hindawiorg

شارك على مواقع التواصل

«. هذا جيد » : ضحكت قائلًا
«؟ نعم، أليس كذلك » : رد صاحب المتجر قائلًا
مد جيب يده الحرة ليأخذ الكرة، ولكن يد صاحب المتجر كانت خالية تمامًا.
وقد كانت في جيبه فعلًا. «. إنها في جيبك » : حدثه صاحب المتجر قائلًا
«؟ كم سعر هذه الكرة » : سألتُ صاحب المتجر
ومد يده ناحية مرفقه «. نحن لا نتقاضى أي مقابل لهذه الكرات » : رد بأدب قائلًا
ثم أخرج واحدة ثالثة من خلف «. إننا نَحصل عليها مجانًا » : وأخرج كرة أخرى، وقال
رقبته ووضعها إلى جانب الكُرات الأخرى على طاولة البيع. نظر جيب إلى كُرَتِهِ بتأمُّل،
ونظر بفضول إلى الكرتين الأخريَين الموضوعتين على طاولة البيع، ثم نظر إلى صاحب
المتجر بعينَيه المستديرتَين يتفحَّصه مليٍّا، فابتسم صاحب المتجر.
يُمكنك الحصول على هذه الكُرات أيضًا، وإذا لم تمانع، فإليك » : قال صاحب المتجر
«! واحدةً أخرى من فمي. ها هي إذًا
نظر إليَّ جيب متسائلًا بصمتٍ لوهلة، ثم وضع الكُرات الأربع جانبًا بهدوءٍ شديد،
وأمسك بإصبعي مرة أخرى وهيَّأ نفسه للخدعة القادمة.
«. هكذا نحصل على جميع خُدعنا الصغيرة » : أوضح صاحب المتجر قائلًا
حسنًا، بدلًا من الذهاب إلى متجر البيع بالجُملة، هذا » : ضحكتُ مضيفًا لمزحته قائلًا
«. أرخصبالطبع
إلى حدٍّ ما، ولكننا ندفع ثمنها على أيِّ حال. ولكن ليس بشكل مبالغٍ » : فأجاب قائلًا
فيه كما يظن الناس … نحصل على خُدَعنا الأكبر حجمًا والأغراض التي نحتاجها بشكل
يومي وجميع الأشياء الأخرى من هذه القبعة … وكما تعلم يا سيدي، عذرًا لما سأقول،
على « السحرية الحقيقية » متجر بيع بالجُملة، ليس بالنسبة للبضائع « لا يوجد » ولكن

ثم سحب بطاقة عمل من «.« متجر السحرِ الحقيقيِّ » الأقل. لا أعلم إذا ما لاحظتَ شعارنا
وأشار واضعًا إصبعه على الكلمة ثم أضاف «. حقيقيٌّ » : وجنتِه وأعطاها لي وأردف قائلًا
«. لا يوجد أي خداع يا سيدي » : قائلًا
بدا أنه يسترسل في مزحته بإمعان، هكذا ظنَنت.
«! هل تعلم، أنت فتًى صالح » : التفتَ إلى جيب مبتسمًا بودٍّ ملحوظ وحدَّثه قائلًا
دُهِشتُ لمعرفته ذلك؛ فقد كنا لا نبوحُ بذلك أمامه في المنزل، حتى لا نُفسده؛ أما جيب
فلم يُجِبْ إلا بالصمت التام مثبِّتًا عينَيه على صاحب المتجر.
«. لا يَعبر باب هذا المتجر سوى فتًى صالح » : وأكمل قائلًا
وكأنما شاءتِ الأقدار أن تُدلل على كلامه؛ سُمِعَتْ جلبة لدى الباب وصوت رفيعصغير
ثم سُمِعَ صوت أبٍ «! لا! أريد الدخول هناك يا أبي، أريدُ الدخول. لاااا » : يُسمَعُ بالكاد يقول
«. إنه مُغلق يا إدوارد » : مُضطرب يحاول تهدئة واسترضاء ابنه يردُّ قائلًا
هكذا قلتُ. «. ولكنه ليس كذلك »
بل هو مغلقٌ بالفعل يا سيدي، ودائمًا ما يكون كذلك أمام هذا » : رد صاحب المتجر
وبينما كان يتحدَّث لمحنا الطفل الآخر، وكان وجهُه أبيض شاحبًا «. النوع من الأطفال
من كثرة تناول الحلوى والطعام المُنكَّه، وارتسمتْ على وجهه أمارات رغباته المحمومة؛
بدا أنانيٍّا وعنيفًا وأخذ يضرب بقبضتِه على الزجاج المسحور. مدفوعًا برغبتي الفطرية في
بينما «. إن هذا بلا جدوى يا سيدي » : المساعدة تحركت تجاه الباب فقال صاحب المتجر
حُمِلَ الطفل المدلَّل بعيدًا وهو يصرخ.
«؟ كيف تفعل ذلك » : تنفستُ الصُّعَداء قليلًا وحدثتُه متسائلًا
هكذا قال صاحب المتجر ملوِّحًا بلا مبالاة ولكن يا للعجب! انطلقَت «! إنه السحر »
شرارات نارية ملوَّنة من أطراف أصابعه واختفت بين طيات الظلام بالمتجر.
كنتَ تقول قبل دخولك، إنك ترغب في الحصول على » : وجَّهَ حديثه إلى جيب قائلًا
«؟ أليس كذلك ،« اشترِ واحدة وأبهِر أصدقاءك » إحدى ألعاب
«. بلى » : رد جيب بعد مجهود شجاع قائلًا
«. إنها في جيبك » : فرد الصاحب المتجر قائلًا
وبينما كان هذا الرجل المدهش مائلًا على طاولة البيع — لاحظتُ أن جسده طويل
ثم أخرج ورقة «. ورقة » : بشكل ملحوظ — أخرج الغرضبطريقة السَّحَرة المعهودة وقال
ويا للعجب! ها هو فمه «. خيط » : من داخل القبعة الفارغة ذات اليايات؛ ثم أردف قائلًا

وكأنه صندوق خيوط يُخرِج منه خيطًا لا نهاية له، وعندما انتهى من ربط طردِه قضم
الخيط ليقطعه وبدا لي وكأنه ابتلع كرة الخيط بأكملها. ثم أشعل شمعة من أنف إحدى
الدُّمَى المستخدمة في عروض التكلُّم بالبطن ودسَّ واحدًا من أصابعه (الذي صار ختمًا
«. بعد ذلك طلبتَ البيضة المختفية » : شمعيٍّا أحمر) في اللهب وأغلق به الطرد. وأضاف قائلًا
الرضيع الباكي الذي يُشبه طفلًا » وأخرج واحدة من جيب معطفي ثم غلَّفها، وكذا دمية
وكلما انتهى صاحب المتجر من تغليف عُلبة ألعاب، كنتُ أناولها واحدة تلو .« حقيقيٍّا
الأخرى جيب الذي كان يأخذها ويضمُّها إلى صدره.
لم يتكلم إلا قليلًا، ولكن عينَيه وذراعَيه القابضتين على العُلَب المغلَّفة كانت تبوحُ
بالكثير؛ كان جيب المثالَ الحيَّ على المشاعر التي يَعجز اللسان عن البوح بها. هذه الأشياء،
جَفَلتُ فجأة حينما شعرتُ بشيءٍ ما يتحرك داخل .« حقيقيٍّا » كما تعلمون، كانت سحرًا
قبعتي؛شيء أملسيَقفز؛ خلعت القبعة بسرعة فخرجتْ منها حمامة منفوشة الريش، لا بد
أنها شريكته، وركضَت فوق طاولة البيع ثم دخلَتْ — كما خُيِّلَ إليَّ — صندوقًا كارتونيٍّا
خلف النَّمِر المصنوع من الورق المُعَجَّن.
لا، لا، طائر مُستهتر » : قال صاحب المتجر وهو يُحرِّرني بمهارة من غطاء رأسي
«! بالتأكيد، يُعشِّش في القبعة
نَفَضَ قبعتي وأخرج منها في يده الممدودة بيضتَين أو ثلاثًا وبِلْية كبيرة وساعة يد
وحوالي نصف دستة من الكُرات الزجاجية المعتادة والكثير والكثير من الأوراق المُجَعَّدة
آخذًا في التحدُّث، بكل أدبٍ بالطبع، عن كيف يُهمل الناس تنظيف قبعاتهم بالفرشاة من
يتجمَّع داخلها » : الداخل والخارج، إلا أنه في الواقع كان يُلمحُ بكلامه إليَّ. ثم أكمل قائلًا
جميع أنواع الأشياء، يا سيدي … لا أقصد قبَّعتك أنت بالأخص … ولكن أقصد قبَّعات
التفَّ الورق «… معظم الزبائن تقريبًا … مُدهشٌ حقٍّا ما يحمله الناسُ داخل قبعاتهم
المجعد وارتفع عن طاولة البيع أكثر فأكثر فأكثر حتى اختفى صاحبُ المتجر جزئيٍّا ثم
لا» : اختفى تمامًا من أمامنا، ولكننا كنا لا نزال نسمع صوته مُسترسلًا في الحديث قائلًا
يمكن لأي أحدٍ منا أن يعرف ما يُخفيه المظهر الخارجي المنمَّق لإنسان يا سيدي، فهل نحن
«؟ إذًا لسنا سوى مظاهر خادعة أو أكفان ناصعة البياضتُخفي ما تُخفي بداخلها
توقَّف صوتُه فجأة — تمامًا كما يحدث عندما تَقذف جرامافون أحد الجيران بطوبة
مصوَّبة بشكلٍ جيد فيتوقَّف صوته في الحال — فعمَّ الصمت وتوقَّف صوتُ حفيف الأوراق
وصار كلشيءٍ هادئًا …

«؟ هل انتهيتَ من قبعتي » : بعد فترة من الصمت سألته قائلًا
لم أتلقَّ أي إجابة.
حدَّقت أنا وجيب أحدنا بالآخر، لم يكن يوجد سوى صورنا المشوَّهة التي تعكسها
المرايا السحرية من حولنا، كنا نبدو غريبَين للغاية ومتجهِّمَين وهادئين في الوقت ذاته …
«؟ أعتقد أننا سوف نذهب الآن، هلا تخبرني بالتكلفة الإجمالية لهذه الألعاب » : قلتُ
كنتُ أقول إنني أودُّ الحصول على الفاتورة » : ثم رفعتُ صوتي قليلًا واستطردتُ قائلًا
«. وقبَّعتي، من فضلك
سمعتُ ما بدا وكأنه صوت نشقةٍ آتيَةٍ من خلف كومة الأوراق …
«! لننظر خلف طاولة البيع يا جيب، إنه يَسخر منَّا » : أكملتُ قائلًا
قُدْتُ جيب من حول النمر الذي يهز رأسه، وخمِّنوا ماذا وجدنا خلف طاولة البيع؟ لم
نجد أي شخصعلى الإطلاق! لم نجد سوى قبَّعتي وأرنبٍ أبيضشاردٍ ذي أذُنين متدليتَين
— من النوع الذي يَستخدمه السحرة — وكان يبدو غبيٍّا ومُنكمشًا، تمامًا كما تبدو أرانب
السحَرة. التقطتُ قبعتي بينما وثب الأرنب قافزًا قفزة أو اثنتَين مبتعدًا عن طريقي.
«! أبي » : همس جيب وبدا في صَوته الشعور بالذنب قائلًا
«؟ ما الأمر يا جيب » : فأجبته قائلًا
«. يا أبي « حقٍّا » إنني أحبُّ هذا المتجر » : أردف قائلًا
أعتقد أنني سأحُبه أيضًا في حال لم تتمدَّد طاولة البيع فجأة » : حدثتُ نفسي قائلًا
إلا أنني لم أطُلع جيب على ما يَعتمل في نفسي. مد جيب ذراعَيه «! وتغلق طريقنا إلى الباب
وتابعه «! أيها الأرنب » : إلى الأمام محاولًا الإمساك بالأرنب الذي كان يقفز أمامنا، قائلًا
بينما ضغط الأرنب نفسه عبر «! أيها الأرنب، لتقم بشيءٍ من السحر لجيب » : بعينَيه قائلًا
أحد الأبواب التي لم ألُاحظها من قبل بالتأكيد. ثم فُتِحَ هذا الباب وظهر الرجل ذو الأذُُنين
اللتَين تكبر إحداهما الأخرى مجدَّدًا، وكان لا يزال مُبتسمًا، إلا أنه حينما تقابلَت أعينُنا،
هل تودُّ رؤية غرفة » : نظر إليَّ بمزيج من اللهو والتحدِّي وقال بشيءٍ من الدماثة البريئة
جذبني جيب من إصبعي تجاه الباب. لمحتُ طاولة العرض وقابلَت «؟ عرضنا يا سيدي
عيناي عينَي صاحب المتجر مرة أخرى، وبدأتُ أفكر أن هذا السحر قد صارَ حقيقيٍّا أكثر
إلا أننا وجدنا أنفسنا بطريقة «. من الوقت « كبير » ليس لدينا متَّسع » : مما يَنبغي، فقلتُ له
ما داخل غرفة العرضقبل أن أنُهي كلامي.

تتمتَّع بضائعنا جميعها بنفس » : فرَكَ صاحب المتجر كفَّيه الخفيفتَين معًا قائلًا
الجودة؛ وهذا أفضل شيء. جميعها سحرية حقيقية ومضمونةٌ غرابتها بالتأكيد. عفوًا
«! يا سيدي
شعرتُ بيده تجذب شيئًا قد علق بكُمِّ مِعطفي، فإذا به مُمسك بذيل عفريت أحمر
صغير يتلوى، ولكن هذا الكائن الصغير أخذ يقاوم ويَعُض محاولًا النَّيْل من يد صاحب
المتجر الذي قذَفه بلا مبالاة خلف إحدى طاولات البيع. بدا هذا الكائن بلا شك كما لو
كان جسمًا مطاطيٍّا ملتويًا، ولكن للحظة عابرة! أما ردَّة فعل صاحب المتجر فكانت وكأنه
يتعامل مع حشرة لادغة صغيرة. نظرتُ سريعًا إلى جيب، ولكنه كان مشغولًا بالنظر
إلى حصانٍ سحريٍّ هزَّاز فشعرتُ بالارتياح أنه لم يرَ هذا الكائن. قلتُ بصوتٍ مُنخفِض
«؟ هنا « هذه الأشياء » هل يوجد الكثير من » : متفحِّصًا جيب والعفريت
إنه لا يَخصنا » : ردَّصاحب المتجر بصوتٍ مُنخفِضأيضًا وبابتسامة أكثر إشراقًا قائلًا
«! الناسمعهم دون أن يَعوا « يحمله » على الإطلاق! ربما كنتَ تَحمله معك؟ مدهشٌ حقٍّا ما
«؟ هل أعجبَك أيشيء هنا » : ثم التفت إلى جيب قائلًا
كان هناك العديد من الأشياء التي أعجبت جيب.
هل هذا سيفٌ » : التفت جيب إلى هذا البائع المُذهل بمزيج من الثقة والاحترام قائلًا
«؟ سحري
لا يَنثني ولا يَنكسرولا يجرح الأصابع. إنه يجعل حامله ،« لعبة السيفالسحري » إنه »
لا يُقهر في أي معركة يخوضُها مع من هم دون الثامنة عشرة، يبدأ سعرُه من نصف كراون
حتى ستة أو سبعة بنسات وفقًا لحجمه. أما هذه الدروع التي تراها على البطاقات فهي
مُفيدة جدٍّا للفرسان الصغار المغامرين؛ درع الحماية، وصنادل السرعة السِّحرية، وخوذة
«. الإخفاء
«! يا إلهي! انظر يا أبي » : شهق جيب قائلًا
حاولت معرفة تكلفتِهم، ولكن صاحب المتجر لم يُعِرْني انتباهًا؛ فقد نجح في استرعاء
انتباه جيب الآن حتى إنه أفلتَ إصبعي. شرع صاحب المتجر في عرض جميع مخزوناته
اللعينة من البضائع المختلفة، ولم يكن هناك أي شيء سيُوقفه عن ذلك. راقبتُ بارتياب
وبشيء من الغيرة جيب وهو يقف الآن ممسكًا بإصبع هذا الشخصكما يَفعل معي دائمًا.
لا شك أنه كان شخصًا مثيرًا للاهتمام، هكذا فكرتُ، ولدَيه العديد من الألعاب السحرية
ومع ذلك … ،« جيدة بحق » الخادعة المُسلِّية؛ خادعة ولكنها

سرتُ خلفهما دون قول الكثير، ولكنني لم أدَع هذا الساحر الماهر يَغيب عن نظري؛
فرغم كل شيء كان جيب مُستمتعًا بالأمر. ولا شك أننا سنَرحل بسهولة عندما يحين وقت
المغادرة.
كانت غرفة العرضطويلة ومُزدحِمة ومقسَّمة إلى دواليب ورفوفعرض، وبها أعمدة
متفرقة ومداخل مُقنطرة تؤدي إلى أقسامٍ أخرى يجوب فيها بائعون غريبو الأطوار حدَّقوا
بنا بمجرد دخولنا، وكان بها العديد من الستائر والمرايا المربكة. كانت مربكة للغاية،
بلا شك، حتى إنني لم أتمكن في هذه اللحظة من تمييز من أيِّ الأبواب قد دخلنا.
عرضصاحب المتجر على جيب قطارات سحرية تسيرُ دون بخار أو تروس داخلية،
فقط كل ما عليك فعله هو ضبط المؤشر، وكذا صناديق قيِّمة للغاية لمجموعة من الجنود
الذين تدبُّ فيهم الحياة بمجرَّد أن تُزيح عنهم الغطاء وتقول … لم تُسعفني أذناي في
التقاط الكلمة الغامضة التي سمعتُها، أما جيب الذي ورث قوةَ سمْع أمِّه، فقد التقطَها
ثم أعاد الجنود إلى الصندوق مرة أخرى «! أحسنت » : سريعًا. هلَّل صاحب المتجر قائلًا
فجعلهم جيب يتحركون مرة ثانية. «. الآن » : بسرعة وأعطاه لجيب، ثم أردف قائلًا
«؟ هل ستأخذ هذا الصندوق » : سأله صاحب المتجر
نعم سنأخذه، إلا إذا كنتَ ستجعلنا ندفع ثمنه كاملًا؛ ففي هذه » : فأجبتُه أنا قائلًا
«. الحالة لن يَشتريه إلا رجلٌ ثريٌّ
ثم أعاد الجنود الصغار إلى «! يا عزيزي « لا» بالطبع » : فردَّ صاحب المتجر قائلًا
الصندوق مرة أخرى وأغلق الغطاء ثم لوَّح بالصندوق في الهواء وسرعان ما صار مغلَّفًا
«! وعليه اسم جيب بالكامل وعنوانه » بالورق البُنيِّ ومربوطًا
ضحك صاحب المتجر على الدهشة التي أبديتُها.
«. هذا هو السِّحر الحقيقي؛ السحرُ كما ينبغي أن يكون » : ثم علَّقَ قائلًا
«. إنه حقيقي أكثر مما يَنبغي بالنسبة لي » : فأجبتُه مرةً أخرى قائلًا
ثم شرع بعد ذلك في أداء مجموعة من الحِيَل الغريبة لجيب، ولكن الأغرب من ذلك
كانت الطريقة التي أداها بها. كان يَشرح لجيب كيفية تأديتها ويقلبها داخلًا وخارجًا،
وكان ابني العزيز يهُزُّ رأسه المنشغل إعجابًا بما يراه.
فقلَّده جيب بصوته «! مَرْحى! جلا جلا » : لم أكن منتبهًا كما ينبغي. قال الساحر
إلا أنَّ أشياء أخرى شتَّتت انتباهي. بدأتُ أفكر «! مرحى، جلا جلا » : الصغير الواضح مردِّدًا
في مدى كون هذا المكان غريبًا؛ فقد كان، إذا جازَ التعبير، يَفيضُ بالغموض. حتى الأثاث

والسقف والأرض والمقاعد الموزَّعة بعشوائية كانت كلها تُوحي بشيءٍ من الغموض؛ إذ
تملَّكني شعور غريب بأنني كلما كنتُ غير منتبهٍ، تتحرَّك هذه المقاعد من مكانها بلا نظام
وتُحدِثُ ضجة في الركن من وراء ظهري. أما الإفريز العلوي للسقف فقد كان مُتعرِّجًا
أفعوانيٍّا وتعلوه أقنعة؛ أقنعة معبرة بشكل مبالَغ فيه بالنسبة لكونها مصنوعة من الجبس
العادي.
ثم جذب انتباهي فجأة أحد البائعين الغريبَي المظهر الذي بدا شاردًا ومِن الواضح أنه
غير مُدرك لوجودي — رأيتُ ثلاثة أرباع جسده من خلال أحد المداخل المُقنطَرة فوق كومة
كبيرة من الألعاب — وتعلمون، كان مُتَّكِئًا على أحد العواميد بخُمول ويَصنع أشياء بشعة
بملامحه! أبشعها ما كان يفعله بأنفه. بدا كما لو أنه لا يجد ما يفعله وكان يُسلِّي نفسه.
في بادئ الأمر كان أنفه كتلة قصيرة مكوَّرة، ثم أطلقه إلى الأمام فجأةً وكأنه تليسكوب، ثم
طار في الهواء وصار أرفع فأرفع حتى بدا كسوطٍ أحمر طويل ومَرِن كالأشياء التي نراها
في الكوابيس! بعد ذلك لوَّح به وقذفه إلى الأمام كما يفعل صائد الأسماك بصنارته.
فكرتُ على الفور أنَّ جيب لا يجب أن يرى هذا الشخص، التفتُّ فوجدتُ جيب مشغولًا
مع صاحب المتجر ولا يُلقي بالًا بما حوله. كانا يَتهامسان معًا وينظران إليَّ، وكان جيب
يقف على أحد المقاعد الصغيرة بينما كان صاحب المتجر يحمل في يده طبلة كبيرة إلى
حدٍّ ما.
«! لنلعب الغمِّيضة يا أبي! أنت هو » : صاح جيب قائلًا
لكن قبل أن أتمكَّن من فعل أي شيء لمنعِه، دق صاحب المتجر على الطبلة ووضعها
أَبعِد هذا الشيء الآن! ستُخيف » : فوق جيب. أدركتُ ما كان يحدث على الفور، فصحت قائلًا
«! الصبي، أَبعِده الآن
امتثل صاحب المتجر — ذو الأذُُنين اللتين تَكبُر إحداهما الأخرى — لكلامي دون أن
يَنطق بكلمة واحدة وأدار الطبلة الأسطوانية الكبيرة تجاهي ليُريني أنها خاوية. كان المقعد
الصغير خاليًا أيضًا! لقد اختفى ابني تمامًا في هذه اللحظة …
هل جربتُم من قبلُ، ربما، هذا الشعور المُقبِضُ الذي يسيطر عليك فتشعر وكأن يدًا
خفيَّة تعتصر قلبك وتُقلِّبه يمينًا ويسارًا؟ هذا الشعور الذي يقتلع لُبَّك ويتركك متوترًا
ومتمهلًا في الوقت ذاته فلا أنت متباطئ ولا متسرع ولا غاضب ولا خائف! هكذا كنت
أشعر.

هرعتُ نحو صاحب المتجر الذي كان مبتسمًا وركلتُ مقعده الصغير جانبًا.
«؟ أَوقِف هذا العبث! أين ابني » : صحت به قائلًا
ليس هناك » : وهو لا يزال يُريني الطبلة من الداخل، ثم أردف قائلًا «. انظر » : أجابني
«. أي خداع
مددتُ يدي لأمُسك به، ولكنه فرَّ مني بحركة بارعة. انقضضتُ عليه مرة أخرى،
فضحك وأخذ «! توقَّف » : ولكنه نجح في التراجع بعيدًا ودفع أحد الأبواب ليَهرب؛ قلت آمرًا
يتراجع. وثبْتُ في أعقابه في الظلام الدامس.
صوتُ ارتطام مكتوم!
«! يا للسماء! لم أرَك قادمًا يا سيدي »
وجدتُ نفسيفي شارع ريجنت وقد ارتطمتُ بأحد المارة الذي كان رجلًا عاملًا مهذَّبًا؛
وعلى بُعدِ ثلاث أقدام منِّي، تقريبًا، كان يقف جيب مرتبكًا. أبديتُ شكلًا من أشكال
الاعتذار للرجل، ثم استدار جيب وأتى تجاهي وعلى وجهه ابتسامةٌ خفيفة مُشرقة كما لو
أنه افتقدني في هذه الدقائق القليلة.
كان يحمل أربعة صناديق مغلَّفة بين ذراعَيه!
أمسك جيب بإصبعي في الحال.
كنت تائهًا في هذه اللحظة، نظرتُ حولي مليٍّا بحثًا عن باب المتجر السحري، ولكن
يا للعجب! لم يكن موجودًا! لم يوجد بابٌ ولا متجر ولا أي شيء، فقط العمود الجداري
الذي يفصل بين متجر بيع الصور والنافذة التي تُرى من خلالها الفِراخ الصغيرة …
فعلتُ الشيء الوحيد الذي يمكن فعله في خضمِّ اضطرابي هذا؛ وهو أنني مشيتُ
مباشرة إلى حافة الرصيف ومددتُ مظلتي لأوقف إحدى عربات الأجرة التي تجرُّها الخيول.
«! عربة بحصان » : قال جيب بنبرة بدت فيها شدة الغبطة
ساعدتُه ليصعد وتذكرتُ عنواني بعد عناء ثمصعدت بدوري. شعرتُ بشيءٍ غريب في
جيب معطفي الطويل فتحسَّسته واكتشفتُ أنه كرة زجاجية فقذفتُ بها إلى الشارع على
الفور بعصبية.
لم يَنبس جيب ببنتِ شَفة.
لم يتكلم أيٌّ منا لبرهة من الوقت.
«!« متجرًا جيدًا » أبي! كان ذلك » : قطع جيب الصمت أخيرًا قائلًا

فوصلت هنا لمسألة كيف استقبل جيب كل هذه الأحداث، إلا أنه بدا غير متضرِّر على
الإطلاق — حتى الآن. جيد؛ لم يكن خائفًا أو متوترًا، كان ببساطة سعيدًا للغاية بالترفيه
الذي حظي به في فترة ما بعد الظهيرة. واستقرَّت بين ذراعَيه الصناديق الأربعة.
اللعنة! ما الذي يُمكن أن يكون بداخل هذه الصناديق؟
«. امم! لا يتسنى للأولاد الصغار الذهاب إلى متاجر كهذه كل يوم » : تحدثتُ قائلًا
تلقَّى جيب هذا برزانته المعتادة، وللحظة كنتُ آسفًا أني أبوه ولستُ أمه؛ إذ إنني لم
يتسنَّ لي فجأة هنا، وعلى الملأ، في عربة الأجرة التي كنا نستقلُّها أن أقَُبِّله. وفكرت أن هذا
لم يكن سيئًا للغاية بالرغم من كلشيء.
إلا أنني لم أبدأ الشعور بالاطمئنان إلا حينما فتَحنا الصناديق؛ ثلاثة منها كانت
تحتوي على صناديق لعبة الجنود، كانوا جنودًا عاديِّين مصنوعين من الرصاص، ولكنهم
كانوا ذوي جودة عالية، حتى إنهم جعلوا جيب ينسىتمامًا أن هذه الصناديق كانت خدعًا
سحرية، ولكنها من النوع الحقيقي. أما الصندوق الرابع، فقد كان يَحتوي على قطة
صغيرة بيضاء حيَّة، وتتمتَّع بصحة ومزاج وشهية ممتازة.
شهدتُ فتح هذه الصناديق بشيء من الراحة الحذرة. وظللتُ في غرفة جيب لوقت
طويل للغاية …
حدَث ذلك منذ ستة أشهرٍ مضَت، والآن بدأتُ أشعر أن كل شيء على ما يرام. كانت
القُطيطة تتمتَّع بالسحر المعتاد الذي تتَّصف به جميع القطط الصغيرة، وكان الجنود
صحبةً موثوقًا بها كتلك التي يتمناها أي قائد عسكري. وجيب!
أي أبٍ ذكي سيتفهَّم جيدًا أنني لا بد أن أكون حذرًا مع جيب.
ماذا لو دبَّت الحياة في » : ولكنني تماديتُ كثيرًا في يوم من الأيام ورحتُ أسأله قائلًا
«؟ جنودك يا جيب؟ هل تودُّ أن يسيروا من تلقاء أنفسهم
إنهم يفعلون ذلك بالفعل، كلُّ ما عليَّ هو أن أقول كلمةً ما أعرفها » : رد جيب قائلًا
«. قبل أن أزُيح عنهم غطاء العُلبة
«؟ ومِن ثَم يسيرون من تلقاء أنفسهم » : سألته قائلًا
«. أوه، بالتأكيد يا أبي. لم أكن لأحبَّهم على أيِّ حال لو لم يكونوا يفعلون » : رد قائلًا
لم أبُدِ أي دهشة مُنفِّرة، ولكن منذ ذلك الحين صرتُ أعُرِّج على غرفة جيب مرة أو
اثنتين دون سابق إنذار عندما يكون الجنود خارج علبتِهم، ولكني حتى الآن لم أجدهم
يقومون بأي عمل سحري على الإطلاق.

لذا، فمن الصعب جدٍّا أن أحدِّد.
وهناك أيضًا مسألة النقود؛ فأنا مهووس بدفع الفواتير. مررتُ بشارع ريجنت ذهابًا
وإيابًا مرات عديدة بحثًا عن المتجر؛ لذا أشعر بكل تأكيد أنني أرضيتُ ضميري، وبما أنهم
يعلمون اسم جيب وعنوانه فيُمكنني أن أترك لهم تمامًا مسألة إرسال الفاتورة — أيٍّا من
كانوا — ليُرسلوها في الوقت الذي يُناسبهم
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

فصول العمل

الفصل الأول الفصل الثاني
اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.