eslamhamdy

Share to Social Media

قصه ظل النسيان كامله
تاليف: اسلام حمدى محمد
اسم القصه: ظل النسيان
نبذه عن القصه:
في حارة صغيرة في مدينة مزدحمة، كان في ولد اسمه عمر. عمر كان عنده فضول ملوش حدود، وكل يوم يرجع من دروسه ماشياً في نفس الطريق. بس في يوم، الساعة عدّت نص الليل، وكان راجع لوحده، والشارع فاضي تمامًا. وهو ماشي، لاحظ إن في زقاق صغير على يمينه… زقاق عمره ما شافه قبل كده، رغم إنه بيعدي من نفس الشارع كل يوم.

قرر يدخل الزقاق، وهناك لقى باب قديم جدًا، شكله غريب ومقفول بس مش بقفل عادي، كان عليه نقوش غريبة وكلمات باينة بالعربي بس مش مفهومة. مد إيده يفتحه، ولما لمسه، الباب فتح لوحده وبصوت زي الهمس، ووراه كان في ممر مظلم.

أخد نفس عميق ودخل، فجأة حس إن كل حاجة حواليه اتغيرت. كان في عالم تاني، كأن الزمن واقف، والناس بتمشي زي الأشباح. حاول ينادي على حد، بس صوته ماكانش بيطلع. وهو بيتمشى، شاف صورته مرسومة على حيطان القلعة القديمة، وتحتها مكتوب: "عمر... حارس الذاكرة".
فهم إن المكان ده مش عادي، وإنه داخل بوابة اسمها "بوابة النسيان"، والناس اللي بيخشوها بينسوا هما مين... إلا لو اكتشفوا الحقيقة قبل فوات الأوان.
الفصل الأول: الزقاق الذي لا يُرى

في حارة صغيرة في مدينة مزدحمة، كان هناك ولد اسمه عمر. عمر كان عنده فضول لا حدود له، وكل يوم يرجع من دروسه ماشياً في نفس الطريق.
لكن في يوم، بعدما عدّت الساعة منتصف الليل، وكان راجع لوحده، والشارع فاضي تمامًا، لاحظ وجود زقاق صغير على يمينه. زقاق لم يره من قبل رغم أنه يمر من نفس المكان يوميًا.

كان هناك لافتة قديمة معلقة في أول الزقاق، مكتوب عليها بخط باهت: "شارع النسيان".

شدّه الفضول ودخل الزقاق.

أول ما دخل، شعر أن العالم تغير. الصوت اختفى، لم يكن هناك سيارات، ولا ناس، حتى الهواء كانت رائحته مختلفة.
الشارع كان غريبًا، كل البيوت فيه أبوابها مفتوحة، لكن لا يوجد أي إنسان.

وبينما هو يسير، رأى قطة سوداء تنظر إليه بثبات، عيناها فيهما شيء من البشر.
نطقت بصوت هادئ وقالت: "اللي يدخل شارع النسيان لازم يسيب وراه حاجة مهمة."

تجمد عمر في مكانه، حاول الرجوع، لكن الزقاق اختفى من خلفه.
أصبح محبوسًا بداخله.

في نهاية الشارع، كان هناك باب قديم جدًا، عليه مرآة كبيرة متشققة.

اقترب عمر من الباب ونظر في المرآة، لكنه لم يرَ وجهه، بل رأى ذكرياته.

رأى أول مرة تخانق فيها مع صديقه ثم تركه، رأى كل لحظة ندم عليها، كل شيء حاول نسيانه لسنين.
وعندما مد يده ليلمس المرآة، سمع صوتًا يقول:

"هتخرج، بس لازم تختار:
يا إما تنسى كل ده تاني،
يا إما تفتكره وتعيش بيه."

ظل عمر واقفًا لا يعرف ما يقرره، وفجأة، استيقظ من النوم.

لكن وهو يغسل وجهه صباحًا، نظر في المرآة، فوجد نفس القطة السوداء تجلس خلفه، تحدق فيه، وتبتسم.

تجمد عمر في مكانه، استدار سريعًا، لكن لم يجد شيئًا. القطة اختفت.

همس لنفسه: "أكيد كنت بحلم… يمكن لسه تعبان."

لكن أثناء خروجه من الحمام، لاحظ شيئًا أغرب.

البيت شكله تغير قليلًا، الصور المعلقة على الحوائط لم تكن نفسها. هناك صورة لأشخاص لا يعرفهم… لكن في الصورة كانوا ينظرون له كأنهم يعرفونه جيدًا.

فتح هاتفه ليتأكد، فوجد معظم صوره قد اختفت.
ولكن ظهرت صورة واحدة جديدة، لا يعرف من التقطها.

كانت صورة له، واقفًا في شارع النسيان، أمام نفس الباب الذي عليه المرآة.

دق قلبه بسرعة، وقال: "ده مش طبيعي… لازم أرجع للمكان ده!"

نزل سريعًا إلى نفس الشارع، لكن لم يجد أي زقاق. كل شيء كان كما هو.

حتى الرجل العجوز الذي يبيع الكشري على الناصية قال له: "يا ابني، الشارع ده مفهوش غير محلات… مفيش زقاق هنا أصلاً."

عاد عمر إلى البيت، محبطًا، لكنه وجد شيئًا أخيرًا.

ظرف صغير موضوع على مكتبه، مكتوب عليه بخط يده هو: "لو فتحت الباب، متنساش مين كنت… ومين بقيت."

فتح الظرف، فوجد داخله مفتاحًا صغيرًا، عليه نقش غريب: رمز على شكل عين بداخلها ساعة رملية.

ومنذ ذلك اليوم، كلما نام، كان يحلم بنفس الشارع، ونفس الباب، ونفس المرآة،
لكن في كل مرة يرى ذكرى جديدة.

وبدأ يشعر أن عقله لم يعد ملكه وحده.


الفصل الثاني: الفتاة التي تتذكر

كثرت الأحلام التي يراها عمر، كلها تدور في نفس المكان: شارع النسيان.

أصبح يشعر أن هناك شيئًا يسحبه للزقاق، كأن هناك نداء داخلي لا يتوقف.
وفي يوم، قرر الذهاب إلى مكتبة عامة، يبحث عن كتب تتحدث عن الأحلام، الرموز، والأماكن الغريبة.

بين أرفف الكتب، جلس على الأرض يتصفح كتابًا، وفجأة لمح فتاة تجلس على الأرض بجانبه، منهمكة في قراءة كتاب بعنوان: "العوالم الموازية وتفسير الرموز".

كان واضحًا أنها مركزة للغاية.

اقترب وسألها: "إنتِ مهتمة بالمواضيع دي؟"

ابتسمت وقالت: "جداً… بحس إن في حاجات في الدنيا أكبر من اللي بنشوفه، بتحصل في أماكن محدش بيلاحظها، لكنها موجودة."

شعر عمر بشيء غريب تجاهها، كأنها تعرف ما يحدث له.

بدأ يحكي لها عن الزقاق، المرآة، القطة، والمفتاح.

ولدهشته، لم تسخر منه، بل قالت بهدوء: "أنا كمان شفت الزقاق ده… وأنا صغيرة. ومن وقتها ما شفتوش تاني."

كانت هذه الفتاة تُدعى مريم.

بدأت بينهما صداقة مختلفة.
قررا البحث عن سر الزقاق سويًا.
رابطة غريبة ربطتهما، ومريم كانت دومًا تفهمه دون أن يتكلم.

وهو لأول مرة شعر أنه ليس وحده، وأنه حتى لو كان الشارع لعنة، فوجود مريم بجانبه جعله لا يخاف.

وفي ليلة، عندما كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل،
وبينما هما يسيران معًا في طريق عودتهما من المكتبة،
ظهرت لهما اللافتة القديمة: "شارع النسيان".

نفس الزقاق، نفس الباب، نفس المرآة.

نظرت مريم إليه وقالت: "أنا مش هسيبك تدخل لوحدك. نعدّي سوا… ونخرج سوا."

أمسك عمر بيدها، ودخلا الشارع معًا.

الفصل الثالث: لعنة المتاهة

عندما دخل عمر ومريم إلى شارع النسيان، شعروا بأن العالم حولهم تجمّد.
الزمن لم يعد يتحرك. الهواء كان ساكنًا، لكنه محمّل بطاقة خفية، كأن سحرًا قديمًا عاد للحياة.

في نهاية الشارع، ظهر باب ضخم مصنوع من الحجر، تغطيه نقوش بلغات غير مفهومة.

لكن عمر شعر أنه يفهمها، دون أن يعرف السبب.

اقترب، وبدأ المفتاح الذي معه يصدر ضوءًا خافتًا.

مريم أخرجت من حقيبتها مفتاحًا آخر كانت تحتفظ به منذ الطفولة، دون أن تعرف معناه.

عندما قربت المفتاح من الباب، اتحد مع مفتاح عمر، وانفتح الباب ببطء شديد، يصدر صوتًا كأن الزمان نفسه يئن.

من خلف الباب، خرج كائن غريب، مكوّن من ضباب أسود، له هيئة إنسان لكن بلا ملامح واضحة.
تكلم بصوت كأنّه قادم من عمق الأرض:
"أنتم دخلتم أرض النسيان… الأرض التي تبتلع الذكريات، والألم، والندم.
لو استطعتم الوصول إلى نهاية المتاهة… ستتحررون.
وإن لم تفعلوا… فأنفسكم ستُمحى."

تشابكت أيدي عمر ومريم.

قالت مريم بثقة: "إحنا مع بعض. مش هنخاف."

بدأت المتاهة.

كانت المتاهة عبارة عن غرف متصلة، كل غرفة تختبرهم بشيء مختلف.

في الغرفة الأولى، واجه عمر أسوأ ذكرياته: خيبات الطفولة، نظرات الخذلان، لحظات الخوف.

وفي الغرفة الثانية، واجهوا نسخًا مظلمة من أنفسهم، كانت تتحدث بنفس أصواتهم، وتقول: "إنت كداب، ضعيف، فاشل…"

لكنهم لم يستسلموا.

في الغرفة الثالثة، وجدوا لغزًا مكتوبًا بلغة سحرية محفورة على الجدران، مريم نظرت إلى الوشم الموجود على يدها، وفجأة بدأت الكلمات تتوهج وتتضح.

لم تكن تعرف من قبل أن الوشم يحمل تعويذة قديمة.
لكنها الآن قرأت المعنى:
"الحب الحقيقي لا ينسى… ولا يُكسر."

وبين غرفة وأخرى، كانت العلاقة بينهما تزداد قوة.
لم يعد ما يربطهما مجرد الفضول أو الخوف… بل شيء أعمق، اسمه الأمان.

وفي آخر المتاهة، ظهرت قاعة دائرية، في منتصفها قلب كبير من النور، يطفو في الهواء.

عاد الكائن الظلامي، وقال لهم:
"القوة الوحيدة التي تهزمني ليست السلاح… بل ذكرى لا يمكن نسيانها.
إن استطعتم خلقها… تحررتم.
وإن فشلتم… تُمحى أسماؤكم من الوجود."

اقترب عمر من مريم، أمسك يدها، ونظر في عينيها.

قال: "أنا اخترتك.
ولو كل حاجة حوالينا ضاعت،
إنتِ الذكرى اللي مش هقدر أنساها أبدًا."

دمعت عينا مريم.

قالت: "وأنا… مش بس فاكرة الشارع.
أنا كنت بستناه… علشان أقابلك فيه."

فجأة، اهتز المكان كله.
الظلام انكمش، الكائن الظلامي صرخ، وبدأ يذوب.

انفتح الباب القديم للنور، وخرج منه شعاع أضاء كل شيء.

خرج عمر ومريم من شارع النسيان، والدنيا كانت ساكنة.
كل شيء في المدينة كما هو، كأن شيئًا لم يحدث…
لكن داخلهما، كان كل شيء قد تغير.

تشابكت أيديهما، وسارا في صمت،
وكل منهما يعرف:
أن ما عاشاه… لن يُنسى أبدًا.

الفصل الرابع: وريث النسيان

مرت سنوات بعد خروج عمر ومريم من شارع النسيان.

تركا المدينة، وانتقلا للعيش في بيت صغير فوق تلة هادئة، تحيطه الأشجار والعصافير.

كان بيتًا بسيطًا… لكنه مليء بالدفء.

كان عمر يستيقظ كل صباح، يقلد صوت الديك، ويمشي خلف مريم وهو يضحك:
"يا شيخة، شفتي؟ دي فرخة بشنب!"
فتصرخ فيه وتحدفه بالنعال.

بعد ثلاث سنوات من السعادة، تزوجا.
وفي السنة التالية، وُلد ابنهما… آدم.

آدم كان طفلاً مختلفًا. هادئ، لا يبكي كثيرًا، يبتسم من دون سبب.
وعيناه كانتا بلون غريب… لا هو أخضر، ولا رمادي، بل مزيج يوحي بأنه يرى ما لا يُرى.

قال عمر ذات مرة: "ابني شكله بيحب الضحك… زيي!"

لكن عندما بلغ آدم سبع سنوات، بدأت الأمور تتغير.

أصبح يقف أمام المرآة طويلًا.
يسأل أسئلة غريبة: "هو أنا كنت فين قبل ما اتولدت؟"

ويحلم دائمًا بشخص مجهول يقول له: "أنا مستنيك… انت مني."

بدأ القلق يسيطر على مريم.
كان قلبها يرتجف كلما نظرت في عينيه.

وفي أحد الأيام، وهو يلعب في الحديقة، اهتزت الأرض فجأة، وانشق التراب، وخرج من تحته ظل ضخم، دخان أسود كثيف… نفس طاقة الكائن الذي واجهوه في المتاهة.

سمعوا صوتًا عميقًا يقول:
"افتكرتوني انتهيت؟
أنا تركت جزءًا مني… فيه."

آدم التفت، وعيناه تحولت إلى الأحمر، وقال بصوت مزدوج:
"أنا مش ابنكم…
أنا وريث النسيان."

صرخت مريم، لكن عمر أمسك بيدها وقال:
"اللي قدامنا ده… مش ابننا دلوقتي.
ده شيء تاني."

ومن هنا… بدأت المعركة الثانية.


الفصل الخامس: في قلب الظلام

منذ تلك الليلة، تغيّر كل شيء.

أصبح آدم يتحدث في نومه بلغات غير مفهومة،
يرسم دوائر على الجدران،
ويستيقظ أحيانًا وهو يهمس:
"البوابة بتقرب… والراوي مستني."

عمر ومريم لم يعودا ينامان.
كل لحظة تمر كانت تحمل قلقًا، وخوفًا، وذكريات قديمة بدأت تعود من جديد.

في إحدى الليالي، سيطر الكيان بالكامل على آدم،
ووقف أمام غرفة نومهم،
وعيناه تلمعان باللون الأحمر.

قال بصوت لا يشبه صوته:
"آن الأوان… افتحوا البوابة."

فتحت الأرض نفسها، وظهرت دائرة سحرية في منتصف غرفة الجلوس.
الهواء أصبح كثيفًا، والنور تراجع، والبيت كله بدأ يهتز.

صرخت مريم: "لو البوابة اتفتحت، العالم كله هيضيع!"

نظر عمر في عينيها، وقال:
"أنا عارف… بس لازم نحاول نفصله عنه… حتى لو ده معناه إننا نخسره."

حملت مريم كتاب السحر الذي احتفظت به منذ المتاهة،
وفتحاه معًا على آخر صفحة،
حيث وُجدت تعويذة نادرة… لا تعمل إلا إذا تم نطقها من قلبين مرتبطين بالفعل.

اسم التعويذة: "الفداء".

قرأا التعويذة سويًا… كلمة بكلمة.

وفي آخر جملة، تطلّبا التضحية الكاملة.

نظر عمر إلى مريم…
ونظرت إليه…

ثم قالا معًا:
"نحميه… حتى لو ده معناه نخسره."

وفي لحظة، انفجر ضوء أبيض غمر الغرفة.

صمت.

ثم هدأت العاصفة.

في المنتصف… كان آدم، نائمًا بسلام،
عائدًا إلى جسده… وعيناه عادت إلى لونهما الطبيعي.

لكنه كان وحده.

اختفى عمر.
واختفت مريم.

الفصل السادس: النجمتان

كبر آدم وحيدًا.
أخذه الجيران إلى ملجأ للأيتام، لا يعلم أحد من هو، أو من أين أتى.

كان دائمًا صامتًا، ينظر إلى السماء، وكأنّه ينتظر أحدًا.

وفي كل ليلة، عندما ينام الأطفال،
كان يخرج إلى ساحة الملجأ،
ينظر إلى نجمتين في السماء… متلاصقتين… لامعتين بشدة.

ويهمس:
"ماما… بابا… أنا فاكر."

وبينما الكل يظنه نائمًا…
كان يتحدث إلى شخص ما في أحلامه.

شخص اسمه: إسلام.

الفصل السابع: نهضة ضياء

فتح آدم عينيه على سقف رمادي،
أصوات بكاء خافت، وخطوات صلبة على بلاط بارد.

كان في ملجأ أيتام.
لكنه لم يكن كأي طفل آخر.

دايمًا عنده إحساس إنه مختلف.
أسئلته أكبر من سنه…
وحلمه المتكرر كان عن رجل وامرأة بيضحكوا وبيبكوا في نفس اللحظة.

ولما كمل 9 سنين، أخد قراره.

هرب.

خرج في الليل، وساب الملجأ وراه زي ظل بيتلاشى.
عاش في الشوارع، بين الرصيف والبرد،
نام جنب أكوام الكرتون،
وأكل من بقايا المطاعم.

بس كان دايمًا عنده إحساس إن كل ده له غاية.

كبر آدم، وبقى عنده 17 سنة.
شعره طويل، وعينيه مليانة بحث.

وفي يوم، وهو ماشي في زقاق مظلم،
سمع همسة:
"مالكش ضل… بس في ظل مستنيك."

وظهر قدامه ظل متحرك.
كائن من الضباب، له شكل إنسان، لكن ماشي على الأرض من غير صوت.

آدم جري… لكن الظل لحقه، واتحد معاه.

من اللحظة دي، بدأ يسمع صوت تاني جواه.
صوت بيحاول يسيطر عليه.
كل يوم، يصحى يلاقي كتابات على الحيطان حواليه:

> "أنا لا أُرى في النور، لكني أسبقك كل يوم."
"اكسر الصمت فتخسرني… احفظني فتربح نفسك."



كانت ألغاز.

كل لغز بيحلّه، كان بيحس إن الظل بيضعف.
وكان يعرف إن عليه يحل سبعة ألغاز، محفورين في أماكن مهجورة:

واحد على كبينة تليفون قديمة.

واحد في محطة قطار مهجورة.

واحد تحت كوبري مهجور… وهكذا.


كل مرة يحل لغز، يظهر حرف من كلمة كان ناسيها:
"فداء".


---

في اللغز الرابع، قابل شاب غريب اسمه إسلام.
نفس سنه، لكن مختلف… ساكت، عينه حادة، بيحل الرموز كأنها لعبة.

ساعده في اللغزين الرابع والخامس،
وبقى بينهم صداقة عميقة… زي إخوات.

وكان دايمًا يقول له:
"أنا ملقتش بيت… بس يمكن نخلص الطريق سوا."

وبينما هما بيكملوا،
هاجمهم الظل من جديد، وحاصرهم في نفق مظلم.

قال للاثنين:
"لو حلّيت اللغز السابع… هتموت زيهم."

آدم كان مرعوب…
لكن إسلام دفعه برّه الدائرة وقال له:

"تعالى لي أنا… هو لسه عنده ضوء."

وانفجر النفق بنور أسود،
واختفى إسلام،
وساب وراه قلادة… محفور عليها حرف E.

آدم وقع على ركبته…
بس النور خرج من القلادة،
وساعده يفهم اللغز السابع:

> "اللي بتدور عليه… هو اللي بيشوفك."



وهنا فهم آدم…
اللي بيهرب منه هو نفسه.

وقف، وقال:
"أنا مش ههرب تاني.
أنا مش خايف من اللي جوايا."

وفجأة…
الظل انفصل عنه،
واختفى زي دخان في الهواء.


الفصل الثامن: سيدة المرايا

بعد اختفاء الظل،
وأثناء سيره في أحد الشوارع،
وجد مراية كبيرة مرمية على الأرض…
لكنها ما كانتش مراية عادية.

قرب منها… وشاف فيها صورة بنت جميلة،
قالت له:
"مش نفسك… أنا حقيقتك."

ولما حاول يبعد…
انشقت المراية، وخرجت منها سيدة طويلة بلا وجه، شعرها بيتطاير،
بدأت تحاصره بصور من الماضي:

موت أمه وأبوه.

دماء.

صوت بيقول: "كل ده بسببك."


آدم صرخ:
"دي مش حياتي!
دي مش حقيقتي!"

وفي لحظة، المراية اتكسرت،
وخرج نور من قلبه،
طرد كل شيء.

وعرف ساعتها…
إن فيه جواه قوة قديمة… مش بس للنجاة، بل للتغيير.


الفصل التاسع: اللقاء المنتظر

في أحد الأيام،
كان قاعد قدام سور مدرسة قديمة،
تعبان، مرهق، ضايع.

فجأة، شاف اتنين خارجين من باب المدرسة.

راجل وست.

ضحكتهم مألوفة.

الست قالت للراجل:
"مش تسيبك من المقالب؟"

الراجل ضحك وقال:
"دي وراثة… ابننا أكيد بيعمل أكتر!"

آدم وقف.
عينه دمعت.

قال بصوت مبحوح:
"ماما؟ بابا؟"

الاثنين بصّوا له،
وقبل ما يتكلم، جريوا عليه وحضنوه.

قالوا بصوت واحد:
"كنا بندور عليك سنين!"

عرف وقتها إنهم نجوا…
وإنهم اتفرقوا عنه وقت المعركة، لكن الملجأ أخذه دون علمهم.

وعاشوا سوا من تاني.
ضحكوا.
رجع عمر يقلد صوت الفرخة،
ومريم كانت بتزعق زي زمان.
وآدم… كان بيضحك من قلبه لأول مرة.


---

الفصل العاشر: قلعة السر الأخير

استيقظ آدم في صباح هادئ… أكثر هدوءًا من المعتاد.
لكن شيئًا ما كان ناقصًا.

نادى بصوت خافت:
"ماما؟ بابا؟"

لم يرد أحد.

دار في المنزل كله…
غرفة تلو الأخرى…
ولا أثر لهما.

اختفيا… وكأنهما لم يكونا هنا أبدًا.

في المساء، جلس صامتًا وسط الصالة.
حاول يلهي نفسه بأي شيء…
لكنه شعر بأن البيت "فاضي" بشكل مش طبيعي.
كأن جدرانه نفسها نسيت من يسكنها.

اقترب من رف الكتب القديم في غرفة والده…
وبينما كان يفتحه،
سقطت ورقة مهترئة بين صفحات كتاب جلدي غامق.

فتحها…
وكان مكتوب بخط عمر:
"إذا اختفينا مجددًا، فاذهب إلى زقاق النسيان."

وبمجرد ما قرأها،
ظهرت بوابة سحرية قدامه، وسط الغرفة.

خرجت منها امرأة منهكة… لكن واقفة بثبات.

كانت مريم.

قال بدهشة:
"ماما؟!"

أمسكت بيده، وقالت:
"اسمعني كويس… اللي حصل النهاردة حصل قبل كده. لما كنت صغير، أنا وباباك اختفينا ليوم كامل. وقتها ظهر وحش في الزقاق، عمل حاجة في جسم والدك… لكن قبل ما يكمل، ضربته بكل قوتي… فاختفى. لما والدك اختفى تاني النهاردة، قلبي قال لي إن نفس الشيء رجع."

نظرت له بعينين فيها صدق وخوف،
وقالت:
"لازم نفتح البوابة… بس نحتاج كتاب السحر."

هز رأسه بحزم:
"يلا نبدأ."

الفصل الحادي عشر: سبعة مفاتيح

ذهبا سويًا إلى المدينة القديمة،
للمكتبة اللي كانت تحتفظ بنسخة كتاب السحر.

لكن الرف كان خاليًا.

سألوا أمين المكتبة…
لكن قال لهم إن الكتاب اختفى من سنين.

بدأوا رحلة عبر مدن مهجورة،
أماكن سحرية، مهجورة من زمن،
وبينما يتنقلان، قابلا ساحرًا غريب الشكل… وجهه مغطى بقناع خشبي.

قال لهم:
"الكتاب لا يُهدى… بل يُكتشف. عليكم أن تحلوا سبعة ألغاز، كل واحد في مكان مختلف… كل واحد مفتاح لحقيقة غائبة."

بدأت سلسلة تحديات…
كل لغز يكشف جزء من أنفسهم:

الخوف

الشجاعة

الندم

الذكرى

الكذب

الوحدة

والاختيار


كل لغز كان يختبرهم…
ويجعلهم أقرب إلى الحقيقة.

بعد آخر لغز، ظهرت خريطة سحرية في السماء،
تشير إلى مغارة عميقة وسط جبل.

في أعماقها…
كان الكتاب محفوظًا داخل ضوء أزرق بارد.

أخذوه…
لكن عندما عادوا إلى مكان الساحر،
وجدوا الأرض خالية.
لا ساحر… ولا بيت.

جلسا في صمت.
حتى بدأت القلادة التي يحملها آدم،
والمحفور عليها حرف E،
تضيء بشدة.

خرج منها ضوء… وورقة مضيئة.
كانت الصفحة الناقصة.

صرخت مريم:
"إسلام! الصفحة دي بتتكلم عنه!"

الفصل الثاني عشر: المعركة الأخيرة

باستخدام الصفحة،
فتحوا بوابة كبيرة من الضوء،
وانتقلوا لأرض رمادية باهتة، فيها ميدان فسيح.

وفي منتصفه…
كان إسلام،
واقف لوحده، يحارب وحش ضخم…
كله ظلال، وعيونه مليانة حزن.

قالت مريم وهي تراقب:
"ده راوي الليل… كائن الندم والذكريات المنسية."

ركض آدم للانضمام للمعركة،
ضرب بالسيف، لكن الوحش لم يتأثر.

قالت مريم:
"مش هيتأذى بالقوة… لازم نواجهه بكلماتنا."

بدأ إسلام يتكلم بصوت مهتز:

"أنا كنت وحيد…
كنت أنام جوعان، وماحدش بيسأل عني…
اتمنيت مرة بس ألاقي حضن أرجع له."

بدأ الوحش يهتز.

قال آدم:
"أنا كمان… كنت طفل بيتضرب…
بس علموني أقف على رجلي لوحدي."

قالت مريم:
"أنا بنت اتربت في بيت خوف…
بس قاومت، وبقيت أم… وقدرت أحب من غير ما أكره."

صرخ الوحش بصوت يتفجر:
"أنا كنت إنسان…
لكن لما ماحدش سمعني… اتحولت لوحش!"

وانهار وسط دوامة من الذكريات،
واختفى.


---

ظهرت قلعة ضخمة من خلفه.
أمامها حارس عملاق،
يحمل مطرقة حجرية… اسمه حارس القلعة.

دخل الثلاثة في معركة عنيفة.
أصيب إسلام في ساقه.
صرخ:
"كمل أنت يا آدم!"

أمسك آدم السيف السحري،
وقفز على الوحش،
ضربه بقوة في قلبه.

وقع الحارس…
وسقط صوته في الأرض كأن الأرض تنفّست.


---

دخلوا القلعة.
في قلبها…
جهاز غريب…
يحتجز جسد عمر، ساكن لا يتحرك.

فتحوا كتاب السحر.
ظهرت رسالة:

> "لن تفتحوا الجهاز… إلا إذا هزمتم الماضي."



ظهر باب خلفي،
دخلوا ممر مظلم.

وفي نهايته…
كان هناك وحش أخير:
مرآة الماضي.



كانت مريم.

قال بدهشة:
"ماما؟!"

أمسكت بيده، وقالت:
"اسمعني كويس… اللي حصل النهاردة حصل قبل كده. لما كنت صغير، أنا وباباك اختفينا ليوم كامل. وقتها ظهر وحش في الزقاق، عمل حاجة في جسم والدك… لكن قبل ما يكمل، ضربته بكل قوتي… فاختفى. لما والدك اختفى تاني النهاردة، قلبي قال لي إن نفس الشيء رجع."

نظرت له بعينين فيها صدق وخوف،
وقالت:
"لازم نفتح البوابة… بس نحتاج كتاب السحر."

هز رأسه بحزم:
"يلا نبدأ."

الفصل الثالث عشر: مرآة الماضي

وقف الوحش الأخير أمامهم.
لم يكن صاخبًا أو مرعبًا كالباقي.
كان صامتًا… يشبه إنسانًا، لكن من زجاج داكن،
وفي صدره… مرآة كبيرة تعكس كل من ينظر إليها.

قال بصوت منخفض، لكنه يصل للقلب:
"إن أردتم تحريره…
فحرروا أنفسكم أولًا."

تقدّمت مريم أولًا.
اقتربت من المرآة،
وظهرت فيها صورتها وهي طفلة…
والدها يضربها،
تجلس في ركن الغرفة تبكي،
والدم على خدها.

جسدها بدأ يرتعش،
لكنها قالت بصوت ثابت:
"أنا مش الطفلة الضعيفة دي.
أنا مريم… اللي عاشت رغم كل شيء.
أنا سامحت، مش علشانهم…
لكن علشان أعيش."

اختفت الصورة…
وانطفأ نصف المرآة.

ثم دخل آدم.
ظهرت صور الملجأ،
الضرب، الجوع،
الشتا البارد وهو نايم على الأرض.

لكن الصوت اللي جواه قال:
"أنت ضحية… مش هتنجو أبدًا."

رد آدم وهو يدمع:
"أنا مش ضحية…
أنا ناجي.
أنا آدم… ابن عمر ومريم…
ابن الحب، مش الألم."

اختفت الصور.
وانطفأ جزء آخر من المرآة.

تقدّم إسلام…
لكن المرآة لم تعكس شيئًا.

فقط ظلام.
سواد تام.

قال بصوت مرتجف:
"أنا… أنا مش فاكر أنا مين.
ولا أعرف ليه كنت لوحدي.
ولا أعرف حتى لو حد حبني قبل كده."

ثم سكت، ونظر إليهم، وقال:
"بس أنا حبيتكم…
وأنا جزء من القصة دي… حتى لو بدأت متأخر."

ولأول مرة، ظهر وجهه الحقيقي في المرآة…
طفل صغير بيضحك، وحوله أصدقاء.
ثم تكسّرت المرآة بالكامل.

الوحش صرخ:
"لاااااااااا!"
ثم اختفى كالدخان…
وأضاءت القلعة كلها بنور أبيض.

الفصل الرابع عشر: عودة عمر

عادوا إلى الغرفة الرئيسية.
الجهاز اللي فيه عمر بدأ يهتز.
المؤشرات تتحرك…
والضوء يكبر.

ثم فجأة…
انفتح الجهاز.
وخرج عمر…
ضعيف، متعب، لكن حي.

قال وهو يلهث:
"البوابة… هتقفل… لازم نمشي بسرعة!"

ركضوا جميعًا للخارج.
وصلوا للبوابة الأخيرة.

لكن قبل أن يعبروا،
توقفت مريم فجأة.

قالت:
"إسلام؟!"

التفتوا كلهم…
لكن إسلام لم يكن هناك.
ولا القلعة.

كأنها لم تكن موجودة أصلًا.

الفصل الخامس عشر: لا أحد يُنسى

عادوا لحياتهم،
لكن آدم لم ينسَ.

كان كلما نظر إلى القلادة المحفور عليها حرف E،
يبتسم،
ويهمس لنفسه:
"مش هنسى… حتى لو الدنيا كلها نسيته."

وفي ليلة صافية،
رفع عينه للسماء،
فرأى نجمين ساطعين جنب بعض.

ضحك، وقال:
"زي ماما وبابا… وهم بيتخانقوا،
ويضحكوا،
ويقولوا لي: قوم من على الكنبة قبل ما تقع."

ثم تمتم:
"وإنت كمان يا إسلام…
مش هتكون ظل تاني.
هتكون نور في طريقي."



THE END



انتظرو المزيد من القصص الأخري⁦ ⁦.
1 Votes

Leave a Comment

Comments

Write and publish your own books and novels NOW, From Here.