tafrabooks

شارك على مواقع التواصل

ظهور الصبح الجديد من بدايته

تتمدد ألوان الحياة لتغطى على كل جزء من الكوكب، تظل كل ما فيه بظلال الخوف و الحرية، لكى جعله يغطى الكون كله، ويحجب أي لون غيره.
أفقت في سيارة الإسعاف ،حاولت الوقوف على ساقى لكنى لم استطع ،رقدت بالسرير مرة أخرى ،تذكرت أبنائي أية وعمار ، كل ما أعلم عنهم أنى بعثت بهم في المركبة قبل الأخيرة ، أتيت بعدهم بأيام قلية إلى هذا الكوكب ،لكنى لم أجدهما ،بحثت عنهما كثيرا في كل جزء في المستعمرات الثلاث ، لقد أرغمتهما للسفر إلى هذا الكوكب ،بعدما استشعرت الخطر الذى سوف يلحق بنا عند انفجار الأرض .بعثتهما مع أمهما إلى هنا . لا أعرف هل وهبت لهم الحياة أم أرسلتهم إلى الموت ، النظرات الأخيرة إليهم تلحقني وخصوصا وجه أية الذى يفوق القمر ،وجه عمار الذى تفوح من وجهه نضرة الشباب التي تشبه نضرة الشمس ،اتذكر زوجتي جميلة التي كانت تنتظر قدومي إليهم ، صورهم تبدو في ذهني ولا تخرج منه ابدا ، تاهوا عن عيني . وجوههم تطاردني ،تأتى ثم تغيب تأخذ منى كل الوقت ثم تنثره مع الرياح ، ابتعد كلا منها عن الآخر ، ألوم نفسى : ضيعت أولادي وزوجتي بخطأ منى .
لن أنس اليوم الذى تعرفت عليه فيه عندما قابلتها لأول مرة مع صديقتها سما التي تعمل معنا في قسم الطاقة المتجددة ،كانت سما تحاول أن تتقرب منى دائما ، لم أجد بها الفتاة التي تستحق حبى ولا قلبي مع جمالها الفتان ، عندما رأيت جميلة طّيّرت من عيني النوم ،أخذت الوقت وضيعته على عينه ، أدمنت نظرات عينيها ، تقربت منها ،حاولت أشد نظراتها إلى ، أخذت نظرات عيني ،حاولت سما أن تمطرني بآيات الحب ،تغزل الود فوق رأسي ، تأخذ عقلي إلى عالمها ، تدعوني إلى منزلها عدة مرات ،لم تكن تلميحات ،دعتني إلى منزلها بحجة الاحتفال بعيد ميلادها ،ذهبت إليها ولكن عندما دخلت شقتها ،لم أجد أحدا ، هممت بالمغادرة ، لولا أنى فوجئت بدخول جميلة علينا ربما كانت تعرف ما تنوى عليه ، غزلت كثيرا من معاطف الحب لكى تجذبني ،لكنى لم أنجذب إليها بسهولة .
أخذت جميلة كل تفكيري ،طلبتها للزواج بعد أن تبادلنا الحديث معنا وتعرفت على كل خطواتها ، تزوجنا انجبت آية وعمار كانا لي مقلة عيني ،تجنبت كل الاغراءات التي عرضتها على سما ،حتى سقطتُ من بالها ونسيتني إلى حين .
الآن بعد أن فقدت أبنائي وزوجتي ،دارت ساقية الأيام مرة أخرى ، ظهرت سما بجمالها الأنثوي الفاتن الذى لا استطيع أن أنكره أبدا ،نظرات الشوق التي كانت تنظر بها إلىّ ،هزتني بقوة ،عينها المتلهفات إلى الحب ،تلميحاتها العديد ،نوياها الدفينة في كل مرة ، كلما تنظر إلىّ أتذكر زوجتي حتى عندما كانت تبحث عنها معي ،لم استطع أن أتقبلها ،لكن الأيام تغير الأمور ،الوحدة التي كنت أعيشها أدت بي إلى الوقوع في فخها ،تطلب منى المكوث كل الوقت معها تحاول أن تخفف عنى آلام البعاد التي كنت أحس بها وتؤكد لي دائما أنى سوف أجدهما ،تؤجج نار الحب في قلبي ،اعترفت أنها تحبني ،تصاعد لهيب حبها بداخلي ،صدقت أنها تريد أن تساعدني في إيجاد زوجتي ،تقربها ونظراتها أذابت الجليد بيننا ،في هذا الوقت أحسست بانجذاب تجاهها ،قاومت الاحساس ولكن وجودها بقربى جعل حبها يتأجج بداخلي مثل البركان الهائج ،ضعفتُ في أحدى اللحظات ،بادلتها الشعور ،قربتها منى بشدة أمسكت يدها ،قربت من وجهها ،أمالت بخدها على يدى ،قالت بصوت خافت :
ــ أنا أحلم بهذا من اليوم الذى تقابلنا فيه ،كنت أريد ألمس يدك ،تكون بقربى .
نظرت إلى أسفل فترة من الوقت، ثم استطردت:
ـــ أريد أن استظل بهذا الظل الذى يحميني من العالم الذى حولي .
لم أتكلم لفترة ،تركت نظراتي لها تتكلم بعد لحظات الصمت ،سألتها :
ــ آلم يكن بينك وبين الدكتور شاهر نائب الحاكم أعجابا متبادلا ؟
ــ لا توجد علاقة بيننا، أفعل ذلك لكى تغار علىِّ، كل ما أردته أن تنظر لي بنظرة خاصة.
أريد أن تعرف أنى نسيت هذا الموضوع ولن أتحدث فيه ثانية، قلت:
ـــ لن نتكلم في هذا الموضوع كثيرا ما حدث قد حدث سوف نبدأ من اليوم من جديد نحاول أن نبدأ فترة مختلفة.
ـــ أنا ملكك هذا اليوم الذى كنت أحلم أن أعيشه معك .
نظرة إلى بنظرة ،غبتُ فيها عن وعيٍّ ،تركت العالم الذى حولي ،غابت الأضواء عن عيني ،ضمت يدى بين يدها ،أمسكت يدها بقوة ،تحركت معي دون أن تحس ،دخلنا إلى منزلي ،لم تتكلم لم تبدى اية اعتراض ، لم تعص لي أمرى ،جلسنا في حجرة الجلوس قليلا على الكرسي الملون باللون الأحمر ،الملتصق بسطح الكوكب ،حتى إذا انخفضت جاذبية الكوكب ،لا يتحرك الكرسي لأن الكوكب ،يأخذ جاذبيته من كمية الحديد المسالة بطريقة خاصة الموضوعة في باطن الكوكب ،أعد العديد قبل أن نبدأ في الحياة عليها ،حتى نستطيع التحرك على الكوكب بسهولة بدون التأثر بانخفاض الجاذبية على الكوكب ..حتى استطعنا التحرك بسهولة على سطح الكوكب ،تمكنا من صناعة أثاث خاصة ، يتكيف مع الجاذبية القليلة ،جلست بجوارها على الكرسي ،نظرتْ في عيني ،نظرتُ في عينها ،لمبات الإضاءة تلمع في عينانا ،التصقتْ بي .التصقتُ بها ،انسابتْ معي ،قبلتني ،بادلتها نفس الشعور لمستُ كل جزء من جسدها ،لمستْ كل جسدي ،وقفتُ سريعا ،قلت :
ـــ أكره أن أعمل هذه الأشياء.
ــ نحن لم نفعل شيئا .
جلستُ مرة أخرى وتملكتني الشهوة بادلتها نفس الإحساس ،صعدنا السلم وحدة تلو الأخرى إلى حجرة النوم ،ألقيت بها على السرير . كان هذا أول لقاء بيننا ، زادت نار الشهوة بيننا ،تعددت اللقاءات بيننا ، كانت سما ملاذي الأخير في هذه الحياة التي أعيشها ،نسيت بها زوجتي وأبنائي اللذين فقدتهم ،ظننت أن سما هي الملجأ الخاص بي في حياتي ،الهدية من الخالق .
ذهبت ذاكرتي سريعا إلى اليوم الذى قابلتها عند الدكتور شاهر ،قبل أن يكون رئيسا للمستعمرة لم يكن موقفا عاديا ،كانت ملتصقة به ،تتكلم معه كزهرة في بستانه وتريد أن يقطفها ،بهذه الطريقة المثيرة وهي تسند على كتفه بيدها ،كيف نسيت هذه اللحظة التي لا تنسى ؟ كيف نسيتها كل هذه المدة الزمنية ؟هل هي تقلبات الحياة وأعباءها ،أم هي الحياة الوردية التي أعيشها معها ،لكن هذه المشهد مطبوع في ذاكرتي ،يأتي إلى كأنه يحدث الآن أراها وهي تدخل مكتبه وتقول :
ــ أريد شيئا آخر يا دكتور .
نظر إليها في ودّ، كأنهما فرعان يخرجن من نفس الغصن في الشجرة، قال :
ـــ شكرا يا زهرتي الجميلة .
اللّقطة التي لا تغيب من مخيلتي ، وهي تربط شعرها وقميصها وهي في مكتبه. ذهبت إليه كان المسئول الأول عن المستعمرة في حكم الدكتور ممدوح، كنت أخبره عن الحوادث التي تحدث في المستعمرة من اختفاء بعض المقربين، قال :
ـــ لا تشغل ذهنك كثيرا بهذه الحوادث يا دكتور ، نحن مستعمرة من ضمن ثلاث مستعمرات أخرى على الكوكب ، يبدو أنهم ذهبوا إلى أحدى المستعمرات الأخرى ربما أرادوا أن يكسبوا أكثر ،أنت تعرف أن مستعمرة الأغنياء بالقرب ،وتحتاج العلماء لتأمينها .
لم يأت في مخيلتي أن أسأله عن زيارة سما له ،لكنه برر ذلك دون سؤال ،أنها كانت تخبره أن جارا لها أختفي وهي تريد أن تعرف مكانه .لم أشغل بالى كثيرا بما قاله لي ،تركته سريعا ،خرجت حانقاً عليها من هذا الموقف ،تحلل جسدي من مشاعر الحزن والغيرة التي أحسست بها ، بينما لم تول اهتماما بمشاعري أو ما بدر منها .. كأنها لم تفل شيء ،لا أريد أن أرها ،لكن لا أعرف كيف نسيت ؟

لا يظهر الإنسان بوجهه الحقيقة في كثير من الأحيان لكنه يتخفى حول قناعا يفعله بنفسه .
حاولت أن أتتبع أمر الفارين من المستعمرة ، لأعرف لماذا يهربون ،كان الدكتور ممدوح حاكما للمستعمرة الذى انتخب بعد الدكتور نير ،يبذل الكثير من الجهد لتوفير سبل الحياة الكريمة المستقرة ،حتى بعد أن أقيل من الحكم ، استطعت أن أعرف منه من غادر حديثا أنه الدكتور فوزى رئيس الأطباء في مستشفى المستعمرة الرئيسي وزوجته الدكتور سميحة أعرفهما جيدا أتيا معي من الأرض على أحد الرحلات إلى المستعمرة على المركبة الفضائية ، ذهبت إلى صديقي الدكتور نادر يعمل معي في هيئة الطاقة وصديقهما الشخصي فهو يعرفهما جيدا ،يعملان معا في مستشفى المستعمرة ، سألته عن سبب مغادرتهم ،خاف الإجابة عن السؤال في بدء الأمر ،قال :
ـــ لا أعرف عنهما شيئا هما أصدقاء مثلك تماما، لا أعرف كل تفاصيل حياتهم.
الخوف مثل الموت إذا تملك من حياة الإنسان يؤدى بها للهلاك يجعله ينسى قيمته في الحياة ينظر في كل الاتجاهات ولا يرى الطريق السليم ، نظرت إلى عينه عرفت أنه خائفا من شيئا ما وسألته مرة أخرى :
ــ هل تخفي عنى شيئا.
أومأ برأسه بالرفض ، أحسست بالارتباك في كلماته ،ذهبت إلى منزله لم يخبرني بما حدث ، بعد لحظات من الصمت ، نظر إلى ،قال :
ـــ هيا نخرج لنأكل في المطعم .
و نحن في الطريق تحدث بما يخفيه في مخيلته ، قال :
ـــ أخاف أن يسمعنا أحد في هذا المكان .
ـــ لا تخاف.
ـــ يبدو أن صديقك العزيز شاهر يرهب أصحاب الكفاءات الخاصة بالمستعمرة ،ذهب إليهم في المستشفى ،يطلب منا أجهزة التنفس الخاصة المتطورة التي صنعها الدكتور فوزي ،لكى يقوم بحفظها في بيت الدولة للمخترعات حتى لا تضيع .
ـــ كلنا نحفظ أبحاثنا في بيت الدولة .
ــ هو لم يفعل لقد باع الاختراع إلى أحد الأطباء في مستعمرة الأغنياء وذلك بكميات كبيرة من عملات الطاقة ، هى العملة المستخدمة في الكوكب .
الدهشة الجمت لساني ،الكلمات أمسكت برقبتي، خنقتني ،لا يستطيع الكلام ، تمتمت :
ـــ كيف عرفت هذا .
ـــ بعد يومين من استلامه الاختراع من الدكتور فوزى ، عرض عليه كميات كبيرة من عملات الطاقة لكى يبيعه له ،عندما رفض خطف ابنه الأكبر ،رضخ الدكتور فوزى لتهديده ،لكنه طلب الآذن بالخروج من المستعمرة والذهاب إلى مستعمرة الأغنياء ، وافق شاهر ، لكن فوزى لم يذهب إلى مستعمرات الاغنياء ، ولم يأخذ كوبونات الطاقة .
سألته في دهشة :
ـــ أين ذهب ؟
ــــ يا دكتور ذهب إلى المستعمرة الصينية ؟
تعجبت من رده على سؤلي همست في نفسى :
ـــ لا أحد يسكن بها بعد الفيروس القاتل الذى انتشر في أرجاء المستعمرة ، وقضى على كل من فيها .
ـــ عرف كلمة السر، ففتح أبوابها وقام بتعقيمها والقضاء على الفيروس الموجود بها.
ـــ لم يحاول أحد من قبل ذلك ! كيف تمكن من ذلك ؟
ـــ لم يكن وحده بل أنضم إليه الدكتور نصحى وتلاميذه والدكتور وجدى و تلاميذه ،أنت تعرفهم جيدا قاموا بالتدريس لك في كلية العلوم أنت تعرف أنهم سبقونا إلى هنا .
ـــ كيف أصل إليهم.
ـــ لا أعرف ولكن الدكتور فوزى قبل أن يخرج من الكوكب ،أخبرني أنه سوف يرشح نفسه في الانتخابات المقبلة ،لكى يرأس المستعمرة كلها ، حاول معي كي أذهب معه ،لكنى رفضت طلبه بعدما حاول إغرائي كثيرا بكل الطرق .
سألته في دهشة :
ـــ هل تعرف عنه شيء ، يا نادر ؟
ــ كل أخبارهم تلاشت ، لم أسمع شيئا عنهم بعدما رحلوا.
الوساوس تأكل في صدري كأنها غرست سكينا حادا في القلب ولم تتركه إلا بعدما قطعته إلى أجزاء متساوية ، عرفت بعض الاشياء عن شاهر لكنى أريد أن أعرف الحقيقة كلها ، تركت نادر ، ذهبت لكى أسأل عنه صديقي نعيم فهو كان يعمل معه في الخارجية في أول حياته ، قصة على قصته كلها ، أخبرني بكل ما حدث معه على سطح الارض .



الحياة عبارة عن سلسلة ، تتشابه في معظم الاحيان ، كل جزء من هذه السلسلة متشابه مع الآخر تقريبا .
قص لي قصته كاملة، قال :
ـــ سأحكى القصة من بدايتها، عندما كان في الجامعة، طلب من والده أن يستدين، ففعل أبوه ما يريده لأنه كان إنسانا بسيطا مكافحا ويحب ابنه .
كان والده يعمل نجارا في أحد محلات الأثاث في محلات البركة للموبيليات ، كان أمهر العمال حتى أصبح رئيسا للنجارين ، أستطاع أن يفتح ورشة صغيرة لتصنيع الأثاث ،أجتهد ،صابر حتى اصبحت الورشة مصنعا صغيرا للأثاث ، يأتي الناس إليه من كل مكان من المناطق المجاورة ، تربى شاهر في الورشة الصغيرة حتى تخرج من كلية الاقتصاد والعلوم والسياسية .
تعرف على ليليان بنت صاحب أكبر مصنع للسيراميك في البلاد ، أقنعته أن يلتحق بوزارة الخارجية بعد التخرج ،طلب من والده ذلك ،رفض الأب طلبه ولكن مع إلحاحه المتواصل ، أضطر أن يقبل ، حاول أن يساعده أضطر أن يذهب إلى نائب الدائرة التي يسكن فيها الحاج عبد العليم ،لعله يستطيع أن يساعده في الدخول ، قدم والد شاهر له العديد من الخدمات سابقا عندما رشح نفسه عضوا للبرلمان عن الدائرة التي يسكن بها . كان يده اليمن عندما خاض معركة الانتخابات ، عندما قابله وعده الحاج بأنه سوف يساعده في تنفيذ ما طلبه حتى يتخلص من إلحاحه .
تقدم شاهر بأوراقه وأطمئن على نجاحه ، وعد ليليان بذلك أراد أن يتقدم لخطبتها أولا ، طلبت منه ألا يأتي إليها إلا بعد الالتحاق بالعمل في الخارجية ، ظهرت النتيجة ورسب شاهر في الاختبار لم يظهر أسمه في الناجحين .
عاد إلى والده ليخبره بما حدث ،طلب منه أن يذهب إلى الحج عبد العليم ،تتجدد الحياة ربما تعود إلى حالتها السابقة تزدهر في فترة ثم تسقط كل ما فيها من زهو ، تصبح جامدة خاملة ثم تجدد مرة أخرى وتصبح مزدهرة رقيقة، عندما قابله أقنعه أنه فعل ما يستطيع مع نائب الوزير المختص ، لكنه يعلم أن بعض المسئولين يأخذوا من المتقدمين مبلغا من المال ،حتى يدخل المتقدم إلى الخارجية حتى بدون اختبار ،سأله والده :
ـــ هل أستطيع الوصول إلى هذا الرجل يا سيدى ؟
ـــ نعم تستطيع أن تصل إليه سوف أحدد لك مقابلة معه .
ذهب والده إليه وقابله، بعد أن انتهت المقابلة، رجع إلى منزله بوجه عابس مكتئب لم يتفوه بكلمة لأحد، حتى عندما سأل:
ـــ ماذا حدث ؟
لم يتكلم إلا بعد يومين من الصمت ،بدأ يفصح عن بعض الآلام التي وجهها في هذه المقابلة ، بعد أن تعافي من لدغة الثعبان ،جلس مع ابنه ، قال :
ـــ هذا الرجل طلب مبلغا كبيرا.
ــــ كم طلب ؟
ـــ حوالى ثلاثمائة ألف جنيه تقريبا هذا مبلغ كبير .
ـــ هل عرفت الرجل الذى سوف يأخذها ؟
ـــ يؤكد أنه مدير التعيينات في الوزارة ، فهو يتحكم في الوزارة كأنها ملكه الخاص .
ـــ هل معك هذا المبلغ ؟
ـــ ليس معي المبلغ كاملا .
رأى وجهه الغاضب الذى يثير المشاعر ،يقلب الليل ويغوص في ظلامه بعد فترة من الوقت ، استطرد :
ـــ أكد لي أنه يمكن أن تتقدم السنة القادمة مرة أخرى .
ظهرت على وجهه علامات البهجة، ثم واصل كلماته:
ـــ تستطيع أن تتقدم السنة القادمة.

في المنزل خففت والدته من حزنه الشديد أكدت له : أنها سوف تجاهد حتى توفر له المبلغ الذى يريده ليتقدم بأوراقه ، أخبر ليليان ملكة جمال الجامعة بما حدث ، أختارها بعناية بحث عن أهلها ، أكد له أصدقائه أنه سوف يستفيد من أموالها ومن جمالها وعلاقات والدها الكثير .
بعد وقت طلبت منه التقدم للزواج ،أراد أن يتقدم من الآن ،رفضت ، أكدت له أن والداها لن يقبله إلا بعد الالتحاق بالعمل في الخارجية في السنة القادمة ، تعرض والده لأزمة مالية كبيرة بعدما طلب منه أحد النجارين كمية كبيرة من الأثاث ثم أعتذر عن أخذها لآن المستثمر الذى طلبها منه سافر إلى الخارج ،تبقت كمية الأثاث التي صنعت في المصنع ،خسر الأب مبلغا كبيرا لأنه لم يجد أحدا ليشتريها ، عندما أتى موعد تقديم الأوراق باعها والداه بثمن بخس تبقى الكثير من المبلغ المطلوب ، أدى إلى بيع نصف المصنع الذى يمتلكه ،لكى يأتي بالمبلغ المطلوب لكى يدفعها ابنه ،ليتقدم بالأوراق ، جلب شاهر الأوراق ونجح في كل الاختبارات ،جاءت النتيجة بالقبول في الخارجية ،كان أول عمل له سفارة لندن ،وكانت هذه النقلة الأولى في حياته .
طالبته ليليان بالتقدم لخطبتها ، ذهب إلى والدها لكى يطلبها منه ، رفض والده طلبه ، ليس معه المال الكافي للزواج بعد المبلغ الكبير الذى دفعه لكى يعمل في وزارة الخارجية ، ولكنه استطاع أن يقنع والداه بالذهاب إلى والداها ، أكد له أنه سوف بكون اتفق فقط ، لن يدفع شيء ،وافق بسبب الحاحه الشديد ذهب الأب إلى منزل ليليان ،عندما رأى القصر ،حاول أن يرجع مرة أخري ولكنه لم يستطع ، عندما تقابل مع أبوها طلب الأب مبلغا كبيرا للشبكة ،أضطر أبوه أن يبيع نصف المصنع الآخر ،أعطى المال لابنه شاهر ليتزوج ، أخذ المال ، عندما أحتاج أبوه أن يزوج ابنته، ذهب له ليطلب المال ، لكن شاهر تلكأ حتى في مقابلة والده ، يعرف لماذا أتى ،عندما طلب منه اقراضه مالا ،رفض بحجة أنه يمر بضائقة مالية كبيرة ويحتاج إلى المال في عمله .
اتبع كل الطرق التي تأتى إليه بمال ، تختلف الطرق بعضها وبعض ،هناك طرق يظن من يمشى فيها أنه وعرة ،لكنها في الحقيقة سهلة ، ويستطيع أن تسلكها بسهولة ،وطرق تظنها سهلة وهي في الحقيقة مختلفة عن ذلك ، سلك كل المسالك لكى يستولى على المال ،جمعه بكل الطرق المشروعة والغير مشروعة ، ولم يشبع أبدا ،استطاع أن يكون شبكة قوية من الاصدقاء. أخذ أموال ليليان بعد موت والدها ،ثم تركها بلا مأوى .
رؤسائه يعلمون كل شيئا عنه ،لكنهم لا يستطيعون إيقافه عن العمل ،بعدما حقق بعض النجاح فيه ، بعد أن كشف بعض شبكات التجسس في البلد ، أصبحت معارفه كبيرة ، استطاع معرفة كل المعلومات عن مستعمرات الفضاء التي تقيمها بعض الدولة التي عمل بها ، نقلها إلينا ،تعلم كل شيء عن الفضاء، أخذ الدكتور في علاقات السياسة بالفضاء ، استطاع أن يكون سائقا لمركبة فضائية ، عرف كل أسراره ، كان عليهم نقله إلى عمل بعيدا عن كل المعاملات المالية ،لذلك استدعوه ليكون رئيسا للهيئة العامة للفضاء ، هي هيئة مهملة في مجتمعنا .
أجتهد شاهر كثيرا من أجل أن يجعل الهيئة أكبر الهيئات ففي البلاد ، بعد أن أهملت فترة من الزمن مثلها مثل باقي الهيئات المختلفة ، جلب أفضل المهندسين المتخصصين في البلاد الأخرى بماله الخاصة ففي بعض الأحيان ليثبت كفاءته أو من بعض البلاد التي انهارت فيه الهيئة بسبب المواجهات والخلافات التي حدثت بين أبناء البلد نفسها ، أو بسبب البلاد التي دمرت فيها هذه الهيئة مثل العراق وإيران ،هؤلاء رسموا له خطة جيدة للتقدم في هذا المجال ،وخطط سابقة لاكتشاف مجموعات نجمية جديدة .


الحل ففي السماء ،النظر إلى الكواكب أو حتى مجموعة نجمية غير مجموعتنا الشمسية ، ربما إذا انفجر كوكبا ، نستطيع اختراق طبقات السماء والذهاب إلى نجم جديد .
يحاول الجميع البحث عن كوكب لنعيد فيه الحياة ،بعد أن دمروا الأرض بكل ما فيه من مميزات للعيش ،بحثوا بحثا مضنيا ، لكى يستطيعوا أن يختاروا الكوكب الذى يستطيعوا فيه صنعة مستعمرة للحياة ، وتحديد المكان المناسب لعمل هذه المدينة ، بحثوا ففي 109 كوكبا ، حتى تمكنوا من اختيار هذا الكوكب لأن له أربع أقمار تدور حوله ،لأن به نسبة كبيرة من الماء اللازم للحياة ، نستطيع ببعض الطرق البسيطة تكوين بحار فيه ومحيطات ، جوه يشبه الأرض ، يوجد حوله غلاف غازي يمتلئ بثاني أكسيد الكربون من الممكن تحويله إلى أكسجين ،باستخدام التحليل الكهربائي لثاني أكسيد الكربون .
كانت مقابلتي الأولى به عندما كنت رئيس هيئة الطاقة البديلة وطلبني في مكتبه ، لم أعره انتباها لم أذهب إليه ،بعث إلى سما ، قابلها لكى يستطيع أن يتقرب منى ، حاولت سما إقناعي بمقابلته ،كنت أرفض الفكرة ولكن الإلحاح الشديد منها جعلني أقبل هذا ،طلبت أن أقابله في مكان بعيد عن العمل ، قابلته في مطعم في وسط البلد ،سألته :
ـــ ماذا تريد من عالم للطاقة البديلة في الفضاء ؟
ـــ يا دكتور أنت تعرف أننا نبنى مدينة جديدة في الفضاء في الكوكب الأحمر في المجموعة الشمسية الرابعة ،نريد أن نوفر له الطاقة الازمة للعيش عليه .
الكلمات الجميلة التي توحى بنقاء القلب وسلامة السريرة ،ووضوح المعنى ، التي تؤثر في الإنسان عند يسمعها الإنسان كانت المقدمة ، لكى يستطيع تمهيد الأجواء بين الناس بعضها البعض .
لم أكن أعرف أين هذا الكوكب بالضبط، ظننت أنه كوكب ليس به غلاف غازي يحيط به ، لم أرد أن أعرف شيئا عن الكوكب ،قلت :
ــ سوف أفكر في ما أفعله . في المكتب .
طلبت منه ما يعرفه عن شاهر وما يفعله في هيئة الفضاء، سألت سما:
ـــ هل هناك غلاف غازي يحيط بالكوكب ؟
ــ نعم يوجد غلاف غازي .. تزيد فيه ثاني أكسيد الكربون . ويوجد ماء عليه ولكن بطريقة متجمدة .
أعجبتني الفكرة دارت في ذهني فكرة تكوين مستعمرة جديدة جعلتني في حيرة من أمرى ،أريد أن أعرف كل شيء عنها ، جعلني هذا أن أذهب إليه في مكانه ، رأيته بوجه الممتلئ قليلا وشعره المجعد وبطنه البارزة قليلا ، أبيض متوسط الطول ، جلست أمامه وهو يجلس على مكتبه ،قال :
ـــ لماذا لا تهتم بالمشروع ؟
ـــ أنا لا أبالغ في ما أعمله ، يا دكتور نحن دولة لم نذهب إلى القمر إلا في وقت قريب .
ـــ يا دكتور هؤلاء أفضل العلماء على مستوى العالم في مجال الفضاء ، قاموا بالعديد من التجارب حول السفر إلى الفضاء الخارجي ، قاموا بالعديد من المحاولات لصناعة مستعمرات في كواكب مختلفة ، قابلتهم بعض المصاعب ، في النهاية تمكنوا من تحديد الكوكب الذى يمكن أقامت مستعمرة عليه ، أعدوا كل الحسابات لصناعة المستعمرة فوق سطح ذلك الكوكب .
كلماتها جعلتني أفكر في المشروع غسلت ذهني من شوائبه التي علقت به ، تم تنقيته من العوالق الغير مرغوب ، جعلته صالح لتقبل الأمر ، ثم أخذني معها إلى عالم الخيال عندما ،أكد أنهم ذهبوا في محاولات عديدة إلى كواكب مختلفة ،لاختيار أفضلها لم يجدوا أفضل منه ، قلت :
ـــ يجب أن أسافر إلى الكوكب ،لكى استطيع أن أعرف مدى جدوى هذه الفكرة ،هل نستطيع تنفيذ مستعمرة فوقها أم لا .
لذلك قرر أن يصطحبن في أقرب رحلة له إلى الفضاء الخارجية ، بعد اللقاء بأسبوع تقريبا ،ذهبت إلى المركبة الفضائية ، فتحت باب المركبة ،انطلقت في الفضاء أحسست أنه أتوبيس للمواصلات العامة هذا هو الاحساس الذى أحسسته بعد ركوبها ، لم تأخذ الرحلة فترة كبيرة بالرغم من كل اللذين أكدوا لي أنه سوف تحتاج حوالى سنة على الأقل ،لكنها لم تأخذ أكثر من ستة أيام فقط ، بل درست الكوكب المختار بإتقان عرفت أنه يمكن تكوين الطاقة من المكونات الموجودة على الكوكب ، لم يكن ما شاهدته تخيلات في بالى بل كانت أشياء حقيقية أشاهدها لأول مرة ، سألت نفسى :
ـــ لماذا يصنع الإنسان مدن في الفضاء تتكلف ملايين الجنيهات على اختراعات لا طائل منها ، ماذا يحدث لو انفجرت الشمس قد يتأثر هذا الكوكب بهذا الانفجار قد يؤدى إلى اصطدامه بكوكب آخر غيره ، أو امتصاص الاشعة الناتجة عن الانفجار ويؤدى إلى تغير مناخه وكمية الطاقة المتولدة منه ،ربما تؤدى إلى تقارب الكوكب إلى كوكب أخر ، يؤثر في مناخه ، يجذبه إلى مداره ،ويصبحا توأمان متشابهين أو تؤدى الطاقة إلى انشطاره ،يصبح أجزاء تتناثر في الفضاء الجوي .
الفكرة الاساسية هي استغلال كل المكونات الموجودة في الكوكب ، استطعنا تطوير الخلايا الشمسية ،وتحويلها لكى تمتص الغازات المختلفة في الغلاف الغازي للكوكب ،وتحولها إلى طاقة يستخدمها الإنسان ،كنا نعمل على تطوير الغلاف المحيط بالكوكب إلى غلاف غازي ،يستطيع أن يحمى الكوكب من الغازات الضارة ،كذلك من الاجرام السماوية ، استطعنا أن نمولها بالغازات بالنسبة المتشابهة للموجود للغلاف الأرضي .
بعد محاولات عديدة قمنا بزارعة بعض المحاصيل الموجود على سطح الأرض ، محاولات العديدة أدت إلى زراعة بعض النباتات المفيدة لغذاء الإنسان ، حققت العديد من النجاحات العديدة في خطوات تمهيد الكوكب للحياة .
تم تعيني رئيس محولات الطاقة قبل أن تأتى الدكتور منال مديرتي في العمل عندما أتت تركت لها المنصب ، أصبحت نائباً لها ،كنت أقوم بالعديد من الاعمال ، لكنى صبرت وجاهدت حتى أستطيع تنفيذها جميعا ، حتى أنه عندما رأى الاعمال التي نفذنها على الكوكب تعجب ، سأل :
ـــ كيف أستطيع أن تقوم بكل هذه الاعمال .
ـــ ما أكثر العقول الموجودة في بلادنا وما أكثر العقول المخزنة التي لا تجد عملا ولا تجد من يستغلها .
بعد فترة من الزمن عرضنا المشروع على رئيس الوزراء أعجبه المشروع ، لم يكن يتخيل أبدا أن ينجح شاهر في هذا العمل ، سأل من حوله:
ـــ كيف أستطاع أن ينجح في هذه المكان المهمل ،كان تعينه هناك أساسا لكى نبعده عن أية أعمال مهمة داخل البلاد .
رد عليه أحدهم :
ــ استخدم الطريقة العملية ،وضع كل شخص في مكانه ، على حسب تخصصه ماذا يستطيع أن يعمل .

حققنا العديد من النجاحات التي جعلت كل الناس تتكلم عن المشروع ، أمر نائبه في دارسة المشروع بتمعن ومعرفة كيف نستفيد به في مصر ، وأن كان هناك جدوى ما هي الخطوات المتتالية لتنفيذ المشروع ، كلفت بتنفيذ المشروع ، أهتم رئيس الوزراء بالمشروع ،بعث معنا الدكتور نير أكبر عالم في هيئة المياه باستخدام الطاقة النووية ، جلبت الكثير من العلماء لمساعدتنا في اختيار أنسب الأماكن لبناء المستعمرة على الكوكب ، ذهبنا معا إلى الكوكب مكثنا ستة أشهر فقط ،استطعنا دراسة كل المكونات على هذه الكوكب دارسة شاملة ، خططنا لبناء المدينة وما فيها ، وضعنا الخطوط الأولية للبناء المستعمرة ، ولكن القدر لم يمهلني .
فقد تفاقمت الأوضاع بين الدول الكبرى إلى الحد الذى ضرب كلا منهما بالقنبلة النووية الأولى على الأرض ،أحرقت نصف الأرض ،كانت هذه هي أصغر الدول المحمية من دولة كبيرة ، لذلك ثارت ثأرت الدول كلها ،ردت أحدها بقنبلة على الصين ،حرقت نصف البلاد بما فيها ،أزالتها من على وجه الأرض ،رد عليها بقنبلة أخرى ،توالت القنابل ، تغيرت التضاريس على وجه الأرض ،ظهرت العواصف الحرارية ، أضطر الناس إلى الهروب من الأرض إلى الكواكب الأخرى وكان بينهما كوكبنا .

بعد وقت وصلت الصين إلى الكوكب ، أنشأت مستعمرة لكى يأتي بعض سكانهم إليها ، عندما بدأت الضربات بين الدول على الأرض ، أطلق فيروس في المستعمرة الصينية ، تم القضاء على كل السكان الموجودين به ، ظنت في أول الأمر أنهم من صنعوه ، لكى لا يستفيد بها أحد ،بعدما يذهبوا لأنهم قرروا الذهاب لاستكشاف كوكبا آخر ،حتى يعودوا إليها يجده كما هي ،فيقوموا بإنتاج اللقاح المضاد للفيروس و لم أهتم لذلك كثيرا لأن الفيروس لم يؤثر في مكاننا على المستعمرة .
رسمنا خطة لعملية البناء ، وتم عمل الخطوات الأولية فيها ، لم يكتمل البناء ، دمرت الأرض التي هجرها السكان حاول الكثير تركها قبل هلاكها ،والهجرة إلى الكواكب الأخرى في أقرب رحلة ،أرسلت زوجتي وأبنائي إلى الكوكب قبلي بيومين بالضبط بعدما أقنعتهم بضرورة الهجرة ، وعندما كادت الأرض أن تنفجر أستطاع صديق ممدوح أن يصلحا مركبتين فضائيتين ،ذهبنا بأحدها إلى الكوكب والمركبة الأخرى ،تركناها إلى شاهر ومن معه .
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.