هي أول عمل أدبي يكتبه هربرت جورج ويلز. نُشرت الرواية في سلسلة من « آلة الزمن »
وكانت قد نُشرت قبل ،« نيو ريفيو » الأجزاء من عام ١٨٩٤ إلى عام ١٨٩٥ في صحيفة
ثم نشرتها أخيرًا دار ،« ذا ساينس سكول جورنال » ذلك بنحو عشرة أعوام في صحيفة
عام ١٨٩٥ . نمّت ردود فعل النقاد إزاء الرواية عن تباين وحيرة، لكن لم « هاينمان » نشر
يلبث إتش جي ويلز أن حاز إعجاب جوزيف كونراد عن جدارة، وازدراء الطبقة العليا
ممثلة في فيرجينيا وولف، فضلًا عن أنه أصبح أحد الأصوات البارزة التي تخاطب جميع
جزيرة الدكتور » و « حرب العوالم » القراء في عصره. أصبحت آلة الزمن شأنها شأن روايتي
أيقونة في القرن العشرين، واستُخدمت قصتها مرارًا في إنتاج الأعمال السينمائية « مورو
والتليفزيونية والإذاعية، وأيضًا استُغلت في العديد من السرقات الفكرية والأعمال المحاكية
لستيفن باكستر، ١٩٩٥ — وهي تتمَّة « سفن الزمن » والنسخ المنقحة، ومن أبرزها رواية
« آلة الفضاء » وحاصلة على تصريح من مؤسسة ويلز استيت — ورواية « آلة الزمن » لرواية
إلى « المسافر عبر الزمن » لكريستوفر بريست ( ١٩٧٦ ) التي ينقل فيها بريست ببراعة
من خلال « حرب العوالم » كوكب المريخ ليكتشف الاستعدادات التي كانت تجري من أجل
المقتضبة على « آلة الزمن » إدخال تعديلات على تقديرات ويلز الزمكانية، لكن تظل رواية
نحو يثير الدهشة ( ٣٢٠٠٠ كلمة) رائعة ومشوقة وحافلة بالأحداث والغموض، نُسجت
خيوطها بالبراعة التي ابتكرت بها آلة الزمن نفسها.
الإطار الذي تدور فيه أحداث الرواية هو المفضل في العصرين الفيكتوري والإدواردي؛
الغنَّاء إلا على « ريتشموند » حفل عشاء للعزَّاب. ولا يرد تعريف لضيوف العشاء في مدينة
أنهم مهنيُّون مخضرمون (بعكس الشاب المكافح إتش جي ويلز!)؛ فمن بينهم المحرر
والصحفي والطبيب، وجميعهم على استعداد لسماع قصة طويلة. وتتناقضمظاهر الترف
—ممثلة في كئوسالشمبانيا الفضية زنبقية الشكل، والخدم المتوارين عن الأنظار، وأضواء
الشموع التي لا حصرلها — مع الأنباء التي يسوقها صديقهم القديم، وهنا ينتهي مناخ
الألفة. إنها ليست قصة عن الأشباح ولا عن الأماكن التي يعمها ظلام الجهل ولم تصلها
الحضارة بعد. العالم الآخر في هذه الحالة هو زمنٌ أصبحت الحضارة فيه جزءًا من الماضي
بغير رجعة. « البُعد الرابع » أودى بها
الذي لن يرد ذكر — « المسافر عبر الزمن » ملخص القصة بسيط وجريء. يطرح
هل » اسمه أبدًا—علىضيوفه في حفل العشاء الأول بعضالأفكار الجديدة المحيرة. فسؤاله
يعيد «؟ يمكن أن يكون هناك وجود حقيقي لمكعب لا يدوم لأي فترة زمنية على الإطلاق
« الأرض المسطحة: قصة خيالية متعددة الأبعاد » إلى الأذهان الفكرة المطروحة في رواية
(إدوين أبوت، ١٨٨٤ )، ويستوقف المحادثة التي تدور على العشاء، لكن لا يزال هناك
نموذجًا لآلة ستحمله إلى المستقبل أو الماضي، وهي « المسافر عبر الزمن » المزيد. يُخرِج
لعبة متقنة الصنع من العاج والبرونز والكوارتز الشفاف، يجعلها تختفي لتظهر من
جديد، فيسود التوتر والدهشة بين الحضور حتى إنهم يعجزون عن التفكير في الأمر.
عن حفل العشاء التالي عندما يجتمع ضيوفه، ثم ينضم إليهم « المسافر عبر الزمن » يتغيب
بعد فترة وهو يسير متعثرًا وشاحبًا وهزيلًا، يحدق مرتاعًا، وقد تخللت بعض أوراق
الأشجار شعره، وعلت وجهه بعض الندوب غير المندملة؛ فقد عاد لتوه من رحلته الأولى
على متن آلة الزمن، ومن ثم يحكي عن زيارته إلى المستقبل البعيد لوادي نهر التيمز نحو
عام ٨٠٠٠٠٠ ميلادية؛ وهي الرحلة التي كان لها امتداد بلغ قرابة ثلاثين مليون عام. أما
فلا يحضره إلا راوي القصة (غير معروف الاسم « المسافر عبر الزمن » اللقاء الثالث مع
بشرح كل شيء على الغداء، ثم يختفي بضع دقائق في « المسافر عبر الزمن » أيضًا). ويَعِد
مختبره …
سلَّط الفيلمان السينمائيان المأخوذان عن الرواية (اللذان أطُلق فيهما العنان للحبكة
،« المورلوك » و « الإيلوي » بين جنسي « المسافر عبر الزمن » الدرامية) الضوء على مغامرات
« ريتشموند » مع أن عنصر المغامرة في القصة الأصلية مستخدَم بقلة. لا تبدو مدينة
المسافر عبر » في عام ٨٠٠٧٠١ بعد الميلاد غريبة كليٍّا لوقت طويل، فسرعان ما يحلل
نفسه مشهد الحديقة الخاوية التي تتناثر في أرجائها تماثيل محيرة ويسكنها « الزمن
لكن من الواضح ،« التفوق » و « التقدم » جنس من الأقزام وسيمي الطلعة — يُفترضفيهم
أنهم ليسوا كذلك — على أنه النتيجة المنطقية للاتجاهات السائدة في مجتمعه وزمنه هو
الشبيهون بالأطفال هم المتحولون عن نبلاء العصر الفيكتوري؛ « الإيلوي » نفسه. جنس
يسترخون في منازلهم الفسيحة الفخمة، ويتصرفون بتكاسل غير مبرر، ويتغذون على ثمار
الدفيئات، ويزركشون أنفسهم بأزهار دفيئات بديعة. انتقل كل ما يتسم بوضاعة القدر
الذين « المورلوك » وكل ما يؤدي عملًا — منذ دهور — إلى عالم تحت الأرض يكدح فيه
الدافع من وراء عملهم، « المورلوك » تدهوروا بالقدر نفسه لكن على نحو مختلف. نسي
فقد نسوا أنهم حكموا العالم يومًا. « الإيلوي » بلا وعي، أما « الإيلوي » وعُنُوا كالنمل بآلات
يمكن القول إن ويلز لم يكن قد تحول إلى الاشتراكية بعد عندما فكَّر في قصته. كان ويلز
الابن النابغ لوالدين يشتغلان بالخدمة في المنازل، متخوفًا من فرصه المحدودة، ينظر إلى
بقدر مماثل من التهكم، لكنه بلا شك لم يوظف الأهوال التي تحدث بين « الجنسين » كلا
بين الجنسين اللذين تفرعا « حرب » في التنفيس. لا مجال لنشوب « الإيلوي » و « المورلوك »
المسافر » من الجنس البشري. بعضالحماقات العبثية فقط هي التي تثير الأزمة، وتدفع
نحو الشاطئ المتداعي الأخير الذي يشهد آخر أيام الحياة على الأرض. « عبر الزمن
دون أن «! لو أن لدي رفيقًا » :« سادة الزمن » يصيح أول واحد يظهر في الرواية من
ومرشدته في هذا العالم « الإيلوي » تلك المرأة الصغيرة من جنس — « وينا » ينتبه إلى أن
الغريب — قد وقعت في غرامه. عندما أعدتُ قراءة القصة لكتابة هذه المقدمة، وجدت
« تارديس » لا تبدو آلة الزمن «… سيكون لك هذا يا دكتور، سيكون لك هذا » : نفسيأتمتم
مركبة ذات طراز خاص، علاوة على — « دكتور هو » — في المسلسل التليفزيوني الشهير
لا يفقد اتصاله قط برفيقته في ظل الظروف « الدكتور » ليس بشرًا، لكن « سيد الزمن » أن
الصعبة التي يواجهها. غير أنه يصعب إغفال العلاقة بين الفكرة التي طرحها إتش جي
ويلز وبين مسلسل الخيال العلمي الأكثر شهرة في إنجلترا، ولعل هذا ميراث كافٍ لأي عمل
كلاسيكي.
فكرة وجود إطار رباعي الأبعاد يمكن من خلاله التوصل إلى » يحكي ويلز أنه أدرك
عبر جمعية المناظرات داخل ما أصبح يعرف بعد ذلك « فهم جديد للظواهر الفيزيائية
في لندن. قوبل بحثه في هذا الشأن بالرفض بوصفه مبهمًا، « إمبريال كوليدج » بجامعة
لكنه أمدَّه بالأساس الذي بنى عليه أولى قصص الخيال العلمي التي كتبها؛ الأمر الذي
كان له أثر هائل على هذا اللون الأدبي الوليد. تكتنف المغامرةَ النظرةُ التشاؤمية الويلزية،
فضلًا عن اختطاف أفكار داروين لتوظيفها في النقد الاجتماعي. حتى التثبُّت (الروائي)
أمر محل شك، بالإشارة إلى الخدعة السحرية التي انطوى « المسافر عبر الزمن » من قصة
عليها اختفاء الآلة الأول، وإلى تلميحات أخرى تدفعنا إلى تأجيل تصديقنا للقصة أو عدم
تصديقنا لها. مؤكد أن شباب العصر الفيكتوري واسعي الاطلاع أدركوا أن الإشارة إلى
العاج — الداخل في تصنيع آلة الزمن — يستحضرفي الأذهان فكرة الأحلام الزائفة. لكن
تعليق القطع بصدق القصة أو كذبها هو إحدى قواعد اللعبة، وتظل اللعبة بالضبط كما
فهو يحكي ؛« المسافر عبر الزمن » يصفها الراوي عندما يحلل تأثير الحكاية التي يرويها
قصة مذهلة يصعب تصديقها وبأسلوب متَّزن جدير بالتصديق يبث في الحاضرين الرغبة
في سماعها وربما التعلم منها