جثة تفجر كارثة

تواري ضياء الصباح في عتمة الليل الحالك حيث الغموض والأسرار لتختبيء وراء الستار الليلي الغامض أسرار خفية لا يعلمها الإ رب البرية .
حي عين شمس ... هذا الحي الذي يضج بالزحام وتلاصق البيوت والعقارات ليحمل دفء بيوت مصرية لا تزال تضع للجيران مكانة عالية والمقولة السائدة الدارجة : " ده النبي وصي علي سابع جار " ؛ ليصبح للفرح والحزن دائما مشاركة بين الجيران فهم أقرب لبعضهم البعض من الأهل أو الأحباب.
بيت مصري أصيل يعيش بين جنباته أب وأم وأبن مراهق يحمل من الاعوام ما هو أدني من العشرين ؛ قرة عين علي أعتاب المرحلة الدراسية الثانوية ؛ أي يعيش أجمل أيام عمره الصغير دون عناء تفكير وتدبير ألتزامات  ومسئولية.
أهلت الأجازة الدراسية لمنتصف العام الدراسي وأعدت الأسرة الصغيرة عدتها لترتحل لترتمي بأشتياق بين أحضان الاحباب من الأقارب في إحدي المحافظات ؛ ولكن الأبن رفض السفر مع الأب والأم وتشبث برأيه ككافة المراهقين من هذا الجيل وعدم ارتباطهم الأسري بحضور المناسبات أو الأقبال علي الزيارات للأقارب والأحباب.
وسافر الأب والأم وقلوبهم معلقة بأبنهم العنيد وأوصوه وصايا عديدة بأن يعتني بنفسه ويحافظ عليها .
ثلاثة أيام تعاقبت بعد سفرهما ليشق ضجيج الأتصال من الجيران مجلسهما مع الأحباب ؛ أتصال في هيئة أستغاثة بأنبعاث رائحة كريهة مصدرها ما وراء الباب ؛ وعندما أتصل الوالدان بأبنهما اضطربت دقات قلوبهما لعدم جدوي الأتصال والأطمئنان فهاتفه مغلق وتصاعدت أضطرابات الأعصاب عندما ذكر الجيران بأنهم لم يروا الأبن أعتقادا بأنه سافر معهما من عدة أيام ؛ هلع الأثنان رعبا وتوجها في الحال للشقة الصغيرة يتفقدون ما سبب الأختفاء ومصدر تلك الرائحة الكريهة أعتقادا بنفوق قطة تسللت دون أنتباه.
وكانت الأم أول من تدافعت صاعدة الدرج ليطمئن قلبها علي قرة عينها؛ وهالها ما رأت وهي تفتش منادية أسمه لتزداد الرائحة قوة والشك يتحول إلي يقين بحدوث مكروه للمسكين..
وهلعت العيون في محاجرها من هول ما رأت وصدمت ... جثة قرة العين في حالة تحلل علي فراشه الوثير لتسقط الأم بعد وصلة صراخ مغشيا عليها ليعقبها الأب في سقوطه مغشيا أيضا عليه؛ صدمة وأبتلاء أسأل الله أن لا يتذوقه أيا من كان من بني الأنسان.
وتدافعت التريندات كسياط تجلد اجساد الوالدين وتدافعت الألسنة لتلوك بتحليلهم المؤكد لحد اليقين بأن أهمال جسيم وتدافعت الألسنة بأوجه مثل الدعاء بالحسبنة والويل للأثنان من العذاب جراء الأهمال ؛ ولا أحد يلتفت للصاعقة التي دمرت أفئدة الأم والأب  المكلومة لفقدان الغفلة للأبن الحبيب؛ وتصاعدت السياط علي هيئة ألسنة بالويل للوالدين من عقاب الله لهما لتركهما فلذة كبدهما ؛ وتحولت الانامل لمدافع متعددة الطلقات تنهش لحوم الوالدين كضباع خسيسة تتغذي علي الجيفة؛ أتهامات الأهمال تلاحقهما في كل مكان ؛ ومنهم من أنحرف بالتأويلات بأن موت الغفلة في الصغار والشباب هي من احدي العلامات الكبري لأقتراب يوم الحساب وهي حقيقة فشواهد كثيرة تتحقق من تلك العلامات ولكن السؤال هل تلك العلامة وضعت في موضعها الصحيح لهذا الحدث المهيب ؛ أتعجب من أناس يطلقون الأتهامات والأدعاءات دون تحقق أو برهان .
لتكشف لنا الأيام وجه الحقيقة المفزع عندما أمرت الأجهزة الأمنية متمثلة في النيابة العامة بتحليل الجثة المتحللة والتي تدل معالمها بان الفقيد قد توفي من ايام عدة قبل أكتشاف الجثة ... وهنا يا سادة أدعوكم لظبط الأنفاس ولمن لديه قلب ضعيف يتنحي عن استكمال قراءة التفاصيل!!! فلقد أثبت تقرير الطب الشرعي أن سبب الوفاة ليست وفاة طبيعية وبأنه قد اختاره ربه وان هذا موعده؛ ولكنها كانت وفاة بسبب جرعة زائدة من مخدر الآيس!!! أحد أخطر الكيماويات التي طالما تم التحذير منه ومخاطره العديدة علي خلايا المخ والجهاز العصبي للمتعاطي لمثل تلك النوعية من السموم .
فما هو مخدر الآيس وما مكوناته وتأثيره؟
الأيس" هو شكل من أشكال المخدرات قوية التأثير، يشار إليه أيضًا باسم shabu أو Crystal أو meth crystal أو d-meth والأيس هو أنقى وأقوى أشكال منشط الميثامفيتامين، والذي يأتي كمسحوق أو بلورات يتم شمها أو حقنها أو تدخينها.
ماذا يحدث في الجسم عند تناول مخدر الأيس؟الساعة الأولى ..يبدأ مفعول المخدر في الظهور بعد مرور نحو 20 دقيقة من تعاطيه، يقول المتعاطون إن لديهم الكثير من الطاقة ويمكنهم من التفكير بوضوح، ويشعرون بأن بإمكانهم إتخاذ قرارات جيدة والتخطيط بفعالية، وذلك لأنه يزيد بشكل كبير من مستويات هرمون الدوبامين بما يصل إلى 1000 ضعف المستوى الطبيعي وهو هرمون يدفع للسعي وراء الهدف والسعادة ؛ بعد مرور حوالي 60 دقيقة يحدث زيادة في معدل ضربات القلب ؛عدم القدرة على التنفس بشكل طبيعي ؛ أنخفاض الشهية ؛زيادة الرغبة الجنسية إلى حد كبير يصعب السيطرة عليها.
اليوم الثاني:
تستمر التأثيرات عادةً ما بين أربع ساعات و 12 ساعة، في اليوم الثاني بعد التعاطي على الرغم من أنه يمكن اكتشاف الميثامفيتامين في الدم والبول حتى بعد 72 ساعة من تعاطيه.
ما تأثير هذا المخدر على جسم متعاطيه؟ وفقًا لموقعي "abc health"، "alcohol and drug foundation".
بعد أن تتلاشى آثار المخدر سوف يعاني الشخص المتعاطي بعدد من الآثار الجانبية لمدة تصل إلى 24 ساعة، ومنها:
الآثار العضوية:
صداع شديد ؛عدم قدرة على التركيز ؛ الشعور بالجوع ؛ رؤية ضبابية
الآثار النفسية:
الأرق لمدة يومين بعد تناول المخدر ؛صعوبة في اتخاذ القرارات ؛ الاكتئاب ؛ القلق الشديد ؛الرغبة في الانعزال والوحدة ؛الاستمرار في تناول الجرعات ؛ وبمجرد تناول جرعة واحدة يصبح الجسم في حاجة إلى جرعات أخرى متتالية ولكن تقل المتعة مع زيادة عدد الجرعات، وكذلك تزداد حدة الأعراض المتمثلة في التالي:
أرتفاع درجة حرارة الجسم ؛ زيادة معدل ضربات القلب
جفاف الفم ؛ الغثيان ؛ فقدان أو زيادة كبيرة في الوزن ؛ العصبية المفرطة.
المضاعفات:
قد تزداد حدة المضاعفات سريعًا ويمكنها أن تصل إلى حد السكتات الدماغية، وذلك وفقًا لكمية المخدر وعدد مرات التعاطي، ومن أبرز المضاعفات ؛العدوانية والرغبة في الشجار والقتال ؛ إيذاء النفس ؛ نوبات ذهانية ؛ نوبات صرع شديدة.
تقول أستاذ مشارك في المعهد الوطني لبحوث المخدرات، أن مخدر الأيس من أقوى أنواع المخدرات، حيث يسهل إدمانه، وكذلك تتسم الأعراض الانسحابية له بأنها أقوى من أي مخدر آخر، لذلك مراحل العلاج تكون في غاية الصعوبة، إلا أن السيطرة على متعاطيه تكون صعبة كذلك لأن المخدر يمنحه قوة جسمانية كبيرة ويستطيع إيذاء نفسه ومن حوله.
ومما سبق يتضح لنا خطورة هذا المخدر ولكن السؤال ما الذي دفع هذا الشاب المراهق الصغير إلي تعاطي هذا المخدر ؟ هل بسبب الضغوط النفسية التي يمارسها الأمهات والآباء علي اطفالهم والمتمثلة في الأجبار علي تكديس عقولهم بالمناهج الدراسية والتي بالرغم من تطويرها بما يتواكب مع الأساليب الحديثة إلا أن المعلمين غير مؤهلين لأستيعاب الطرق الحديثة فالمناهج وتحفيز التلاميذ والطلاب علي البحث واكتشاف طرق للتعلم بأنفسهم ؛ أصبح لهاث الأهل لألحاق ابناءهم بالدروس الخصوصية لعدم فقدان الأبناء والبنات الدرجات وجشع المعلمات والمعلمين في إجبارهم علي تلقي الدروس الخصوصية بأرقام فلكية ؛ وكأن النجاح مرادفه الدرجات العالية دون الحرص علي تلاقي الابناء العلم بطريقة مفيدة وأن يكون التعليم هو استثمار حقيقي في الأطفال من نعومة أظفارهم حتي منتهي مراحل التعليم ؛ هل عاني هذا الشاب الصغير من ضغوط لتحصيل العلم أم لأسباب آخري كالمعاناة من تنمر أو خلافات زوجية بين الوالدين؟ أما بسبب أصابته بالأحباط واليأس من كثرة الحديث بصيغة التشاؤم عن التوقعات للأحداث المستقبلية  ؛ لماذا يهرب الصغار من وحوش ضغوط نفسية تطاردهم ليرتمون في أحضان تدخين السجائر أو إدمان المخدرات.  
ما هو سر هذا الشاب صاحب الجسد المتحلل من جراء تاثير جرعة مخدرة؟!! قد تكشفها لنا الأيام او يختصها الرحمن كغيبيات لن نعلمها الا بأذنه وحده وقتما يشاء... يا الله علي مرارة الأيام في الأفواه لتصبح كالعلقم فتزداد ... أسأل الله اللطف بنا وبأبنائنا وبناتنا وأن يكفينا وأياهم شر كل ما هو خفي ... اللهم يا خفي الأقدار نجنا مما نخاف.
بقلم المهندسة / رشا سالم 

 



مشاركة:
فيسبوك تويتر بنترست واتساب لينكدان

0 تعليقات

اكتب تعليق

مقالات متعلقة

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.