تعد السنة النبوية الشريفة المصدر الرئيس الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم ، و الذي نهل منه المسلمون طيلة عمر الأمة الإسلامية الذي تجاوز الألف و أربعمائة عام في شتى مجالات حياتهم ، و تقديرا من المسلمين لهذا المصدر البالغ الأهمية للتشريع و الحياة فإنهم قد أحاطوه باهتمام و رعاية و دراسة قلّما توفرت لمادة من المواد أو لمصدر من المصادر، وإن دل ذلك على شيء فإنه يدل على مدى تفهم و استيعاب جموع المسلمين على مرّ العصور لأهمية السنة النبوية الشريفة ، و ما تقدمه للدين الإسلامي من تشريعات و تفسيرات للكثير من القضايا في جميع الفروع التي يشملها الدين الإسلامي الحنيف.
و لكن الاهتمام الكبير الذي أحاط المسلمون به السنة النبوية المشرفة قد قابلته موجات متتالية من التنكر لها و التشكيك فيها و الذي ظهرت أولى سماته أثناء العصر النبوي و لم تتوقف حتى يومنا هذا ، و إن تفاوتت درجاته بين الحدة و اللين ، و تنوعت أشكاله و صوره ، و ظهرت جليّة حينا و مستترة خفية حينا آخر ، وإن كانت في نهاية الهدف ترمي جميعها لهدف واحد و هو التقليل من شأن السنة النبوية الشريفة بل و الصد عنها تماما إن أمكن الأمر و سنحت الفرصة .
و لكن الله عز وجل لم يشأ لذلك البنيان الشامخ من التوجيهات و الإرشادات النبوية أن يهمل و لا أن يلقى وراء الظهور ، فقيَّض له من رجال الأمة الإسلامية المخلصين من أنفقوا أعمارهم في سبيل الحفاظ على سنة المصطفى صلى الله عليه و سلم والدفاع عنها في وجه الطاعنين والمشككين ، وممايؤسف له أن أغلب القائمين بالطعن في السنة النبوية و التشكيك فيها في وقتنا الحالي هم من المنتسبين إلى الإسلام،على عكس ما كان سائدا في أزمنة سابقة حين كان الزنادقة و المستشرقون هم الذين يتولون كبر ذلك ، و ساعدتهم ثورة الاتصال التي نحياها في زمننا الحالي على توصيل أفكارهم المغلوطةإلى فئات لم تكن تطالها تلك الأفكار و الشبهات فأصبح من اللازم توضيح أصل أفكارهم والرد عليها.
و الله من وراء القصد.