كيف يتناولُ كلالتوس نظريةَ البحرِ القطبي المفتوح؟
ما يقوله عن تيار الخليج.
حياة أحد المستكشفين من مدينة بروكلين.
كان عجوزًا ذا لحيةٍ شعثاء من الشَّعر الرمادي الأشيب، وعينين ترمُقان ما حولهما
بنظراتٍ سريعةٍ خاطفةٍ، وشفتين شاحبتين ترتعشان بابتساماتٍ واهنةٍ مرتبِكةٍ، ويَدَيْنِ
تفرُك إحداهما الأخرى بقلقٍ محمومٍ أو تتلمَّسان طريقهما لا إراديٍّا بحثًا عن إحدى الأدوات
المفقودة. كانت ثيابه أسمالًا باليةً خشِنةً، وأحيانًا ما كان يرتعشحينما تهُزُّ هَبَّةٌشرِسةٌ من
الرياح المتجمِّدة النوافذَ المتداعيةَ القذرةَ، بينما يجلسعلى أحد الصناديق المنخفضة المقلوبة
أمام مَوْقِد شبه دافئ. خلفه كانت منضدة نجَّارٍ لها رفٌّ موضوعٌ عليه مجموعةٌ من أدوات
النِّجارة المحفوظة بعناية: مِخْرَطة ومجموعة صغيرة من السلالم المكتبية النقَّالة المُنَفَّذة
تنفيذًا غاية في الروعة. وعلى الأرض كومةٌ كبيرةٌ من رقائق خشب الجوز الأسود والغبار
الناتج عن استخدام مِخْرَطة الخشب، وكان الهواء مشبعًا برائحة الخشب النظيف الجديد.
كانت الغرفة التي يجلس فيها تقع تحت السقفِ مباشرةً وتصعد إليها عبر مجموعتين من
درجات السلم المتآكلة الشديدة الانحدار والتداعي داخل مبنًى يقع على بُعد ثلاثة مربعاتٍ
باطن الأرض
سكنية من أقصىجنوب القضبان الصغيرة التي تسير عليها صناديق ساراتوجا، المجهزة
.« هاملتون » إلى عَبَّارة « فولتون » كالعربات التي يجرها الخيول، من عَبَّارة
الذي جلس « صن » هكذا قال لمراسل صحيفة «. لا تذكر اسمي على الإطلاق يا سيدي »
ولا تُعطِهم عنوانَ المكان بالضبط، أرجوك؛ فهناك الكثير من » ، أمامه على صندوق متقلقل
الأشخاص في الجوار يعرفونني وسيضايقونني، وربما يَسخَرُون مني كذلك. يمكنك أن
وفي « تشارلستون » هذا هو الاسم الذي كنتُ أعُرَفُ به هناك في ،« جون كلالتوس » تدعوني
الجنوب كله، وكان يفي بالغرض حينما كنت أعمل هناك؛ لذا يمكنك أن تذكره في هذه
«. المقالة
لديك فكرةٌ علميةٌ عظيمةٌ، فضلًا عن كونك مؤسِّسَ نظرياتٍ علمية جديدة وجريئة، »
«؟ فلماذا إذًا تتوارى بتواضعٍ جمٍّ عن فرصةِ نيلِ التقديرِ العلني والإعجابِ من الجمهور
لا أرغب في أي شكل من أشكال المجد. لقد أفصحتُ عمَّا لدي؛ لأنني شعرتُ بأن »
هناك مهمَّةً منوطَةً بي، وربما لم تكن تلك المعلومات لتخرج إلى النور لو لم أفعلْ ذلك،
ولكنني قد انتهيتُ الآن. لا يمكنني أن أستمرَّ أكثر من ذلك؛ فأنا عجوزٌ وفقيرٌ، ولا أرغب
في أن يزعجني الناسُ أو أن يسخروا مني، ربما. وكما ترى، فأخي وأقاربي وأحيانًا بعضُ
الأصدقاء من البحَّارة يأتون لزيارتي؛ لذا أفضِّل أن يُنشر الحديثُ تحت اسم كلالتوس
«. يا سيدي
« سييمز » لَكَ ما شِئتَ، كلالتوس إذًا. ولكن فيما يخص اكتشافك، ألم تكن نظرية »
«؟ عن وجود فجوةٍ كبيرةٍ بعمق باطن الكرة الأرضية هي ما ألهمتْكَ الفكرةَ أولًا
رُؤًى جديرةٌ بالذِّكر
أوه، لا، إطلاقًا! لقد رأيتُها بالكامل في رؤيا قبل أن أسمع عن سييمز بسنوات، كان ذلك »
منذ أكثر من ثمانية وثلاثين عامًا مضت. كنت حينئذٍ مجرَّد فتًى صغيرٍ في الثانية عشرة
من عمري، وكنت مرتعبًا حينما رأيتها؛ كانت رهيبة بالنسبة لي. أعتقد حقٍّا، مما رأيتُ، أن
الأرضبأكملها كانت داخل شكلٍ من أشكال الضباب أو الغيوم في يومٍ من الأيام. شعرتُ
بأنني يجب أن أذهب إلى البحر، وأحاول أن أكتشفَ شيئًا عن هذا الأمر قدْر ما أستطيع
كرجلٍ فقير، وهكذاصرتُ بحَّارًا وسافرتُ سنواتٍ، كنتُ أفكِّر دائمًا في الأمر، وأتساءل متى
سيتسنَّى لي أن أصيرَ واحدًا من هؤلاء الذين ربما حصلوا على فرصةِ اكتشافِ شيءٍ ما.
قبل نحو عامين، ذهبتُ إلى الجنوب، وحاولتُ أن أستقرَّ هناك، ثم رأيتُ الرؤيا مرةً أخرى،
ولكنها لم تكن مروِّعةً للغاية كما كانت من قبلُ، وتمكَّنتُ من فهْمها على نحوٍ أفضل. كانت
الرؤيا عبارة عن كرة أرضية أو ما شابه، عمقُها حوالي قدمَيْن، وبها فجوة كبيرة تساوي
ثلث قطرها ضخامةً. قصصتُ الرؤيا على الناس هناك وقالوا إنني مجنون، قصصتها على
رجلَيْن كنت أعمل لديهما — كانا أخوَيْن فرنسيَّيْن — كنت قد صنعتُ لهما طاولةً قابلةً
كيف يُعقل أن تقوم بعملنا بهذه الكفاءةِ على الرغم » : للمد، ورَفَعتُ سقفَ بيتهِما، فقالا
فقررتُ أن أمتنع عن قول أي شيء عن الأمر. إليك نموذجًا «؟ من أنك لستَ بكامل عقلك
«. يشبه ما رأيتُه في الرؤيا
كان نموذجًا عبارة عن كرة من خشب الجوز الأسود يبلغ قطرها أربع بوصات ونصفًا،
تمتدُّ عبْر عمقها فجوة مستديرة بدا أن قطرها يساوي ثلث قطر الكرة. رُسمتْ حول السطح
الخارجي للكرة خطوطٌ باستخدام مِخْرَطة الخشب، وكانت الفراغات الموجودة بينها تبلغ
عشْرَ درجاتٍ لكلٍّ منها. وُضِعَت علامةٌ بالطباشير على أحد الجوانب كي تمثِّل مدينة
مقلوب، وكانت « يو » نيويورك. ارتفعت هذه الكرة بين طرفي سلكٍ قويٍّ على شكل حرف
ترتكز على لوحٍ صغير ليسمح بأن تميل حتى تتغيَّر الزاوية التي تستقر عليها الكرة.
ثُبِّتَ طرفا السلك بالقرب من حواف نهايتي الفجوة على الجانبين المتقابلين للكرة الصغيرة
حتى يسمحا لها بالدوران؛ ومِن ثَّمَ ترتفع وتنخفضنهايتا الفجوة بالتناوب، ارتكازًا على
الأقطاب الكاذبة. وبينما ينتصب هذا النموذج على حاملٍ صغير، حيثما وضعه بحرصٍ
شديد، انسل ضوء الشمس عبْر الفجوة، وبينما كان يديرها، ضاقت وتقلَّصت المنطقة
المغطاة بأشعة الشمس المباشرة داخل سطح الكرة تدريجيٍّا حتى تضاءلت في النهاية
بحيث لم يكن ممكنًا أن تمتد إلى الداخل إلا على نحو ضئيل جدٍّا؛ وبعد ذلك، بينما كان
يواصل إدارتها، اتسعت رقعة الضوءِ مرةً أخرى، وامتدت حتى أضاءتها الشمس بالكامل.
الغاية من النموذج
يمثِّل ذلك بالنسبة إلى الناس الموجودين هناك داخل باطن الأرض دورةَ » : أردف قائلًا
النهار والليل. وبالنسبة إليَّ، فأنا مقتنعٌ تمامًا بأن الدوران يحدث عند حوالي عشْر درجاتٍ
وعلى بُعد حوالي عشْردرجاتٍ من حافته الخارجية؛ هؤلاء الذين يذهبون إلى هناك سيصلون
إلى الجزء المسطَّح بالداخل. وحينما يصلون إلى الدرجة التسعين سيكون ذلك هو القطب
الذي كانوا دائمًا يحاولون الوصول إليه. سيكونون قد أصبحوا بالداخل. ثمانون درجة هي
أبعدُ ما أمكنهم الوصول إليه حتى الآن، على الأقل هذا هو أبعدُ مكانٍ بلغَه مَن تمكَّنوا من
التي تقع شمالًا في هذه القارة هي أبعدُ أرض نجحوا « نقطة بيري » . العودة لِيخبِروا عنه
تقع على البعد نفسه تقريبًا، ولكن في الجهة المقابلة. أما أبعد « سبيتسبيرجن » في بلوغها، و
ربما على بُعد ،« كيب هورن » في مقابلة ،« جزيرة فيكتوريا » مكان بلغوه جنوبًا فقد كان
وهذا يساوي فقط حوالي ثمانين درجة. لديَّ قطعةٌ صغيرةٌ من ،« الكيب » ألف ميل من
الحجر هنا تعود إلى جزيرة فيكتوريا أعطاني إياها أحدُ البحَّارة، على أمل أنني قد أتمكَّن
«. من اكتشافشيءٍ عنها من شخصٍعالم
نهضالمستكشِف ومشىببطء إلى نهاية غرفته، وأخذ حجرًاصغيرًا كان موضوعًا فوق
أحد الرفوف، طوله حوالي ثلاث بوصات، وعرضه بوصتان، وسُمْكه ثلاثة أرباع بوصة، ناعمَ
الملمس كأنه حجر جيري، ذا لون بني فاتح، ويبدو كأنه قطعة من الخشب المتحجر.
سنترال » لا أعلم ماهيته. لا يوجد فيه شيءٌ يثير الفضول، رأيت قِطعًا من أحجار »
كانت تشبهه كثيرًا، ولكن ليس إلى حد التماثل. حاولت أن أصنع منه حجرَ شحذٍ، « بارك
«. ولكنه كان ناعمًا للغاية لدرجةٍ لا تجعله يحتمل عملية الصقل
هل وصلتَ قطُّ طوال السنوات الطويلة التي قضيتها في البحار بعيدًا بما يكفي نحو »
«؟ القطبَيْن لتعثر على أي دليل قد يعضِّد نظرياتك
« تيار الخليج » لم أفعل ذلك بنفسي، ولكنني لاحظت أشياءَ تؤكِّد نظريتي. الآن، يوجد »
عبورًا بأوروبا؛ « خليج المكسيك » على سبيل المثال، ويقولون إنه يوجد تيارٌ يتدفَّق من
ولكنني رأيت ما يكفي شخصيٍّا في المحيط الهندي الذي عبرْتُه مراتٍ عديدةً، وحول كيب
هورن حتىصرتُ مقتنعًا بأن التيار القطبي وتأثير الشمس على الجزء الضيق من الحافة
هناك هو ما يسببه. درستُ ذلك في خليج المكسيك؛ حيث يظنون أن ضغطَ تدفُّق الأنهار
الكبيرة داخل الخليج هو ما يسببه. لكن إذا كان الأمر كذلك، فسيتسبَّب في ضغط هائل
حيثما يندفع عبْر المكان الضيق الذي يقع بين فلوريدا وجزر الهند الغربية التي ستجعل
التيار يتجه إلى الجانب الآخر من المحيط، ولكنني لم أرَ هناك أيضغط يفوق ما رأيته في أي
مكان آخَر. ليس لهذه الأنهار أي تأثير يعدو تأثير سكبِ دلوٍ من الماء في الخليج المنخفض
الذي تتجمَّع فيه الأنهار؛ إن الحرارة الهائلة للشمس عند الحافة الضيقة هي ما يذيب
« تيار الخليج » الجليد — والتيار الذي يتدفَّق خروجًا من تلك الفجوة — وتخلق ما يسمونه
«. في هذا الجزء الذي قد رصدوه منه
1ما قال بحَّارٌ إنه قد رآه
«؟ هل سبق لك أن التقيتَ بأي بحَّارة يعلمون عن هذا الأمر أكثر مما تعرف أنت »
وتوقَّف عن العبث بظفر إبهامه السميك في ،« نعم » : أجاب المستكشف سريعًا
قابلت بحَّارًا » : التجاويف الموجودة بالحجر الناعم، ورفع رأسه بابتسامة مُتحمِّسة قائلًا
وقال إنه أبحر بعيدًا بما يكفي؛ حيث رأى ،« تولاند » أو « تولا » في تشارلستون، كان اسمه
هذا قوسي؛ إنه حافة الفجوة » : قوسًا كبيرًا ساطعًا ارتفع من الماء كأنه، فقاطعته قائلًا
كان هناك في تشارلستون ينتظر إحدى السفن، بينما كنت أصنع «. المؤدية إلى باطن الأرض
أنا النماذج. كنا نلتقي كل مساء لنناقشالأمر؛ كان رجلًا واسعَ المعرفة، وكان مهتمٍّا بالأمر
مثلي تمامًا. رأى هذا القوس كل ليلة لمدة أسبوعين حينما كان على متن السفينة الحربية
المرتزقة التي كان يبحر بها، وكل مَن كان معه رآه، ولكنهم لم يتمكنوا من معرفة ماهيته
وخافوا منه بينما كانوا يستكشفون مياهًا مجهولة، وفي النهاية عادوا إلى المناطق التي
حسنًا، » : تنهَّد بينما كان يتحدث وأردف «. يعرفونها بالمحيط وخرجوا بأسرع ما يمكنهم
أحيانًا ما يتفاخر البحَّارة زيفًا بما قد رأوه، ربما لا يوجد شيء ذو قيمة فيما رأوه، ولكن
قد يكون العكس صحيحًا أيضًا. كنت أعلم أنه موجودٌ طيلة الوقت؛ لأنني رأيته في الرؤيا
ولأنه منطقي. سألته إن كان قد رأى أي شيء خلال النهار أم لا، ولكنه قال إنه لم يرَ أي
شيء سوى سحاب وضباب يحيط به من كل الجوانب؛ وهذا يبدو منطقيٍّا، فكما ترى، في
الليل سيسطع الضوء المنعكسعلى القوسويظهره جليَّا؛ ولكنه في النهار، سيكون مرتفعًا
وبعيدًا للغاية بحيث لا يمكن أن يرى. كنت آمل أن يكون قد رأى لون الأرض، ولكنه لم
«. يفعل
«؟ ماذا تفترضحول طبيعة البلد هناك »
أوه، لا أعلم! ولكن من المحتمل أن يكون هناك جبال وأنهار؛ أعتقد أن معظم المساحة »
هناك تغطيها المياه على الأرجح، ولكن ربما يكون هناك قدْر كبير من اليابسة أيضًا؛ وربما
«. يوجد ذهب والعديد من الأشياء الأخرى المختلفة التي يندُر وجودها على سطح الأرض
«؟ والناس أيضًا »
لن أتعجب إطلاقًا إذا كان يوجد مَن يعيشُ هناك، أنُاسدفعتهم العواصف إلى هناك »
«. ولم ينجحوا في إيجاد طريقة للعودة مرة أخرى
«؟ ولكن كيف تعتقد أنهم سيتمكنون من إيجاد ما يمكِّنهم من العيش هناك »
ولمَ لا يكون الوضع هناك هو الوضع نفسه بالنسبة إلى من يعيشون في الخارج؟ »
أليس لديهم هواء وضوء وحرارة ومواسم متغيرة ومياه وتربة تمامًا كما يوجد بالخارج؟
إنه مكان كبير هناك. الدائرة القطبية المفتوحة، وفقًا لحساباتي، يساوي محيطها تقريبًا
قطرَ الأرضِنفسه، وهو ما سيجعل ثلث الأرضمفتوحًا بالداخل. سيحصلون على الضوء
والحرارة من الشمس، وربما قدر كبير من الضوء المنعكس والحرارة عبْر الطرف الجنوبي
«. من الفجوة؛ وهذا هو المكان الذي يدخلان من خلاله
البشرالذين يعيشون في الداخل
«؟ وما نوع البشر الذي تعتقد أنه يعيش هناك »
أوه! لا أعلم، ربما يوجد أيرلنديون هناك، وربما يوجد هولنديون، وربما يوجد »
ماليزيون وأنواع أخرى من الناس، وربما يوجد هناك دنماركيون أيضًا — كانوا من
البحَّارة الأذكياء الطيبين أيضًا في زمنهم، دائمًا ما يستكشفون مياهًا مجهولة، وربما
«. يكونون انجرفوا إلى هناك ولم يتمكَّنوا من الخروج
«؟« لم يتمكَّنوا من الخروج » ماذا تقصد ب »
لم يتمكَّنوا من إيجاد طريقهم. لا توجد خرائط للمياه هناك، وربما لم تعمل إبرة »
البوصلة على النحو نفسه هناك، والمكان هناك شاسع حتى إنهم قد يستمرون في الإبحار
ولا يتمكنون أبدًا من السير مباشرة أو من إيجاد طريق العودة؛ ربما تكون سفينتهم
قد تحطَّمت، ولم تكن لديهم طريقة للخروج. مما لا شك فيه أنه توجد أعاصير قوية
كما « مِنَ الْجَنُوبِ تَأْتِي الأعَْصَارُ » ؛ هناك، أعاصير رهيبة تأتي من تلك الفجوة بالجنوب
ذلك والعديد من الأشياء الأخرى ،« سِفرِ أيوب » يقول الكتاب المقدس، ستجد هذا مذكورًا في
الخاصة بكوكب الأرض. إنه يتحدَّث عنها كما لو كان يعلم كل شيء عنها، كان يعلم كل
حينما صنعها، « الخالق » شيء عن الفجوة الموجودة بباطن الأرض، وبما أنه لم يكن مع
«. فلا بد أنه قد رآها ليعرف كل هذا القدْر الذي يظهره عنها
هكذا غمغم بصوت خفيض وهو ينبش بأظافره شاردًا «… وعلى الرغم من ذلك »
في قطعة من الطباشير مفتتًا إياها إلى قطع صغيرة، ويتحسَّس البقعة التي تمثل مدينة
ستجد الكثير من الأشياء التي تتحدَّث عن باطن الأرض » — نيويورك على الكرة الخشبية
«. في الكتاب المقدس إذا بحثت فيه
هل سبق لك أن حاولتَ إشراك الحكومة أو المؤسسات الخاصة في التحقُّقِ من مدى »
«؟ صحة نظرياتك
لا، ماذا يمكنني أن أفعل؟ لم أكن دائمًا سوى رجلٍ فقيرٍ مجتهدٍ وجاهلٍ، رغم ذلك »
رأيتُ ما رأيتُ في رؤيا، وشعرت بأن واجبي أن أبحث الأمرَ وأخُرِجهُ إلى العلن. ولكني
أعتقد أنه إذا أرُسِلَتْ سفينة بخارية ووُضعت على مسارها الصحيح انطلاقًا من مدينة
نيويورك، وجُهِّزَت على النحو الذي لا بد أن تكون عليه، وزُوِّدَت بالمؤن كما ينبغي؛ فإنها
ستصل إلى هناك في غضون عشرة أسابيع، وستدخل إلى باطن الأرض. لن تتوقف دفاتها
عن الدوران إلا حينما تصل إلى هناك؛ لأنه يكمن وراء ذلك ما هو أكثر من الفكر البشري:
إنها إرادة لله التي لا بد أن تنفذ، ومُشغِّلها لن يتمكَّن من إيقاف دفاتها إذا كانت تسير
على الطريق الصحيح. إلا أنها لا بد أن تُغسَل جيدًا للحفاظ عليها رَطْبةً طوال الوقت؛ لأنه
عند الحافة هناك، بالجزء الضيق، تساوي درجة السخونة خمسة أضعاف درجة السخونة
عند خط الاستواء. وإذا عينوا بعثة للذهاب إلى هناك، فلا بد أن تكون مسلحة جيدًا أيضًا،
فإذا وجدوا الأيرلنديين والدنماركيين هناك فستندلع معركة لأنهم أناسٌ عدائيون؛ أجل،
والماليزيون أيضًا. إنهم يجيدون الإبحار بالسفن أيضًا، كما أنهم رجالٌ مولَعون بالحرب
وسيُسببون لهم بعضالمتاعب.
«. أجل، لا بد أن تكون البعثة مسلحةً جيدًا