🌊ساحل الغدر🌊

 وداع حار بمطار القاهرة لم يكن يعلم أيا منهما أن هذا هو الوداع الأخير.. ؛ سافرت الأم لأبنها البكر والذي يعمل بالأراضي السعودية راسلا لها دعوة زيارة بغرض زيارة بيت الله الحرام والحج ؛ لتودع قرة عينها الطبيب " أسامة" أبنها الأصغر ذو الثلاثين عاما والذي يعمل طبيب بقسم ابحاث معهد ناصر للعظام ويملك عيادة بالشراكة مع صديق عمره بالساحل التابع لحي شبرا حيث مسكنه ونشأته به .

حيث عرف عنه حسن الخلق والدماثة وحب الخير للجميع؛ كان الحبيبان الأم الملبية لدعوة الله لزيارة بيته الحرام وقرة العين يتواصلان هاتفيا حتي يوم الثالث من شهر يونيو لعام ٢٠٢٣ أي قبل ما يقرب شهر من وقفة عيد الأضحي المبارك لم يهمس القدر بآذانهما بأنها المكالمة الأخيرة بينهما وان الأذن لن تطرب بالحديث فيما بينهما مرة آخري .

وفي اليوم التالي حضر الطبيب " أسامة " إلي عمله بمعهد ناصر حتي جاءه إتصال هاتفي باستغاثة للكشف علي مريض لا يستطيع النزول للكشف فتوجه للعنوان مسرعا بعدما تقدم بالسماح له  بالأذن لمدة نصف ساعة وخرج ملبيا لنداء المريض المتألم ؛ ليتألم عليه شعب مصر بأكمله حيث أختفي الطبيب " أسامة" وأغلق هاتفه في وجه الأم المشتاقة لوليدها وتتوالي الأيام وكل أهل المنطقة والأقارب تبحث عن الطبيب الشاب لتسرع الأم ملهوفة لمعرفة ما آل إليه مصير أبنها الحبيب المختفي وبين دقات قلب ترتعد خوفا من مصير مجهول وبين أمل بتلطف الله بها بالوصول إلي قرة العين ؛ ولكن انقضت ثواني الأختفاء كأنها سنوات فما بالكم بخمسة أيام أختفاء كأنها دهور ؛ لتهوي القوي خائرة من كثرة البحث دون جدوي ؛ فتلجأ الأم لأبلاغ السلطات الأمنية عن أختفاء قرة عينها ؛ لتنطلق السلطات بتقنيات البحث الجنائي الحديثة وتفريغ كاميرات المراقبة التي سهلت الكثير لفك طلاسم وغموض العديد من الجرائم وبلاغات الأختفاء ؛ وتم تعقب الطبيب المختفي منذ خروجه من مقر عمله ووجد أنه قد تم ادخاله إلي العيادة الخاصة به ولم يخرج منها وذلك كأخر رصد له قبل أختفاؤه؛ وأقتحمت جهات التحقيق العيادة للبحث عن الطبيب المختفي ليفاجئوا بشيء مذهل لا يصدقه عقل ؛ عند البحث عن الطبيب بأرجاء غرف العيادة ليلاحظ أحد ضباط البحث الجنائي بوجود أرضية أحدي الغرف تحت التأسيس بالعيادة المستقبلية بها بساط مفترش عليها أثار الريبة لديه وأسرع بألتقاط طرفه ليري ما يخفيه أسفله وازداد شكا في وجود أختلاف في الأرضية وكأنها تم أضافتها ليستدعي القوة المعاونة لإزاحة  بلاطات الأرضية المريبة لتتفجر مفاجاة أذهلت الجميع .

أنبعثت رائحة كريهة للغاية وبخبرة أفراد البحث الجنائي ضباطا كانوا أو أفراد أو قوة معاونة ترجمت الجزيئات المكونة لتلك الرائحة المنبعثة بعقولهم ما ينتظرهم بعد ما تم ازاحة طبقة أسمنتية تم تسويتها حديثا وتختلف عن الطبقة الآخري المكملة للأرضية ؛ وبالرغم من ذلك تجمدت مقلات العيون داخل محاجرها ذهولا لوجود جثة مشوهة الملامح ؛ ولم يسمح الذهول للعقول الخبيرة بالفطنة بأن تلك الجثة المشوهة هي جثة الطبيب المختفي وبالرغم من بشاعة مصيره إلا أن رائحة الجثة الكريهة لم تكن فقط مجرد رائحة تعفن لجثة متوفي ولكنها عفن الغدر والخيانة ؛ فالأجساد تبلي بعد الموت لتنهشها ديدان الأرض التي خلق منها بني الأنسان لكن هناك ديدان من نوع آخر في هيئة بشرية تتغذي وتنبت أجسادها من خصال الخيانة والغدر ؛ وكان هناك تساؤلات أشهرها من غدر به بعيادة الساحل والتي كانت تنتظر أن تحتضن الطبيب المغدور به وشريكه ومرضاهما بالمستقبل ليخففا الالامهما ؟!!!؛ ولكن الطبيب القتيل كان أول من أحتضنت أرضية الغرفة الآلامه وجثته المغدور بها ؛ ومع سرعة دراسة علاقات الطبيب المجني عليه وآخر اتصال تم أستقباله علي هاتفه ؛ وكانت الفجيعة للأم عند أخبارها بالحضور للتعرف علي ما تبقي من جثة وليدها الشاب وكم كانت لحظة جفت فيها مقلاتي عيون الأم لتتفجر عيون قلبها المعذب لتقطر دما ؛ ودارت الأيام قليلة متعاقبة لتظهر حقيقة الفجيعة وهو أنه تم الغدر من صديق عمره " أحمد شحته " بالاتفاق مع ممرض ولمرورهما بضائقة مالية فلقد تم زج الفكرة من محامية ترتبط بعلاقة ما بصديق عمره ونظرا لأن المجني عليه معروف عنه يسر حاله وأغداق فضل الله عليه بالأموال بالحلال آثار طمع الثلاثة فيه وتم أقتياده بحجة الكشف علي مريض متألم رقيق الحال بعنوان يستأجره الممرض وهناك تم تخديره يقال عن طريق دس مخدر بمشروب تحية لعطف الطبيب وعندما أغشي عليه تم تقييد حريته فجرا بمحبسه بالعيادة التي هي تحت التأسيس خوفا من عيون الناس وكشف المستور ؛ ونظرا لأن الممرض كان مساعد لطبيب تخدير فلذلك كانت الخطة أن يقوم بتخديره لأطول وقت ممكن علي أمل  أحتجاز المجني عليه وطلب فدية تقدر بمئة ألف دولار ليغترف الشياطين الثلاثة من تلك الثروة فداءا لروح المجني عليه من ذوويه ؛ ودب الخوف والرعب في قلوب الشياطين أن يستفيق المجني عليه لذلك فتفتق لأذهان الشياطين الثلاثة الفكرة الشيطانية أن يتم زج مخدر كلي بأوردة القتيل ثلاث  مرات وتم تقييد أطرافه لفترة طويلة ومنع عنه أي شراب أو طعام ليومين كامليين لتصعد الروح إلي بارئها أعتراضا علي الأستمرار في جلد روح القتيل بسياط الغدر حتي وأن كان مخدرا ومغشيا عليه ؛ وفوجيء الشياطين الثلاثة بذلك ليتفتق للأذهان الشيطانية أن يتم دفن الجثة ليواري الأسمنت والرمال ثراه طيب السمعة ودمث الأخلاق الطبيب " أسامة " ليصبح أسمه مثار حديث مصر بأكملها وترقب الشعب لمصيره إلي أن تم الكشف بأنه قد قتل بخسة وندالة تغلفها خصال الخدر والخيانة .

قد تطوي الأيام والأشهر والسنوات حوادث عدة وتطوي معها أسماء ضحايا كثر للغدر والخيانة وتستشري داخل النفوس فجور لتمحي بذور التقوي وتمنعها من النمو داخل النفوس ؛ بكت قلوب المصريين حزنا علي مصير الطبيب القتيل وأدعو الله أن لا نفجع بحوادث غدر آخري  لتتقطع نياط القلوب حزنا لتشيع مع القتلي والمغدروين روح التقوي داخل النفوس وخشية الله والخوف لحد الرعب من غضبه وعذابه.

بقلم / رشا سالم



مشاركة:
فيسبوك تويتر بنترست واتساب لينكدان

0 تعليقات

اكتب تعليق

مقالات متعلقة

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.