Za7makotab

شارك على مواقع التواصل

صرفتُ بقية الساعات المتبقية من أولى ليالي رمضان في متابعة المسلسلات المملة التي يعدّ شهر رمضان موسم حصادٍّ لمطحنة الأعمال المرتجلّة التي لا تلامس أوطاننا المشتّتة حتى أني أقدمتُ على أقدم الأساليب الأدبية وكتبتُ مقالًا لم أسعَ لنشره بعنوان "ألهذه الدرجة نحنُ سعداء؟".
بعضُ ما جاءَ فيه؛ "لستُ عدوًا للفنّ ولستُ متطرفًا لهذا الحد لأهاجمكم وأقول انصرفوا عنا في هذا الشهر دعونا في عزلتنا مع الله".
"زمان كان كل فنان مشهور يقول في مقابلاته التلفزيونية بأن الفنّ رسالة وأنه صوتٌ مسموعّ للقابعين على الهامش أي رِسالةً ممكن أن تصلّ وأنتم تضطجعون بمنازلكم الفاخرة، وتتجولون بسيارتكم الفارهة أمامَ مرء الجِياع؟".
"قد يكون صوتكم مسموعًا لكن من المؤكد أنكم تظلّلون المُشاهد وتطمسون أحداثنا التي لا تعرفونها كمتابع جيد لكم يمكنني القول أنه بحياتي لم أرَ مشهدًا لكم كهذا الذي حدث معي شخصيًا قبل ساعات (عندما أستلم مرتبي في أول الشهر أشتري جميع الأشياء التي أستهلكها بشكل يومي دفعةً واحدة أشتري بطاقة لِترات وقودّ تنقلني لشهرٍ جديد ومجهول أشتري علب سجائر تكفي لنفثّ مرارة ثلاثين يوم، عند مشارف زوال هذا الشهر المعتمّ أشتهي الإسبرسو لأكون أمامَ احتمالين لا ثالث لهما إما أن أتنازل عن مشروع الإسبرسو أو أنّ أتنازل عن علبة سجائر وأعيدها بخجلّ لبائع البقالية طبعًا لن أحيطه علمًا بمشروع الإسبرسو سوف أكذب وأقول إنني أقلعتُ عن التدخين).
استللتُ هاتفي من منفذ الكهرباء بغرض جولة تفقدية على فيروز قبل أن أهبطُ على وسادتي قرأتُ لها تغريدة كان قد مضى عليها ما يقارب الساعتين.
لم تكن تغريدة ولا حتى تنهيدة كانت شيئًا غريبًا يسحبُ الجفنيّن باتجهايين متعاكسين لا يلتقيان.
لستُ أدري عن ماهية الشيء الذي سلبّ مني النوم في تلك الليلة، لكني كنتُ متداركًا لغرقِ في محيطٍ من اللوعّة بعد أنّ قذفتني تِلك الكلمات المُلتاعة للغائبة الحاضرة (غادة السمانّ):
" كلّ ليلة أدعّي كاذبةً أنني ذاهبة إلى النوم وحين أتمدّد في فراشي أفتحُ نافذة في وسادتي وأقفزُ منها إلى حقولّ الماضي"
شاهدتُ فيروز بتقنية وضوح صارخة الجودة، من بين الكلمات بدت لي متقوقعةً بأسى تتدحرجُ في معتقلٍ بمساحة قبرٍ معتمّ حالكّ الوجع كانت فيروز في تلك الليلة بالنسبةِ لي شعرةَ معاوية أو ربما القشّة التي قسمت ظهر البعير أو في الغالب كانت القشّة التي حاول التشبث بها غريق لم يجدّ ما يفعله أو يقدمه وهو بحالةِ صيامّ لِتلك الأنثى المُستلقية في العرَاء على أمواجِ الوجع.
فكرتُ بطريقة لا تجرحُ الصوم وبنفس الوقت تنتشلُ جرامات بسيطة من الوجع المُتراكم على صدرها فلم أجد إلا هذه التغريدة غير المباشرة: "‫المقصود بالتعريّة في مادة علم الأرض ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬هو انفصال الصخور أو التربة عن سطح الأرض وانتقالها من مكانٍ ما إلى مكانٍ آخر .‬‬
أما المقصود بها في حياتنا هو انفصال الضمير عن سطحّ الإنسانية وانتقاله إلى مكان لا تحكمه المبادئ ولا الأخلاق هو مكان لا تطفؤ به الإنسانية غالبًا"
تدثرتُ بعدها بفيلم (مستر بن في إجازة)
على أمل أن تلفحنّي نسماتُ البهجة كان يعظُّني الوجع بشهية وعندما أتذكرُ حاجتي بنفثّ الغضب في الساعات الأولى من الصيامّ يتحطمّ رأسي بمطرقةِ الرغبات المُمتنعة تساءلتُ وقتها إذ كان كُتِبَ علينا الصيامّ عن الأكل والشرب عن الملذات ووسائل التعبير عن كمشةِ الاستياءات
تُرى متى سيكتُب لنا الصِيامَّ عن هذا الوجع.
0 تصويتات

اترك تعليق

التعليقات

اكتب وانشر كتبك ورواياتك الأصلية الأن ، من هنا.