها القوه والاستمرار والإشراق
ولما رأينا اهتمام الناس ينصب على الجسم وشهواته ومراده أردنا بهذه الدراسة أن نلفت الانتباه الى الخطر العظيم من اهمال الروح والغفلة عنها وما لذلك من أثر خطير يخسر به الإنسان أغلى وأعظم أكرم نعمه أنعم الله بها على هذا المخلوق الضعيف فالروح هى نفخة الله عز وجل ولقد كرم الإنسان بها عن الحيوان وعن بقية مخلوقات الله، وعندما نتصفح فى هذا الكتاب وهذه الرسالة المتواضعة نجد أنها تنقسم الى أربعة أبواب:
الباب الأول: وهو السماء الصافية والمقصود بالسماء الصافية هى الروح بصفائها وإشراقها وجمالها وعلوها وعظمتها
الباب الثانى: ألا وهو تزكية الروح وهو عبارة عن الاجابة عن سؤال تقديره كيف نصفوا ونسموا بهذه الروح ونطهرها حتى تكون روحاً قوية تخلد بنعيمها فى رضوان الله ورحمته وجنته؟
وهذه الإجابة تتضمن عناصر وهى عناوين لستة فصول متتابعة
الباب الثالث: وهو عبارة عن صفات الروح العظيمة مما علمناه ورأيناه وقَرَأْنَا عنهم من أصحاب الأرواح القوية عبر التاريخ الاسلامى والإنسانى من الأنبياء والحكماء والعلماء وكبار الزعماء والشعراء ما هى الصفات التى رآها أولوا الالباب فى هؤلاء العظماء وكيف وصلوا الى هذه المنزلة العظيمة فى دراسة مختصرة وموجزة لمن أراد أن يسلك سبيل هؤلاء العظماء فى طريقة أرواحهم وتعلق أرواح الأمة كلها بأرواحهم
والباب الرابع ( والأخير ): وهو معجزات الروح العظيمة المشرقة وأمثلة على هذه المعجزات عبر التاريخ الاسلامى والإنسانى وأن التاريخ الاسلامى ملئ بأمثلة كثيرة: أخذنا منها بعض الأمثلة وتحدثنا عن معجزاتهم الروحية باختصار شديد حتى لا نشتت ذهن القارئ ونصل الى الهدف المنشود من أقرب طريق
وأشهد الله وأشهدوا أن كان فى هذه الرسالة من خطأ أو نسيان فالله ورسوله منه بريئان ونسأله سبحانه الغفران وان كان فيها من حق أو صواب أو رقائق تقشعر منها جلود الذين يخشون ربهم وتنتفع به أرواحهم وقلوبهم وتنفع المسلمين فى الدنيا والآخرة فكل ذلك فضل من الله الملك الحق الرحيم الرحمن وصلى اللهم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .